تركيا وإيران تعاكس الخيارات وتلاقي المصالح

إنّ وقف إطلاق النار في مدينة الزبداني القريبة من الحدود السورية مع لبنان وبلدتين أخريين في محافظة إدلب بين الجيش السوري وحزب الله والمسلحين الإرهابيين، وسط أجواء من الاستسلام الذي وقع بين صفوف «جبهة النصرة» و«داعش» في تلك المنطقة، يوجب رضوخ الممولين وقوى الظلّ التي كانت تعاند أي تسليم واستسلام والتي كانت تخرق الهدن السابقة لآمال جديدة قد تخلقها الظروف.

هذه القوى تتمثل صراحة بتركيا، المسؤولة عن حراك تلك المجموعات في المنطقة، والتي كانت على ما يبدو تتلقى توجيهات التصعيد المؤاتية للضغط التركي المقرّر على مختلف الجبهات لإحداث خرق ما على الخط الميداني، وخصوصاً لجهة ما كان مقرّراً كنوع من الاستغلال لأهمية سقوط الزبداني من يد النظام. فماذا يعني اتفاق الزبداني كنقطة تحول في مسار الحرب، وخصوصاً لجهة تأثيره على ما يدور في دمشق وريف دمشق من معارك وعلى جبهة الجنوب، خصوصاً في القنيطرة التي كانت مرشّحة للاتصال بالزبداني وتصبح إمارة «النصرة» والقلمون؟

بلا شكّ، إنّ هذه الهدنة مؤشر سياسي هام للخضوع التركي أو التخلّي عن العناد الحاصل على خط التعاون لمكافحة الإرهاب، وتحديداً قطع طريق المعونات والتغطية التي تمنحها لـ«النصرة» و«داعش»، ما يفسر صحة الرهان الإيراني وهو رهان مزدوج على بناء أسباب القوة لدى الحلفاء من جهة لتحقيق انتصارات، مقابل إبقاء الخط مفتوحاً مع تركيا حتى إذا نضجت تكون الأرضية موجودة. إذاً إيران ورغم لوم بعض حلفائها فتحت الباب لتركيا مكان التسويات وليس للاشتباك، لكن من دون أن تغير موقفها قيد أنملة أو تخضع لأي تلفيق، ودليل على ذلك رسالة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي قاطع زيارة تركيا التي كانت مقرّرة قبل بيروت مرسلاً رسالة سلبية إلى تركيا، فيما استمرت معارك الزبداني وتقدم الجيش السوري وحزب الله وخنق منافذ المسلحين ومحاصرتهم، حتى باتوا بلا ذخيرة، فدخل التركي على خط الحلول متجاوباً، فسحب المسلحين إلى الشمال ودُعي من يرغب منهم إلى الانضمام لتسليم نفسه وتسوية وضعه مع الجيش السوري، على غرار ما جرى في حمص وانسحاب المسلحين نحو الشمال سابقاً.

تركيا التي لم تتجاوب بداية ولم تبد مرونة في العلاقة التي فتحتها إيران معها والوعود الاقتصادية الاستثمارية الهامة في البدء لم تبدل الموقف الإيراني ولم يقاطعها لكن من دون أن يتماشى مع ما تريد وبقي على قناعة بحاجة تركيا لطهران وباليقين أنّ رغبة تركيا ستتغير من المواجهة إلى التسوية.

الاستسلام التركي إلى التسوية في الزبداني يدلّ على سلامة الرهان الإيراني على الخطين معاً، وهو الانتصارات مقابل إبقاء الخطوط مفتوحة ومنح التركي فرصة أن يكون وسيطاً عندما ينهار المسلحون لأنّ حلّ الزبداني سيتكرّر في عرسال ودوما وداريا.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى