ماذا عن…؟

شهناز صبحي فاكوش

ماذا عن أن يطلب أوباما من مسؤوليه إعداد قرار يقضي برفع حصار أحادي الجانب دام أكثر من خمسين عاماً على كوبا، تدلّ عليه السيارات المستخدمة من طراز الخمسينات، متحملاً نتائج معركة حامية الوطيس، بين حملة عقلية الحرب ومتشدّدي الحزب الجمهوري، الذين يرون أنّ أوباما يفرط في الهيبة الأميركية؟

ماذا عن أنّ إعلان أوباما إقرار صريح بفشل سياسة الحصار الأميركي رغم طول الزمن. ما دفع بالرئيس الأميركي إلى الطلب من الكونغرس البدء بإجراءات رفع العقوبات عن كوبا؟

هكذا تفرض الشعوب إرادتها، بصمودها، وتجعل أعداءها يتراجعون. هكذا ثأرت كوبا لغيفارا ولكرامتها، بعد أطول حصار في التاريخ المعاصر.

هل يكون هذا درساً للإدارة الأميركية في سياستها المستقبلية، فتعيد النظر في استبدادها بقرارات أحادية أو متماهية مع أحقاد بعض الدول الغربية لفرض عقوبات أو حصار على دول ذات سيادة مثل إيران وسورية أو غيرهما؟

تخرج فئات من الناس إلى شوارع بلادها للاحتجاج على أمر ما، عفوياً لأمور محقة وفي بعض الوقت، يكون خروجهم مبرمجاً وموظفاً من خارج الحدود لمآرب تخصّ راسمي مخطط، قد يتناهى إلى مستوى المؤامرة، كالذي يحدث في سورية اليوم.

يخرج المحتجون في تركيا لقضايا محقة، أهمها هيمنة الإخوان المسلمين على الحكم في تركيا. فتكون نتيجته اعتقال رجال الصحافة، وإطلاق النار عشوائياً على المحتجين. فضلاً عن اعتقال العشرات من ضباط الجيش، الذين يرفضون سياسة العداء الأردوغانية والداوودية الأوغلية، المفروضة على الشعب التركي.

ماذا عن ما يحدث؟ ألا يستحق الأمر التوقف لإعادة النظر بالسياسة الأردوغانية تجاه عدائيتها للشعبين السوري والتركي على السواء؟ ماذا عن حقوق الإنسان وهل تُستخدَم كذريعة؟ ومن يحاسب من؟

ماذا عن أنّ ما دعيت بثورة الياسمين في تونس مازالت تفرز إرهابيين وقتلة، وتجعل الشباب التونسي في جدل مستمر، حول قضايا العدالة الاجتماعية، التي ملأوا الشوارع لأجلها، خاصة في ظلّ الاهتزازات التي تثير الشارع التونسي، مع الحراك الذي تعيشه البلاد في الجولة الانتخابية الثانية للرئاسة في سعي لإسقاط ظاهرة الإخوان المسلمين من الحياة السياسية بعد إسقاطها في معقلها على الساحة المصرية.

ماذا عن الربيع العربي؟ وهل أيقن العرب أنه زمهرير جائر؟

ماذا عن اتحاد أميركا والسعودية في قرار تخفيض سعر النفط، لضرب الاقتصاد الإيراني والروسي وربط ذلك سياسياً في محاولة للضغط عليهما لوقوفهما إلى جانب سورية؟

إنّ التخفيض يستهدف روسيا وفنزويلا بالذات، لدعمهما كوبا باستمرار في محاولة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، الاستدارة بالربيع المزعوم ونقله إلى فنزويلا.

ماذا عن أنّ تخفيض أسعار النفط أضرّ بالاقتصاد الأميركي ما قد يدخله في اختناق كبير كما قبل سنوات. ما جعل القرار السياسي الأميركي يُصدّره حروباً خارجية؟

ماذا عن أنّ الخسارة الأميركية أصبحت مزدوجة مع التكاليف الباهظة في استخراج النفط الصخري والرملي؟ وكيف تصدِّر أميركا الأزمة إن تفاقمت؟

هل تستدرج ضلالة الدفاع عن حقوق الإنسان والحقوق المدنية شعاراً تشتق منه حماية حقوق المثليين بوابة للتدخل الأميركي في الشؤون الداخلية العربية لتهديم القيم والأخلاق وتفتيت الأعراف القيمية؟ ماذا عن أنها بدأت تتسلل بين وقت وآخر كما حدث قبل أكثر من عام في لبنان، وقبل وقت قصير في مصر؟

هل بإمكان أميركا التي أخرجت العفريت من القمقم فاستدار عليها، إعادته وحصره ثانية في قمقمه.

ماذا عن كشف النقاب عن جرائم «داعش» الجديدة في الإتجار بالأعضاء البشرية ليس لمن يقتلوهم فقط، بل للكبار وللأطفال المختطفين وتهريبها بسرعة عبر شبكات متخصِّصة إلى الأردن والسعودية والكيان الصهيوني وتركيا، ومنها إلى دول العالم، وقد جندت من أجل ذلك طواقم طبية أجنبية متخصِّصة، بمعرفة الدول الداعمة للإرهاب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. للعمل في المرافق الطبية الواقعة تحت سيطرتها في الموصل، وهي تبيعها في السوق السوداء، وبذلك تؤمن ملايين الدولارات لأنشطتها الإرهابية بالإضافة إلى مواردها من سرقة النفط وتهريب المخدرات إلى الدول الأوربية عبر مدينة نينوى العراقية؟

ماذا عن المعارضة السورية المستجيرة بمن هم خارج الحدود؟ أليست مقرات الدولة السورية في دمشق أقرب؟

أليس وزير الخارجية السورية أقرب عملياً من الوزير المصري بكلّ المقاييس مسافة ورَحِماً؟

ماذا عن رفضهم لما جاء به دي ميستورا؟ أليسوا هم من تواصل مع السفير الأميركي المتجسِّس على سورية لصالح أعدائها، والمبعوث الأممي لا بدّ مرضيّ عنه أميركياً؟

في النهاية من غاب أو يَغيب أو يُغيَّب، ممن يعمل على الملف السوري في الإدارة الأميركية، يبقى متنفذاً فيه وعاملاً عليه مباشرة أو من وراء الكواليس.

ماذا يمكن أن يقدم الآخر أكثر من ابن الدار، إذا كانت النتيجة ستكون حواراً على ساحة الوطن، ومع الأهل داخل الحدود؟ هذا حسب ادعاء من غادروا. وإن كان المضيف أخاً، والأصدقاء بادروا والجميع تقبَّل برحابة، فلمَ الالتفاف وتقطيع المسافات؟ ما دام الجميع متفق على الحلّ السياسي فلمَ التغريد خارج حدود الوطن؟

ماذا عن المعارضة إن كان الهدف تجميع أفرادها؟ فسورية قدمت أكثر من دعوة للجميع، لكن أن يغادر من في الداخل للمطالبة من خارج الحدود بمؤتمر دولي، فالمؤتمر يعدّ له الآن فلم هذه الاستزادة غير المفيدة، كما يُقال في اللغة؟

يطالبون بالبدء بوقف إطلاق النار. فهل لهم تأثير على الإرهابيين، أو بعض فصائلهم ليوقفوا إطلاق النار على أبناء الجيش العربي السوري، صاحب الحقّ في الدفاع عن أرضه وشعبه، وهو الذي يبذل أقدس التضحيات؟

ماذا عن أنّ القرار المصري يقضي بأنّ الجيش المصري هو صاحب الحقّ الشرعي في مواجهة الإرهاب، والدفاع عن أرضه وشعبه. وهل للإخوة المصريين رأي آخر؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى