المقاومة الفلسطينيّة تبدأ في القدس عمليّات الثأر للشهداء… والاحتلال يكلِّف الجيش بدءُ تنفيذ التفاهم النووي… والحلّ الأوكرانيّ… وحلب تلاقي إدلب وحماة في البر

كتب المحرّر السياسيّ

مع إقرار البرلمان الإيراني للتفاهم النووي قبيل تصويت الكونغرس الأميركي عليه وثبات الرئيس الأميركي باراك أوباما عند تعهّده بتصديق التفاهم، مهما كانت نتيجة تصويت الكونغرس، ومع بدء سحب صواريخ الباتريوت الأميركية من تركيا، وبدء سحب الأسلحة الثقيلة من خطوط التماس في أوكرانيا، وبدء تبادل الأسرى بإشراف روسي أوروبي، تفقد كلمات التصعيد على المحاور الكبرى بين روسيا وأميركا من جهة وإيران وأميركا من جهة أخرى معناها الكبير، وتصير مجرد تجاذبات مسقوفة بالتفاوض لتحسين الشروط في الساحات التي لا تزال جراحاتها مفتوحة، من دون وهم الذهاب إلى المواجهات المفتوحة بين القوى الكبرى دولياً وإقليمياً، ما يجعل التصعيد في فلسطين وسورية ولبنان، تعبيراً عن سعي كلّ من «إسرائيل» والسعودية للإمساك بأوراق قوة تتيح تعطيل الحلول لفرض أدوار لم تسمح مواقع كلّ منهما بالحصول عليها في جبهات ورهانات سابقة، كالحرب السعودية في اليمن والرهان «الإسرائيلي» السعودي على جبهة النصرة في سورية، فتصير المواجهة مع الفلسطينيين في الداخل وعلى كلّ الجبهات وبلا سقف دموي، رهاناً «إسرائيلياً» على جذب الاهتمام الدولي لاستدراج عروض التفاوض، أو تسخيناً مفيداً لبلوغ درجة الغليان وصرفها في ساحة حرب تفتح ملفات المنطقة بعضها على البعض الآخر وتجعل جنيف ساحة لمؤتمرات متوازية لوضع خريطة المنطقة برمّتها دفعة واحدة على بساط البحث.

في فلسطين كان الردّ المقاوم والسريع في ظلّ ارتباك التنظيمين الأكبر فتح وحماس، مفاجئاً مع وقوع عمليتَيْ القدس وسقوط ثلاثة قتلى وعشرات الجرحى «الإسرائيليين» ثأراً لشهداء الانتفاضة، بينما عمّ الإضراب الأراضي المحتلة العام 1948، وشهدت بلدات ومدن الجليل والضفة تظاهرات حاشدة تبشر بتصاعد الانتفاضة، ليكون ردّ حكومة الاحتلال المزيد من التصعيد بقرارها الاستعانة بالجيش وتفويضه إطلاق النار، حيث يرى ذلك ضرورياً، ما يعني اندلاع المزيد من المواجهات وسقوط المزيد من الدماء.

في سورية نقلت وكالات الأنباء معلومات عن حشود متقابلة للجيش السوري وحلفائه من جهة وجماعات «جبهة النصرة» الممثل الرسمي لتنظيم «القاعدة» وحلفائها في المقابل، في جبهات حلب بعد كلّ من إدلب وحماة، بحيث قالت مصادر عسكرية إنّ الأيام التي تفصلنا عن نهاية الشهر ستشهد المعارك التي تحسم مصير الشمال السوري بعد التقدّم الواسع الذي أحرزه الجيش السوري في سهل الغاب وريف اللاذقية.

في لبنان بدا واضحاً أنّ تسريح العميد شامل روكز من الجيش اللبناني مع فشل التسوية التي كانت قد بلغت نهاياتها قبل أسبوع أسقط آخر فرصة للبننة الاستحقاقات، بحيث جرت إطاحة التسوية في ظروف كانت مفتوحة على تنشيط العمل في كلّ من مجلس النواب والحكومة، وبات مستحيلاً الرهان على مناخات إيجابية قبل تسوية كبرى يبدو محسوماً أنها فوق قدرة الأطراف المحلية، حتى بدا أنّ إسقاط التسوية قرار بجعل لبنان ساحة إقليمية وإسقاطاً نهائياً لفرص اللبننة.

لبنان في الكوما السياسية

دخل لبنان في الكوما السياسية، حيث جمُدت التسويات والصفقات والعلاقات الرضائية لحفظ مصالح عامة أو تسيير المرافق، والاتجاه الغالب هو البحث عن صيغة بديلة للنظام السياسي القائم.

وعلى رغم أن تيار المستقبل يُصر على المكابرة والسير قدماً باتفاق الطائف مراهناً على انتصار السعودية في مشروعها الإقليمي والذي يبدو مع التدخل الجوي الروسي الذي بدأ في سورية، والإيراني المرتقب، وصمود الجيش السوري والمقاومة، من سابع المستحيلات، فإن الأفرقاء الآخرين كافة يبدون أو يضمرون قناعتهم بأن هناك تغييراً سيسري على النظام السياسي اللبناني في ما يتعلق باستعادة المسيحيين موقعهم في النظام السياسي، وبثبات المقاومة كركن وطني وإقليمي استراتيجي يؤثر في لبنان والخارج، وبقانون الانتخاب. وكان واضحاً رئيس مجلس النواب نبيه بري عندما أكد أول من أمس أن لا انتخابات إلا على أساس النسبية، ويبدو أن أي صيغة مستقبلية لن تستطيع أن تتجاوز الثوابت الثلاثة.

لا مساومة في الملف الرئاسي

وأمس أطلّ رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون عبر قناة الـ»أو تي في» ليجدّد تأكيد مواقفه من ملفات وطنيةٍ وإقليمية ودولية، ومن الأحداث والمستجدّات في لبنان والمنطقة.

وفي موقفه من الحكومة، كشف عون أن وزراءه لن يعودوا إلى الحكومة قبل تعيين قائد جديد للجيش، متهماً الرئيس السابق ميشال سليمان ورئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل بأنهما الواجهة المسيحية لتعطيل التعيينات العسكرية والتسوية، واضعاً سليمان وتيار «المستقبل» و«14 آذار» في خانة واحدة، ومشيراً إلى أنهم يتوزعون الأدوار في ما بينهم. وكرّر عون انتقاده للتمديد للمجلس العسكري، معتبراً «أن ما فعله وزير الدفاع سمير مقبل هو كذبة كبيرة ولا صلاحية لوزير الدفاع وهو لقيط في السياسة، إذ يمكن تأخير التسريح في 3 حالات: الحرب، الطوارئ، وعندما يتسلّم الجيش الأمن على الأراضي اللبنانية».

وشدّد على أننا «نعيش حالة استثنائية ولا يمكن إسقاط الحكومة الآن لأنها تحلّ محل رئيس الجمهورية وعندما نكون داخل الحكومة يمكننا تعطيل القرارات السيئة»، مضيفاً: أما في مجلس النواب فالوضع مشابه للحكومة، لذلك نحن مصرّون على أولوية بندَي استعادة الجنسية وقانون الانتخابات في أي جلسة تشريعية وإذا استقلنا من المجلس فسيكملون باتخاذ القرارات من دوننا».

وحذّر عون من أنه «إذا وصلنا لمرحلة ترك الحكومة والمجلس النيابي فعندها ستصبح الأمور مختلفة والتعاطي على الأرض سيختلف، فلستُ مجبراً أن أبقى ملاكاً في الوقت الذي يتعاطون فيه معنا بكل هذه النيات السيئة». وجزم بأن «لا مساومة في الموضوع الرئاسي»، معرباً عن اعتقاده بأن خارطة الطريق الأسرع للحل اليوم هي تعديل المادة 49 من الدستور وانتخاب رئيس من الشعب أو وضع قانون انتخابي نسبي».

وحول العلاقة مع سورية، أشار عون إلى «أنها المدخل الوحيد للبنان على كل الدول العربية»، لافتاً إلى أن «هناك مصالح مشتركة مع سورية ومن الضروري حصول الوفاق بين البلدين».

الحكومة رهن الاتفاق المرن

وأكد مصدر مطلع مقرّب جداً من الرابية لـ«البناء» أن نواب التكتّل سوف يشاركون في جلسة انتخاب رؤساء وأعضاء اللجان النيابية. ويندرج هذا الموقف من ضمن إجراءات الضّرورة، فتشكيل اللجان النيابية في مجلس نواب قائم على علّاته ينطبق عليه تشريع الضرورة».

وفي موضوع الحكومة أكد المصدر أن التيار الوطني الحر لا يزال على موقفه من البند المتعلق بآلية عمل الحكومة التي لا تقبل الجدل او اللبس، ونحن نصرّ على ما سُمّي الاتفاق المرن الذي ينص على أن المراسيم العادية تحتاج إلى توقيع 24 وزيراً، وأن على الوزراء أن يطلعوا على جدول الأعمال قبل الجلسة بـ 72 ساعة، وأن أي مكوّنين داخل الحكومة يمكنهما أن يسحبا بنداً من جدول الأعمال ويمكنهما أيضاً أن يجمّدا قراراً»، مشيراً في الوقت نفسه إلى «أن التعيينات العسكرية والأمنية لا تزال البند الأساس بالنسبة لنا على جدول أعمال مجلس الوزراء».

وفي شأن الحوار، أكد المصدر «أن العماد عون سيحدّد موقفه من المشاركة في طاولة الحوار أو عدمها في ضوء ما سينتظرنا من اليوم حتى 26 من الشهر الجاري». وتابع «أصبح لدى الجنرال عون ورقة اسمها الشرعية الشعبية ومنها سينطلق».

ورداً على سؤال عن الزيارة المرتقبة للنائب وليد جنبلاط إلى الرابية، شدّد المصدر على «أن الزيارة قد تحصل في أي حين، فالنائب جنبلاط الذي أجرى قراءة للواقع الوطني في ضوء إقصاء متعمَّد للعماد عون، وقراءة للحراك المدني، وللتطورات الإقليمية أدرك أن أي اضطهاد أو عزل سوف يؤدي إلى انفجار».

إلى ذلك، غادر النائب جنبلاط، يرافقه وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور ونجله تيمور، مساء أمس، إلى الرياض.

تحرك دبلوماسي الأسبوع المقبل

في سياق آخر، أكدت مصادر في 14 آذار لـ«البناء أن «لبنان سيشهد الأسبوع المقبل تحركاً دبلوماسياً عربياً ودولياً لإعطاء نوع من الاستقرار في لبنان».

من ناحية أخرى، ينتهي وزير الزراعة أكرم شهيب اليوم من دراسة الخيارين اللذين قُدّما للجنة كموقعين محتملين لإقامة مطمر في البقاع، بعدما عقد في السرايا الحكومية اجتماعاً للجنة المكلفة معالجة ملف النفايات ترأسه رئيس مجلس الوزراء تمام سلام بحضور شهيب ووزير الداخلية نهاد المشنوق، ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر.

وأشار شهيب بعد الاجتماع إلى أنه تمّ تحديد أكثر من موقع في البقاع لإقامة مطمر، موضحاً أنه ما إن يُعتمد الموقع فإن سلام سيدعو إلى عقد جلسة للحكومة من أجل إتمام الترتيبات القانونية والإدارية للبدء بالخطة بشكلها النهائي.

وأشارت مصادر بقاعية لـ«البناء» إلى أن حزب الله هو الذي أتى بالموافقة السورية على مطمر البقاع الذي اعتمد في خطة شهيب والذي يقع في جرود مجدل عنجر الشرقية مع سورية، وتمّ اعتماده بعد دراسة أعدّتها لجنة خبراء جيولوجيين تبين أن مكان المطمر ذات تربة دلغانية مانعة لتسرّب عصارة النفايات إلى جوف الأرض وكما ستعمل الشركة المتعهدة على إضافة طبقة عازلة.

ونقلت المصادر عن أعلى مرجعية دينية في البقاع متابعة لهذا الملف «أنّها تقف عند خاطر اللجان الفنية والتقنية التي تتولى اختيار مكان المطمر»، ولفتت المصادر إلى «أن هذه المرجعية تولي مصلحة الناس الأهمية، لكنها ستوافق على ما يترتب عن اجتماعات ودراسات اللجنة الفنية بناءً على معطيات مؤكدة على توافر الشروط البيئية والصحية».

وتحدّثت المصادر عن مبلغ خصص للبلديات المحيطة بالمطمر كحوافز مالية تبلغ 150 مليار ليرة، أي أن كل بلدية سيُخصص لها 150 مليون ليرة.

ويتواصل الوزير المشنوق في الساعات المقبلة مع أهالي عكار للتوصل إلى حل لمطمر سرار ولتذليل كل الاعتراضات لتسهيل تنفيذ خطة النفايات.

وأشارت مصادر مطلعة في عكار لـ«البناء» إلى «أن مطمر سرار في عكار عمره عشرون عاماً ويعمل بطريقة عشوائية والآن عندما قررت الدولة تحويله إلى مطمر صحي وبيئي علت الأصوات الرافضة لذلك»، ولفتت المصادر إلى «أن الخلاف الذي حصل بين بعض أهالي المنطقة وبين متعهد العمل وصاحب الأرض وهو من آل مرعب، هو العائق أمام اعتماد المطمر بشكلٍ نهائي»، وكشفت «أن النائب خالد الضاهر يحرض المواطنين على رفض هذا المطمر وافتعال الإشكالات بسبب خلافه مع المستقبل، كما أن هناك فريقاً متضرراً وله مصالح مالية لا يريد إقامة هذا المطمر».

وأبدت المصادر ترحيبها باعتماد المطمر إذا ما انطبقت عليه المواصفات الدولية والشروط البيئية والصحية، لأن منطقة عكار يجب أن تتحمّل وزر مشاكلها البيئية.

وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أن جلسة مجلس الوزراء المخصصة للبحث في أزمة النفايات لن يدعو إليها رئيس الحكومة إذا لم تكن منتجة. وإذا استغرب إعلان التيار الوطني الحر عدم حضور وزيريه جلسة «النفايات»، اعتبر قزي «أن عدم المشاركة تعني أخذ البلد إلى مكان آخر، إلى مزيد من التأزم»، داعياً «الجميع إلى التفاهم لإيجاد مخرج يأخذ بعين الاعتبار معادلة لا غالب ولا مغلوب إلا في القانون والدستور». وشدّد قزي على «أن المطلوب من جميع الأفرقاء استخلاص العبر وتفعيل عمل الحكومة».

الحراك ينقل المعركة إلى «العسكرية»

ونقل الحراك المدني المعركة إلى مقرّ المحكمة العسكرية، حيث نصبت الخيم، مع رد قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا طلبات إخلاء سبيل الموقوفين من الحراك المدني خلال تظاهرة الخميس الماضي، وسط انقسام ساد بين الناشطين في هذا الشأن وسرعان ما أُعيد فتح الطريق التي أقفلها عدد منهم بعدما تم إقناعهم بعدم جدواها.

وأكدت مصادر في الحراك المدني لـ«البناء» «أن خمسة ناشطين لا يزالون موقوفين في المحكمة العسكرية، وأنه سيتم تقديم طلب إخلاء سبيلهم يوم غد على أن يعين لهم لاحقاً جلسات استماع في المحكمة العسكرية». وأشارت المصادر إلى «أنه جرى الادعاء على هؤلاء الموقوفين بتهمة قطع الشريك الشائك الذي وضعته القوى الأمنية أمام مبنى النهار، خلال تظاهرة الخميس الماضي، والذي يُعتبر كعتاد عسكري، وأوضحت أنه ثبت من خلال التحقيقات التي أجريت مع الموقوفين أن لا نية جرميّة أو إرهابية للموقوفين، بل الفعل مرتبط بالمشاركة بتظاهرة في إطار حرية التعبير عن الرأي». واستنكرت المصادر محاولة البعض تشويه صورة الحراك، معتبرة أن لهذا الحراك مطالب محقة ومن مسؤوليته حماية الناشطين والمواطنين الذين يشاركون في أي تظاهرة أو نشاط، لأنه إذا ضربت حرية التعبير فإن أي مطلب ينادي به الحراك لن يتحقق».

وأبدت المصادر «حرص القيّمين على الحراك بعدم اللجوء إلى أي خطوة تضرّ بمصالح المواطنين وبالأملاك العامة، لكنها أوضحت أن ما حصل أمس أمام المحكمة العسكرية هو ردة فعل من بعض الأهالي والأصدقاء الغاضبين على استمرار توقيف الموقوفين وليس انقساماً بين حملات الحراك».

وكشفت المصادر عن «معلومات بنيّة القضاء استدعاء 13 ناشطاً جديداً باتهامات مختلفة إلى المحكمة العسكرية».

سلسلة توقيفات للأجهزة الأمنية

أمنياً، إنجازات أمنية جديدة سجلتها الأجهزة الأمنية، أمس، تمثلت بسلسلة توقيفات لإرهابيين. فقد تسلمت مخابرات الجيش، أحد أنصار أحمد الأسير المدعو عبد القدوس شمندر على حاجز الجيش عند مدخل عين الحلوة، كما أوقفت في صيدا، المدعو شراع ضرار بدر وهو شقيق المتشدد الإسلامي بلال بدر، أحد أهم المطلوبين في مخيم عين الحلوة.

وأوقفت المديرية العامة للأمن العام السوري ف.م. لانتمائه إلى تنظيم «داعش» الإرهابي واشتراكه مع آخرين في القتال إلى جانبه في جرود عرسال، كما أوقفت السوري م.ق. لنشاطه مع جماعات أصولية متطرفة في مجالي التفجير والأعمال الإرهابية، لا سيما تفخيخ وتفجير 3 سيارات في بئر العبد والرويس ووادي عطا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى