«الداخلية» بِرسم «الداخلية»!

أحمد طيّ

رنّ الهاتف معلناً عن رسالةٍ نصّية، وبعد الاطّلاع عليها، قرأت ما يلي حرفيّاً: «قانون السير الجديد يبدأ تطبيقه بتاريخ 22/4/2015، تطبيق القانون يحميك، قوى الأمن الداخلي». ثمّ تلقّيت رسالةً نصّية أخرى من المصدر نفسه ISF وفيها قرأت: «ما منهتم إلّا لأمرك. 153 سنة بالخدمة. قوى الأمن الداخلي».

كلّ الأمور كانت جيّدة بعد قراءة هاتين الرسالتين، وشعرت بتلك الطمأنينة في جوّانيتي، كون قانون السير الجديد سيطبّق ـ على علّاته ـ أخيراً، بعدما أثبت قانون السير «القديم» عدم جدواه في ردع «الشوفرية» اللبنانيين عن ارتكاب المجازر في الأرواح والآليات على طرق لبنان وشوارعه.

كل الأمور كانت على ما يرام، وفرحت كون قوى الأمن الداخلي صارت تحذّر المواطنين من مغبّة الإخلال بالأمن، وترشدهم إلى السراط المستقيم، وذلك عبر الوسائل التكنولوجية الحديثة، إن عبر الرسائل النصّية على الهواتف الخلوية، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا ننسى أيضاً وسائل الإعلام والإعلانات في الشوارع.

كلّ الأمور كانت مستحسنة وموضع إعجاب حتى مساء الخميس الماضي، فماذا حصل كيَ تُكسر هذه النظرة الإيجابية إلى قوى الأمن الداخلي، لا سيما مديرية العلاقات العامة التي يرأسها المقدّم الصديق جوزف مسلّم، الذي لا يتوانى عن إيضاح كل الملابسات في شأن تطبيق القوانين. فماذا حدث؟.

مساء الخميس الماضي، أنهيت عملي كالمعتاد، وأقفلت عائداً إلى منزلي. وقد اعتدت أن أسلك ـ سيراً على الأقدام ـ الطريق إلى محلّة «الكونكورد» ومن هناك أستقلّ سيارة أجرة. وما إن وصلت إلى محاذاة وزارة الإعلام ـ المجاورة لوزارة الداخلية، حتّى أوقف عنصر من قوى الأمن الداخلي دراجته النارية «الخاصة»، ووقف في منتصف مفترق الطرق علماً أنّه لم يكن يعتمر خوذة واقية . وبحركات من يديه، أوقف السيارات الآتية من جهة الحمرا ـ محطة الوردية، والسيارات الآتية من جهة مصرف لبنان ـ الحمرا. استمرّ الدركيّ على هذه الحال لدقائق قليلة أضحت ثقيلة على السائقين والركاب المنتظرين، بينما لم يُهم القصد من هذا التصرّف. وما هي إلّا دقائق، حتّى انجلى اللغز، وتوضّحت الصورة.

ثلاث سيارات أميركية الصنع ورباعية الدفع، سوداء اللون وقاتمة الزجاج، متبوعة بسيّارة رابعة من نوع «مرسيدس»، باللون ذاته وقاتمة الزجاج أيضاً، خرجت من وزارة الداخلية. ولكن!

الموكب ذاك لم يحترم قانون السير الذي يحتّم عليه سلوك الطريق باتجاه «سبيرز» بمحاذاة حديقة الصنائع، بل خالف القانون بسلوكه الشارع «عكس السير»، متّجهاً نحو محلة «الكونكورد»، فساحة رشيد كرامي، ومنها إلى قريطم.

كائناً من يكون صاحب ذلك الموكب، وزيراً أم ضابطاً رفيعاً، أم ضيفاً على غايةٍ من الأهمية. فإنه، ولمجرّد خروجه من صرح «الداخلية»، لا بدّ أن يحترم الوزارة والقانون. وإن كان فعلاً من «أهل الداخلية»، فهنا الطامة الكبرى. وعليه، ندعو «أهل الداخلية» إلى احترام ما تضعه من قوانين، قبل أن تخالفه على مرأى عشرات السائقين والمواطنين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى