بوارق آذار

عجيبٌ أمر آذار. في أوَلِهِ إرهاصات الربيع، وفي ثانيهِ عودة إلى ساحة الجهاد على أرض الوطن. أما أيامه الملوّناتُ بلون الفراشات، فتخْضَوْضر بالضوء قبل البراعم، وبإكسير الحياة قبل التفتّح بل قبل الإِزهار والإِثمار.

ليس الاحتفاء بأول آذار طقساً يضاف إلى الأرشيف، كما زعم بعضُ الكتّاب الذين لم يتعمّقوا معاني العيد، وهي معانٍ تتجاوز كونها تعبيراً عن ميلاد رجلٍ فرد فحسْبُ، لتجسّد ولادة زعيمٍ فذ، قادتْه روحُه الاستنهاضية العالية إلى تحديد عِلميّ لواقع بلاده وحاجاتها ومصالحها، ثم إلى وضع الرؤية المنهجية لتوحيدها شعباً وأرضاً تمهيداً لتحريرها من أمراضها ومحتليها، وإطلاق نهضة جذرية شاملة تحصّن البلاد وتنمّي اقتصادها وتفتح آفاقاً جديدة لتراثها الحضاري العريق. كلّ ذلك عبْر حركة تنويرية فاعلة جَسّمها في الحزب السوري القومي الاجتماعي، عقيدةً ونظاماً ومؤسّسات ناظِمُها العقلُ الأخلاقيُّ الجديد الذي أعْرَبَ باعث النهضة بكثافة عن حضوره الإلتزامي السامي في الإنسان المجتمعيّ الجديد بظاهرة الوجدان القومي.

يقول سعاده العظيم: «ليس الحزب السوري القومي الاجتماعي مجرّد عددٍ من الناس يُدْعَوْن اصطلاحاً «رفقاء»، بل هو مجموع يَدين بعقيدة تعبّر عن رسالةٍ إنسانية عظمى، مؤسَّسة في مبادئ أساسية وإصلاحية تكوّن قضية واحدة كُلّية».

في غُرّةِ آذار لا يكرّر النهضويون أنفسهم بالإحياء الرتيب لصاحب العيد الذي يُطفئ، بوهج فكره ودمه وقدوته، شمعة أشعلها 111 آذاراً. ذلك أنّ فتى الربيع الأغَرّ يُشرق مع كلّ شمس، ويُمطر مع كلّ غيث، ويَسكُب مع كلّ مقاوِم عطراً آسِراً ودماً جديداً. إنّ ملحمة التضحيات القومية لا تنتهي لأنّ فيها شهادةً حيّة لشلال العطاء المستمرّ، وهذا العطاء القدوة هو البذرة الأخصب لِفِعل الانتصار.

«البناء»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى