الخبر الثقافي

«خطواتكم نحو صالة السينما كلّها في قلبي». هكذا خاطب المخرج السينمائي الكبير عبد اللطيف عبد الحميد الجمهور الذي وفد لحضور العرض الخاص لفيلمه «العاشق». وأضاف: »من كانوا يسمون أنفسهم بالسلميين منعوا عرض العاشق في دار الأوبرا المصرية وهدّدوا بإحراق الدار في حال عرضه، لكن ها هو الفيلم يعرض للجمهور الحبيب في دمشق بعد ثلاث سنوات على إنتاجه من قبل المؤسسة العامة للسينما». وتابع مخرج «ليالي ابن آوى» مرحباً بوزير الثقافة عصام خليل وبالحضور: »استبعد فيلم «العاشق» مرتين في مهرجان القاهرة، ومرة في مهرجان دبي السينمائي، لكنه هنا في دمشق يؤكد أن السينما والثقافة السوريتين لا يمكن استبعادهما ولا يمكن تجاهلهما، داعياً فريق فيلمه إلى المنصة وفي مقدمه كل من عبد المنعم عمايري وديمة قندلفت والمخرج جود سعيد وأحمد رافع وماسة زاهر.

محمد الأحمد مدير عام مؤسسة السينما قال في كلمته التي ألقاها في حفل افتتاح فيلم «العاشق»: «جمعتني صداقة قوية بالمخرج الكبير عبد اللطيف عبد الحميد منذ عام 1988 حين قرأت على الورق السيناريو الذي كتبه لفيلم «ليالي ابن آوى» وشعرت وقتذاك بأننا سنكون أمام تجربة مهمة وفريدة جداً في السينما السورية التي قدم إليها عبد اللطيف أفلاماً تعكس مقدار ما يحمل هذا الفنان من فرح وطفولة وبراءة وخفة ظل وحبه الكبير لسورية الذي تأصل فيلماً فآخر.

عندما بدأ عبد الحميد مسيرته السينمائية كان يسمى المخرج الشاب، وهو اليوم المخرج الحكيم الذي ما فتئ محتفظاً بنضارته وطفولته وخجله الذي يربكه على الدوام، فهو الفنان الودود الحار الذي يخفي خلف خجله ضجيج مخيلته ككلمة سر تقف وراء كل أفلامه التي حققها، والتي ستعيش طويلاً، إذ ستشاهدون اليوم فيلم «العاشق» الذي أنتجته مؤسسة السينما والتي حقق عبرها مخرجنا أعمالاً وجوائز وذكريات عبر سنوات طوال. في «العاشق» نمط جديد من السينما يقدمه عبد الحميد، مبدعاً جواً جديداً يخصه، مازجاً فيه الزمن الحالي بالماضي والذاتي بالمحيط، وكذلك بين البيئة الساحلية ودمشق، ففي الفيلم أفكار عن الحب والوطن والوفاء يجملها في زمن سينمائي يتدفق منساباً بشاعرية للوصول إلى أهدافه الفكرية والجمالية»، مشيراً وأشار إلى أن الفيلم عرف الكثير من المواجهة في العديد من المهرجانات السينمائية العربية نتيجة خلفيات وإستقطابات سياسية، معرباً عن أمله في أن يتفاعل الجمهور السوري المتعطش للسينما مع الفيلم.

يروي فيلم «العاشق» المنتظر إطلاق عروضه الجماهيرية قريباً في صالات سينما الكندي في دمشق وفي المحافظات قصة حياة مخرج سينمائي يصور فيلمه الأول ويقوم هو بمونتاجه، ويعبر بنا من خلاله إلى ذاكرته في قريته الساحلية الصغيرة والمهمشة، مستعيداً ذكريات الطفولة ونشأته الأولى فيها ومعاناته وقصة حبه الأول وما رافقها من خيبات وآلام بعدما أن تركته حبيبته. ويأخذنا الفيلم إلى دمشق التي انتقل إليها البطل للدراسة وما اختبر فيها من ضغوط جديدة وعلاقات مختلفة تفرضها حياة المدينة، ويعيش فيها قصة حب جديدة مع ابنة الجيران التي تعاني أيضاً قسوة عائلتها المحافظة المتشددة، فيسرد العاشق حكايته عبر تداخل في الأزمنة بين طفولته وحبه الأول في قريته والزمن الراهن في دمشق.

يؤكد عبد اللطيف في فيلمه «العاشق» على مشروعه ضمن سينما المؤلف، معززاً حساسيته في تحقيق لقطة عالية للحياة السورية المعاصرة وما اكتنفها من حوادث وتقلبات وخيبات اجتماعية وسياسية واقتصادية وإنسانية، واصلاً حقبة السبعينات مع يومنا الراهن، مواكباً بذلك سينما الوثيقة التي تدأب في تسجيل المعيش السوري من وجهة نظر موضوعية تحمل على كاهلها مسؤولية الإضاءة على واقع الإنسان السوري وخيباته وآماله وتطلعاته نحو غد أفضل.

لمناسبة إطلاق الفيلم، لفت الفنان عبد المنعم عمايري الذي يؤدي دور البطولة إلى أن الفيلم نفذ منذ فترة، معبّراً عن شوقه لمشاهدته، مضيفاً: »في الفيلم عالم رومانسي جميل ابتعدت عنه للأسف السينما العربية حديثاً، لذا أحببت النص والعمل مع المخرج عبد اللطيف عبد الحميد ومع فريق العمل التقني المهمّ، وأنتظر مشاهدة الفيلم كمنتج سينمائي سوري متفوق أكثر من خصوصية مشاركتي فيه، كونه فيلماً يحمل حكاية جميلة وراقية تروى بشاعرية من قبل مخرج كبير وموهوب، والحكم في النهاية للجمهور لكي يقرر مدى حبّه للفيلم وآراء النقاد والإعلام فيه التي تشكل حالة تكاملية مع الفن عامة».

بدورها أعربت ديمة قندلفت عن سعادتها بتجربتها الأولى مع المخرج عبد اللطيف عبد الحميد، متمنية تكرارها لما تكنّ له من احترام ومحبة وتقدير كمخرج وفنان، موضحة أنها أحبت فيلم «العاشق» من النظرة الأولى بعدما قرأت السيناريو البديع الذي وضعه الفنان عبد الحميد.

أما بشار إسماعيل فرأى أنه مجرد أن يكون الفيلم من إخراج عبد اللطيف عبد الحميد يجب أن يكون هناك استمتاع، لأن أفلامه مميزة، وسبب نجاحها أنها جميعها من تأليفه، فهو الذي يكتب ويعرف فحوى ومضمون ما يريد قوله عبر الكاميرا، فضلاً عن كون عبد الحميد ذو خيال مبدع وموهبة عفوية نادرة في التقاط زوايا جديدة لرؤيا سينمائية شفافة وعميقة، بعيدة عن كل ما هو رخيص وسهل وغير جمالي داخل الكادر السينمائي.

عباس النوري رأى أن ما قدمه المخرج عبد الحميد كان على الدوام يستفز المتلقي، فلا يقدم هذا المخرج وجبة سهلة بل اتجاهات يريدها وأسئلة يطرحها على الجمهور كونه مخرجاً إشكالياً، كما أنه في كل فيلم ينجزه يثبت أنه من الأسماء الصعبة، معتبرا أن السينما السورية إلى الآن عبارة عن تجارب رغم النجاحات الباهرة التي حققتها في بعض الأحيان، والعبء كبير على المؤسسة العامة للسينما بسبب الظروف الصعبة التي تتعرض لها البلاد.

فيلم «العاشق» من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، سيناريو وإخراج عبد اللطيف عبد الحميد، مدير تصوير جود كوراني، مدير إنتاج حسني البرم، أزياء لاريسا عبد الحميد، مونتاج رؤوف ظاظا، ديكور بيسان الشريف، تعاون فني جود سعيد، تمثيل عبد المنعم عمايري وديمة قندلفت وفادي صبيح وقيس الشيخ نجيب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى