سعاده في المغترب القسري 1938 ـ 1947 ٤

لبيب ناصيف

زواج سعاده

عاد سعاده من كوردوبا ليتابع اتصاله بالرفيقة جولييت المير راح سعاده يدعوها «ضياء» التي تقول في مذكراتها ص 64: « لم نخف حبّنا لبعضنا ورغبتنا بإنشاء البيت الجديد الذي ساعد أفراد عائلتي جميعهم بتجهيزه خصوصاً شقيقي جورج الذي أراده أن يكون كما نرغب».

في أوائل سنة 1941 1 تمّ عقد زواج سعاده إلى الرفيقة جولييت وانتقلا للإقامة في منزل في إحدى ضواحي بيونس آيريس، يطلّ على أكبر حديقة عامة في العاصمة الأرجنتينية، هناك بدأت حياتهما سوياً. وكان سعاده قد عقد خطوبته على الرفيقة جولييت المير في 30 أيلول 1940، وهذا ما توضحه الأمينة الأولى في مذكراتها، الصفحة 62.

كانت الأمينة الأولى تعمل في مستشفى قريب من البيت. العمل فيه لثماني ساعات متواصلة، فيما سعاده أيضاً في عمل متواصل. « كان النهار مليئاً بالأعمال مع الأعضاء والجريدة ومتابعة شراء الورق وتصحيح المقالات في الزوبعة وكثير من الاجتماعات الخاصة مع بعض المواطنين فيعود في المساء ليبدأ الكتابة التي كانت تأخذ من وقته ساعات» 2 .

في 17 كانون أول 1941 ولدت الابنة البكر، صفية، وكانت رحلات الزعيم في داخل الأرجنتين لتفقد الفروع تأخذ قسماً كبيراً من وقته، ما يضطره لأن يتغيّب لمدة شهر أو أكثر، فكان على الأمينة الأولى أن تهتم بعملها في المستشفى، في البيت، وفي متابعة الأعمال الحزبية التي كان يكلّفها بها سعاده، كإرسال «الزوبعة» إلى المشتركين وجمع مجموعات منها، واتصالات» 3 .

كان الحزب ينمو ويتّسع انتشاره، « كانت الفروع في أنحاء كثيرة من بيونس آيريس تزداد نشاطاً وحماسةً، وقد شاهدت عائلات كلها منضوية في الحركة وتعمل بنظام وتفهّم بديع» 4 .

وراح سعاده يبدي اهتمامه بالشبيبة من أبناء الجالية خصوصاً بعدما تمكن من اللغة الإسبانية وبدأ يتحدث بها بطلاقة، كذلك راح العمل في «الجمعية الثقافية السورية» يشهد حركة نامية على صعيد المحاضرات والاتصالات مع شخصيات وصحافيين أرجنتينيين ومع أبناء الجالية 5 .

كما تصدى سعاده للفتنة الطائفية في بيروت عام 1937 عندما وجه فرقاً قومية اجتماعية إلى أحياء الأشرفية، الجميزة، والبسطة تحول دون تفاقم الفتنة، فقد تصدى في الأرجنتين أيضاً لفتنة دينية عندما راح البعض يعمل لأن يكون لأبناء الجالية المحمديين، حيٌّ خاص بهم في العاصمة بيونس آيريس. وقد نشر سعاده مقالاً على حلقتين في «الزوبعة» بتاريخ 15 كانون الثاني 1942 وأول شباط 1942.

الأول من آذار 1942

احتفال الأول من آذار 1942 كان حاشداً ومعبّراً عن اتساع انتشار الحزب في بيونس آيريس، وغيرها من مناطق الأرجنتين، فالبرقيات التي تُليَت وردت من رفقاء توكومان، سانتياغو، كوردوبا، فرقمينه، سان خوان، كما من مناطق الاغتراب الأخرى، أفريقيا، المكسيك، تشيلي، الولايات المتحدة الأميركية، البرازيل، جزر الكناري. تكلم في الاحتفال الرفيقان سليم خبّاز وإبراهيم الأفيوني، الشاعر كامل فضول، واختتم سعاده الاحتفال بخطاب شامل، جاء فيه: « إن الأشخاص يجيئون ويذهبون ويتبدلون ولكن العقيدة هي الأساس الراسخ الثابت على الأيام والسنين والعقود والأجيال. فحين الاختيار بين العقيدة والنظام من جهة وفرد أو أفراد من جهة أخرى نحن لا نتردد في التمسك بالعقيدة والنظام وترك الأفراد لمصيرهم».

اعتمد سعاده في فروع حزبية منشأة كثيرة، تكليف لجنة إدارية موقتة للفرع الحزبي، حتى إذا انتظم العمل أنشأ مديرية وعيّن لها مديراً. هذا ما نجده، كمثال، في المرسوم الصادر بتاريخ 24 نيسان 1942 بحل اللجنة الإدارية الموقتة لفرع الحزب في مدينة كوردوبا، كمادة أولى، أما المادة الثانية فقد نصّت على أن «يكتسب فرع الحزب رتبة المديرية»، وقد تعين لها الرفيق يوسف رحمون العيطة مديراً.

ما تجدر الإشارة إليه هو القرار الذي اتخذه سعاده في شأن عضوية الرفيق كامل عواد الذي كان تعين مديراً لمديرية توكومان، بعد أن أوضح لسعاده في رسالة وقبل ذلك في لقاء معه أنه يؤمن بالعقيدة القومية ويود خدمتها إنما من دون تقيّده بالنظام. القرار الصادر في 22 حزيران 1942 نص في مادته الأولى «تسقط عن الرفيق كامل عواد واجبات القسم النظامي من اليمين القومية من دون أي مساس بالقسم العقائدي من اليمين المذكور، وبدون أي تعطيل لأية ناحية من نواحي اليمين إلا الناحية النظامية».

والمادة الثانية: يعتبر الرفيق كامل عواد سورياً قومياً من درجة محبّذ.

الصراع الفكري في الأدب السوري

بتاريخ 15 آب 1942 بدأ سعاده نشر سلسلة مقالات في موضوع الأدب انطلاقاً من إطلاعه على 3 رسائل كانت نشرت في مجلة «العصبة» سان باولو في شباط 1935 تدور حول ديوان «الأحلام» للشاعر شفيق معلوف، انتهت سلسلة المقالات بتاريخ أول كانون أول 1942. وبتاريخ 15 منه كتب سعاده مقدمة الكتاب الذي اشتمل على المقالات وأصدره عام 1943 في بيونس آيريس تحت عنوان «الصراع الفكري في الأدب السوري».

إلى جانب الانتشار الجيد للحزب، كان على سعاده ألا يواجه فقط العناصر الفاسدة التي تسرّبت إليه، فيقصيها، إنما أن يواجه الحملات ضده وضد حركته النهضوية في بعض أوساط الجالية التي وصفها بالقول: «قد لا يكون بين الجوالي السورية في المهجر الأميركي جالية بلغت من التحجّر والعصيان على عوامل التطوّر الاجتماعي القومي ما بلغته الجالية السورية في الأرجنتين» 6 .

لقد اضطر سعاده بعد الحملة التي شنّتها بعض الصحف وبعض الأشخاص في الجالية وامتناع مطبعة جريدة «السلام» من طباعة «الزوبعة»، إلى طلب أحرف عربية صغيرة من رفقائنا في البرازيل والتعاقد مع مطبعة بولونية شرط أن يكون العمل في المطبعة بعد منتصف الليل. وكانت هذه الماكينات من اللينوتيب أي أنه كان على الزعيم أن يتعلّم الطباعة على تلك الآلات لصفّ الجريدة ولم يكن يعرف هذه المهنة من قبل» 7 .

في رسالته إلى الرفيق يعقوب ناصيف خوخوي، الأرجنتين بتاريخ 28 حزيران 1943 يقول سعاده واصفاً وضعه: «آخر صعوبة اجتزتها كانت صعوبة إيجاد عامل على اللينوتيب لصب حروف «الزوبعة» بعد أن اشترينا الأمهات واتفقنا مع مطبعة أجنبية. وبعد الجهد وجدت عاملاً يمكن الاعتماد عليه. ولكنه كان غريباً بالكلية عن هذا العمل، ومع ذلك لم يكن بدّ من الاستناد إليه. فأتى إلى المطبعة واستوضح عن كيفية العمل على الآلة وحركاتها وأخذ يعمل. وأحياناً اضطر أن يعمل الليل كله، فضلاً عن عمل النهار ليصدر العدد الممتاز المخصص لأول آذار. وهكذا أمكن صدور العدد، هذا العامل الجديد هو: أنطون سعاده».

على رغم كل العراقيل والصعوبات استمر «سعاده» في إصدار «الزوبعة» وقد حفلت أعدادها بالمقالات التي أغنت فكر الحزب وتراثه. تلك نشرت في «الآثار الكاملة»، وتشكل مرجعاً لكل دارس لعقيدة الحزب ولتاريخه، كما لمواقف سعاده الواضحة من كل المسائل التي تواجه قضية الأمة. منها، على سبيل المثال مقالته «حالتنا الداخلية تجاه بعض قضايانا الخارجية» 8 وقد نشرت في «الزوبعة» بتاريخ 12 آب 1944، ومقالته «نفوذ اليهود في الفاتيكان» المنشورة في 4 أيلول 1944.

ليس هناك ما يوضح تاريخ تعيين المسؤولين الحزبيين في بيونس آيريس وخارجها سوى ما يمكن تسجيله عن رسائل سعاده، وهذه تقدم بعضاً من معلومات إنما لا تكتب تاريخاً، وهو ليس شأنها من ذلك.

من رسائل سعاده في العام 1944 يتضح أن الرفيق إبراهيم الأفيوني يتولى مسؤولية منفذ عام بيونس آيريس، والرفيق خليل الشيخ الأمين لاحقاً مهام رئاسة الجمعية الثقافية السورية في بيونس آيريس 9 . قبل ذلك أشار سعاده في رسالته إلى الرفيق يعقوب ناصيف بتاريخ 22/1/1944 أن الرفيق جواد نادر يتولى مسؤولية ناظر إذاعة المنفذية، ولاحقاً عين الرفيق خليل الشيخ منفذاً عاماً لمنفذية بيونس آيريس مع بقائه رئيساً للجمعية السورية الثقافية 10 .

على رغم كل أعماله، فقد كان على سعاده أن ينتقل ليلاً إلى المطبعة وسط بيونس آيريس كي يعمل على طباعة «الزوبعة». في مذكراتها تقول الأمينة الأولى 11 : «كان بيتنا في ضواحي المدينة، والمطبعة تقع في وسط العاصمة. وبعد منتصف الليل يصبح التنقل صعباً بسبب قلة عدد السيارات والباصات. وكان على الزعيم أن ينتقل من الباص إلى الترام القطار حتى يصل إلى المطبعة، وهذا المشوار يحتاج إلى أكثر من ساعة ونصف الساعة بعد الانتظار في المحطات. وكان يحدث في بعض الأيام أن يهطل المطر بغزارة وتطوف المياه في شوارع بيونس آيريس من غزارة الأمطار ويصبح السير في الطرقات صعباً إلا في وسط الماء حتى يتمكن الزعيم من الانتقال من سيارة إلى سيارة. فكان يخرج والمطر على أشده ويصل إلى المطبعة، وفي بعض الأحيان كان رفقاء ينتظرونه هناك لمساعدته في صب الرصاص وما هنالك من تصليح في الالآت التي لم تكن جديدة وتتعطل بسهولة. وكان يأخذ من الوقت الكثير حتى يطبع القليل».

الرحلة الأخيرة التي قام بها سعاده إلى توكومان تمّت في أواخر عام 1943 وتحديداً في تشرين الثاني كما يتوضح ذلك في رسالة سعاده بتاريخ 16 تشرين الثاني 1943 إلى الرفيق يعقوب ناصيف، يقول: «لقد قررت السفر إلى توكومان لحضور حفلة 16 تشرين الثاني التي أرجح أنها ستجري في 27 أو 28 منه، ولتنظيم الحركة التي نمت نمواً كبيراً هناك» ويضيف أن في عزمه أن يغتنم الفرصة لزيارة سالتا Salta وخوخوي.

تفيد الأمينة الأولى في مذكراتها ص71 : « بعد غياب أكثر من شهر كتب إليّ الزعيم أنه يفكر في أن ننتقل إلى توكومان وقد يكون أمامه عمل يقوم به يؤمن معيشتنا حتى يخفف عني العبء الذي تحملته في العمل المستمر. وبعد ذلك فهمت من رسائله اللاحقة أن هناك موضوع اختراع وضعه رفيق هو إبراهيم الكردي فإذا صحّ الاختراع يمكن أن يشاركه، وأن جبران مسوح يصرّ على الزعيم بالصعود والسكن مع عائلته في توكومان، وأن هناك أسباباً كثيرة لتأمين البيت والتخلّي عن المستشفى، وإذا لم يتم هذا الاختراع فهناك مكتبة ينوي جبران افتتاحها وقد نتعاون معه».

هذا الانتقال تمّ أواخر العام 1943، والعمل مع إبراهيم الكردي ثم مع جبران مسوح أدى إلى طردهما من الحزب، عن هذا يتحدث سعاده في الكثير من مقالاته ورسائله، وبدورها أوضحته الأمينة الأولى في مذكراتها. يمكن لمن يرغب في الاطلاع التفصيلي، العودة إلى الجزء الـ12 من الآثار الكاملة، وخصوصاً إلى مقال سعاده «نسر الزعامة السورية القومية ووحل توكومان وذبابها» وإلى مذكرات الأمينة الأولى، الصفحات 71 77.

عقب ذلك، اضطر سعاده للاهتمام بالعمل في المحل المكتبة بعد فسخ شراكته مع جبران مسوح، مستفيداً من الحساب الجاري غير المحدود التي فتحته له المعامل في بيونس آيريس بسبب حسن معاملته معها. كذلك اضطرت الأمينة الأولى إلى أن تنقل بعض أثاث البيت إلى المحل، أي غرفة النوم، ووضع حاجز خشبي في دار المحل للمطبخ، إذ كان عليها أن تهتم بابنتيها صفية واليسار، التي ولدت في 16 تشرين الثاني 1944، وفي الوقت نفسه بأعمال المحل عندما كان سعاده يغادر توكومان إلى بيونس آيريس لزيارة المعامل، ومتابعة أعماله.

ولما كان ضرورياً وجود بيت قريب من المحل فلم يجدا سعاده والأمينة الأولى سوى بناء «أكل الدهر عليه وشرب، أرضه من حجارة القرميد، سقفه من عوارض الخشب وفوقها خام مكلس وفوق هذه عشعشت الخفافيش والجرذان، حمامه ومطبخه من دون باب ولا نوافذ، كان الصراع مع هذه الخفافيش والجرذان التي كانت تساكننا تؤدي إلى سهر الليالي» 12 إذ كلما نجحا في طرد فوج، دخل فوج جديد إذ أن الحرّ لم يكن يسمح بإقفال الأبواب، فتتكرر عملية طرد الخفافيش، حتى الفجر.

إلى كل هذه العذابات كان على سعاده أن يتولى هو أحياناً نقل البضاعة إلى الزبائن وذلك عندما يترك العامل عمله. كان يضع البضاعة على الدراجة ويذهب إلى توزيعها حسب الطلب، وكأنه موظف عادي 13 .

– في رسائله إلى الرفيقة جولييت المير ضياء شرح وافٍ للعلاقة الشخصية التي ربطت سعاده بها، وعملهما المشترك في المكتبة، وغير ذلك، وقد جمعت وصدرت في كتاب يحمل عنوان: «سعاده، رسائل إلى ضياء» .

– في هذا الجو، كان على سعاده أن يتابع التنظيم الحزبي والعقائدي والفكري وتحرير «الزوبعة»، وكان يصرف أيام العطل، بأكثرها، للعمل في التحرير والكتابة والمراسلات الحزبية والعقائدية، أو ليلاً بعد أن ينتهي العمل في المكتبة 14 إلا أن سعاده وبمساعدة الأمينة الأولى تمكن من الانتصار على أوضاعه المادية وابتدأ يقطف مادياً من ثمار أتعابه في المكتبة.

أول آذار 1945

لا نملك تفاصيل عن احتفال الأول من آذار في الأرجنتين لعام 1945 سوى ما أشار إليه سعاده في رسالته بتاريخ 28 شباط 1945 إلى منفذ عام بيونس آيريس الرفيق إبراهيم الأفيوني إذ يقول: «يؤسفني أن لا أكون معكم بشخصي في احتفالكم بهذا اليوم ليكون لي السرور بإظهار عزيمة العمل المستمر والثقة بالانتصار الأخير». ثم يبدي رأيه في ترتيب أدوار الخطباء وهو «أن يعطى رئيس الجمعية السورية الثقافية الرفيق خليل الشيخ دور الكلام الأهم تقديراً لفهمه وحسن نظره وقوة عقيدته وإظهاراً لهذا التقدير في موقف رسمي فيجب أن يعطى الدور الأخير، إن حضرة المنفذ العام كانت له كلمة الختام في عدة مواقف ويحسن أن يشجّع أصحاب العلم والمواهب والمؤهلات فينا «.

عودة الاتصال المركزي بسعاده

بتاريخ 20 كانون أول 1945 وجّه سعاده رسالة إلى وكيل منفذ منفذية الشاطئ الذهبي الرفيق أمين الأشقر الأمين لاحقاً بعد أن كان تسلم رسالة منه مؤرّخة في 12 تشرين الثاني ورسالة أخرى من ناموس المنفذية الرفيق رفيق الحلبي مؤرخة في 24 تشرين أول، يقول فيها: «إن انتهاء الحرب وعودة المواصلات إلى مجاريها يقضيان بنتيجة حتمية لم الشمل وجمع الصفوف وحشد القوى واستئناف الجهاد المنظّم. وأهنئكم لأنكم كنتم أول العاملين عبر الحدود لنجدة الحركة في الوطن أيام محنة الحرب، ولأنكم أول العاملين على وصل ما انقطع بسبب تلك الحرب التي ابتسرت الأمور ابتساراً وعرقلت أعمالنا وأوقفت نموّنا وعطلت الشيء الكثير من تجهيزاتنا». ثم يضيف: «بلّغوا المجلس الأعلى اتصالكم بي وعنواني. وإذا استحسن المجلس الأعلى أن يستر مخابرته لي بعنوان غير اسمي فيمكنه أن يكتب باسم زوجتي أو باسم حميّ. وليرسلوا لي جميع المنشورات التي يهمني الوقوف عليها «.

عام 1946 شهد عودة الاتصالات مع سعاده، بعد أن كان غادر الرفيق غسان تويني إلى الولايات المتحدة لمتابعة تخصصه الجامعي، مكلفاً باطلاع سعاده على أوضاع الحزب بعد نيل لبنان لاستقلاله، وانتهاء الحرب العالمية الثانية. «رسالتي الأولى إلى الزعيم كانت تقريراً موثقاً طويلاً عما آلت إليه أوضاع الحزب والظروف التي مرّ فيها الحزب وقيادته، ثم شروط السلطة للترخيص بالعمل الحزبي وأولها الاعتراف بدوام الكيان اللبناني ثم شروط السماح برجوع الزعيم إلى الوطن بعد نيل موافقته على هذه الشروط أو التفاوض بشأنها « 15 .

بتاريخ 20/4/1946 وجّه سعاده رسالة إلى رئيس المجلس الأعلى نعمة ثابت بعدما كان تلقى منه رسالته الأولى المؤرخة في 28 آذار. وبتاريخ 20 حزيران 1946 وجّه أولى رسائله إلى رئيس مكتب عبر الحدود الذي كان يتولاه الرفيق جبران جريج الأمين لاحقاً ثم تتابعت الرسائل بين سعاده والمركز في الوطن.

وجّه سعاده 11 رسالة إلى غسان تويني، بدءاً من 21 شباط 1946 وصولاً إلى 13 كانون أول 1946، وقد تضمنت أبحاثاً فكرية في غاية الأهمية، خاصة عندما تطرّقت إلى موضوع الأمين فخري معلوف الذي أعرب لسعاده عن رغبته في إعفائه من قسمه الحزبي لأسباب تتصل بإيمانه الكاثوليكي.

عودة جريدة «الزوبعة» إلى الصدور

في 2 آب 1946 نشر سعاده في «الزوبعة» مقالته بعنوان «عودة الزوبعة» يشير فيه إلى أن الجريدة عادت إلى الصدور بعد فترة انقطاع لأسباب اضطرارية.

وكانت «الزوبعة» بسبب الظروف التي سبق الإشارة إليها قد عرفت فترات عديدة من التوقف عن الصدور، بحيث بلغ عدد إصداراتها 91 إصداراً من 1/8/1940 لغاية 23/4/1947 16 .

هوامش:

1. مذكرات الأمينة الأولى ص 65. أما التاريخ الفعلي فهو 27/1/1941 .

2. المصدر السابق، ص 66.

3. المصدر السابق، ص 67.

4. المصدر السابق، ص 69.

5. المصدر السابق، ص 69.

6. جريدة «الزوبعة» أول شباط 1942، «الجالية السورية في الأرجنتين والفتنة الطائفية».

7. مذكرات الأمينة الأولى، ص 70.

8. يقول سعاده في مقالته: «من أهم المشاكل الخطرة جداً التي سنواجهها بعد هذه الحرب، المشكل الصهيوني الذي صار خطراً عظيماً مداهماً يهدد بالقضاء على معظم آمالنا. أن مئات الفروع اليهودية المنتشرة في جميع أنحاء العالم المندمجة في المنظمة الصهيونية تعمل عملاً واحداً منظماً وترمي إلى غاية واحدة واضحة هي الاستيلاء على سورية كلها وتحويلها إلى وطن قومي خاص باليهود وينشئون فيه دولة يهودية ذات سيادة واستقلال «.

9. من رسالة سعاده إلى الرفيق يعقوب ناصيف بتاريخ 16 آب 1944، ثم رسائله إلى المنفذ العام لمنفذية بيونس آيريس الرفيق إبراهيم الأفيوني.

10. من رسالة سعاده إلى الرفيق يعقوب ناصيف بتاريخ 21 تموز 1945.

11. مذكرات الأمينة الأولى، ص 70 .

12. المصدر السابق، ص 78 .

13. المصدر السابق، ص 79 .

14. المصدر السابق، ص 80 .

15. من محاضرة للأستاذ غسان تويني بدعوة من مؤسسة سعاده للثقافة، في 20/5/2004 .

16. مقالة الرفيق جهاد العقل في العدد 39 من مجلة «البناء صباح الخير» إصدار 15/11/2003

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى