الأصفر والبرتقالي والأزرق يبدأون البوانتاج من 73 صوتاً لعون احتمال الفوز من الدورة الأولى يتوقف على الحريري وجنبلاط والأحزاب

كتب المحرّر السياسي

تحجب تطورات المشهد الرئاسي عن اللبنانيين متابعة أشرس المعارك التي تخوضها موسكو على الصعيد الدبلوماسي في تثبيت مواقعها الجديدة، وتصدّيها للحروب الإعلامية التي تشنّها عواصم الغرب من منابرها الإعلامية والدبلوماسية والحكومية، ولا تكتفي موسكو بمواقف مندوبها في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين الذي يترأس مجلس الأمن الدولي حتى نهاية هذا الشهر، بل يكاد وزير الخارجية سيرغي لافروف وصولاً لتدخلات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجعلان هذه الحرب قضيتهما اليومية بينما تدور أشدّ المعارك قسوة في ميادين القتال السورية من ريف حماة، حيث استعاد الجيش السوري بلدة صوران التي كانت المعقل الأخير الذي بقي بيد الجماعات المسلحة بعد تحرير معان من الجيش السوري قبل أيام، بينما دارت معارك ضارية في التلال المحيطة بجنوب حلب، انتهت بصدّ هجوم الجماعات المسلحة وتكبيدها المئات من قتلى وجرحى، وتمكّن الجيش والحلفاء من تحقيق تقدّم نوعي في حي الراشدين، وحي صلاح الدين، بينما تشهد غوطة دمشق المزيد من التقدّم لوحدات الجيش والحلفاء.

يأمل الروس وفقاً لمصادر إعلامية في موسكو أن تظهر نتائج معاركهم السياسية والعسكرية قريباً، سواء بالإنجازات النوعية للجيش السوري والحلفاء، أو بالتقدّم على المسار السياسي اليمني أو بردع المشاغبات التركية في سورية والعراق التي تحظى بدعم موسكو، وخصوصاً بما ينتظر أن يخرج به الخبراء العسكريون في جنيف من خطة للتهدئة تقوم على سحب جماعات مسلحة من شرق حلب، وفي مقدّمتهم جماعات جبهة النصرة.

لبنانياً، بانتظار عودة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، تواصل الكتل النيابية حاسباتها ومشاوراتها، لبلورة الموقف النهائي الذي ينتظر عودة بري، ليكتمل المشهد، بما لا يطال الموقف الذي بدا محسوماً نهائياً بالنسبة لتصويت الرئيس بري والنائب فرنجية وكتلتيهما، بل بالنسبة لما سيقرّره الحلفاء المشتركون لحزب الله وحركة أمل من جهة، ولما ستفضي إليه مساعي الرئيس سعد الحريري في ضمان تماسك كتلته وراء خياره الانتخابي، وبعدما صار محسوماً أنّ الجلسة الانتخابية ستكون بدورتين نصابهما واحد وهو ستة وثمانون نائباً، ويستدعي الفوز في الدورة الأولى أن ينال العماد عون الثلثين، ايّ الستة وثمانين صوتاً، بينما يكفيه للفوز في الدورة الثانية، التي تجري فور الانتهاء من فرز الأصوات للدورة الأولى، خمسة وستون صوتاً فقط.

تجزم مصادر تتابع بوانتاج التصويت الرئاسي بفوز مضمون للعماد عون في الدورة الثانية ولا ترى أزمة نصاب على الإطلاق، مع ضمان مشاركة الذين لن يمنحوا التصويت للعماد عون في توفير النصاب للدورة الثانية، وعلى رأسهم كتلة التنمية والتحرير، وتقول المصادر إنّ في جعبة العماد عون ثلاثة وسبعين صوتاً لفوز مضمون في الدورة الثانية، هي عشرون صوتاً من كتلته، وخمسة وعشرون صوتاً من كتلة الحريري، وثلاثة عشر صوتاً من كتلة الوفاء للمقاومة، وثمانية أصوات من كتلة القوات اللبنانية، وسبعة أصوات من كتلة اللقاء الديمقراطي، وتضيف المصادر أنّ الحريري يسعى لرفع التصويت من كتلته إلى الثلاثين بكسب خمسة أصوات تقول مصادر المستقبل إنها صارت مضمونة في جيب الحريري، ويمكن أن تصير سبعة أصوات لينحصر التصويت ضدّ العماد عون بصوتَيْ الرئيس فؤاد السنيورة والنائب أحمد فتفت، باعتبار تصويت النائب خالد الضاهر محسوب ضمن الأصوات الخمسة والعشرين، وإذا سارت الأمور هكذا فسيكون المجموع قد بلغ الثمانين، وصار الفوز بأغلبية الثلثين أيّ تجميع الأصوات الستة والثمانين، ممكناً ويستحقّ بذل الجهد لضمّ صوتين إضافيين من كتلة النائب وليد جنبلاط يمكن له تأمينهما، وهو ينتظر التشاور مع الرئيس بري ليفعل ذلك، على أن يكون للأصوات الأربعة التي يملكها الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث العربي الاشتراكي، الكلمة الفصل، وهذا يستدعي تبلور موقف الحزبين بصورة نهائية، وقياداتهما لا زالت في تشاور مفتوح، كما يأخذ بالاعتبار القيمة الانتخابية والمعاني السياسية للتصويت، ويتوقف على دقة بلوغ التصويت للعماد عون مرحلة حافة الثلثين، ولا ينفصل عن الحرص على التحالف مع الرئيس نبيه بري وحزب الله كشريكين في الخيارات الكبرى.

يُنهي الاثنين المقبل الفراغ في سدة الرئاسة. بات رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون على قاب قوسين أو أدنى من دخول قصر بعبدا، بعد ظهر الاثنين المقبل، لا سيما أن جلسة انتخاب الرئيس الـ 46 هي أول جلسة جدية يدعو إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، باعتبار أن نصاب الثلثين سيكون مؤمّناً، وفق التفاهمات السياسية.

قبل 72 ساعة من موعد الجلسة الرئاسية، وصل وزير الدولة لشؤون الخليج في المملكة العربية السعودية ثامر السبهان إلى بيروت، في زيارة رسمية استهلّها بلقاء رئيس الحكومة تمام سلام والرئيس أمين الجميل على أن يلتقي اليوم رؤساء الحكومات السابقين ورؤساء الطوائف الروحية. ويزور الموفد السعودي غداً رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وقائد الجيش العماد جان قهوجي، على أن يلبي دعوة الرئيس الحريري الى مأدبة عشاء تُقام على شرفه في بيت الوسط.

جرعة دعم للاستحقاق

أكدت مصادر مطلعة لـ «البناء» «أن زيارة الوزير السعودي هي زيارة تهدوية وإيجابية»، لافتة إلى أنه سيجري جوجلة للمشاورات الجارية بعد مبادرة الرئيس سعد الحريري ليكون على عينة من الوقائع التي أوصلت الخيار الرئاسي لتبنّي عون، وسيعطي جرعة دعم للاستحقاق». ولفتت المصادر إلى أن الغموض في الموقف السعودي الذي لعب فيه الوزير ابو فاعور دوراً كبيراً خلال زيارتيْه الى الرياض، انتهى»، مشدّدة على أن «أهمية الموقف السعودي أنه كشح الضبابية عن موقف المملكة، وبالتالي ما سيقوله امام المسؤولين اللبنانيين سيسمح لمرة أخيرة في تقريش هذا الموقف في السياسة ومحاولة استثماره في إطار محدد». ودعت المصادر الى انتظار الجلسة ليبنى على الشيء مقتضاه، فهل يحمل السبهان دعماً سعودياً لخيار الحريري أم ان المملكة ستنأى بنفسها عن الموضوع؟

التزام بعدم المسّ باتفاق الطائف

في المقابل، تحدثت مصادر مطلعة أخرى لـ «البناء» عن ان «جولة وزير الدولة لشؤون الخليج على القيادات السياسية استطلاعية، وتهدف إلى التأكد من «المفاوضات» التي حصلت وإلى أي حد سيتم الالتزام بعدم المسّ باتفاق الطائف، لا سيما أن الحريري وضع القيادات السعودية في أجواء التسوية التي تحدث عنها بوضوح الخميس الماضي، القائمة على معادلة السير بعون مقابل تجنّب المؤتمر التأسيسي وحماية النظام».

تحصين خيار رئيس تيار المستقبل

وإذ أكدت مصادر مقربة من الحريري لـ «البناء» تفاؤلها بالزيارة، لافتة إلى «أن هدفها تحصين خيار رئيس تيار المستقبل، شددت مصادر في تيار المستقبل لـ «البناء» على أن «الزيارة مهمة في هذا التوقيت، لكن مواقف الوزير السعودي ستكون حيادية على الأرجح، لكي لا يُأخذ على المملكة أنها تتدخل في الشأن اللبناني».

ويترأس رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذي عاد أمس الى بيروت اليوم اجتماعاً لكتلة المستقبل، بمعزل عن اللقاءات الجانبية التي سيعقدها مع ما تبقى من نواب معارضين لترشيح العماد عون، وإن كان عدد هؤلاء بدأ يتضاءل رويداً رويداً، ليطل مساء اليوم في برنامج «كلام الناس» في حلقة استثنائية.

واكتفى النائب عمار حوري الذي غاب عن المؤتمر الصحافي الخميس الماضي، بسبب رفضه خيار ترشيح الجنرال، بالقول لـ «البناء» «إنني أفصل موقفي من ترشيح عون عن علاقتي بالرئيس الحريري، وان تغريدته أمس، هدفها عودة الأمور الى نصابها الصحيح، رافضاً الافصاح عن كيفية تصويته في جلسة الاثنين».

شبه إجماع مستقبلي لصالح عون

وتحدثت مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ «البناء» عن «تطور في موقف النواب المعارضين والاتجاه نحو التصويت للعماد عون والوقوف خلف موقف الرئيس سعد الحريري بغض النظرعن قناعتنا بذلك، كما فعل النائبان نضال طعمة وامين وهبة». وأشارت المصادر في الوقت نفسه الى ان الرئيس فؤاد السنيورة والنائب احمد فتفت لن يعدّلا في موقفهما، لكن ربما تتبدل الأمور خلال الاجتماع، فالنقاشات التي ستجري، من المرجح ان تتجه نحو شبه الإجماع».

لقاء عون- جنبلاط خلال ساعات

وتؤكد مصادر مطلعة في الحزب التقدمي الاشتراكي أن موقف الحزب الاشتراكي ينتظر لقاء رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون المرتقب صباح اليوم.

ورجّحت المصادر أن «يترأس جنبلاط غداً السبت اجتماعاً للقاء الديمقراطي، ويضع المجتمعين في أجواء لقائه الجنرال تمهيداً لإصدار الموقف الرسمي». واذ رجحت مصادر مطلعة أن يصوت تسعة نواب للعماد عون، مقابل تصويت النائبين مروان حمادة وفؤاد السعد بورقتين بيضاوين، أشارت المصادر في الوقت نفسه، الى ان النائب جنبلاط لن يأخذ أي موقف من دون أن يضع الرئيس نبيه بري الذي يعود مساء اليوم الى بيروت في جو لقائه العماد عون.

وعلى مقلب بنشعي الرابية، أشارت مصادر مطلعة إلى أن «الأجواء لا تزال غير مؤاتية للقاء العماد ميشال عون ورئيس تيار المرده، فالمساعي لا تزال خجولة لترطيب الأجواء قبل الجلسة».

وأشار رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بعد لقائه وأمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب إلى «ان هذه المرحلة ستكون جديدة للبنان وستتسم بالوحدة الوطنية الحقيقية وانطلاقة عمل لبناء الدولة. ومن اختار أن يكون خارج هذه الورشة الوطنية فهذا خياره، ولكن لن يكون خارج الوطن وسنبقى وإياه ضمن المشروع ذاته».

وعما اذا كان كلامه يأتي في سياق الرد على موقف حزب الكتائب، أجاب باسيل: «هذا ليس رداً على أحد بل هو خيارنا، وعندما بدأنا بهذا التفاهم نحن والقوات اللبنانية، قلنا إنه لا يستثني أحداً، كما دعونا الجميع للانضمام إليه، وحين يرفض الآخر طرحنا فهذا خياره».

وكان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل خلال مؤتمر صحافي، أعلن أن تصويت الحزب في الانتخابات الرئاسية سيكون وفق قناعاته الراسخة ولن يدخل بالصفقة الرئاسية القائمة.

وقال البطريرك الماروني بشارة الراعي «على الوجوه فرحة لأنه بعد سنتين ونصف سيكون لنا الاثنين رئيس للجمهورية، واعترف أن الرئيس يكون قوياً بشعبه وعندما يسانده».

نصاب الثلثين في الدورتين

وعلى بعد ثلاثة ايام من الجلسة الانتخابية، يؤكد الخبير القانوني رشاد سلامة لـ «البناء» أن النصاب الدستوري يجب ان يكون نصاب الثلثين في الدورتين الاولى والثانية، ويجب أن يحصل المرشح في الدورة الاولى على 86 صوتاً، وإذا لم ينل هذه الأصوات تعقد الدورة الثانية في اليوم نفسه وينتخب المرشح في الدورة الثانية بـ 65 صوتاً، مشيراً الى ان الدورة الثانية لا تعقد إذا نال المرشح في الدورة الاولى ثلثي الأصوات.

عهد حكومة الـ 24 وزيراً انتهى

حكومياً، انتهى أمس، عهد حكومة الـ 24 وزيراً. بجلسة أخيرة ومنتجة ودّعت الحكومة السلامية عهدها قبل أن تستقيل وتصبح حكماً في مرحلة تصريف الأعمال، في 31 الحالي، حيث يتّجه رئيس الحكومة إلى ممارسة تصريف الأعمال من دارته في المصيطبة، لحين تشكيل حكومة جديدة.

وأقرّ مجلس الوزراء أمس، عدداً كبيراً من المراسيم المتأخرة نتيجة الجلسات السابقة ووافق على استئناف العمل فوراً بمشروع جسر جل الديب وطالب مجلس الإنماء والإعمار بالموافقة على الاستملاك 17، وسمح للمنطقة المحاذية لمطمر الناعمة سابقاً بالاستفادة من الانتاج الكهربائي 24/24 وأرجأ بندي الخليوي والتعيينات الى الحكومة الجديدة.

الجلسة الوداعية حضرها وزراء التيار الوطني الحر والطاشناق، جبران باسيل، الياس بوصعب، ارتور نظريان، بعد مقاطعة الجلسات السابقة وعلى جدول أعمالها نحو 83 بنداً. ورغم أن التفاهم والودّ سادا الأجواء، لكن الجلسة لم تخل من سجالات، كان أبرزها سجال وزيري التربية والتعليم العالي الياس بو صعب والشؤون الاجتماعية رشيد درباس أثناء مناقشة موضوع الجمعيات الخيرية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى