عندما تلتبس الوقائع… تتأكد الحقائق

شهناز صبحي فاكوش

خرج الشعب المصري في 25 كانون الثاني قبل أربع سنوات ضمن الربيع العربي، لم يكن أي ظهور لـ«الإخوان المسلمين»، على أنّ القوى الثورية هي صاحبة المشهد، هذا ما كان بادياً، يومها اختلفت مع أحد الأصدقاء حول الوجود الإخواني الذي كنت متأكدة أنه ينتظر أن تنجلي الأمور، ليمتطي الساحة ويسيطر على الحكم بطريقة ما وبدعم أميركي.

وكان ما كان إلى أن قٌصِمَ ظهر الجماعة بعد فشلها الذريع. وتبدّد آمالها في السيطرة على كامل الساحات العربية، عندما ظهر مرسي رافعاً علم تقسيم سورية. التباس المشهد بين قوى ثورية وإخوانية أكد حقيقة المؤامرة الأميركية الداعمة لـ«الإخوان».

اليوم يعود «الإخوان» لإثبات المؤامرة، في مواجهة المواطنين المصريين ورفع السلاح إلى صدورهم. والعمل على تفجير أماكن حساسة ومواقع خدمية. كما كانت البدايات في سورية. في مصر يقرّون بدور الجيش في التصدّي وينكرونه في سورية. إقرار سعودي وأميركي. التباس يؤكد حقيقة المؤامرة الكونية ضدّ سورية.

أميركا تتذاكى في المواقف السياسية، تعلن رسمياً أنها ترسل مئة جندي أميركي لتدريب 5000 من «المعارضة المعتدلة»، لمواجهة النظام السوري وإسقاطه. أما كفاهم فشل مئة ألف مقاتل من أكثر من ثمانين دولة مدربين في سجون بلادهم؟

التباس في وقائع السعي إلى زعزعة الشعب السوري وقيادته وجيشه، جهد أميركي غربي استعماري، وعمالة عشوائيات الخليج، حلم تركي مبتور ودعم عسكري ولوجستي للإرهابيين، تسخّر لتثبت حقيقة الحرص في الحفاظ على أمن «إسرائيل».

مات الملك السعودي ولم يعلن عن ذلك رسمياً إلا بعد أيام، حتى حُلّت خلافات الأسرة الحاكمة ظاهريّاً برعاية أميركية، خشية تصدّع المنظومة الخليجية، باهتزاز هيمنة الاستبداد، إنّ تفاقم الصراع للوصول إلى عرش مملكة الرمال. أو جراء ارتداد الوهابية التي بدأت تسري إليها بعد نشر بذورها في المنطقة، وهي حاضنة الإرهاب المرسل لسورية.

الملك الجديد سلمان لا يقتنع بالديمقراطية، تلميذ المدرسة الأميركية العدوانية. غيّر قواعد التولي الملكي، تحييد التويجري الذي ناصب سورية العداء علناً. التباس في وقائع الريتم الملكي يؤكد المؤكد في حقيقة التبعية السعودية للأميركي.

اليمن تتأزم من جديد في محاولة لخلق توتر بدفع الرئيس إلى الاستقالة، ما يعود بها إلى المربع الأول. السعودية تضغط لمنعها من وضع اتفاق الشراكة خلال ثلاثة أشهر، وإظهارها بعدم القدرة والفشل كدولة، في عملية استدراج للتدخل الأميركي والتقسيم.

التباس في الوقائع يؤكد حقيقة تنفيذ الأجندة الأميركية في المنطقة، بتنصيب السعودية على درع الجزيرة، وزجّها محاولة تدخلها في البحرين. أميركا تريد السعودية ذراعاً طويلاً لها في المنطقة، على أنها عربية، لتظلّ هي في الكواليس.

هي تلبسها ثوباً فضفاضاً تتعثر فيه داخلاً وفي الجوار. والوقائع تثبت حقيقة أنّ البحرين تذهب إلى حياة جديدة. فشل السعودية وحشرها بين اليمن والبحرين، بداية لانتهاء دورها وتغيير ملامحها مستقبلاً. بإرادة شعبية واستغناء أميركي.

تغيير ملامح الموقف الأميركي تجاه منطقة الشرق الأوسط. يتبدّى بموقف أوباما مهدّداً الكونغرس القوة السياسية الأكبر بـ«الفيتو»، في حال صوت على فرض عقوبات جديدة على إيران، هذه التي كان التشدد تجاهها يحظّر ذكر اسمها، إلا تهديداً لها.

التفاوض اليوم يسير باتجاه إيجابي، وإنْ كانت أميركا تحاول الاحتفاظ به ورقة ضغط تلعب بها في حال تأزم موقفها. إلا أنها وقائع تثبت حقيقة أنّ ثمن الصمود أقلّ كلفة من ثمن التخاذل… قالها الرئيس بشار الأسد يوماً، لتصبح حكمة للزمن.

الصمود رغم كلفته أبقى سورية عزيزة، وبدأت المواقف الدولية بما فيها الأميركية تذعن لها، وتتغيّر لصالحها… سرّاً وعلانية. لو صمدت السودان لما تقسّمت، هل استقرّت؟ ها هي لا تزال تدفع الثمن الباهظ، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.

ما دعته روسيا منتدى، لقاء بين الدولة السورية وما يُدعى «المعارضة»، أشخاص من خارج الحدود ارتضوا أن يكونوا في ظلّ أعداء سورية. وأخرى وطنية تمثل أحزاباً ذات مشروعية، لقاء تشاوري يمهّد لحوار سوري ـ سوري داخل الوطن سورية.

روسية راعية اللقاء وأميركا تشجع، ومن لاذ بالقاهرة يغيب أو يحضر، لن يغيّر من موقف الخارجية المصرية، بتشجيع الذهاب إلى موسكو. في النهاية الأمر يخصّ سورية والسوريين. من موسكو: من يتخلّف لا نصيب له في الحياة السياسية مستقبلاً.

وقائع تثبت حقيقة أنّ المعارضة هشة مشرذمة، منها صديقة لـ«إسرائيل» ومرتهنة لها. ومنها موظفة لدى جهات حاقدة. جميعها تحلم بالسلطة. لتغيير الفكر العقائدي، والنظام السياسي، والبنية الثقافية، خدمة للكيان الصهيوني لتصبح «إسرائيل صديقة لسورية».

الغارة «الإسرائيلية» الأخيرة على القنيطرة، عملية ضرب لمحور المقاومة. الذي أصبحت الأرض مفتوحة في مواجهته من سورية ولبنان.

عملية هدفها دعم «جبهة النصرة» التي تتخذ من الجولان ملاذاً لها بحماية صهيونية علنية، أمام ضربات الجيش العربي السوري. في تأكيد أنها تملك سلاح الجو «الإسرائيلي» أصالة لا بالوكالة. هذا ما أكده الرئيس بشار الأسد.

وقائع تثبت حقيقة أنّ الإرهاب الذي يستهدف سورية، مخطط صهيوني أميركي، وأنّ «النصرة» وأخواتها بما فيها «داعش»، أدوات مع الأسف بعضها محلي.

صنّعتها الاستخبارات الصهيونية بالتنسيق مع السعودية وبدعم أميركي شامل وباحتضان تركي.

كلّ واقعة لا بد تؤكد حقيقةً. والتباس الوقائع يثبت الحقائق. هل بعد هذه الأمثلة من مجال لإنكار ضلوع العدو الصهيوني في ما يحدث في سورية. وأنّ أميركا تنفذ مآربها في المنطقة بأساليب لا تخسر بها جنودها ومقدّراتها مجاناً.

من حق الشعوب الدفاع عن نفسها وأرضها بكلّ الوسائل المتاحة، وهذا حق مكتسب للسوريين ولمحور المقاومة في الزمان والمكان المناسبين دون فرض من أحد.

فلا شيء يأتي من فراغ ولا دخان بلا نار… هكذا هي الحياة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى