ريابكوف على حق

حميدي العبدالله

صرّح نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف بأنّ الولايات المتحدة تجري اتصالات منتظمة مع روسيا حول سورية وادّعاءاتها بوقف هذه الاتصالات غير صحيحة.

لا شك أنّ ريابكوف على حق في هذه المسألة والأميركيون هم الذين يكذبون، إذ أنه بعد مرور ساعات قليلة على إعلان واشنطن تعليق الاتصالات مع روسيا حول سورية، بادر وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري للاتصال بالوزير سيرغي لافروف وحول سورية بالذات، وأجرى كيري ثلاثة اتصالات مع وزير الخارجية الروسي لإقناعه بالمشاركة في اجتماع لوزان. ومن الواضح أنّ اجتماع لوزان الذي جاء بمبادرة من الولايات المتحدة صمّم كصيغة إخراج لتراجع الولايات المتحدة علناً عن قطع اتصالاتها وتعاونها مع روسيا حول الأوضاع في سورية، ولهذا عقد كيري ولافروف اجتماعاً منفصلاً على هامش لقاءات لوزان، ولولا لقاء لوزان الذي مهّدت له إدارة أوباما عبر الإعلان عن أنّ قطع الاتصالات مع روسيا لا تشمل الحوارات المتعدّدة، لما كان بمقدور كيري أن يلتقي لافروف علناً.

من الواضح أنّ الولايات المتحدة تواجه مأزقاً حقيقياً في علاقتها مع روسيا حول سورية. فمن جهة تفرض الواقعية السياسية على إدارة أوباما الاتصال والتعاون مع روسيا في سورية على قاعدة الحؤول دون تصادم عسكري كبير لا تريده الولايات المتحدة ويتعارض مع مصالحها، وبالتأكيد لا ترغبه روسيا ولا تسعى إليه. مقابل ذلك تتعرّض إدارة أوباما لضغوط من قبل المتشدّدين في الإدارة وداخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي لاعتماد سياسة أكثر تشدّداً في مواجهة روسيا، ولا سيما في سورية، وكانت إدارة أوباما معنية بأن لا تقع بأيّ خطأ كبير يؤثر على حملة كلينتون الانتخابية في ظلّ سياق رئاسي غير تقليدي، ولهذا كانت معنية بأخذ الانتقادات الموجهة إليها من قبل المتشدّدين، ودفعها ذلك للإعلان نظرياً عن وقف الاتصالات مع روسيا.

لكن روسيا، على الأقلّ في سورية، بات من الصعب تجاهلها، ومن الصعب التعامل معها بلغة الإملاءات وفرض العقوبات، لا سيما في ضوء التردّد الأوروبي في مجاراة واشنطن على هذا الصعيد، فحاولت إدارة أوباما بداية الإشارة إلى أنّ قطع الاتصالات لا يشمل التعاون في تنظيم طلعات الطيران في الأجواء السورية، وفي مواصلة المفاوضات متعدّدة الطرف، ولكنها وجدت أنّ الأمر صعب إذا لم يكن هناك تعاون واتصال ثنائي، ولهذا عادت الاتصالات وسحبت واشنطن مواقفها السابقة، وتحوّل قطع العلاقات قطعاً نظرياً وليس عملياً وهو ما أشار إليه ريابكوف.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى