تقرير

كتب شلومو شمير في صحيفة «معاريف» العبرية:

المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام تصريحات أمين عام الأمم المتحدة والتي تشرح ـ تبرّر الإرهاب المنشورات حول قرار الجمارك الأميركية بوسم بضائع من إنتاج المستوطنات تعاظم تواجد الاتحاد الأوروبي وتدخله في الخطوات ضدّ «إسرائيل»، كل هذا يعدّ مؤشّرات على «العاصفة الكاملة»، هكذا وصفها هذا الأسبوع دبلوماسي غربي. وعلى حدّ قوله، فإن العاصفة تهدّد «إسرائيل» في الساحة الدولية، لا سيما في مجال الأمم المتحدة في نيويورك.

لم تولد هذه الخطوات الآن بالصدفة، ولم تنشأ في فراغ. فهي نتيجة أمزجة وتقديرات تتبلور في أوساط جهاز رائدة وذات نفوذ في الأسرة الدولية، قبيل التغييرات الشخصية المرتقبة في البيت الأبيض في «كي دورسيه» في باريس وفي المقر الرئيس للأمم المتحدة في نيويورك. وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس يوشك على الاعتزال لأسباب شخصية وطبية. أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، سينهي مهام منصبه في نهاية السنة، والرئيس باراك أوباما في نهاية ولايته.

«في السياسة الخارجية لكل واحد من الزعماء الثلاثة لا إنجاز هاماً يمكنهم أن يتباهوا به»، أوضح الدبلوماسي. ولكنهم على حدّ قوله يتوقون لأن يخلفوا وراءهم ذكرى من كانوا مشاركين شخصياً في الجهود أو على الاقل في محاولة حلّ أزمة إقليمية مستمرة، ووضع حدّ للضائقة والمعاناة.

الحرب في سورية تدخل سنتها السادسة لا نيّة لبوتين لترك جزيرة القرم الإرهاب البربري لـ«داعش» في العراق وفي سورية ولـ«بوكو حرام» في أفريقيا مستمر كوريا الشمالية تواصل تجاربها النووية ـ ولكن الامر الذي في متناول اليد، سهل ومريح إظهار التواجد فيه، هو النزاع «الإسرائيلي» ـ الفلسطيني.

التقدير في أروقة الأمم المتحدة أنه في أعقاب التغييرات الشخصية في مراكز القوى، وكإعداد لمجيء مسؤولين جدد، من المتوقع خطوات لن تحبّها «إسرائيل»، في أقل تقدير. وقال المصدر السياسي الكبير في نيويورك: «كنت سأصف هذا بأنه اضطراب سياسيّ».

تصريح أمين عام الأمم المتحدة عن أن الإرهاب الفلسطيني هو وليد الاحباط من الاحتلال «الإسرائيلي»، كان تجاوزاً جارفاً للخطوط الحمراء في التصرّف تجاه دولة عضو، وانتهاك فظّ للعرف الدبلوماسي، وبان كي مون يعرف هذا بصفته رجلاً معتدلاً وضابطاً للنفس.

التقديرات تتمثل في أنّ الإحباط من الجمود المستمر في المسيرة ومن غياب كل مؤشر في الافق على استئناف الحوار بين الطرفين، جرّ بان كي مون إلى خروج فظّ عن الأسلوب الدبلوماسي، مكبوح الجماح الدارج في مداولات مجلس الأمن، وأغراه لأن يهجر التزامه بالتوازن في تصريحاته وإعلاناته ـ المبدأ الذي يلتزم هو نفسه به بحرص شديد.

«بعد ما قاله في خطابه في مجلس الأمن، نقلنا له رسالة تفيد أن ليس للإرهاب تفسيرات، وليس هكذا يتم الحديث»، يقول سفير «إسرائيل» في الأمم المتحدة داني دانون. «طلبنا أن يوضح نفسه، فنشر مقالاً في نيويورك تايمز. ولكن مرة أخرى كانت فيه تفسيرات وتملّصات من الصدام المباشر مع الإرهاب. والمقال لم يوضح فقط موقفه، بل فاقم موقفه المشكوك فيه وعزّز أقواله المثيرة للخواطر عن الإرهاب. أمين عام الأمم المتحدة ملزم بشجب الإرهاب بشكل لا لبس فيه لا أن يبحث عن تفسيرات ويتعاطى مع الإرهاب بأسلوب لكن، ولعلّ».

ومع ذلك، فإن دانون، الذي يسير خطواته الأولى كسفير في الأمم المتحدة، يتخذ جانب الحذر من وصف الحدث مع الأمين العام كأزمة في العلاقات. ولا تزال هناك تفسيرات بأن ردّ «إسرائيل» والسفير دانون على تصريح الأمين العام كان ينبغي أن يقال وجهاً لوجه وفي اجتماع ثنائي مع بان كي مون. «الأمين العام رجل نزيه، منطقي ومستقيم»، قال دبلوماسي قديم. «لو كنت محل دانون والتقيت به لأقنعته بالنزول عن الموضوع». وعلى حدّ قوله، فإن الرأي بأن الاحباط الفلسطيني والاحتلال من أسباب الإرهاب، ليس محصوراً بالأمين العام وحده.

«كثيرون في مبنى الأمم المتحدة يقولون هذا في أحادث خاصة، لغير الاقتباس»، لاحظ مسؤول يهودي أميركي كبير. «لاحظ ان لم يرد أي زعيم يهودي او تنظيم يهودي مركزي على تصريحات الامين العام». العصبة لمنع التشهير نشرت بياناً طالبت فيه الامين العام بإيضاح أقواله، وبعد أسبوع من ذلك تذكر رون لاودر، رئيس الكونغرس اليهودي العالمي، أن يشجب أقواله.

المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام، من شبه المؤكد أنها ردّ وزير الخارجية الفرنسي فابيوس على فشل مشروع القرار لاستئناف المفاوضات بين «إسرائيل» والفلسطينيين، والذي وزّعته فرنسا على أعضاء مجلس الامن قبل أكثر من سنتين. «إسرائيل» عارضت بالطبع، والولايات المتحدة أحبطت النقاش على المشروع بأمل أن تجلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات.

حتى الآن لم تعقّب الولايات المتحدة بشكل رسمي على المبادرة الفرنسية الجديدة، ولكن يمكن الافتراض أنّ وزير الخارجية جون كيري لا يعتزم تأييدها. فبشكل ثابت تعارض الولايات المتحدة التدخل النشط من الأمم المتحدة، أو أيّ جهة سياسية أخرى في النزاع. وترى الادارة فيه مجالاً محفوظاً لتدخل الولايات المتحدة الحصري.

في المقابل، يدّعي دبلوماسيون أنه كان خطأ من جانب حكومة «إسرائيل» أن ترفض المبادرة الفرنسية تماماً. وقالوا إن حقها، وربما واجبها أن ترفض مبادرة وزير الخارجية الفرنسي. ولكن القول مرة أخرى ومجدداً فقط «لا» لكل محاولة لكسر الجمود ـ هذه ليست سياسة. هذا سلوك يعلّي سور العزلة حول «إسرائيل».

إنّ الادّعاء بأن العالم ضدّ «إسرائيل» يتبيّن كادّعاء مغلوط. فثمّة فصل لا لبس فيه بين «إسرائيل» وسياستها، أو للدقة انعدام سياسة الحكومة في الموضوع السياسي. «إسرائيل» تعتبر قوة عظمى من ناحية عسكرية وقدوة للتقدم التكنولوجي، والتي تحظى بالتقدير لكونها جزيرة استقرار في قلب منطقة ثائرة ومضطربة. هناك جهات تمدح سلوك «إسرائيل» المنضبط حيال انهيار الأنظمة والعاصفة الجارية حولها. ولكن في الوقت ذاته ينطلق انتقاد شديد، يصبح مؤخراً فظّاً أكثر فأكثر ضدّ ما يوصف بأنه الشلل التام في مجال العلاقات مع الفلسطينيين. إن المسؤولية عن الجمود في المسيرة ملقاة على حكومة «إسرائيل» التي تعتبر يمينية وقومية متطرفة. كما أنه يبدو ملموساً إجماع عام أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مذنب بحقيقة أن لا مؤشر على جهد أو نيّة من جانب «إسرائيل» لطرح مبادرة سياسية جديدة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى