5 + حزب الله

محمد شادي توتونجي

كلنا يذكر حرب تموز 2006، وكلنا يعلم أنّ حزب الله قد هزم «الإسرائيلي» بصورايخ روسية وإيرانية وسورية، وكان له الدور الأكبر بعودة استعراض قوة الأسلحة الروسية من الصورايخ إلى سوق السلاح العالمي بعد أن أتقن استعمالها بحرفية ودقة متناهية، الأمر الذي جعل الروسي مديناً لحزب الله في هذا الجانب.

والكلّ يعلم الدور البارز لحزب الله في سورية، وكيف أنّ دخول حزب الله ولو كان متأخراً إلى جانب الجيش السوري هو من أحدث الفارق وبدأ يعيد التوازن ويغيّر موازين القوى على الأرض، وطبعاً وبعيداً عن الشكل الخارجي فإنّ التدخل كان في سورية ظاهرياً، إلا أنّ كلّ دول محور المقاومة مع الحليف الروسي أدركت وتعلم يقيناً أنه بهذا التدخل لحزب الله قد ساعد كثيراً في منع سقوط سورية، وبالتالي حماية أسوار طهران وموسكو والصين التي ستضعف بعدها كثيراً.

وربما أحبّ البعض أم كرهوا في داخل العراق فإنّ تواجد حزب الله في المعارك هناك ضدّ الأميركي و»الإسرائيلي» بأجهزة مخابراته، كان له الدور الأبرز في إلحاق هزيمة بالحلف الذي ترأسه أميركا ويموّله البترودولار الخليجي في العراق.

وأكبر دليل على فشل السياسات الصهيو ـ أميركية بإلحاق الهزيمة بحزب الله ونزع سلاحه هو ما قدّمه كبير الباحثين والمدير التنفيذي لمعهد واشنطن روبرت ساتلوف في دراسته لسياسة الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط في 15 آذار 2005 بعنوان: Constructive Instability» الفوضى البناءة التي اعتمدتها إدراة بوش الابن آنذاك، والتي كان من أهمّ نقاطها نزع سلاح حزب الله، وجاء فيه ما يلي:

«الامتحان الثاني الذي يواجه السياسة الأميركية الدولية في لبنان، يكمن في كيفية تطبيق البند المتعلق بانسحاب كلّ القوى الأجنبية من لبنان في القرار الدولي رقم 1559، خاصة مع ما يُشاع عن دخول ما يقارب المئة عنصر من الحرس الثوري الإيراني وغيرهم من المدرّبين العسكريين إلى لبنان. وما يشغل بال الأميركيين والمجتمع الدولي في هذا الخصوص هو كيفية تطبيق متطلبات القرار الدولي في ما يتعلق بنزع سلاح حزب الله، وتوسيع سيطرة الجيش اللبناني لتشمل كل المناطق بما فيها السيطرة على المناطق الحدودية بين لبنان وإسرائيل، خاصة أنّ خطورة حزب الله تكمن في امتلاكه لصواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى تل أبيب وغيرها من المدن، وبانسحاب سورية من لبنان، لم يعد بالإمكان أن تحمّل إسرائيل سورية مسؤولية التصرف غير المسؤول لحزب الله، وبالتالي فإنّ انتزاع هذه الصواريخ من يد حزب الله ومن لبنان كله أمر ذو أهمية استراتيجية عليا، يجب أن تترافق مع رحيل المستشارين العسكريين الإيرانيين عن لبنان، لأنه برحيلهم تنقطع الإمدادات العسكرية عن حزب الله».

… وهناك هدف آخر قصير المدى يجب تحقيقه، وهو وضع حدّ لحرية حزب الله في العمل كقوة عسكرية مستقلة في جنوب لبنان، إذ تفيد التقارير أنّ قوة الحزب البشرية تقدّر بعدة مئات من العناصر الناشطة بشكل دائم، بالإضافة إلى احتياطي بشري يقدّر بثلاثة آلاف عنصر يمكن استدعاؤهم في الظروف الطارئة. وبناء عليه فإنّ تنفيذ عملية نزع سلاح الحزب بشكل كامل تقتضي بدايةً الحدّ من انتشاره وحصره في قواعد ومراكز تدريب محدّدة، بعيدة عن الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مسافة كافية لمنع الحزب من إطلاق صواريخ الكاتيوشا. فهذه الخطوة سوف تحدّ من قدرات عناصر الحزب على التسلل عبر الحدود، وتسمح بنشر الجيش اللبناني في تلك المنطقة.

ومن المهمّ التفريق بين موضوع تفكيك سلاح حزب الله، الأمر الذي يجب أن لا تساوم عليه الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة، وبين تحوّل الحزب إلى قوة سياسية. كما يجب التفريق بين قوة حزب الله السياسية وموضوع إدراجه على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية، فمهما بلغت قوة حزب الله السياسية ومهما بلغ عدد أعضائه في البرلمان ليس هناك سبب ضروري لمراجعة الولايات المتحدة الأميركية لقرارها إدراج الحزب على لائحة المنظمات الإرهابية».

فكانت رسائل الداخل إلى 14 آذار بأن جرّبوا أن تنزعوه أو أن تهزمونا أو أن تجرّونا إلى زواريب الداخل لإشغالنا عن أهدافنا الكبرى ودورنا الإقليمي والعالمي الذي أقرّ به أعداؤنا قبل أصدقائنا، لهذا يخططون في كلّ لحظة لحربنا وإزالتنا. أما رسائله إلى الخارج فكانت عبر هزائم «إسرائيل» المتتالية وكسر شوكة الإرهاب الدولي والإجرامي في سورية والعراق واليمن وغزة وفلسطين.

حيث تقول تقارير جهاز «الشين بيت» إنّ العملية الأخيرة كانت نوعية من حيث السلاح والعبوات الناسفة التي كانت مجهّزة وانتقلت التقنية من ضرب السكين إلى إطلاق النار.

حزب الله هو قطب إقليمي بدور عالمي في عالم جديد تعاد اليوم رسم خرائطه من سورية ولبنان، وصولاً إلى أوروبا الشرقية كما كانت في منطقة نفوذ الاتحاد السوفياتي آنذاك.

واللبيب من الإشارة يفهم، نقطة من بداية التاريخ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى