تقرير

تطرّقت صحيفة «كمسمولسكايا برافدا» الروسية إلى مسألة السفينة «ميسترال» التي كان على فرنسا تسليمها إلى روسيا بموجب صفقة بين البلدين، أو إعادة المبالغ التي استلمتها، مضافاً إليها النسبة المقرّرة.

وجاء في المقال: يمكننا أن نصف ما يجري في شأن هذه المسألة بأنه خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء. فقد كان على فرنسا بناء حاملة المروحيات «ميسترال» وتسليمها إلى روسيا بموجب العقد الموقّع بين البلدين. استلمت فرنسا المبالغ اللازمة لبناء «ميسترال»، وأنجزت العمل فعلاً، إلّا أنّها ترفض تسليمها إلى روسيا، والسبب كما هو معروف لدى الجميع، يكمن في الضغوط الكبيرة من جانب واشنطن على باريس، على اعتبار أنّ حاملة المروحيات ليست سفينة دفاعية، إنما هي مخصّصة لتوفير الحماية الجوّية لمشاة البحرية خلال عمليات الإنزال، وهذا ما يقلق واشنطن جدّاً.

قصّة «ميسترال» بدأت في خريف السنة الماضية. من جانب، ترغب باريس بإعادة المبالغ المالية المستحقة إلى موسكو، ومن جانب آخر، لا تسمح واشنطن بتسليم «ميسترال» إلى موسكو بموجب العقد. إضافة إلى هذا، لا يحقّ لفرنسا بموجب العقد بيع «ميسترال» إلى دولة ثالثة من دون موافقة موسكو. أي لا يمكن لفرنسا بيع «ميسترال» ثمّ تسديد المبالغ المستحقة إلى موسكو.

من ناحية أخرى، الطلب على حاملات المروحيات في العالم محدود جدّاً، ولم تعلن أيّ دولة عن رغبتها في شرائها. حتى أنّ باريس اقترحت على واشنطن شراءها، ولكنّها لم تتلقّ الردّ المطلوب.

السفينة «ميسترال» حالياً راسية في الميناء وتحتاج إلى خدمات معيّنة، أي نفقات مالية يومية تصرف من موازنة الدولة الفرنسية، من دون مقابل. إن تسوية هذه المسألة في مصلحة جميع الأطراف، يعني اتخاذ خطوة واضحة لا رجعة فيها. ولكن ليس بإمكان قيادة فرنسا عمل ذلك.

قبل يومين، أعلن مساعد الرئيس الروسي لشؤون التعاون في المجال العسكري ـ التقني فلاديمير كوجين، أنّ عقد «ميسترال» سيُلغى رسمياً، وأنّ موسكو وباريس اتفقتا على مقدار المبلغ الذي ستعيده باريس إلى موسكو خلال فترة محددة. ولكن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أعلن أنّ القرار النهائي بصدد مصير «ميسترال» لم يُتّخذ بعد، وأنه سيحاول خلال الأسابيع المقبلة تسوية هذه المسألة، وهذا ما أكّده رئيس وزرائه أيضاً.

يمكننا أن نفهم هولاند، فإضافة إلى أنه يتعيّن عليه إعادة المبلغ الذي استلمه من روسيا، والذي صُرف، سيتعين على حكومته أيضاً تقليص عدد العاملين في حوض بناء السفن الذين ساهموا في بناء «ميسترال»، وهذا سيكون له نتائج وخيمة على الإدارة الفرنسية الحالية خلال الانتخابات المقبلة. كما أنّ البخل سمة طبيعية لدى الفرنسيين، ما يحجب عن هولاند النوم الهادئ.

من جانب آخر، فإن تردّد هولاند يومياً، يجعله موضع سخرية. فهو يشتهي ويشتكي، وأوباما لا يسمح. أليس هناك بين أصحابه من ينبّهه إلى أن هذا التردّد يشكّل انتقاصاً من شخصيته؟ وأنّ هيبة فرنسا كدولة منتجة للأسلحة أصبحت في الحضيض؟ لأن السوق تقيّم، ليس فقط إمكانية تصنيع السلاح، إنما القدرة على تنفيذ الصفقات، بغضّ النظر عن تبدّل الظروف.

كما يضاف إلى هذا، عدم قدرة هولاند على اتخاذ القرار الحاسم في هذا الشأن. وهذا هو تشويه سمعة السلطات الفرنسية عموماً، وليس في مجال تجارة السلاح فقط. أي لم يعد هذا موضوع «ميسترال» فقط والعلاقات الروسية ـ الفرنسية. إنما يكشف عن مدى قدرة فرنسا في المحافل الدولية وسياستها الداخلية. إن تسوية مسألة «ميسترال» حتى نهاية آب الجاري سيساعد هولاند في إزالة كافة التساؤلات في شأن هذه المسألة. ولكن ماذا لو لم يف بوعده؟

إنّ الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، الذي يطمح للعودة إلى رئاسة فرنسا في الانتخابات الرئاسية المقبلة، سيأخذ هذا الموضوع بالاعتبار في حال تحقّق هذا الطموح، وحتى في حال استمراره في انتهاج سياسة التبعية لأميركا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى