روسيا استعدّت لكلّ الاحتمالات واستخبارات «النصرة» تتحدّى

بدخول روسيا الى العمليات العسكرية في سورية تفتتح المنطقة مرحلة جديدة لمشهد ساد طيلة ما يقارب السنوات الخمس. فمع الوعد الروسي بما يشبه تحدياً لفشل الحلف الأطلسي والتحالف الدولي وكلّ ما يمتّ إلى سياستهما بصلة بالتقدّم نحو القضاء على الإرهاب، ومع حصر الاستخبارات الأميركية العمليات بين عشر سنوات و30 سنة، كما قال رئيسها السابق ليون بانيتا، تكون روسيا قد قلبت الطاولة بالمدّة الزمنية القصيرة جداً، والتي تمتدّ لأشهر لإحداث نتيجة واضحة في القضاء على معظم البؤر الإرهابية في سورية، وبالتالي عليها أن تستعدّ وتتوقع كلّ ما قد يصدر عن هذه الأطراف لأسباب ومعطيات عدة:

أولاً: تضع روسيا الدول الكبرى أمام إخفاق كبير في أجهزتها الأمنية الوطنية وتقديراتها التي توجّهت نحو استحالة القضاء على الإرهاب بهذه السرعة، وبالتالي فإنّ أيّ نجاح روسي هو خلل في مكان ما وقع في أجهزة تلك الدول، أو هو وهم يُباع لشعوبها من أجل تمرير خطط وتصفية حسابات داخلية وخارجية. وعلى هذه الحال فإنّ أحلاهما مرارة بحجم إخفاق أمني خطير.

ثانياً: على روسيا أن تتوقع موجة جدية من الاعتداءات عليها وعلى مصالحها في كلّ العالم، وعلى ما يبدو فهي قد استعدّت لكلّ هذا قبل الشروع في إرسال قواتها إلى سورية، وبالتالي فإنّ روسيا ترسل رسالة لمن سيحاول بذل جهود ردعها عن الخطوة أنها مستعدّة للتضحية ودفع ضريبة معينة تعرف أنها مقبلة، لكنها تعرف أنّ الدافع إلى ذلك استراتيجي يضمن أمنها القومي وأمن شعبها ومصالحها مستقبلاً، بالمقارنة مع ما يمكن أن يسبّبه تفشي الإرهاب فيها والوقوف متفرّجة، وها هي تُستهدف بسفارتها في أفغانستان بتفجير إرهابي كأولى الرسائل…

التحدي الروسي المقلق والذي لم يعد تقارير مسرّبة، بل أصبح واقعاً عسكرياً عالي المستوى والخبرات، يشكل بالنسبة إلى الدول الداعمة للجماعات الإرهابية المسلحة أخطر تحديات القرن، فدول المنطقة لم تعتد على أيّ عمل عسكري منذ عقود ولم تعتد على أيّ دخول أجنبي إليها، وبالتالي فإنّ هذا الدخول الروسي المؤكد اليوم قد لا يكون خروجاً مؤكداً وسريعاً غداً، وربما يصبح وجوداً نافذاً وممتداً ومؤثراً على كلّ الدول المجاورة لسورية، ليصل إلى أكثرها تضرّراً في هذا الإطار، وهي تركيا والكيان «الإسرائيلي» ومعهما دول الخليج المموِّلة سياسات الإرهاب والتي سعت للاستفادة من نجاحها بفارغ الصبر واستثمارها نفوذاً جدياً.

يظهر تحدّي الاستخبارات الإقليمية جلياً على ما أعلنته «جبهة النصرة» من عرض لافت يجب أن يؤخذ بعين من الجدية الكبرى فقد حدّدت مكافأة 21 مليون دولار، حسب شبكة bbc البريطانية لكلّ من يستطيع أسر جنديّ روسيّ، وبالتالي فإنّ الجماعات المسلحة تعتقد أنها بلجوئها إلى هذا التهديد قد تردع الروس، وفي هذا رسالة من المموّلين مفادها أنهم ما زالوا مستعدّين للمواجهة بأيّ ثمن، وتؤكد بطبيعة الحال أنّ جبهة النصرة هي الجهة الأكثر خطورة وامتداداً سياسياً والتي يجب قتالها لتحقيق انتصار جدي يقلب الطاولة على الأرض السورية وينهي طموحات مموّلي الإرهاب وداعميه بين خليجيين وأتراك نهائياً…

روسيا تتحدّى، لكنها أعلنت استعدادها لكلّ الاحتمالات لا بل للتضحيات…

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى