لاكسمان راو… بائع الشاي الهنديّ الذي ألّف 24 رواية!

كتب أشهر بائع شاي في العاصمة الهندية نيو دلهي، مؤلفات باللغة الهندية، وباعها على موقع «أمازون» الإلكتروني لبيع الكتب.

إلى جانب كوب الشاي بالحليب الذي يعشقه الزبائن، فإن لاكسمان راو يحاول أيضاً أن يبيع 24 كتاباً ألّفها بنفسه باللغة الهندية. يملك راو مقهى مفتوحاً، مسجّلاً لدى البلدية، وهو عبارة عن مجموعة من الألواح الخشبية، تحمي سطولاً من المياه وفناجين مصنوعة من الخزف أو الورق، ووعاءً لحفظ الشاي، وسخّاناً يعمل على غاز… كلّ ذلك يضعه راو على أحد الأرصفة في نيو دلهي.

وخارج كُشكه الخاص، يدفع رذاذ خفيف العملاء للجوء إلى الاحتماء تحت شجرة التين البيضاء التي تؤوي أيضاً راو وأدواته لصنع الشاي.

لكن راو يتحدّى تساقط الأمطار ويزيل القماش المشمّع الذي يغطّي الأواني والسخّان، وينهمك سريعاً في إعداد الماء المغلي لصنع الشاي. ويتجمّع الزبائن معاً تحت الشجرة بانتظار فنجان من الشاي والوجبات المقلية الخفيفة. وفي اليوم المعتاد، يكسب راو 1200 روبية 19 دولاراً من خلال بيع 150 فنجاناً من الشاي.

ولد راو في قرية تقع في ولاية ماهاراشترا غرب البلاد، وانتقل إلى العيش في نيو دلهي، التي تعدّ مركزاً لكبريات دور نشر الكتب باللغة الهندية، وذلك عام 1975، لتحقيق حلمه بأن يكون كاتباً.

عمل راو في مجالات عدّة، منها البناء وغسل الصحون، حتى استطاع أخيراً أن يفتتح متجراً لبيع السجائر إلى جانب كُشْكه الحالي لبيع الشاي. وبعد سنوات، تخرّج في الجامعة وتفرّغ لبيع الشاي لأنّ هذه المهنة تدرّ له ربحاً أكثر.

وحصل راو على درجة البكالوريوس في اللغة الهندية، وتقدّم لامتحان نيل درجة الماجستير عن بُعد، وبذل قصارى جهوده لنشر كتبه، لكن جميع اللقاءات مع دور النشر باءت بالفشل نظراً إلى عدم رغبتها في إنفاق أموال على كتب كتبها بائع متجوّل!

استطاع راو نشر روايته الأولى عام 1979، وقال: «الناشرون يتعالون على الناس أمثالي، ويريدون أموالاً لنشر أعمالنا. لا أموال أدّخرها. لذا، قرّرت أن أفتتح دار نشر خاصةً بي».

وتتناول روايات راو ومقالاته السياسية ومسرحياته مواضيع كثيرة منها: تقلّبات الحياة، والكفاح من أجل التغلّب على الفقر المدقع، وملذّات الحياة العادية.

وكانت روايته «رامداس» التي نشرها عام 1992 الأكثر مبيعاً، فهي تبحث في تفاقم العقد في العلاقة بين طالب ومدرّسه من خلال قصة شاب، طالب متمرّد من قرية راو.

عام 1984، تحدّث عضو بارز في حزب «المؤتمر» لرئيسة الوزراء الهندية آنذاك آنديرا غاندي حول كتب راو. وفي غضون أيام قليلة، تلقّى راو دعوة لمقابلة غاندي وقدّم لها بعضاً من كتبه.

وقال راو: «التقيت السيدة غاندي في أيار عام 1984، وقدّمت لها اثنين من كتبي. أعربتُ عن أمنيتي في تأليف كتاب عنها، لكنّها أصرت على أنّ الكتاب يجب أن يتناول عملها أكثر من التعليق على حياتها الخاصة. وكان هذا الاجتماع حافزاً قوياً لي. فكتبت مقالاً عن فترة حكمها بين عامَي 1969 و1972 بعنوان برادا مانتري أو رئيسة الوزراء ، لكنها قُتلت قبل أن ينشر الكتاب. وبعد مقتلها، ألّفت مسرحية عن حياتها، وأعطيتها العنوان نفسه».

ويستخدم راو منصّات إلكترونية لبيع كتبه من بينها «أمازون» و«فلبكارت».

وقال متحدّث بِاسم فرع «أمازون» في الهند: «هناك إقبال جيد على شراء كتب لاكسمان راو على موقعنا، إننا سعداء بأنّ مؤلفين أمثاله وجدوا منصّة مثل منصّتنا لبيع كتبهم».

ويدير هيتيش، النجل الأكبر لراو، تنسيق المبيعات الإلكترونية لكتب والده وأيضاً صفحته على «فايسبوك». لكن، على رغم تحقيق أرقام مبيعات جيدة على المواقع الإلكترونية، فإن راو لا يزال ينتقل بدرّاجته إلى أماكن عدّة لبيع كتبه، وهي ممارسة اعتاد عليها منذ سنوات عدّة.

حاز راو على عددٍ من الجوائز، وكرّمته الرئيسة السابقة براتيبها باتيل. لكنّه حتى الآن لم يتلّقَ دعوة للمشاركة في أّي احتفال أدبيّ في البلاد.

ويقول راو، وهو يسلّم فنجاناً من الشاي لامرأة مشرّدة تنتظر قرب كُشك الشاي: «يلجأ الكتّاب إلى عددٍ من الحيل لتسويق كتبهم وصناعة أفلام ومسلسلات تستند إليها. إنني رجل بسيط. أتلقى جميع رسائلي بالبريد على عنوان هذا الممر. كتبي موجودة في مكتبات المدارس والكلّيات والجامعات في المدينة، ويُطلب مني في غالبية الأحيان أن ألقي محاضرات في عددٍ من المدارس والكلّيات في أنحاء البلاد. ما الذي يمكن أن يبحث عنه كاتب أكثر من ذلك؟».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى