رئيس المخابرات الأميركية: تركيا غير مخلصة… وتتساهل مع الإرهاب الرياض تشجع على طلب التدخل الأجنبي في اليمن وواشنطن تنصح بالتفاوض

كتب المحرر السياسي

اليوم يصل المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى دمشق لوضع الترتيبات النهائية على خطة وقف القتال في حلب، مبتدئاً بحي صلاح الدين، حيث يُفترض أن يكون فريق معاونيه قد أنهى ما يلزم من تحضيرات مع المجموعات المسلحة هناك، رغم معارضة الائتلاف المعارض، لمهمة دي ميستورا وخطته، والجهد الذي بذلته تركيا لتقويض مهمته، ومن المنتظر إطلاق إشارة البدء للخطة مطلع شهر آذار المقبل، غداً الأحد أو الإثنين على أبعد تقدير، ما لم تحدث مفاجأة انقلابية بين المجموعات المسلحة، يعمل عليها الأتراك بكلّ إمكاناتهم، رغم أنهم فشلوا في تأمين طريق إمداد يكسر طوق الجيش السوري حول الأحياء التي يسيطر عليها المسلحون في مدينة حلب، كما فشلوا في الوفاء بتعهّدات قطعوها للمسلحين إذا رفضوا الخطة بدعمهم بغطاء ناري رادع من داخل الأراضي التركية.

امتحان دي ميستورا القريب، ليس امتحانه الأهمّ، فالخطة تتضمّن التزاماً بتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بمكافحة الإرهاب، وخصوصاً إقفال الحدود أمام تهريب السلاح والمسلحين بدءاً من الحدود التركية ـ السورية، ضماناً لتقدّم خطة وقف القتال في حلب، والموقف التركي لا يشجع على التفاؤل، خصوصاً في ضوء الشهادة التي أدلى بها رئيس المخابرات الأميركية جيمس كلابر أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي حيث أكد كلابر أنّ محاربة تنظيم «داعش» المتطرف ليست أولوية بالنسبة إلى تركيا، وأنّ هذا الأمر يسهّل عبور مقاتلين أجانب الأراضي التركية إلى سورية.

وأضاف أثناء جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أنّ تركيا «لديها أولويات أخرى ومصالح أخرى» غير تكثيف المشاركة في الحرب على التنظيم المتطرف. وبحسب كلابر فإنّ استطلاعات الرأي في تركيا تشير إلى أنّ تنظيم «داعش» لا ينظر إليه باعتباره «تهديداً رئيسياً»، وأنّ مشاغل المواطنين، خصوصاً مناصري الحزب الحاكم، تتصل أكثر بالاقتصاد أو بالنزعة الانفصالية الكردية.

وأضاف كلابر أنّ «نتيجة كلّ ذلك هو وجود أجواء متساهلة»، خصوصاً في المستوى القانوني إزاء عبور مقاتلين أجانب إلى سورية. وتابع قائلاً: «وبالتالي هناك نحو 60 بالمئة من المقاتلين الأجانب يصلون إلى سورية عبر تركيا».

بانتظار نتائج مهمة دي ميستورا وسط التورّط التركي، يعيش اليمن تجاذباً حاداً بين الخيارات، حيث تشجع الرياض الرئيس المستقيل منصور هادي، على طلب التدخل العسكري من مجلس الأمن الدولي لدعم حكمه، بينما تلقى هادي نصائح أميركية بالتقدّم في الخيار التفاوضي.

الثوار يستعدّون عسكرياً لهجوم شامل، ما لم يتمّ التوصل إلى حلّ سياسي في مدى زمني سقفه شهر آذار المقبل، بينما لا يملك منصور هادي ما يفعله، سوى الارتماء في حضن «القاعدة» إذا اراد امتلاك قدرة عسكرية لقتال الثوار.

المساعي السياسية تتجه لإعلان المبعوث الأممي صعوبة التوصل لتفاهم على مكان للحوار داخل اليمن، ما يرفع اسهم التوجه نحو مسقط لتقوم باستضافة الأطراف اليمنية، وسط طروحات تتحدّث عن الحاجة لمشاركة كلّ من إيران والسعودية في المساعي السياسية لضمان نجاحها وضمان تنفيذ التفاهمات لاحقاً.

في لبنان المتحرك دائماً وهو يترقب ما يجري في المنطقة، بقي الحدث الأهمّ هو الإنجاز الذي حققه الجيش اللبناني، باعتماد استراتيجية القضم والردع في جرود راس بعلبك وعرسال والهرمل، لتأمين طوق آمن حول البلدات اللبنانية ومواقع انتشار الجيش حولها، بما يجعل أيّ تمدّد للمجوعات المسلحة انتحاراً من جهة، ومن جهة مقابلة، يوفر للجيش رؤوس جسور صالحة للبناء عليها لاحقاً عندما يقرّر الجيش مواصلة العمل العسكري نحو تضييق الخناق على هذه المجموعات.

أقفل الأسبوع السياسي على مشكلة آلية عمل الحكومة والصيغ المتداولة «شفوياً» لحل هذه المسألة ومعاودة مجلس الوزراء جلساته في أسرع وقت.

سلام: لا تطبيع ولا عرقلة

وفي السياق، أكد رئيس الحكومة تمام سلام بحسب ما نقل عنه زواره لـ»البناء» أنه «لن يرعى آلية تطبيع العمل بغياب رئيس الجمهورية، وفي الوقت نفسه لن يرعى آلية عمل للحكومة تعرقل مصالح المواطنين». وشدد سلام على «أنه لن يقبل باستمرار الوضع على ما هو عليه والعودة إلى الآلية الحالية»، مؤكداً «ضرورة اعتماد التوافق في الأمور والبنود الإدارية والإجرائية والمالية، أما الأمور الميثاقية أو التي تثير حساسية أو إشكاليات، فيتم إقرارها بإجماع كل الأطراف».

واعتبر زوار السراي «أن اعتكاف رئيس الحكومة لنحو أسبوعين عن الدعوة لمجلس الوزراء هو دق لناقوس الخطر، عسى أن تتنبه الأطراف السياسية لخطورة الوضع في ظل الفراغ الذي يجب أن لا يتمدد إلى الحكومة أيضاً، من أجل تسيير شؤون الناس».

وأشار وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» إلى «أن النصوص تخدم حسن النية، وإذا أتى الوزراء بحسن نية إلى جلسات مجلس الوزراء فإن النصوص لن تكون عصية وسنبتعد عن المشاكل»، لافتاً إلى أن المهم عدم ارتباك الهفوات الدستورية وخرق الدستور، مشدداً على «أن التجاذبات بين الوزراء ليست عملاً وطنياً أبداً، ولا مصلحة لأي فريق سياسي لبناني في تعطيل عمل الحكومة».

وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ»البناء» أن المشاورات مستمرة، وأن الأمور لن تتوضح قبل الأسبوع المقبل، مشيراً إلى «أن مجلس الوزراء سيعاود جلساته وفق الصيغة المتبعة حالياً مع التزام الوزراء أخلاقياً بميثاق شرف بعدم اللجوء إلى التعطيل لأسباب شخصية أو مناطقية، أو لمناكفات سياسية».

ودخل السفير الأميركي ديفيد هِلْ على خط الأزمة، خلال لقائه أمس رئيس حزب الكتائب أمين الجميل في سن الفيل، وعرض معه موضوع الفراغ الرئاسي، وأكد الجانبان بحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي للجميل، ضرورة إيجاد طريقة لاستمرار عمل المؤسسات لتحريك مصالح البلد والناس. وعلمت «البناء» أن السفير الأميركي أكد للجميل «أهمية استمرار عمل مجلس الوزراء وعدم التعطيل، في ظل الفراغ الرئاسي».

نداء الحص

وإزاء الشلل الذي أصاب الحكومة، وجه الرئيس سليم الحص نداء أمس جاء فيه: «نتفهم الدوافع والنية الحسنة لدى الرئيس تمام سلام لقبوله بصيغة الإجماع التي اتبعت في مجلس الوزراء، إيماناً منه بالحفاظ على الوحدة الوطنية، خصوصاً أننا نشهد شغوراً في سدّة رئاسة الجمهورية. لكن للأسف، فإن البعض استغل حرص الرئيس سلام على الإجماع الوطني ليعمل على التعطيل والمناكفات السياسية، التي ارتدت سلباً على إنتاجية الحكومة على الصعيدين الوطني والاقتصادي».

وإذ أعلن الحص «تمسكنا باتفاق الطائف وتطبيق بنوده كاملة، خصوصاً في ما يتعلق بصلاحية رئيس مجلس الوزراء، وآلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، فإن المادة 65 من الدستور واضحة، وهي تحدّد الآلية الدستورية لاتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، إن على صعيد اجتماع مجلس الوزراء أو تسيير أمور المواطنين، أم على صعيد اتخاذ القرارات المصيرية كإبرام الاتفاقات أو في حالة الحرب والسلم أو حتى تعيين موظفي الدرجة الأولى». ولفت إلى «أن المطلوب هو تطبيق الدستور والتزام بنوده وليس خرقه، أو العمل على تفسيره كل على هواه بهدف تحقيق مكاسب شخصية أو طائفية أو حزبية، لتسقط كل الآليات المبتدعة التي تشكل خرقاً فاضحاً لما نصّ عليه الدستور بحسب المادة 65 والتي نظّمت آلية عمل الحكومة خصوصاً في ظلّ شغور سدّة الرئاسة الأولى».

عملية رأس بعلبك وتحذيرات نصرالله

أمنياً، أشارت مصادر عسكرية لـ»البناء» إلى «أن أهمية العملية العسكرية التي نفذها الجيش في رأس بعلبك تكمن في أن الجيش هو الذي بادر»، لافتة إلى «أن هذه العملية الاستباقية هي نصر نظيف للجيش وضربة محترفة بالغة الأهمية، وتختلف عن العمليات التي كان يقوم بها في السابق.

واعتبرت المصادر»أن سيطرة الجيش على تلة الجرش يعني التحكم بطرقات تسلل وعبور المسلحين في شكل واسع، ما يجعل من العمليات العسكرية الإرهابية التي من المحتمل أن يقوم بها الإرهابيون في جرود عرسال أصعب».

وأكدت المصادر «أن الجيش دخل إلى مناطق يطمح المسلحون بالتمركز فيها، فقطع الطريق عليهم بذلك وامتلك السيطرة على مواقع استراتيجية تؤمن له التحكم بقطاع واسع لمنع المسلحين من التحرك أو الاقتراب من مراكزه باستعمال الوسائل النارية بالحد الأدنى».

وأشارت المصادر إلى «أن العملية العسكرية كانت للاستفادة من عنصر المفاجأة لتوجيه ضربة تحقق الانتصار السريع بالكلفة الأدنى»، موضحة أن «إصابات العسكريين الأربعة طفيفة».

وتحدثت المصادر عن بعد سياسي ووطني للعملية، ربطاً بالتحذير الذي وجهه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من خطر الإرهابيين مع ذوبان الثلوج في المنطقة. وإذ لفتت إلى «أن الدولة تعاطت مع التحذير بلامبالاة»، أكدت المصادر «أن الجيش تلقى التحذير بجدية واثبت جاهزية للتعامل مع الأخطار في شكل استباقي، وحقق إنجازاً كبيراً وجعل المعركة الدفاعية المستقبلية أسهل».

وكان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي، تفقدا عدداً من الوحدات العسكرية المنتشرة في منطقة رأس بعلبك، واطلعا على أوضاعها وإجراءاتها الميدانية المتخذة، في ضوء العملية العسكرية السريعة التي نفذتها قوى الجيش أول من أمس في جرود المنطقة. وهنأ وزير الدفاع العسكريين بـ «هذا الإنجاز الكبير الذي يضاف إلى سلسلة الإنجازات السابقة التي حققها الجيش في مواجهة الإرهاب، وأثبتت، بما لا يقبل الشك، أنه جيش محترف ومتماسك وذو عقيدة وطنية صلبة نقية من سموم السياسة والفئوية والطائفية، ولا ينقصه سوى توفير المزيد من العتاد والسلاح النوعيين».

أما العماد قهوجي فأكد «أن لا مجال أمام الجيش سوى الانتصار على الإرهاب»، لافتاً إلى أن العملية العسكرية النوعية «إنما تأتي تجسيداً لقرار الجيش الحازم في محاربة الإرهاب وإبعاد خطره عن المواطنين»، مؤكداً أن «ضمان سلامة الحدود من التسلل والعدوان، هو بمثابة خط الدفاع الأول عن وحدة لبنان وأمنه واستقراره».

باريس تتنصل من الوفد البرلماني

على صعيد آخر، تنصلت السفارة الفرنسية في لبنان من زيارة وفد برلماني فرنسي إلى سورية ولبنان. وقال السفير الفرنسي باتريس باولي في بيان: «إن السفارة لم تكن معنية، لا من قريب ولا من بعيد، بالتحضير للزيارة التي قام بها أخيراً أربعة برلمانيين فرنسيين لدمشق ولا بإجرائها. كما لم تكن معنية بتنظيم إقامة هؤلاء في لبنان ولا باللقاءات التي أجروها فيه». وأشار إلى «أن رئيس الجمهورية فرنسوا هولاند ورئيس الحكومة مانويل فالس، عبرا عن موقف السلطات الفرنسية تجاه هذه الزيارة»، مشدداً على «أن ستيفان رافيون لم يكن يوماً عضواً في طاقم السفارة الفرنسية في لبنان».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى