«صغارنا كبارنا»… مبادرة مجتمعية تعزّز مفاهيم أخلاقية وأُسَرية مهمّة

ياسمين كرّوم

تسعى مبادرة «صغارنا كبارنا» التي يتبنّاها مركز الأعمال والمؤسسات السوري، إلى تفعيل الاهتمام بشريحة الأيتام والمسنّين، نظراً إلى عدم قدرة هذه الفئات الاجتماعية على الانتاج، ما يجعلها تعاني من نظرة المجتمع السلبية إليها أحياناً. إذ تركز فكرة المبادرة على تمكين هذه الفئات من جهة، ودعمها نفسياً ومعنوياً من جهة أخرى. اعتماداً على أساليب تلائم أوضاعها وإمكانياتها المحدودة.

وتضمّنت المبادرة التي انطلقت مرحلتها الأولى منذ أربعة أشهر في دار الأيتام في اللاذقية، إقامة ورش عمل صحّية تثقيفية للأيتام، إلى جانب دورات إسعاف أولي أشرفت عليها منظّمة «الهلال الأحمر السوري».

ورأى علي يوسف، مؤسّس المبادرة، أنّ اختياره الأطفال المشاركين في المشروع مبنيّ على معايير معيّنة، تبنّت الحماسة والفعالية كأساس لها. فعلاقته بأطفال الدار التي جاءت عبر تدريبات سابقة لمصلحة «نادي افلاتين»، سهّلت المهمة أمامه وساعدته في اختيار 21 طفلاً وطفلة للمشاركة في ورش المبادرة المخصّصة للفئة العمرية ما بين 11 و15 سنة، مع إتاحة الفرصة لمشاركة الأطفال الأصغر سنّاً ليكونوا فعّالين في إنجاز هذه الورش.

وتابع: «سيتقن المتدرّبون الصغار استخدام أجهزة قياس الضغط والسكّري وبعض الإجراءات الصحّية، لينضمّوا إلينا في أنشطة مشتركة ضمن المرحلة الثانية من المبادرة، وتتوجه إلى المقيمين في دار المسنّين، بهدف دفع الأطفال للاهتمام بصحّة المسنّين عبر تكليف كلّ طفلين بالإشراف على مسنّ أو مسنّة في الدار، وتحضير الأدوية اللازمة، وقياس ضغط الدم، وغير ذلك من التفاصيل البسيطة. ليصار إلى تفعيل دور المسنّين في المبادرة من خلال تشجيعهم على أخذ دور الجدّ أو الجدّة وسرد الحكايات والقصص للأطفال، التي تنمّي فيهم القيَم الأخلاقية الإنسانية».

وأشار يوسف إلى أن للمبادرة هدفاً غير مباشر يتمثل في خلق حالة تواصل أُسَري تعمّم حالة اجتماعية افتقدها الطرفان. فالطفل اليتيم بحاجة للتعرف إلى معنى أن يكون لديه جدّ أو جدّة في أسرته. كما أنّ المسنّين بحاجة لروح الحياة التي يبثّها الأطفال في مكان وجودهم. كما تتيح المبادرة للأطفال تعلّم بعض الأشغال اليدوية من خبرات المسنّين ومعارفهن، وهو ما ينمّي لديهم بعضاً من المواهب والقدرات الفردية المبدعة، خصوصاً أنّ المبادرة ستُختَتَم باستئجار مقرّ صغير لإقامة معرض لمنتجات الفئتين معاً، بحيث يذهب ريع المعرض بالتساوي لهما، وهو ما يساعد في تمكين الطرفين اجتماعياً ومهنياً من خلال تحصيل ثمار معنوية ومادية من المبادرة.

وتتضمّن أهداف المبادرة أيضاً تعميم مفاهيم المواطَنة الفاعلة والتطوّع والتعاون، ويشير يوسف إلى أن القائمين على العمل يشرحون هذه المفاهيم للأطفال بأسلوب مبسّط، ما يجعلهم قادرين على تقدير أهمية العمل الذي يقومون به مع المسنّين. لافتاً إلى أنه تعمّد إشراك الأطفال في اتخاذ بعض القرارات الخاصة بالمبادرة ليشعروا بفعاليتهم في هذا الجانب.

ويتكوّن الفريق الأساسي العامل في المبادرة من عدد من الشباب المتطوّعين، ممن وجدوا في أنفسهم الكفاءة والأهلية الكافية لإنجاح المبادرة. فالفريق على حدّ تعبير يوسف يتشكل مع المبادرة وينمو معها حتى إنهاء مدتها الأساسية التي تصل إلى ستّة أشهر قابلة للتمديد.

وقال مؤسّس المبادرة: ركّزنا أيضاً على الجانب النفسي في التعامل مع الأطفال، وكانت خطوتنا الأولى بالاتفاق على إطلاق تسمية «دار الأخوّة» على المكان الذي يقطنون فيه لتعميم مفهوم أخلاقي يعتمد على المحبة، إضافة إلى إجراء جلسات عدّة تدفعهم للحديث والتعبير عمّا يفكرون به. فتارة يكون المحور مخصّصاً للذكريات الجميلة والسيئة وغيرها من التفاصيل المهمة في حياتهم، من دون نسيان التركيز على توزيع المهام وتبادلها في ما بينهم، وجعل مفاهيم الترتيب والتنظيم أمراً أساسياً في تفاصيل حياتهم.

وختم يوسف بالإشارة إلى أنّ المرحلة الثانية من المبادرة ستنطلق قريباً، إذ يتمّ التركيز فيها على تثقيف المسنّين ورفع روحهم المعنوية، من خلال التأكيد على أهميتهم كعناصر ما زالوا فاعلين و قادرين على العطاء، وتقديم خبراتهم لفئات صغيرة تحتاجها من دون نسيان الإضاءة معهم على مفاهيم المواطَنة والتعاون والقيَم الأخرى، بأسلوب بسيط لا يتسبّب بإجهادهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى