ماذا يعني تضارب المواقف في الإدارة الأميركية؟

حميدي العبدالله

بعد تعليق واشنطن التعاون مع روسيا في سورية برزت مواقف أميركية متضاربة. أولاً، أعلنت واشنطن أنها لن توقف التنسيق مع روسيا بشأن الطلعات الجوية في سماء سورية، كما أنّ تعليق التعاون لا يعني وقف عمل المفاوضات متعددة الأطراف حول سورية، والتي تشكل «مجموعة دعم سورية»، التي تضمّ 18 دولة بينها روسيا والولايات المتحدة، إطارها المعروف الذي صاغ تفاهمات فيينا، وشكّل مضمون قرار مجلس الأمن 2254.

كما أنّ اضطراب موقف الإدارة ظهر مرة أخرى عند الحديث عن البدائل والخيارات للردّ على تعليق التعاون مع روسيا. مثلاً صحيفة «واشنطن بوست» أعلنت أنّ الإدارة الأميركية تدرس خيارات الردّ ومن ضمن هذه الخيارات استهداف مواقع الجيش السوري من قبل الطائرات الأميركية، ولكن بعد مرور وقت قصير صدر توضيح عن البيت الأبيض الأميركي ينفي أن يكون بين الخيارات التي تدرسها الإدارة الأميركية خيار استهداف مواقع الجيش السوري، وأشار التوضيح إلى أنّ هذا الاستهداف يشكل مغامرة، ويقود إلى التصادم مع روسيا، وأنّ إدارة أوباما لا تزال تعتقد أن لا حلّ للأزمة في سورية غير الحلّ السياسي.

لكن في الوقت ذاته صدر عن البنتاغون بيان يؤكد أنّ إدارة أوباما تدرس عدة خيارات وبينها الخيار العسكري من دون أيّ توضيح عن ماهية الخيار العسكري، وصدر في الوقت ذاته بيان عن الخارجية الأميركية يفيد بأنّ واشنطن تدرس إجراءات ديبلوماسية واقتصادية وعسكرية للردّ على روسيا.

في ضوء توضيحات البيت الأبيض الأميركي وما تنشره بعض الصحف، وما جاء في الشريط المسرّب عن لقاء كيري مع معارضين سوريين، يمكن الاستنتاج أنّ الإجراءات الدبلوماسية هي قرار واشنطن بتجميد التعاون والتنسيق مع روسيا حول الحلّ السياسي في سورية، والإجراءات الاقتصادية ربما عقوبات اقتصادية إضافية إذا كان هناك مجال وهامش لاتخاذ مثل هذه العقوبات لا يؤثر على الاقتصاد الأميركي واقتصادات الدول الغربية. أما الإجراءات العسكرية فقد يكون المقصود منها بحث مسألة استهداف مواقع الجيش السوري والمخاطر المترتبة على ذلك، كما قد يكون المقصود بها إجراءات تزويد المعارضة بأسلحة تحدثت وسائل الإعلام الأميركية والغربية عن ماهيتها، وتفعيل جبهات في سورية لخلق وقائع لمصلحة الولايات المتحدة في مناطق في سورية يصعب على سورية وحلفائها العمل في هذه المناطق خشية التصادم مع الولايات المتحدة عسكرياً.

في ضوء ما تقدّم قد يكون اضطراب المواقف تعبير عن انقسامات داخل إدارة أوباما أشار إليها كيري، وقد تكون نتيجة لعمومية المواقف الأميركية المعلنة وسهولة تأويل هذه المواقف.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى