من «داعش» إلى «النصرة» حصرية القرار التركي…

سعدالله الخليل

عشية قمة المناخ في باريس وبعد رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقاء نظيره التركي رجب طيب أردوغان لعدم تقديم اعتذار رسمي عن إسقاط الطائرة الروسية، وقبل أن يغادر بوتين موسكو وقّع حزمة عقوبات اقتصادية على تركيا بحظر الرحلات المنخفضة التكلفة ومنع أرباب العمل الروس من تشغيل الأتراك ومنع الشركات التركية التي تعمل وفق القوانين التركية من العمل على الأراضي الروسية وإعادة العمل بنظام تأشيرة الدخول بين البلدين.

وبين الندامة التركية والتظاهر بالجهل طفت على السطح مؤشرات تكشف عمق المأزق التركي، فبين التصريحات والتصريحات المضادّة أدرك الشارع التركي تهوّر قيادته في المغامرة بافتعال مواجهة مع روسيا أقلّ ما يمكن أن يقال عنها إنها ليست في التوقيت والمكان المناسبين، وفي الوقت الذي زادت التطورات الداخلية في الساحة التركية حرج حكومة العدالة والتنمية بعد أن انتقلت المواجهات بين الشرطة التركية والمتظاهرين من ديار بكر إلى مدينة اسطنبول احتجاجاً على مقتل رئيس نقابة المحامين في ديار بكر طاهر إلتشا، حيث فشلت خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع من تفريق المحتجّين الغاضبين في ميدان تقسيم وسط اسطنبول، في وقت كشفت صحيفة «سوزجو» التركية خلافات بين القصر الرئاسي التركي وقيادة الأركان على خلفية التعامل مع الأزمة، بعد تسريب الجيش إلى الإعلام أنباء تفيد بأنّ إسقاط الطائرة الروسية جاء بناء على تعليمات مسبقة وأكيدة من الحكومة، وأنّ القيادة السياسية هي التي تتحمّل نتائجه بعد محاولة الحكومة اتهام «عناصر» داخل الجيش بافتعال الأزمة مع روسيا لإحراج أردوغان.

أمام الحرج في الساحة الدولية وخيبة الأمل في الداخل تحاول تركيا العودة إلى ساحة الحدث الإقليمي على أمل قطف ثمارها دولياً، فكان الإعلان عن تسلّم أنقرة جثمان الطيار الروسي الشهيد أوليغ بيشكوف تمهيداً لتسليمه إلى ممثل عن السفارة الروسية، من دون أن يعلن رئيس حكومة الحرية والعدالة «الإخواني» أحمد داوود أوغلو عن الجهة المسلحة التي سلّمت الجثمان، والتي كانت بالتأكيد تحت الإشراف التركي بالنظر إلى سيطرة الاستخبارات التركية على التنظيمات المنتشرة في المنطقة واللغة التركية التي تحدّث بها المسلحون لحظة إطلاق النار على الطيار وهو في الجو أثناء هبوطه بالمظلة، ما يظهر الخطوة التركية في سياق السعي للعودة إلى مسرح الأحداث اليومية، تماماً كما تظهر إعادتها لملف العسكريين اللبنانيين المختطفين إلى واجهة الأحداث، وإنْ كانت بغطاء قطري بعد أن أقفلت «النصرة» ملف التفاوض منذ أشهر، فالبصمات التركية واضحة المعالم في إتمام صفقة التبادل في ظلّ طلب «النصرة» تأمين خروج عناصرها من عرسال إلى تركيا التي تدرك بأنّ الخطوة تسهم في خفض التوتر الروسي التركي في ظلّ القرار الروسي السوري بإنهاء كلّ التنظيمات المسلحة المحسوبة على تركيا من جهة، وخشية من دور فرنسي قادم في جرود عرسال ما ينهي المفعول التركي في المشهد اللبناني.

بعد ثبوت الدور التركي الفاعل في قرار وحركة وتمويل تنظيم «داعش» الإرهابي، تقدّم تركيا دليلاً جديداً على حصرية قرارها في «جبهة النصرة»، ليضع أردوغان على صدره نجمتين إرهابيتين… فهل من مزيد؟

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى