كتاب مقدسي مفتوح لـ«قادة» العرب: قضيتي لا تليق بمغازلاتكم

راسم عبيدات

يا أصحاب الفخامة والجلالة والسمو من زعماء هذه الأمة، نحن المقدسيين لا نريد أن نقلق منامكم، أو نخرجكم من مخادع عشيقاتكم، فنحن نعرف حجم المهام والمسؤوليات الملقاة عليكم، نحن ندرك بأنّ لكم معارككم ومنازلاتكم الكبرى، ومن غير المعقول أن نشغلكم في قضايا «صغيرة» كقضية القدس أو الأقصى، بل عار علينا حتى التوجّه لكم ومخاطبتكم ومناشدتكم بهذا الخصوص؟ فهل من المعقول أن نهدر وقتكم الثمين والذي قد يكون من نصيب منازلة أو مغازلة مع شقراء؟ ولربما هناك صيد ثمين بأن تلقي طائراتكم حممها فوق أطفال اليمن، أو يسارع «جهاديوكم» لتفجير أنفسهم في بيوت الله، لكي يسرعوا الوصول للحور العين، ولو أنّ الله يسرع بجمعكم معهم في سَعير، أو يقوموا بهدم حضارة عمرها آلاف السنين كحضارة سومر وتدمر وغيرها.

«زعماء» الأمة! لا تقلقوا فأنتم خير من أفسدها وأذلّها وتفنّن في قمعها وتجويعها وتجهيلها، فأجهزة الأمن خاصتكم خبيرة في التعذيب والتشويه والقتل، ولولاها كذلك لما نالت أوسمتكم ونياشينكم، ولما تربّعتم أنتم على عروشكم، تنهبون الخيرات والثروات، وتحوّلون بلدانكم إلى إقطاعيات ومزارع خاصة بأسركم وعائلاتكم.

حوّلتم شعوبكم إلى «هتيفة» و«سحيجة» ليس لإنجازات علمية وتكنولوجية، أو انتصارات عسكرية، بل يهتفون ويسحجون في أعياد ميلادكم، وأعياد تأسيس جيوشكم، وفي مسابقات خيولكم ونياقكم.

لا داعي، «زعماء» هذه الأمة، أن تستدعوا سفراءكم من دولة الاحتلال، أو تطلبوا من سفرائها مغادرة عواصمكم، فوجودهم في عواصمكم لخدمة «قضايا الأمة»، أو أن تقطعوا علاقاتكم العلنية، وليس السرية معه، والتي باتت معروفة ومكشوفة، فعوراتكم حتى ورقة التوت لم تعد صالحة لسترها.

ولكن واجب علينا من قدس الأقداس، ومن مسرى الرسول وقبلة المسلمين الأولى المسجد الأقصى، أن نقول لكم ليس كما قال الشاعر العروبي العراقي الكبير مظفر النواب بأن «حظيرة خنزير أطهر من أطهركم»، بل جديلة طفلة مقدسية ومنديل مرابطة أو عصبة ثائر مقدسي، هي تاج على رؤوس قياداتكم وجيوشكم التي لم تنل تلك الرتب والنياشين والأوسمة المثقلة بها أكتافها وصدورها بها في معارك عزّ وشرف وانتصارات مظفرة، بل لقاء الدفاع عن عروشكم وقمع شعوبكم وقتل معارضيكم.

نحن في القدس، نقول لكم: اطمئنوا بأننا رغم كلّ القمع والبطش والتنكيل الصهيوني، فإنّ كرامتنا هي أعزّ ما نملك، وأقصانا لن يسقط كما سقطت عاصمة الرشيد بفضل «حفر باطنكم» وخسّتكم ونذالتكم، واطمئنوا بأنّ مؤامراتكم ولقاءاتكم السرية لن تفلح في تشريع تقسيمه، ونحن نعرف بأنّ تصريحاتكم وبيانات شجبكم واستنكاركم المعهودة، ليست أكثر من لغو فارغ لا يساوي قيمة الحبر الذي تُكتب بها.

اطمئنوا يا «زعماء» الأمة، أموالكم اصرفوها على تدمير وتخريب سورية والعراق واليمن وليبيا، وقتل شعوبها، وتشريدهم في المنافي وبلاد الغرب، ونساؤها اغتصبوهن وبيعوهن واشتروهن في سوق النخاسة، واختاروا العذراوات منهن لكبار شيوخكم وأمرائكم المصابين بنهم الجوع الجنسي، وأرسلوا كلّ احتياطكم البشري من التكفيريين والمهووسين والإرهابيين لكي يصبحوا خبراء في جزّ الرؤوس بالسواطير وبقر البطون وشق الصدور وأكل الأكباد وجلد الظهور ونبش القبور، وحرق الأجساد وتفخيخها بطرائق وحشية لم يشهدها التاريخ البشري لا قديماً ولا حديثاً.

نحن لسنا بحاجة لجيوشكم ولا أموالكم، فأنتم مجرد حراس عليها لا تملكون حق إعطاء الأوامر للجيوش أو التصرف بالأموال بدون موافقة أسيادكم في واشنطن والسفارات الغربية.

أمتنا ستبقى ذليلة مهانة ما دمتم تتربعون على عروشها، تعانون من عقدة «الارتعاش» السياسي الدائمة، وما زلتم تدعون وتؤمنون بثقافة الاستنعاج واستدخال الهزائم على أنها انتصارات، وكيف لمستدخل للهزيمة أن ينصر أو ينتصر لأقصى أو قدس…؟

لا تقلقوا بشأن مصيرنا، فأنتم منذ النكبة وحتى اليوم حراسٌ على دولة الاحتلال، وجزء من المؤامرة على شعبنا، ولو تحرّر شعبنا من مؤامراتكم وتجاذباتكم، لتمكّنا من تحرير فلسطين واسترداد حقوقنا، ولكنكم وجدتم في قضية شعبنا ومأساته «بقرة» حلوباً، ومنبراً لكلّ مزايداتكم وخطاباتكم، فمن يريد أن يقمع ويحكم شعبه، فباسم أنه جاء لكي يحرّر فلسطين والأراضي المحتلة، يريد أن يحصل على شهادة الحاكم الوطني والقومي والعروبي والمعادي للإمبريالية والصهيونية، وهو من قمة رأسه إلى أخمص قدميه منغمس في الخيانة والتآمر على قضايا الأمة وشعبه.

أنتم لن تنالوا لا رتباً ولا نياشين من القوى الاستعمارية جرّاء تخاذلكم وخياناتكم، فبعد مشاركتكم في اغتصاب بغداد، ويوم أعدم الأميركان الرئيس صدام حسين في يوم عيد الأضحى، قال لكم الرئيس الراحل العقيد معمر القذافي سيأتي الدور عليكم وستواجهون المصير نفسه، وحتماً ستواجهون المصير نفسه، رقصتم طرباً وهلّلتم من أجل سقوط دمشق، ولكن دمشق عصية على الكسر والسقوط، هي قلعة العروبة وقبلة كلّ الثوريين والمقاومين، هي ستسقطكم وستهزّ وتدكّ كلّ عروش الخونة والمتآمرين منكم.

القدس يا «زعماء» الأمة لن تعدم لا شبابها ولا نساءها ولا اطفالها، هؤلاء الأطفال الذين يقاتلون ويقارعون الاحتلال بحجارتهم وصدورهم العارية، تمرّسوا في النضال والكفاح لم يجبنوا ولم ترتعد فرائصهم من جنود الاحتلال ومستعربيه المدججين بكلّ أنواع السلاح، بل هم يقارعونهم بحجارتهم كلّ يوم، لا يأبهون لسجن او سجّان، بل شارات نصرهم مرفوعة دائماً من خلف القضبان، اما انتم فبولوا في ملابسكم الداخلية، ففرائصكم تعوّدت على الارتجاف، لأنكم فقدتم إرادتكم وكلّ معاني الرجولة وحتى الفحولة، فلا قدسنا ولا أقصانا بحاجتكم وبحاجة عنترياتكم الزائفة.

Quds.45 gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى