فؤاد سليمان الذي لا يتصنّم في حجر

مي الأيوبي

أن تختصر الرفيع في ساعة، فذلك بعضٌ من ظلم. وأن تستمع قوالٍ من هنا وهناك، وتردادٍ لعناوين ما كَتَب، فذلك اختصار مجحف رثٍ عظيمٍ كالذي تركه فؤاد سليمان بين أيدينا. لكنّه الزمن، يُبهِت صوَراً ويُهدِّئ ألماً.

عصر السبت الماضي، وصلتُ إلى فيع، بلدة ا ديب فؤاد سليمان، التي يمكنني الوصول إليها سيراً على قدمَي من قريتي بشمزّين، مروراً بسكني في عفصديق.

على مشارف الساحة، حيث النُّصُب التذكاريّ، داخلتني قشعريرة المؤمن بالحَرف واللفظ والتعبير. مجموعة من المريدين، من محبّي ا دب والتوّاقين لإعطاء المفكّر حقّه، توافدوا فرادىً وجماعات، وساد الساحة سكون الانتظار.

ا علام كان موجوداً بخجل. والحضور «تموسع» بحسب الرغبات والتوق. والكلمات تراوحت بين ا شادة با سلوب ومديح الرسائل، وبعضها تمحور حول البناء اللغويّ، وكان فيها شيء من الخجل حول ما يخصّ انتماء فؤاد سليمان ا ثير إلى النهضة القومية الاجتماعية.

فؤاد سليمان واحد من كبارنا، ممّن حفظوا تراث لغتنا وأغنوا ثقافتنا. كان هناك ينتصب في تمثال أصمّ، بينما روحه تحلّق فوق كلّ من آمن بفكره وتشكّل عصفاً في الوجدان لا يهدأ و يتصنّم في حجر.

لكن الاحتفال كان رمزياً بامتياز. وحيويته جاءت مِن أسماء مَن تحدّثوا عن فؤاد سليمان. الدعوة كانت إلى رفع ستارة عن نُصبٍ لعظيمٍ من بلادي، عن أديب يكشح غبار الزمن ويغلب النسيان.

فؤاد سليمان، الذي فعلَ في النهضة القومية الاجتماعية تماماً كما فعلت هي فيه، سيبقى حيّاً طالما بقي كتاب وقلم وفكر، وعرفان بالجميل لكلّ مساهِمٍ في الحفاظ على تراثنا ونهضتنا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى