منظمتا «مجاهدي خلق» و«جند الله»: الأدوات السوداء! 1

محمد احمد الروسان

ما هي التوظيفات والتوليفات الأميركية المستحدثة، لما تسمى بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية؟ وما هي آليات حلّ أزمة عناصرها، في معسكر «أشرف» في العراق؟ فهل تتموضع الرؤية الأميركية، في عمليات توزيع عناصر هذه المنظمة على الساحات السياسية الحليفة لواشنطن في المنطقة؟ وفي حالة أنّها كانت كذلك، من سيتولى نقل العناصر؟ ما هو الدور الجديد لهذه العناصر، والتي تتهمها العاصمة الأميركية واشنطن دي سي بالإرهاب، وتضعها ضمن قائمة الحركات الإرهابية؟ هل سيكون لجلّ عناصر ما تسمى بمنظمة مجاهدي خلق، أدوار في فعاليات العمليات السريّة بالوكالة، عن الولايات المتحدة الأميركية، وبعض أطراف إقليمية وعربية، إزاء الحدث السوري، وإزاء جلّ الساحتين الإيرانية والعراقية؟ هل ستكون السعودية وباكستان وأذربيجان والدوحة درة الغرب ، ساحات احتواء وتوظيفات وتوليفات، وإعادة شحن وتصدير لهذه العناصر من جديد؟ ما تسمى بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، أميركيّاً هي منظمة إرهابية بامتياز، لكن السؤال الذي يحفّز العقل على التفكير، في جلّ هذا الاعتبار الأميركي المعلن، يتيح ويقود إلى تساؤل جوهري، يتيح الوصول إلى الغير معلن في الرؤية الأميركية لجهة منظمة خلق الإيرانية وهو: لماذا سعت وتسعى أميركا باستمرار، إلى الحفاظ على أمن واستقرار وسلامة عناصر هذه المنظمة؟ لماذا تطوّرت وتزايدت وتائر التعاون المطلق، بين وكالات مجتمع المخابرات الأميركية المختلفة، وعناصر ما تسمى بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية؟ ماذا عن العمليات الآنفة التي نفذتها، بنجاح عناصر هذه الجماعة الإرهابية، في الساحة الإيرانية والساحة العراقية؟ لماذا تسعى واشنطن إلى توزيع عناصر هذه الجماعة، على المناطق الجغرافية المتاخمة لإيران مثلاً، إنْ لجهة الجغرافية الأذرية باكو، وانْ لجهة الجغرافية الباكستانية إسلام أباد، وانْ لجهة السعودية وقطر، المطلتان على إيران عبر مياه الخليج؟ هل تنجح المحاولات الأميركية، في توزيع جزء من عناصر هذه المنظمة، لجهة المنطقة المتاخمة لسورية، إنْ لجهة جنوب سورية، منطقة الحدود الأردنية السورية رفض أردني قاطع وواضح وتمّ إبلاغ الأميركان به ، وانْ لجهة شمال سورية، منطقة الحدود التركية السورية هل ثمة قبول تركي جريء لذلك؟ في المعلومات، الأردن رفض ويرفض وبشكل قاطع، استقبال أي عنصر من عناصر هذه المنظمة، وعلى الأغلب اليقين، لن يكرّر تجربة بدايات عقد التسعينيات من القرن الماضي، كون ذلك من شأنه أن يؤثّر، على مجمل ما يبذل من جهود لتطوير العلاقات الشاملة، على خط عمّان طهران، والأتراك ما زالوا يدرسون استقبال جزء منهم، في المناطق التركية المتاخمة لشمال سورية، لتوظيفات لاحقة لهم. من جهة أخرى لا توجد معلومات مؤكدة، تشير إلى قبول الدولة اللبنانية، استضافة جزء من هذه العناصر، عناصر ما تسمى بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، واستقبالها في الشمال اللبناني على وجه التحديد، وانْ تمّ ذلك فحزب الله موجود ويتكفّل بها.

الغرب لا يفهم إلاّ لغة المصالح والاقتصاد، لذلك قرّر باراك أوباما بإيعاز من البلدربيرغ الأميركي جنين الحكومة الأممية وعبر إدارته حكومة الأوتوقراطية الأميركية وذراعها العسكري المجمّع الصناعي الحربي، تعديل الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط من خلال الرهان على التقارب مع إيران من مدخل ملفها النووي، كمقدّمة لتحسين علاقات بلاده معها ومحاولة إحداث التغيير الهادئ من داخلها، تنفيذاً لتوصيات مجتمع المخابرات الأميركي ومفاده: أنّ مفتاح التغيير في المنطقة يمرّ من البوّابة الإيرانية، وأنّه لا حلّ لاحتواء إيران سوى الانفتاح عليها والرهان على مخطط تثويري بعيد المدى لزرع ثقافات الماكدونالد بديلاً عن ثقافات الثورة، في وجدان وعقول الأجيال القادمة في إيران نفسها، واللعب بالطبقة الوسطى الإيرانية والتغلغل داخل مفاصل الدولة الإيرانية للتفجير الناعم لها من الداخل، فالتطبيع مع إيران هو إحدى آليات تنفيذ هذا السيناريو. إذاً هذا الهدف الاستراتيجي يؤكد أنّ التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران والتسليم لها بحقوقها دون مقابل يذكر سوى تنازل إيران في الهوامش للغرب هو حاجة أميركية في الأساس، فتمّ الشروع في مذهبية الاستثمار في الجزرة النووية الإيرانية لاحتواء إيران والنفاذ إلى دواخلها، ضمن استراتيجية كاملة وشاملة تصلح لعقود، ومن ثم إعمال أدوات التخريب الناعمة حتّى تعطي ثمارها على المدى البعيد، وقد يكون هذا هو السبب الرئيس لمعارضة الحرس الثوري الإيراني والجناح المحافظ للاتفاق النووي مع السداسية الدولية حتّى اللحظة.

تتحدّث المعلومات والمعطيات الجارية، أنّ جون برينان مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية والذي عمل في السابق كمدير محطة لـ«سي أي آي» في دولة عربية إقليمية جارة لإيران ، يجهد ناشطاً في هذه الآونة، وبالتنسيق مع رئيس مجمّع الاستخبارات الفدرالي الأميركي، في محاولة لخلق وتأسيس، لمذهبية استخباراتية جديدة، في الولايات المتحدة الأميركية، ما بعد الاتفاق النووي الإيراني والذي ينتظر التسييل التشريعي إنْ لجهة كواليس أروقة وغرف تشريع الكونغرس الأميركي، وانْ لجهة مجلس الشورى الإيراني ولجانه وغرفه التشريعية والسياسية المساندة، تهدف هذه المذهبية التي يُراد خلقها أو تخليقها، الى دفع شبكات المخابرات الأميركية المتعددة، إزاء تغيير أسلوبها الحالي، واستبداله بأسلوب مستحدث جديد يقوم على مفهوم: «الاستخبارات الانتقائية»، بعبارة أكثر وضوحاً، أيّ إعداد التقارير الاستخبارية، التي تعتمد الوقائع والأدلة، التي من شأنها دعم توجهات الإدارة الأميركية الحالية والمقبلة أيّاً كانت، وفقاً لما أطلق عليه، المحافظون الجدد الحربائيون: «التقارير المواتية» التي تتيح، تعزيز رؤية وطموحات وتطلعات، القيادة السياسية الأميركية، ومن ورائها الأيباك «الإسرائيلي»، إزاء الملف السوري بتشعّباته المختلفة، وارتباطاته بالساحة اللبنانية، وإزاء الملف الإيراني، ومجالاته الحيوية تحديداً، مع اشتباكات مخابراتية انتقائية جديدة، في ملفات: باكستان، الهند، أفغانستان، أسيا الوسطى إلخ…

ولمّا كانت التقارير الاستخبارية، ذات العلاقة بالتخمينات والمؤشرات وتقديرات المواقف السياسية، تلعب دوراً رئيسياً ومهماً، في صناعة القرار أولاً، ومع نهايات الثواني والدقائق الأخيرة الحاسمة، وقبل صدور القرار، مع ما تؤكده معطيات الخبرة العملية، لعملية صناعة واتخاذ القرار الاستراتيجي، لجهة أنّه كثيراً ما تتضارب التقارير المخابراتية، مع توجهات القيادة السياسية، وخير مثال على ذلك: التطورات الجارية والتي تضمّنت عملية بناء الذرائع ضدّ سورية، وعلى أساس بنك الذرائع المخلّقة في مطابخ الأطراف الخارجية، ومنها افتراض وجود برنامج نووي سوري بالتعاون مع كوريا الشمالية وإيران، والعمل جار على إحالته الى مجلس الأمن الدولي، مع تصعيدات للحدث السوري خارجياً وداخلياً، مع محاولات جديدة بأداة إقليمية، لإنشاء منطقة عازلة على الحدود التركية السورية و/ أو في الجنوب السوري، كذلك مشروع الضربة العسكرية ضدّ إيران، والذي ما زال حاضراً على الطاولة رغم توقيع الاتفاق النووي والبدء بعملية التطبيع الناعم مع الداخل الإيراني لتفجير إيران من الداخل أو لإضعافها بالمعنى الاستراتيجي مجتمع المخابرات الإيراني متحوّط لكلّ ذلك، ويمارس التعاطي الحازم والعميق ولكن بهدوء ودون أي ضجّة، فالإيرانيون يتمتعون بحسّ استخباري هائل وعميق ، وهو من أبرز النماذج الراهنة لعملية، تضارب التقارير المخابراتية، مع توجهات القيادة السياسية. وتتحدث المعلومات، أنّ هناك حربا باردة طاحنة، بين شبكات المخابرات «الإسرائيلية» من جهة، وشبكات ووكالات المخابرات الأميركية من جهة أخرى، والمنضوية ضمن مجمّع الاستخبارات، إزاء الملفين السوري والإيراني، رغم نقاط التوافقات والتساوقات الكثيرة بينهم، والمعلنة للجميع.

وتقول معلومات الخبراء وتؤكد الحرب الباردة بين المخابرات العبرية والمخابرات الأميركية، من الصعب التكهن بنتائجها، وذلك بسبب الروابط السياسية الوثيقة، بين النخب السياسية «الإسرائيلية»، والنخب السياسية الأميركية، ورغم محاولات مستميتة للكيان العبري سابقاً وحالياً، بالقيام بعملية تغلغل شاملة داخل أجهزة المخابرات الأميركية، من أجل بناء: لوبي اسرائيلي استخباري نوعي، داخل مفاصل أجهزة المخابرات الأميركية، لكنها لم تستطع حتّى اللحظة، تحقيق هذا الهدف الفوق استراتيجي، كما تقول وتؤكد معلومات الخبراء الاستخباريين الأمميين، الأمر الذي دفع شبكات المخابرات العبرية، وعلى رأسها «الموساد»، الى اللجوء لاستخدام عناصر بشرية موثوقة، من إيباك، والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، لمنافسة شبكات مخابرات العاصمة الأميركية واشنطن دي سي، على إحدى أدواتها في الداخل الإيراني، وأقصد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، أو «المنافقون» وحسب التسمية الإيرانية الرسمية، وكذلك منظمة جند الله الإيرانية.

الولايات المتحدة الأميركية والقوى الغربية، تعمل بقوّة على نشر الفتن، واحداث صراع إيراني إيراني داخلي وتعميقه، وتدفع بعض الأدوات الغربية والأميركية، في الداخل الإيراني، على رفع شعارات معادية للنسق بشكل عام، ولثوابت نسق الثورة الإسلامية الإيرانية بشكل خاص، والعمل على الإطاحة بنسق الثورة الإسلامية، واستبداله بنظام علماني ليبرالي، على غرار الأنظمة الرأسمالية الغربية. وفي تقديري فإنّ القوى السياسية الإيرانية المعارضة، تمتاز بالضعف لاعتمادها على الدعم الأميركي، بالإضافة الى عدم تمتعها بالدعم والسند الشعبي الداخلي، الأمر الذي قاد وجعل من هذه القوى، مجرد حركات موجودة في الخارج، وبعض العواصم الأجنبية، ولو حاولنا استقراء ملامح خارطة طريق الصراع الإيراني الإيراني، الذي تعمل على انتاجه وتسويقه واشنطن، وعبر شبكات مخابراتها وأدواتها، ان لجهة الداخل الإيراني، وان لجهة الخارج الإيراني، لوجدنا أنّ الحركات الإيرانية الدينية، ظلّت أكثر ميلاً للعمل داخل وضمن ثوابت نسق الثورة الإسلامية الإيرانية، أمّا الحركات العلمانية اليسارية، والليبرالية، فبقيت عملياً خارج دائرة الصراع والتنافس، فهي موجودة شكليّاً ولا تتمتع بأيّ وجود عملي ميداني وحقيقي، وبرغم ذلك، ستبقى هذه الحركات مصدراً للخطر على النسق الإيراني الثيوقراطي، اذا ما تحوّل التيار الإصلاحي، باتجاه الانضمام والتحالف معها.

محام، عضو المكتب السياسي

للحركة الشعبية الأردنية

www.roussanlegal.0pi.com

mohd ahamd2003 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى