المحمود: خروج حامية مستشفى جسر الشغور إنجاز عسكري كبير شبيب: حسم جبهة القلمون يسقط المشروع «الإسرائيلي» في سورية

حاورهما سعد الله الخليل

مع اقتراب حسم الملفات المتشابكة دولياً وإقليماً والمرتبطة بتوقيع الإتفاق النووي بين إيران والغرب، تزداد حرارة الميدان من سورية إلى العراق واليمن. ورغم إقرار الأطراف الدولية بانفصال مسار المفاوضات النووية عن باقي الملفات فإن المفاوضين يضعون عيونهم في جنيف وأذانهم في الشرق الأوسط لمتابعة ما يجري على الأرض.

التطورات الميدانية والسياسية في المنطقة محور هذا اللقاء المشترك لصحيفة «البناء» و«شبكة توب نيوز» مع رئيس لجنة الأمن الوطني في مجلس الشعب السوري اللواء إبراهيم المحمود وعضو المكتب السياسي لحزب الشعب سليمان شبيب.

جبهات مترابطة

بداية، يرى اللواء المحمود أن أي نصر يحققه الجيش العربي السوري في القلمون، سينعكس إيجاباً على باقي الجبهات، مشيراً إلى أن «أي فهم جزئي لا يعطي فهماً دقيقاً لما يجري في أراضي الجمهورية العربية السورية وعلينا أخذ الأمور بشكلها الشمولي، حيث يقاتل الجيش على أربع جبهات: الجبهة الجنوبية التي تشمل الحدود نحو الأردن وجزءاً من الحدود مع فلسطين المحتلة عبر الجولان المحتل. والجبهة الغربية مع لبنان، والشمالية تجاه الحدود التركية ، والشرقية نحو الحدود العراقية وهو ما يمنح نصر أي جبهة قيمة لباقي الجبهات.

وعن التطورات في إدلب وتسارع سقوط المواقع والمدن بيد «جبهة النصرة»، قال المحمود:» تم تجهيز الجيش السوري للقتال على جبهة 70 كيلومتراً وهي حدودنا مع فلسطين المحتلة والجولان، فليس مفاجئاً ما حدث في إدلب بسبب التكالب الذي حصل مما يقارب 100 دولة بالإضافة إلى تركيا عبر المشاركة العسكرية بمختلف الأسلحة والتشكيلات البرية التركية. فما جرى كان بالتنسيق فيما بين الجهات الأربع المعادية لسورية، والتدخل التركي بقيادة رجب طيب أردوغان ليس جديداً من تمويل وتسليح وإيواء وتدريب للمجموعات الإرهابية».

وأكد اللواء المحمود «أن الدولة السورية أمام جملة من المعارك، والحرب لم تنته بعد والأمر الطبيعي أن يحقق المعتدون مكاسب في بعض المعارك لكننا نعوّل على جيشنا وشعبنا في تحقيق الانتصار النهائي».

وعن وجود حاضنة شعبية لـ«النصرة» في إدلب أشار إلى أن»العدو تمكن من تجنيد الرعاع واصطياد المحتاجين إلى عمل أو الفارين من الخدمة والمجرمين وإعطائهم المغريات، وهو لم يكن تخطيط ما بعد الأزمة إنما منذ الثمانينات».

ورأى المحمود أن» تنظيم الإخوان المسلمين سيكون هدفاً لداعش عندما تنتصر في موقع ما كما حدث في حلب وإدلب مع حركة «حزم « الارهابية». وأشار إلى أن « عناصرحامية جسر الشغور كان لديهم عدد كبير من الجرحى ورغم تطويقهم وقصفهم من قبل الإرهابين بكل الوسائل، تمكنوا من الصمود والتنسيق مع عمليات الجيش السوري بالخروج محقييقن إنجازاً عسكرياً كبيراً».

تدمر ضحية أميركية

وأكد المحمود أن التحالف الأميركي مسؤول عن وصول تنظيم «داعش» إلى تدمر، موضحاً أن» في كل دقيقة تصور الأقمار الاصطناعية الإسرائيلية والأميركية والبريطانية الأراضي السورية ويعلمون تحركات الجيش ولهذا تمكن داعش من الوصول إلى مدينة تدمر ونحن لا نملك هذه التقنية حتى الآن». وأضاف:» كان أمامنا أمران إما المعارك في تدمر لحصول مجزرة وتدمير. أو الانسحاب بشكل يُنقذ ما يمكن إنقاذه». وتابع: «الجيش يقاتل في مئات نقاط الإشتباك وعلى جبهات عدّة، وهذا أمر يحتاج إلى مجموعات جيوش والطبيعي أن يكون هناك هدوء في منطقة وتوتر في منطقة أخرى».

وعن تطورات الجبهة الجنوبية، أكد المحمود وجود مخططات كثيرة للأعداء لتحقيق أهدافها، «فعلى الصعيد الفلسطيني، لدى العدو ثلاثة أهداف مرحلية تحقق واحداً منها بوضوح وهو «أمن أسرائيل»، بمعنى تدمير الجيش الليبي وإضعاف الجيشين السوري والعراقي. الهدف الثاني هو هدم لمسجد الأقصى وإقامة «هيكل سليمان»، وهو ما سيتحقق في بضع سنين بفعل وجود مئات الأنفاق تحت المسجد حيث ستم تفجيرها مع الترويج بأن المسلمين فجروا عدداُ كبيراً من المساجد و«الإسرئيلون» لم يفعلوا بل الطبيعة هي من فعلت ليتم بناء الهيكل بدلاً منه. والهدف الثالث هو الاعتراف بـ «إسرائيل» كدولة يهودية بالإستناد إلى ما يجري من أحداث ، ليتم طرد المسلمين من أراضي فلسطين وسنكون حينها أمام مشكلة طرد الفلسطينيين الذين يتناحرون في ما بينهم ومنهم من هو مع التنظيمات الأرهابية».

وأشار المحمود إلى «أن الولايات المتحدة التي لجأت إلى القوة الخشنة كما حصل في فيتنام وأفغانستان والعراق، واستخدمت لاحقاً القوى الناعمة الدبلوماسية ، تلجأ الآن إلى القوة الثالثة وهي «القوة الخبيثة»، بمعنى أن يخسر الخصم من دمه وماله وفي الوقت نفسه تربح هي في تحقيق أهدافها على حساب الدول التي تتعاون معها، وهو ما يفسر تعاونها مع الناتو والدول الإقليمية وعلى رأسها السعودية وقطر وتركيا لتحقق ما تحققه، أي أن ما يجري في ليبيا ومصر وسورية والعراق واليمن، ضمن لها مكاسب من دون تكلفة مالية و خسائر بشرية واستطاعت سحب الأموال لدعم الخزينة والاقتصاد الأميركي المترهل».

وأكد المحمود أن ما يُعطى لتنظيم «داعش» من دعم هو ما يعطيه هالة القوة، وما يتحقق حالياً من إنتصار على أيدي الجيش السوري والقوة الشعبية ومحور المقاومة يعتبر بكل المقاييس شيئاً من الإعجاز بالنسبة إلى ما يحصل من عدوان كبير جداً، فتماسك الجيش والشعب والدولة هو الصانع لكل انتصار».

وأكد المحمود «أن النجاحات التي تحققها وحدات الحماية في الشمال والدفاع الوطني ورجال العشائر، تشكل ضربة للمشروع الأميركي الذي يسعى لاختلاق الشقاق بين الأعراق عبر الإكراه، وهو فكر أميركي يعتمد على محور كامل يعمل في هذا الإتجاه»، مضيفاً أن «النجاح الحاصل الآن في سورية أمام هذا المخطط الكبير يُعطي أملاً في النصر».

وعن انتقادات الائتلاف المعارض لوحدات الحماية قال المحمود» الإئتلاف مجموعة من اللذين تركوا أوطانهم أو ولدوا خارج هذا البلد، فهم يملكون المال من حساب الاستخبارات التي تقاتل ضدنا الآن ومن حساب الدول الداعمة لهم ، فما يصدر عنهم هو الصدى للدول التي تمولهم، وليس لديهم إرادة ذاتية وهذا أمر طبيعي بأن يبيعوا ضمائرهم كما باعوا أوطانهم من قبل».

شبيب

م جهته، أكد شبيب أن «شهر حزيران سيكون حاراً جداً سياسياً وميدانياً، نظراً إلى الملفات المتشابكة من إيران إلى اليمن وسورية وتمارس تأثيرها في ما بينها، فكل تقدم ينعكس على مسارات أخرى وكل تراجع أو تعقيد أو تصعيد سينعكس بالمثل».

وأضاف «سندخل بعد حزيران في مرحلة التسويات التي بدأت ملامحها تتوضح مع تصعيد لكل المناطق الميدانية عبر الجهات الإقليمية التي تحارب ضد الدولة السورية في محاولة لإمساك بعض الأوراق التي يتم استخدامها في التسويات النهائية».

وأكد شبيب «جديّة أميركا الواضحة في توقيع الاتفاق النووي لأنه لم يبق بيدها حيلة سوى التوقيع، فالعقوبات التي فرضتها على إيران لم تكن مجدية وكذلك الضغط، ليغدو توقيع الاتفاق أهون الشرور بالنسبة لأميركا ومن هذا المنطلق تناور بالضغط على إيران لاستغلال ما تبقى من وقت للحصول منها على أقصى حد من التنازلات، خصوصاً على صعيد التفتيش على المنشآت العسكرية الإيرانية واستجواب العلماء الإيرانيين». وقال:»إيران واضحة عبر المرجع الأعلى سماحة الإمام علي الخامنئي الذي وضع خطوط حمراء تجاه المطالب الأميركية غير المسموح بها أبداً ومن هذا المنطلق لا يمكن استبعاد التمديد مع الوضوح من قبل الطرفين في الإستمرار حتى التوقيع رغم بعض التسريبات عن فترة تمديد لعدم نضوج بعض الملفات».

القلمون نقطة الانطلاق

وفي الوضع العسكري، أكد شبيب «أن منطقة القلمون هي الأهم والأكثر حساسية بين الجبهات إذ أن حسمها سيغيّر خارطة الوضع في سورية كلها، لجهة إمساكه بخاصرة لبنان وسورية وصولاً إلى العامل الإسرائيلي في شكل مباشر، فهو يعني سقوط المشروع الإسرائيلي بشكل كامل في سورية»، مشيراً إلى «أن الحسم سيبدأ قريباً بالتعاون مع الأهالي والقوى الشعبية، كما أشار سيد المقاومة السيد حسن نصرالله». ولفت إلى «تشكيل لواء مقاتل من القوة الشعبية في المنطقة والذي أشاع الإرتياح لدى أهالي عرسال بعد انكفاء بعض الموتورين من تيار المستقبل».

وأكد شبيب أن «الجانب التركي أصبح يعمل بشكل هستيري، خصوصاً مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الذي يأمل أردوغان عبره بتغيير النظام السياسي في تركيا وصولاً إلى حلم السلطنة على المنطقة مع تابعه رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو وتنفيذ وصية الصهيوني برنار لويس، باعتبار المنطقة المجال الحيوي للتوسع التركي. وتابع: «تركيا منذ الحرب العالمية الأولى وتقاسم تركة الرجل المريض لم تتصالح مع شعبها ولا مع إقليمها فمازال هناك من يعيش صورة بانورامية تحقق حلم السلطنة في عقول العثمانيين الجدد عبر العدوان الوحشي على سورية».

ورأى شبيب أن التغير الذي حدث في السياسة السعودية بعد تحول القطيعة مع تركيا إلى تنسيق بعد انقلاب الملك سلمان والذي تزامن مع التصعيد في الشمال السوري، ليس إلاّ نتيجة للتنسيق القطري السعودي التركي بتغطية مباشرة من أميركا .

انتخابات آردوغان سورية

يستشهد شبيب بالدراسات والاحصائيات التي تشير إلى «عدم تمكن آردوغان من المحافظة على ما كسبه عبر دور على الأرض السورية، فالعامل الجديد الذي دخل على الساحة السياسية التركية باتفاق الأكراد على تأسيس حزب الشعوب الديمقراطية لدخول للانتخابات والذي من المتوقع حصوله على أكثر من 10 في البرلمان، ما يؤهله إلى كسب حوالي 60 مقعداً من حصة أردوغان بعد أن أصيب الأكراد بخيبة أمل من المراوغة التركية وهذا دفعهم إلى التوحد في جبهة واحدة، ودعم الطائفة الأرمنية للقائمة الكردية ما يفقد آردوغان الأمل في الحصول على الثلثين».

مشروعان متناقضان

و لفت شبيب إلى «تصادم مشروعين كبيرين في المنطقة خوصاً في سورية وهما: مشروع المقاومة ومشروع تركيا ودول الخليج. وبين قوى تحرض على إحلال السلام بين روسيا ودول البريكس وبين مشروع أميركي هادف إلى تفتيت المنطقة يلتقي مع المشروع التركي والإسرائيلي لرسم حدود جديدة للمنطقة». ورأى شبيب أن خطاب السيد نصرالله «في 24 من آيار الماضي يجب أن يكون هو المنهج في عمل شعوب هذه المنطقة لحماية وجودها في منطقة غنية بالفكر والثقافة عبر التكاتف بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة أمام عدو واحد ومرجعيته واحدة من عصابات إرهابية تهدف إلى تجزئة الجميع. فتجزئة الجبهات في قتال العدو الفاشي الديني لا تجدي في دحره ما يحتّم على القوى الوطنية أن تصل إلى أعلى درجات التنسيق والتكاتف لمحاربة العدو التكفيري الذي يهدد وجود المنطقة».

داعش أميركي

يستبعد شبيب نشوء تنظيم «داعش» بعيداً من الرعاية الأميركية وعلى الأقل برضى وسكوت أميريكي، فأميركا تدرك مصدر تمويل وتسليح وتجنيد الإرهابيين، وما اللعب الأميركي في موضوع محاربة داعش إلا مراوغة أميركية بالقضاء على التنظيم كالمراوغة في القضاء على القاعدة التي صنعتها، فما جرى في تدمر من حشد إرهابي من العراق إلى تدمر تحت عيون ما يسمى التحالف، يؤكد غياب النية الأميركية لمحاربة التنظيم». وأضاف:»ربما يسعى التحالف لتحجيمها ونقلها إلى مضمار أخر يخدم مصالحها، فالقضاء على « أبو سياف وزوجته دليل على تناقض التحالف التعامل مع التنظيم الإرهابي».

ويطالب شبيب بتفعيل الجهد الشعبي «لانخراط الشعب في المعركة ضد كل التسميات الإرهابية التي تهدف إلى تقسيم سورية إلى ولايات لخدمة المشروع التركي»، لكنه لفت إلى أن «مشروع التقسيم قابل للحياة في تركيا والسعودية بعكس سورية».

وأشار شبيب إلى أن الائتلاف المعارض يراهن كما كل حلف الحرب على سورية على تلميع «جبهة النصرة «، لتكون حصانهم الرابح كما فعلت قناة الجزيرة في استضافة امير الجبهة أبو محمد الجولاني وإظهاره معتدلاً بعدما يئس في التعويل على ما يسمى «الجيش الحر» ، ليأتي وقت تعلن فيه «النصرة» انفصالها عن تنظيم «القاعدة «، وهو ما يفسّر حملة الائتلاف على لجان الحماية الكردية».

دي ميستورا وجنيف 3

من الميدان إلى السياسة، يؤكد شبيب أن المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي مستورا يواصل مهمته الماراتونية التي تنتهي في 30 حزيران الجاري، إضافة إلى التعتيم على تحركاته»، معرباً عن اعتقاده «أن مشاوراته ستنتهي بانعقاد مؤتمر»جنيف 3» لكن ليس بالسرعة المتوقعة حيث سيكون مختلفاً عن جنيف 2 في ظل الإرادة الروسية بأن يكون مؤتمراً لتوقيع ماتم التوصل إليه في مؤتمر موسكو 3 أو مؤتمرات أخرى»، مشيراً إلى «أن مؤتمر موسكو 3 هو الأقرب للواجهة التي ترغب بها روسيا والتي أعلنت سورية عبر سفيرها في موسكو أنها تعمل للأسراع بعقد المؤتمر المذكور».

لا طائف سورياً

وأكد شبيب أن سقف المأمول من العملية السياسية إيجاد أرضية للحل تنعكس في مكافحة الإرهاب عبر جهات دولية تلزم الدول الإقليمية بتنفيذ قرارات مجلس الأمن التي وافقت عليها ،مما سيؤدي إلى تغييرات ميدانية في سورية والعراق مشيراً إلى «أن حزب الشعب أبلغ إلى ديمستورا منذ فترة أنه يخشى من أن تنتج التسويات الدولية نظام محاصصة كما حصل في العراق ولبنان رغم الرفض السوري الشعبي والرسمي، كون التسويات الدولية تكون غالباً قراءة غربية للمشهد الدولي والإقليمي عبر نظرة المستشرقين غير الصحيحة بالمطلق.

ورأى شبيب أن «إقامة تسويات بهذه النظرة ستؤدي إلى نظام هجين قابل للإنفجار في أي لحظة، كما حصل في مؤتمر الطائف وها هو لبنان يقطف ثماره، فبالرغم من وجود قوى لبنانية فاعلة تدعو إلى تعديله دخل لبنان العام الثاني من دون رئيس جمهورية والمشهد نفسه ينسحب على الموضوع العراقي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى