تركيا والسعودية تتراجعان عن تدخُّل عسكري في سورية وتربطانه بحرب «داعش» الجيش السوري يتقدّم بسرعة نحو الحدود التركية… والمسلحون في حلب يفاوضون

كتب المحرر السياسي

بعد حملة استمرّت أياماً، عزفت كلّ من أنقرة والرياض عن معزوفة التلويح بالخيار العسكري في سورية، بعد الإنجازات الباهرة للجيش السوري، والحملة التي استهدفت الدور الروسي بتصويره سبب نسف مباحثات جنيف، لصرف النظر عن التفخيخ الذي قادته أنقرة والرياض للمحادثات بقطع الطريق على تصنيف التنظيمات الإرهابية، كشرط مسبق اتفق عليه في نيويورك قبيل التصديق على القرار الأممي 2254، وقيامهما خلافاً للقرار بزجّ تنظيمي «جيش الإسلام» و»أحرار الشام» في تشكيلات الوفد المفاوض للمعارضة إلى جنيف. هذا عدا عن استحالة تطبيق بند وقف النار قبل تحديد التنظيمات الإرهابية المستثناة من أحكامه، ما جعل كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن مساعٍ لوقف النار خارج السياق أيضاً، فاضطر إلى التراجع والعودة إلى انتظار نتائج لقاء ميونيخ المخصّص لإنهاء تصنيف التنظيمات الإرهابية، وبالتالي حسم وفد المعارضة ومصير وقف النار.

رحبت واشنطن باستعدادات تركيا والسعودية ووضعتها في إطار الحرب على «داعش»، وحاولت إقناع حلفائها بأهمية الاستعداد الجدّي للمهمة، لاستباق تقدّم الجيش السوري المتسارع والذي يبدو أنه صار على أبواب الحدود التركية، ولا إمكانية لوقف تقدّمه، فيما الجماعات المسلحة في حلب، وخصوصاً في الأحياء الغربية تعيش تحت وطأة خسارة ممرات الإمداد من الداخل التركي وبدأت بعض قياداتها بالتفاوض مع الجيش السوري والأجهزة الأمنية على صيغ تسليم الأحياء التي تسيطر عليها ضمن تفاهمات تتيح فتح ممرّ للمسلحين الأجانب للرحيل باتجاه الرقة وإدلب، وتسوية أوضاع المسلحين أبناء الأحياء.

تناغمت تركيا والسعودية مع الخطاب الأميركي، لكنهما تراجعتا عن الحماسة وعاد الكلام إنشائياً، خصوصاً باشتراط عبّرت عنه دولة الإمارات العربية المتحدة، بأن تتولى واشنطن قيادة هذه القوات.

لبنان يُنهي اليوم جلسة انتخاب رئاسية بنيت عليها أحلام وتوقعات، كما أنهى ما قبلها دون نصاب ودون رئاسة، فيما ينتظر اللبنانيون خطاب الرئيس سعد الحريري في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط، حيث قالت مصادر مطلعة إنّ كلمة الحريري ستعرض وقائع مسار تعامله مع الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً محطات ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والمفاوضات مع العماد ميشال عون وصولاً إلى شرح أسباب ترشيح النائب سليمان فرنجية، بما سيمثل أول إعلان رسمي لهذا الترشيح.

جلسة انتخاب بلا نصاب

لا معطيات جديدة تؤشر إلى أن تغيراً ما سيطرأ على مشهد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية اليوم، في ظل الاصطفافات الحالية للقوى السياسية، وبالتالي فإن الجلسة ستلقى مصير سابقاتها، أي جلسة بلا نصاب، مع ثبات التيار الوطني الحر وحزب الله ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية على موقفهم بمقاطعة الجلسات ما يثبت عملياً حفاظ فريق 8 آذار على وحدته وتماسكه، رغم الاشتباك السياسي وخلط الأوراق والسجالات الإعلامية بشأن الملف الرئاسي، وبمعزل عن مشاركة كتلة التنمية والتحرير المتفق عليها مع 8 آذار منذ الجلسة الأولى بعد الفراغ الرئاسي.

وأشارت عضو كتلة المستقبل النائب بهية الحريري إلى «أننا لن نكون إلا فاعلين في اختيار الرئيس المقبل بغض النظر عن النتائج، ونحن من دعاة الديمقراطية الحقيقية بأن ينزل جميع النواب إلى المجلس وينتخبوا من يريدون رئيساً ولسنا مع الديمقراطية المعلّبة».

الحريري سيتحدث عن الرئاسة في 14 شباط

وأكد عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري لـ«البناء» حضور كتلة المستقبل جلسة اليوم، موضحاً «أنه لا يمكن أن يتم الاستحقاق الرئاسي من دون موافقة ومشاركة تيار المستقبل وكل فريقنا السياسي».

ولفت حوري إلى أن «انتخاب الرئيس معطل بسبب تمسك حزب الله بالعماد ميشال عون، ولا يمكن للحزب أن يفرض علينا مرشحاً، بل على جميع الفرقاء بمن فيهم الحزب النزول إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس وليس لتعيين رئيس».

وإذ أوضح حوري أن التواصل قائم بين الرئيس سعد الحريري والوزير فرنجية حول الملف الرئاسي، أكد حوري أن الحريري سيتحدث في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري بشكلٍ موسَّع عن الاستحقاق الرئاسي، «لكن مضمون الحديث وإعلانه رسمياً ترشيح فرنجية أمور تعود للحريري ولا يزال هناك متسع من الوقت للحديث عنها».

وأشار إلى أن «اللقاءات بين المستقبل والتيار الوطني الحر لا تلغي الخلافات السياسية بين الطرفين لا سيما حول الاستحقاق الرئاسي». ورداً على سؤال حول ما إذا كان الهدف من هذه اللقاءات إعادة إحياء التفاهم بين عون والحريري، أجاب حوري: «ترشيح عون ليس وارداً لدينا حالياً».

.. وعريجي سيمثّل «المردة»…

وعلمت «البناء» أن «تيار المردة سيشارك في ذكرى 14 شباط عبر وزير الثقافة ريمون عريجي. كما علمت أن «التواصل قائم بين الحريري وفرنجية من خلال بعض الأشخاص».

أبو فاعور: الفراغ الرئاسي قد يطول

ورأى وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور أن «المبادرات الأخيرة التي حصلت لم تدخل تعديلاً جوهرياً في وتيرة تسريع انتخاب رئيس للجمهورية»، مشيراً إلى أن الفراغ الرئاسي قد يكون طويلاً وفق الشروط السياسية الموجودة حالياً.

حزب الله من الرابية: لن نشارك في الجلسة

وكان حزب الله قد جدد من الرابية تأكيد تمسكه بترشيح رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون للرئاسة، معلناً أن الحزب لن يشارك في جلسة الاثنين، مشيراً إلى أنه عندما تتوفر الظروف الملائمة لانتخابه رئيساً للجمهورية، سننزل إلى المجلس النيابي، موضحاً أن ذلك ليس معناه أننا نعمل على سحب ترشيح الوزير فرنجية.

وخلال زيارة قام بها وفد الحزب إلى العماد عون في الرابية بمناسبة مرور عقد على توقيع وثيقة التفاهم بين الطرفين في كنيسة مار مخايل، أكد المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل، «أننا لدينا مرشح طبيعي ودائم اسمه العماد ميشال عون، وعندما تتوفر الظروف الملائمة لانتخابه رئيساً للجمهورية، سنكون أول الوافدين إلى المجلس النيابي».

وقال خليل: «لم يتمكنوا من أن يضعضعوا فريق 8 آذار، بل صار هناك تسليم لدى فريق 14 آذار، كما قال السيد حسن نصرالله بأن الرئيس يجب أن يكون من 8 آذار، واليوم يجب أن نعمل على النقطة المركزية، والتي هي أن لدينا مرشحاً دائماً وهو العماد ميشال عون ويجري العمل على هذه النقطة ليس فقط مع 8 آذار، بل مع الأفرقاء كلهم في البلد».

وأضاف خليل: «ليس معنى ذلك أننا نعمل على سحب ترشيح الوزير فرنجية وليس معناه إذا سحب ترشيحه يكون لمصلحة العماد عون، الأمور بأوانها».

لا خلاف مع حزب الله

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «كلام المعاون السياسي للسيد نصرالله الحاج حسين خليل من الرابية، يؤكد أن لا خلاف بين حزب الله والوزير فرنجية، بل ويتماشى مع ما قاله فرنجية من أنه يربط مشاركته في جلسات انتخاب الرئيس بمشاركة حزب الله».

ووصفت المصادر موقف حزب الله من الرابية «بالأخلاقي»، «لأن الحزب احترم موقف فرنجية وأنه طالما لم يسحب ترشيحه، فإن حزب الله لن يطلب منه ذلك، بل إن الحزب يحترم قرار فرنجية بالاستمرار في ترشحه.

قاسم: الاتهامات بالتعطيل لا تنتج رئيساً

واعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «تضييع المزيد من الوقت ورمي التهم على الآخرين بالتعطيل لا تنتج رئيساً، بل التصرف بواقعية من خلال تعاون الأفرقاء الفاعلين هو الحلّ، وإلاَّ فَقَد لبنان المزيد من الوقت بلا طائل»، وقال: «عودوا إلى ضمائركم وادرسوا الواقع جيداً، وطمئنوا الأفرقاء المختلفين تُنتِجوا رئيساً لكل لبنان».

الجيش يفكك عبوة ناسفة في طرابلس

على الصعيد الأمني، وبعد النجاح النسبي للخطة الأمنية في طرابلس، برز تطور أمني لافت أمس ينبئ بأن عملاً إرهابياً كبيراً كان سينفذ في المدينة، حيث عثر الجيش اللبناني على عبوة ناسفة مكتملة الأجزاء وجاهزة للتفعيل والاستخدام في أي وقت، داخل مبنى ديلاتي في منطقة ساحة النجمة وسط طرابلس مليئة بـ10 كيلوغرامات من مادة الـ «تي ان تي» شديدة الانفجار، وقد عثر عليها في احد المستودعات بناءً على معلومات توافرت للأمن العام اللبناني وتم إبلاغ الجيش اللبناني بها.

وفرض الجيش طوقاً أمنياً حول المبنى، حيث عمِلَ الخبير العسكري على نقل العبوة لتفكيكها، وبالموازاة أجرت وحدات الجيش مسحاً ميدانيّاً للشوارع الممتدّة بين ساحتي النّجمة والكورة في طرابلس بحثاً عن أي عبوات أخرى.

وبحسب المصادر الأمنية، فإن العبوة المضبوطة شبيهة بالعبوات التي استهدفت دوريات الجيش في مناطق البحصاص والخناق قبل سنوات وأدّت حينها إلى سقوط شهداء وجرحى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى