أوباما زرع التلاعب بخطر «داعش» وحصد الحيرة والارتباك

جملة مواضيع استحوذت اهتمام مراكز الفكر والأبحاث الأميركية. على الصعيد الداخلي، انخرط القسم الأكبر منها في تتّبع مساعي الضغط من الخصوم الجمهوريين على وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون للإفراج عن وثائق رسمية بحوزتها تغطي الفترة الزمنية لأحداث مقتل السفير الأميركي في ليبيا، كريستوفر ستيفنز.

على الصعيد الخارجي، شكّلت اندفاعة تنظيم «داعش» لاحتلال مدينتي الرمادي وتدمر، في العراق وسورية تباعاً، أولوية الاهتمامات إضافة إلى مواكبة الرواية الرسمية الأميركية لغارة القوات الخاصة من مجموعة النخبة للاشتباك مع عناصر «داعش» في الشرق من سورية، والتي أدّت إلى مقتل القيادي أبو سياف، تونسي الجنسية، واعتقال زوجته.

يستعرض قسم التحليل الترويج الرسمي الأميركي لخطاب متناقض حول تنظيم «داعش» والكشف عن مخططات أميركية لإدامة استنزاف وتقطيع خطوط التواصل لأطراف معسكر المقاومة، ولاستمرار النزاعات في المنطقة وكذلك الاطلالة على سردية الإفراج الرسمي عن وثائق تعود إلى أسامة بن لادن عقب الإغارة على مقرّه في آبوت آباد الباكستانية، من قبل قوات «الضفادع البشرية» الأميركية. تداعيات سقوط الرمادي

اعتبر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية انّ سقوط مدينة الرمادي بأيدي «داعش» يستلزم اعادة النظر في الاستراتيجية الأميركية على ضوء تلك المتغيرات، إذ إنّ الولايات المتحدة «تتعامل مع مجموعة من الحركات المتطرفة منخرطة في ما بينها بصراع عقائدي للسيطرة على مستقبل الاسلام». وأوضح انّ الهدف الأميركي المعلن «لتقويض داعش لا يكفي لمواجهته ودحره في ظل إمكانية بروز جبهة النصرة أو حركات متطرفة أخرى وتحكّمها بمعظم أو كافة انحاء الجغرافيا السورية، واحتمال تشظي العراق وانفصال منطقة الاقلية السنّية من العرب. إلى جانب منطقة يسيطر عليها الشيعة في شرق البلاد، ومنطقة الشمال تحت سيطرة الاكراد». واستطرد بالقول انه يتعيّن إدراك حقيقة الأزمة «بأننا منخرطون في صراعٍ دامٍ لا تتوفر فيه نتائج مواتية من دون تحقيق العراقيين نجاحاً في ما أضحى بناء دولة مسلحة» داخل كانتونات منفصلة. وشدد على أنّ المسؤولية تقع على كاهل الحكومة المركزية في بغداد التي «ينتظر منها القيام بالتواصل مع العرب السنّة، وحكومة اقليم كردستان بغية التوصل إلى نموذج انخراط أفضل في النظام الفيدرالي».

أعرب «معهد واشنطن» عن شكوكه في قدرة «العراق وشركائه الدوليين للتعامل بحزم مع تداعيات سقوط الرمادي»، وإنْ توفرت النية بذلك فمن شأن «المعركة توفير خبرة غنية في سياق حرب شائكة لأطراف تحالف من القوى عابر للطوائف». وأوضح أن بلورة فريق مشترك متجانس يتصدى لـ«داعش» باستطاعته «اختبار مدى التزام الحكومة العراقية والحلفاء المحليين الحشد الشعبي والولايات المتحدة وإيران… ويمهّد الارضية التحالفية المطلوبة لاستعادة مدينة الموصل عام 2016».

السعودية مسؤولة عن تدمير آثار تدمر

أعرب «معهد المشروع الأميركي» عن بالغ قلقله من «احتمال وارد» بإقدام «داعش» على تدمير الأطلال والآثار التاريخية المنتشرة في محيط تدمر، محمّلاً المملكة السعودية المسؤولية بالدرجة الاولى، نظراً إلى «تركيز السعودية على تدمير الآثار الخاصة بها.. انطلاقاً من تفسير قاصر، سواء التزم ام لم يلتزم التعاليم الاسلامية بمساواة الآثار بالوثنية». وأضاف محذراً أنّ «أتباعها طبّقوا ذلك بأثر رجعي، في ظلّ تجاهل دولي والآن يدفع العالم ثمن ذلك». وأردف انّ التدمير المرتقب سيؤدّي إلى استنكار العالم أعمال «داعش»، «بيد انه لا يتعيّن علينا نسيان البيئة الحاضنة لتحطيم المعتقدات التقليدية للدولة الاسلامية: اي النظام التربوي في المملكة السعودية والمؤسسات الخيرية المتعددة التي تروجها منذ زمن بعيد».

الغارة الأميركية في الشرق السوري

حذر «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» من الافراط باعتبار الغارة الأميركية نصراً مؤزراً، لا سيما أن «المناخات الاقليمية لا تزال متحركة ويصعب التنبؤ بها». وأوضح ان الغارة ستُقيّم في سياقها الحقيقي «عقب انتهاء مهمة رجال الاستخبارات من دراسة الغنائم المسيطر عليها في الموقع، وما قد يترتب عليها من توفير معلومات استخبارية جديرة بالمتابعة من قبل الولايات المتحدة وقوات التحالف». واعتبر المركز سقوط مدينة الرمادي «بالتزامن مع الغارة الأميركية، يشكل انتكاسة كبيرة للجهود الولايات المتحدة وحلفائها ضدّ داعش». وأضاف انه على رغم تحقيق «التحالف بقيادة واشنطن استعادة مدينة تكريت، إلا أن التوازن الاستراتيجي بين القوى المختلفة لا يزال غير متكافئ». وكرّر المركز نظرة النخب السياسية والفكرية الأميركية إلى الدور المنتظر لواشنطن بأنه «يتعين عليها الاستمرار في انخراطها ودعم الجهود الاقليمية بغية تحقيق هدف الحاق الهزيمة بداعش»، و«هو الدور الذي تعوّل عليه الاطراف المختلفة»، كما يعتقد المركز.

ما بعد قمة كامب ديفيد

اعتبر «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» أن قمة كامب ديفيد، على رغم إنجازاتها المتواضعة، شكلت رسالة للإدارة الأميركية بأنه «يتعين عليها الانصات بعناية كبيرة لهواجس حلفائها وطمأنتهم بوضوح أكبر لاستمرار دعمها». ورفع المركز مكانة الدول الخليجية إلى مصاف «الشركاء الاستراتيجيين الذين برهنت القمة لهم أن الولايات المتحدة حليف استراتيجي معتبر، لكنها ليست حلاً سحرياً لفشل الدول العربية»، وهي النصيحة عينها التي أسداها المركز لدول مجلس التعاون قبيل القمة.

مستقبل المنطقة

أعرب «معهد كارنيغي» عن اعتقاده بأنّ الدول العربية «لا تزال تعاني من تشنّجات عنيفة والتي ستسفر عن إعادة رسم المنطقة، من شأنها أن تفضي إلى عدة اتجاهات، «على رغم صعوبة التنبؤ بوجهة سير الفوضى الراهنة». وأضاف أن احتمالات ثلاثة مرئية: «الاول، العنف السياسي يعيد صوغ المجتمعات العربية الثاني، تفكك شرعية وسلطة الدول العربية الثالث، شعور واسع يجتاح الدول العربية لممارسة الفرد حقوقه السياسية». وشدّد المعهد على «استدامة الارتدادات السلبية لتلك الاحتمالات، ما يستدعي السلطات المحلية والنخب الفكرية العودة لترسيم صورة المجتمعات، وتحديث المؤسسات واعتماد اللامركزية في هياكل السلطة وإعادة العمل بحقوق المواطنة وتلبية المطالب الشعبية المطروحة منذ زمن طويل».

وظيفة «داعش» لم تستنفَد

سيطر «داعش» على مدينة الرمادي العراقية في «غفلة من الزمن»، بعد أيام معدودة من دخول وحدة لقوات النخبة الأميركية، «دلتا فورس»، إلى الشرق السوري «انطلاقاً من الاراضي العراقية المجاورة»، في مهمة قالت انها لإلقاء القبض على قيادي في «داعش» يدعى أبو سياف، تونسي الجنسية.

اعتبرت واشنطن وعلى كافة المستويات الرفيعة سقوط الرمادي انتكاسة في سياق الحرب على «داعش»، وطلب البنتاغون على لسان ناطقه الرسمي، ستيف وورين، من الجميع التزام اليقظة وعدم تقييم ذلك بشكل مبالغ فيه. وأسفرت انتكاسة الرمادي عن وقوع ما ينوف عن 500 ضحية من المدنيين ونزوح نحو 25.000 من سكانها إلى مناطق آمنة.

سقوط الرمادي سبقته تصريحات أميركية متعددة بأن «داعش» في طريقه إلى التراجع والانهيار، بيد انّ حصيلة الغارات الجوية المتواضعة لحلف واشنطن تفند تلك الادّعاءات، لا سيما أنّ التنظيم يتقن سبل التخفي وتفادي الضربات الجوية ويتنقل ضمن وحدات صغيرة خلافاً للسير في قوافل عسكرية كبيرة. تبعد الرمادي نحو 100 كلم فقط عن بغداد، ما يشير إلى الأهمية القصوى لاسترادها قبل ان يستكين «داعش» ويصبح في وضع يمكّنه من قصف مطار بغداد الدولي.

التأم شمل مجلس الأمن القومي في واشنطن بعد سقوط الرمادي، وحضر الاجتماع 25 من كبار القادة السياسيين والعسكريين والمستشارين، بينهم وزراء الخارجية والدفاع وقائد القوات المركزية. وقال البيت الأبيض في بيانه إن الرئيس أوباما «جدد التأكيد على الدعم الأميركي القوي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والتزام الولايات المتحدة مساندة حكومة العراق».

تسارعت الاتهامات الأميركية لتحميل الجيش العراقي كامل مسؤولية سقوط المدينة الذي لم يصمد ليقاتل بل ولّى الادبار. سبقتها تصريحات تخفف من أهمية الرمادي في الاشهر الاخيرة، ومنذ زيارة رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى واشنطن، مقارنة مع معركة السيطرة على مصفاة بيجي ومحيطها. إذ أوضح رئيس هيئة الاركان، مارتن ديمبسي، إن بيجي تشكل هدفاً استراتيجياً أكبر للقوات الأميركية، وعليه، فإن تركيز الانظار حالياً على بيجي في واقع الحال.

استكمالاً لمهزلة الاستخفاف والتناقض صرح الناطق بِاسم البنتاغون، ستيف وورين، بعد سقوط الرمادي أن مصفاة بيجي كانت خارج العمل منذ زمن. وإصلاحها سيستغرق وقتاً طويلاً.

أمعن الأميركيون في الاستهتار بالعراق جيشاً وشعباً، ربما تمهيداً لإسقاط الرمادي، ومضوا في تفسير أسباب الهزيمة نظراً إلى استغلال «داعش» غطاء العاصفة الرملية التي حلت بمطقة الرمادي، وامتناع القوات العراقية عن اطلاق النار. وسرعان ما تراجع البنتاغون عينه عن تلك الرواية بإعلان الناطق بلسان قيادة القوات المركزية، باتريك رايدر، أن ما تم التيقن منه، هبوب عاصفة طفيفة من الغبار والضباب، والتي كان لها أثر صفريّ على طلعات التحالف الجوية. وسرعان ما أجمع القادة الأميركيون على استخدام «داعش» العمليات الانتحارية بتفخيخ 30 سيارة في الهجوم المنظم لاحتلال المدينة.

رئيس هيئة أركان القوات المشتركة، مارتن ديمبسي، صرح لشبكة «سي أن أن» الاخبارية للتلفزة، يوم 21 أيار، ان «قوات الجيش العراقي اختارت الانسحاب من المدينة ولم يجبرها على ذلك تنظيم داعش»، متجنباً التذكير بالعدد الكبير لسيارات التفخيخ التي فجرها «داعش».

أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة، د. رائد العزّاوي، كان أدق في توصيف سقوط المدينة التي تقع قربها «قاعدة عين الاسد»، القاعدة العسكرية الأميركية الأكبر في البلاد، وفيها وجود عسكري كثيف. وقال ان هناك أطرافاً دولية سمحت لقوات «داعش» بدخول محافظة الأنبار والانتشار في أرجائها في ظل ضعف تسليح عشائر المحافظة، وعدم وجود رغبة في الدفاع عنها. التحالف الدولي يحارب بـ«داعش» ولا يحارب «داعش» على الإطلاق.

في هذا الصدد، عقد البعض في النخب الفكرية الأميركية مقارنة بين معارك الرمادي وتكريت بالقول ان الكلفة الحقيقية لاستعادة تكريت في محافظة صلاح الدين، تيسير سقوط الرمادي عاصمة محافظة الانبار. بعبارة أخرى، ربما، أن مبدأ أوباما في السياسة الخارجية يُطبّق على أكمل وجه: أميركا ليست مضطرة لخوض حروب في المنطقة بقواتها مباشرة، بل عبر قوى محلية تسلّحها وتدرّبها وتشرف عليها في المحاور الاشد سخونة، والاستناد إلى سلاح الجو ضد مواقع «داعش» في سورية والعراق، بما يتيح تراجع الدور الأميركي إلى دور مساند بدلاً من دور قيادي مرئي.

الرئيس أوباما، في مقابلة صحافية حديثة مع أسبوعية «آتلانتيك»، بعد أيام معدودة من سقوط مدينة الرمادي، أوضح أنه لا يعتقد أن استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة في طريقها إلى الهزيمة، قائلاً: «لا شك أن هناك انتكاسة تكتيكية، على رغم أن الرمادي كانت معرضة للخطر منذ فترة طويلة لأن القوات الموجودة هناك لا تنتمي لقوات الأمن التي نقوم بتدريبها وتعزيزها».

تصريحات أوباما جاءت قبل يوم من استيلاء «داعش» على مدينة تدمر في وسط سورية، ما يعزز المخاوف في تلك المنطقة وفي واشنطن بأن استراتيجية أوباما أصبحت عقيمة، كما يعتقد خصوم أوباما.

ترابط سقوط الرمادي وتدمر

بعض أبرز خصوم الادارة الأميركية علّقوا مروجين في يومية «واشنطن بوست»، 18 أيار، أن سقوط الرمادي دفع استراتيجية أوباما إلى الهاوية، ليس في العراق فحسب بل في جميع انحاء المنطقة. وأضافت الصحيفة أن مناورة «داعش» كانت معقدة واستغرق الإعداد لها عدة اسابيع. كما ان المناورة تخللها شنّ التنظيم هجمات تمهيدية في بيجي والكرمة وعمليات تهريب السجناء في ديالى وهجمات ضد الحجاج في بغداد وغارات قرب قاعدة «عين الاسد»، وهجوم منسق حول دير الزور السورية. وخلصت إلى القول انه كان بالامكان تفادي سقوط الرمادي.

بين سقوط الرمادي في العراق وسقوط تدمر في سورية، شنت القوات الخاصة الأميركية، «دلتا فورس»، عملية ضد مواقع لتنظيم «داعش» في سورية، انطلاقاً من الاراضي العراقية القريبة، قالت إن هدفها اغتيال القيادي في التنظيم «أبو سياف» او اعتقاله، واعتقلت زوجته. وتعدّ العملية الأولى غير الجوية التي تعلن عن تنفيذها القوات الأميركية داخل الاراضي السورية باستثناء محاولة سرية فاشلة لإنقاذ رهائن أميركيين، جيمس فولي، وأجانب كانوا محتجزين لدى التنظيم في أقصى الشمال الشرقي من سورية، السنة الماضية.

واشنطن لم تنتظر طويلاً لتؤكد علانية أنها لم تبلّغ الحكومة السورية مسبقاً أو تنسق معها في ما يتعلق بالغارة. وجاءت تصريحات الناطق بِاسم مجلس الأمن القومي، بيرناديت ميهان، للصحف الأميركية متشددة اللهجة كي تبعد عنها اي شبهات او ايحاءات بتغيير سياساتها السابقة للاطاحة بالحكومة السورية. وقالت ميهان: «حذّرنا نظام الأسد من التدخل في جهودنا المتواصلة ضد تنظيم داعش في سورية. نظام الأسد ليس شريكاً ولا يمكن أن يكون شريكاً في القتال ضد التنظيم».

اعتبرت أسبوعية «نيوزويك»، في نشرتها الالكترونية «ديلي بيست»، 16 أيار، ان قادة البنتاغون متلهفون لتحويل السردية الميدانية بعيداً عن إنجازات تنظيم «داعش» وإغراق الوسائل الاعلامية بتفاصيل دقيقة حول عملية اغتيال ابو سياف «قد لا تجانب الدقة والموضوعية بكامل جزئياتها. يومية «نيويورك تايمز»، 22 ايار، اعتبرت الغارة الأميركية محفوفة بالمخاطر وتشكل تصعيداً واضحاً للحملة الأميركية.

وزارة الدفاع الأميركية حرصت على تقديم صورة شاملة لجهودها العسكرية ضد تنظيم «داعش» في العراق وسورية، اذ نفذت ما يزيد عن 4050 غارة جوية على مدى الاشهر التسعة الماضية في سياق اضعاف التنظيم بلغت تكلفة الحرب، حتى الاسبوع الاول من شهر نيسان، أكثر من 2.1 مليار دولار، بما يعادل 8.6 مليون دولار يومياً وفق احدث البيانات الصادرة عن البنتاغون.

سعى مسؤول رفيع في الادارة الأميركية إلى رسم صورة اكثر واقعية حول قدرات تنظيم «داعش» بخلاف السردية الرسمية، من دون المغامرة في الكشف عن هويته، قائلاً ان «داعش» كتنظيم افضل من خلفه «القاعدة» في العراق في كافة المجالات: صفوفه افضل انضباطاً، ذو امكانيات افضل، لديه مقاتلين أشداء وافضل خبرة. وأضاف ان بلاده تدرك ما تطلبه الأمر للسيطرة على تنظيم «القاعدة» في العراق من قبل افضل الترسانات العسكرية في العالم.

البيت الابيض، بدوره، رفض كافة دعوات خصومه في الحزب الجمهوري لارسال قوات عسكرية أميركية لمقاتلة «داعش» مباشرة، وقاوم كذلك طلبات التوسل من حلفائه في الحزب الديمقراطي للقيام بالمثل. بالمقابل، تدرك المؤسسة العسكرية ممثلة بالبنتاغون ما يتعين عليها القيام به نظراً للتطورات الميدانية التي تتطلب انخراط قوات عسكرية مدرّبة للدخول إلى مناطق سيطرة «داعش» والاستفادة من غطاء الغارات الجوية الأميركية الأمر الذي لا يجوز القيام به من دون تفويض صريح من الرئيس أوباما وإدارته.

أوباما حسم الأمر، راهناً على الاقل، في حديثه لأسبوعية «آتلانتيك» قائلاً انه لن يقدم على تكرار أخطاء الماضي القريب بإرسال قوات برية للقتال بعيداً عن الاراضي الأميركية.

سقوط مدينة تدمر، بكل ما ترمز إليه من اهمية استراتيجية في الجغرافيا السورية، فهي تقع شرق حمص وتتصل مع شبكة طرق التواصل مع دمشق وبين محافظات دير الزور والرقة والحسكة، تشكل مقدمة على تمدد «داعش» على حساب العراق وسورية مجتمعين، برضى أميركا إن لم يكن ابعد من ذلك. التنظيم يروج أن محطته المقبلة في سورية هي معركة الاستيلاء على حمص. وعليه، باستطاعة المرء تتبع المتغيّرات في الاستراتيجية الأميركية لناحية إلزام «داعش» تعزيز سيطرته الجغرافية، والسماح له بالاحتفاظ بملاذ آمن في سورية ومنحه حرية مناورة أكبر داخل العراق، كمحطة متقدمة من الاستراتيجية الأميركية لدق اسفين جغرافي يضمن عدم التواصل البري بين العراق وسورية، بطريقة يستفيد منها معسكر المقاومة من طهران إلى لبنان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى