افتحوا الطريق… الجنرال ميشال عون هو رئيس جمهوريتنا المنتظر

د. سلوى خليل الأمين

إنّ تظاهرة الأمس الحاشدة التي دعا إليها التيار الوطني الحر في محيط القصر الجمهوري، بمناسبة ذكرى 13 تشرين الأول التي كانت من أصعب المراحل المأساوية التي مرّت على التيار الوطني الحر، لأنها انتهت بعديد من الشهداء وبخروج الجنرال ميشال عون من قصر بعبدا إلى فرنسا، بقرار إقليمي ودولي، يجهل حيثيات اتخاذه وتوقيته، الكثيرون ممن لا يتقنون الخوض في مسارات لعبة الأمم، التي تتحكم خيوطها بكلّ شاردة وواردة في عالمنا العربي، كانت بالفعل صورة حقيقية لحجم التأييد الشعبي والحزبي للتيار وقائده الجنرال ميشال عون الذي لا يمكن لأحد تجاهله محلياً وإقليمياً ودولياً أيضاً.

لكن بالرغم من تجاهل العديد من أركان السلطة السياسية في لبنان لهذا الحجم السياسي الضخم الذي يمثله الجنرال عون، الذي يتزايد صعداً، فإنهم لا يقرّون بخسارتهم المعركة التنافسية مع هذا القائد الشعبي الذي استطاع، بالرغم من إبعاده عن وطنه لبنان إلى باريس لفترة امتدّت 15 سنة، إلا أنه استطاع استقطاب كلّ شرائح المجتمع اللبناني بمختلف طبقاتهم وتنوّعاتهم ومناطقهم وعقائدهم الدينية المختلفة للتمترس حوله، وحول شعاراته الوطنية، وعناوينه السياسية التي يعتبرها كلّ مواطن لبناني درب الخلاص.

فكلما عملوا على حشره في زواياهم المربكة أصلاً، باتخاذ القرارات الهمايونية، كلما عملوا دون أيّ احتساب عقلي إلى زيادة مناصريه وداعميه والمؤمنين بخط سيره السويّ، لهذا فشلوا أمام داعميهم من الخارج والداخل بإحباطه وحشره في زوايا النسيان، وأظهروا ضعفهم الذي لا يتوازن مع خطابهم التصعيدي الدائم، الذي يفبرك البيانات والخطابات السيئة التي يعرفها الجمهور اللبناني حق المعرفة، وأكبر دليل حركة الحراك الشبابي التي انفجرت في ليلة غفلة، وفضحت فسادهم وإفسادهم الذي ظنّوه مغطى بضبابية عقولهم المهترئة من قصر النظر.

عدا عن كلّ المستجدات الداخلية والخارجية التي تصبّ حالياً في صالح الحالة العونية والمقاومة، نجد أنّ خربطات كلّ من يناصب الجنرال عون العداء، ويعمل على إفشاله ومنعه من الوصول إلى كرسي رئاسة الجمهورية في بعبدا، سوف تحلّ عليه لعنة الأنصار الدوليين والإقليميين، الذين أتخموهم بالبيانات الكاذبة التي باءت لتاريخه بالفشل الذريع، أمام المستجدات الدولية والإقليمية، فهم فشلوا حتى اليوم في تثبيت مواقعهم التي تبدو مهترئة ومهزوزة على الدروب المستقبلية الآمنة، لأنهم لم يتقنوا الولوج بعقلانية في مدارات لعبة الأمم، وفهم مراميها ودراسة أبعادها، التي غيّرتها قوة سورية في الصمود والتصدّي، كما غيّرتها المقاومة على الأرض اللبنانية ضدّ العدو الصهيوني، كما أنّ الدسائس والمؤامرات التي أحسنوا التدرّب عليها من أجل هزيمة جنرال الرابية الصلب في مواقفه، والقائد العسكري الوطني المحنك في رسم الخطط لم تؤت ثمارها، لأنّ الجنرال لم يتخذ أسلوب البيع والشراء في سوق النخاسة هدفاً سياسياً له كما فعلوا، لدرجة أنهم أصبحوا عبيد المال والدراهم، التي جفت ينابيعها في هذه الأيام، بسبب غرق المصدر المموّل في حرب اليمن، التي باتت القشة التي قصمت ظهر البعير، بسبب إغلاق حنفية الذهب التي كانت تدرّ عليهم النصر، عبر استقطاب المناصرين والمحازبين الذين تعوّدوا شراء ضمائرهم، وباتوا اليوم يئنّون من فرط السبحة، التي سيتسلّمها الأقوى لبنانياً ووطنياً في المستقبل القريب شاء من شاء وأبى من أبى…

إنّ قرار تولي الجنرال ميشال عون رئاسة الجمهورية قد تمّ الاتفاق عليه منذ أكثر من عام بين الأقطاب العالميين، الذين يديرون اللعبة في عالمنا العربي، بدءاً من العراق فالبحرين وصولاً إلى سورية ولبنان، وحالياً اليمن «السعيد». كما الاتفاق على التعاون مع الرئيس بشار الأسد في ضرب الإرهاب في سورية والاحتكام إلى قرار الشعب السوري في اختيار رئيسه. هذه القرارات التي اتخذت في دوائر القرار العالمية، وتظهر حالياً على الساحة العربية عبر المشاركة الروسية في القضاء على «داعش» والمنظمات الإرهابية في سورية والعراق، ليست وليدة الساعة، وليست قرارات همايونية، كما يعتقد البعض من حكام العرب ومن يمثلهم ومن المحليين الذين يتشاطرون في فك الرموز التي تبعث إليهم من أجل إلهائهم عن المهمّ من القرارات المتخذة عالمياً وبسرية تامة، لأنّ القطبين العالميين وأعني روسيا، التي فرضت قطبيتها عالمياً، وباتت رقماً موازياً للقطب الأميركي الأوحد، أصبحت شريكة في القرار الذي اتخذ في دوائر البنتاغون الأميركي، الحاكم الفعلي للولايات المتحدة الأميركية. هذا القرار الذي لن يعود بالحالة القائمة إلى الوراء، ومن يتابع مجريات الأمور في الاجتماعات التي كانت تحدث بين الرئيس باراك أوباما وجنرالاته الأقوياء في السرّ والعلانية، وتصريحاتهم التي تصدر تباعاً بصيغ مختلفة، منها ما هو مؤيد ومنها ما هو ملتبس، يدرك مدى التراجع الأميركي عن ضرب الأقوياء في لبنان وسورية، الذين عرفوا أهمية المصالحة مع جمهورهم، وأعني الشعب الذي يمثلونه ويحملون همومه ومتاعبه، بحيث في النهاية لا تستطيع السلطة الأميركية تجاهل طموحات الشعوب في العيش الكريم والسيادة المطلقة على أوطانها، دون حسيب أو رقيب، والذي هو قانون معتمد في هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

وبما انّ الرئيس باراك أوباما قد اتخذ القرار الصلب بعد الهزائم المتكرّرة التي مُنيت بها الولايات المتحدة الأميركية في الخارج، بدءاً من أفغانستان والعراق وصولاً إلى دول الربيع العربي، حيث فشل الرهان على تولي «الإخوان المسلمين» السلطة في مصر وتونس، بعد تبنّيهم في المرحلة الأولى من قبل السلطة الأميركية التي تغاضت أو عملت على خلع الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس التونسي زين العابدين بن علي، ومن ثم بدأت بتنفيذ المؤامرة على سورية، ونشر ودعم العصابات الإرهابية التي أغرقتها في مستنقع الدم ومن ثم قضية اللاجئين السوريين والعراقيين وتسللهم إلى أوروبا، وأيضاً فشل الرهان على تنحّي أو إسقاط الرئيس بشار الأسد، الذي صمد بصلابة مع جيشه العقائدي وشعبه في مواجهة المؤامرة الكونية الشرسة، إضافة إلى غرق حليفتهم المملكة العربية السعودية في البحرين أولاً، ومن ثم في اليمن، أضف إلى ذلك بروز القطب الروسي وفيتواته في مجلس الأمن، ودعم دول بريكس وإيران بقوة لسورية والعراق والمقاومة وحزب الله في لبنان وغزة، أجبر الرئيس الأميركي باراك أوباما ومن خلفه الإدارة الأميركية وعلى رأسها البنتاغون والكونغرس إلى تغيير مجرى سياستهم البراغماتية بالإقرار بفشلهم وفشل حلفائهم في محاربة الإرهاب وعصاباته، ومن ثم بإسقاط الرئيس بشار الأسد، لهذا تمّ إقرار التوجه إلى الحلّ السياسي الذي كشفه وزير الخارجية الأميركية جون كيري بالقول: «إنّ مشاركة روسيا وإيران في حلّ الصراع في سورية يشكل خطوة عسكرية متقدّمة لروسيا في المنطقة»، إضافة إلى ما أكده السفير الأميركي السابق في سورية روبرت فورد الذي أعلن استقالته من منصبه بسبب كونه قد وصل إلى نقطة جامدة لا تمكنه من الدفاع عن سياسة بلاده المتعلقة بالأزمة في سورية.

إنّ مبدأ القوة اليوم المتمثل بصمود سورية والمقاومة والجنرال ميشال عون هو اللعبة الأقوى التي تجبر أميركا البراغماتية على التفتيش عن مصالحها، فمبقدار ما تكون الشعوب والقيادات قوية وثابتة على مبادئها وقيمها بقدر استطاعتها الحصول على الفوز المحتم، لهذا لا بدّ من فتح الطريق إلى قصر بعبدا للجنرال ميشال عون من قبل الجميع في لبنان، قبل الفشل الذي سيحلّ على المعترضين ودفعهم إلى استجداء الصفح، لأنّ القرار اتخذ بأنّ الجنرال ميشال عون هو الرئيس الأقوى للجمهورية اللبنانية، وهو الوحيد القادر على عقد التحالفات الوطنية والدولية والإقليمية من مبدأ الندّية، وليس من مبدأ العمالة والخضوع والإذعان، وأميركا بدأت تفتش عن الأقوياء… وإنّ غداً لناظره قريب.

رئيسة ديوان أهل القلم

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى