الحملة الأميركية ضدّ حزب الله

غالب قنديل

بالإيقاع ذاته الذي يحرّك الكيان الصهيوني ضدّ القوة التي نزعت منه زمام المبادرة ودمّرت هيبة الردع، يتبدّى الاستهداف الأميركي لحزب الله في السلوك العدائي لحكومة الولايات المتحدة وبإجماع الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الذي أصدر قانوناً خاصاً بالعقوبات ضدّ الحزب ومؤسساته الإعلامية، ونصّ القانون على إجراءات ضدّ الأفراد على قاعدة الظنّ بتقديم المساعدة للحزب، وهي قاعدة افتراضية واسعة ومطاطة درج الأميركيون في تطبيقها على الاستنساب السياسي وخرق القوانين السيادية في مثل هذه الحالات، كما سبق أن فعلوا مع سورية وأصدقائها في لبنان منذ العام 2005.

تتواصل الحملة الأميركية وتجرّ خلفها الحكومات العربية الحليفة للغرب بقيادة المملكة السعودية التي تتذرّع بالكثير من وجوه الخلاف السياسي مع الحزب ودوره في لبنان ومواقفه من الأوضاع الإقليمية، حيث تخوض المملكة بالشراكة مع الولايات المتحدة والحلف الأطلسي حروباً مباشرة، كما في اليمن، أو بواسطة الجماعات التكفيرية الإرهابية، كما هي الحال في سورية والعراق، وهي مؤخراً تلوّح بتدخلات عسكرية مباشرة في سورية لنجدة فلول «القاعدة» و«داعش» وسائر عصابات الإرهاب والتوحش، أو من خلال دعمها للحكم القائم في البحرين ضدّ ثورة شعبية سلمية متواصلة منذ خمس سنوات وتواصل المملكة هذه الحروب بعناد وتشدّد بخلفية التصميم على ضرب محور المقاومة في المنطقة تحت غطاء التصدّي للنفوذ الإيراني.

في الظاهر يبدو السلوك الأميركي معاكساً لخط الانفتاح على إيران الذي واكب انطلاق تطبيق الاتفاق النووي، ويظهر التزامن بين تحرّر إيران من الحصار والهجمة على حزب الله أنّ قرارات واشنطن الأخيرة ضدّ الحزب تجسّد موقع «إسرائيل» المحوري في السياسة الأميركية، وتبيّن مدى خطورة هواجس «إسرائيل» الكثيرة والمعلنة من تعاظم قدرات حزب الله بعد انعتاق القوة الإيرانية من العقوبات الاقتصادية والمالية.

التدابير الأميركية تمثل استجابة عملية للتحذير الصهيوني من خطر حصول حزب الله على إمكانات مالية ضخمة بفعل الدعم الإيراني، أما العقوبات على مؤسسات حزب الله الإعلامية فغايتها منع انتشار خطاب الحزب حول قضية فلسطين بما يمكن أن يُسهم في تصاعد الانتفاضة التي تقف تل أبيب عاجزة أمام فصولها وحائرة في سبل التصدّي لحركة المقاومة الفتية الناشئة في الضفة الغربية المحتلة وفي فلسطين 48 وهي مقاومة تمثل لغزاً صعباً باعتراف المؤسسة الأمنية الصهيونية ويبشّر كتاب وخبراء صهاينة بأنها ستمتدّ إلى زمن طويل عصية على التصفية والقمع.

حماية «إسرائيل» من نتائج الاتفاق النووي تمثل غاية رئيسية من العقوبات ضدّ حزب الله والحملة التي تشمل خطوطاً تقليدية ومستحدثة في شيطنة الحزب مردّها إلى دوره في إفشال الخطط الأميركية الصهيونية في المنطقة، لكونه واقعياً قدّم البديل الشعبي الممكن في وجه الخطر العدواني الصهيوني، وكذلك في وجه التهديد التكفيري، كما برهنت مساهمة الحزب في القتال إلى جانب الجيش العربي السوري وحيث إنّ الحزب نجح في لبنان باحتواء خطر الفتنة التي سعى خصومه إلى تفجيرها، فإنّ تطويق صوته الإعلامي فخفضه يفسحان في المجال لحملات التحريض والتزوير التي تستهدفه باللغة المذهبية، عبر وسائل الإعلام السعودية خصوصاً.

يراهن الأميركيون على الحدّ من فاعلية حزب الله وتأثيره في الرأي العام العربي مع ثبات معادلة الردع التي أقامها لحماية لبنان، وبعد تعاظم إنجازاته في الميدان السوري بالشراكة مع الجيش العربي السوري.

العقوبات الأميركية ضدّ المقاومة هي اعتداء على سيادة لبنان الوطنية، ومن واجب الدولة اللبنانية التصدّي لها على هذا الأساس، كما يفترض التحرك ضدّها على جميع المستويات بتخطي الابتزاز والمساومات التي تمارسها جهات سياسية لبنانية عمدت في السابق إلى عرقلة التصدّي للطلبات والإملاءات الأميركية المكرسة لخدمة العدو الصهيوني، وقدمت الرعاية المحلية لترويض النظام المصرفي اللبناني وإخضاعه للوصاية الأجنبية.

عضو المجلس الوطني للإعلام

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى