تسرّع «الحكيم» في الترشّح يهدف إلى استعجال «المستقبل» والقوطبة على حلفائه

محمد ابراهيم

ما الذي دفع رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى إعلان ترشيحه «رسمياً» إلى رئاسة الجمهورية، ولماذا في هذا التوقيت؟


من الناحية الدستورية ليست هناك مهلة محددة للترشح للرئاسة، بل إن هذا الأمر لا يتطلب ترشيحاً رسمياً أو «هيصة» إعلامية كالتي قام بها جعجع بالأمس. ويكفي أن يرشّح أي نائب نفسه أو يرشّح أي لبناني تتوافر فيه شروط الترشّح، حتى خلال جلسة الانتخاب، ليكون المسمّى مرشحاً.

لذلك، فإن رئيس «القوات» ليس في حاجة أصلاً إلى إعلان ترشّحه على هذا النحو، إلا إذا كان يريد أهدافاً معينة، فما الذي يبتغيه من هذا الترشّح؟

يقول مصدر سياسي مطلع إن الهاجس الأساسي الذي يحاصر جعجع هو التقارب الحاصل بين العماد ميشال عون ورئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري، وخشيته من أن يكون ما حصل في باريس ودبي جزءاً من اتفاق أو صفقة تقضي بالمجيء بعون رئيساً للجمهورية والحريري رئيساً للحكومة. ويضيف أن كل رسائل الطمأنة التي تلقّاها من حليفه المفترض لم تبرّد صدره، خاصة أن الأجواء التي تحكم علاقة التيّار الوطني الحر وتيار «المستقبل» منذ اللقاء السري بين زيعيمي التيارين، بقيت إيجابية، ولم تشهد أي تعكير، ما يعزّز الاعتقاد بأن ثمة حرصاً من الجانبين على العلاقة المستجدة بينهما وعلى تطويرها.

بحسب المعلومات المتوافرة، أبلغ جعجع زوّاره في معراب بأنّ ما تلقّاه من الحريري حتى الآن ليس سوى طمأنة بأنه لم يسمّ أحداً، لكنه لم يؤكّد في الوقت نفسه تأييده له، تاركاً الأمر مبهماً أو ضبابياً، ومتذرّعاً بأن يكون لـ«14 آذار» مرشحاً واحداً. ولم يخف رئيس «القوات» انزعاجه من حالة الانتظار الذي وجد نفسه أسيرها، ما حفّزه على القيام بالمبادرة بدلاً من أن يكون المتلقي. وذاك ما دعاه إلى الإسراع، أو التسرّع في إعلان ترشيحه. ويرى المصدر أن هدفه في المقام الأول القوطبة على «المستقبل» لفرض نفسه كمرشّح أمر واقع لا بديل منه، علّه يحرج حليفه ويحشره أكثر فيعلن موقفه باكراً. كما يريد جعجع أيضاً من هذا الترشّح القول إنه مرشّح «14 آذار»، قاطعاً الطريق على المرشّحين الآخرين، لا سيما الوزير بطرس حرب، والرئيس أمين الجميل الذي يعتبر نفسه مرشحاً مقبولاً لا «ينفّر» الآخرين إن داخل فريقه أو لدى 8 آذار. ولا ينسى أيضاً الأخذ في الاعتبار أن للخارج حصّة وازنة في اختيار الرئيس اللبناني. لذا يعتقد أن ترشّحه اليوم يمكن أن يشكّل أيضاً محاولة استقرار باكر لموقف الدول المؤثّرة، خاصة الولايات المتحدة الأميركية.

من الأهداف الرئيسية لجعجع محاولة جرّ العماد عون إلى قبول معادلة التنافس الثنائي بينهما على الوصول إلى بعبدا، لكن «الجنرال» سبقه في مقابلته الأخيرة إلى التأكيد على أنه لا يريد البتة أن يكون في موقع الطرف في انتخابات الرئاسة.

ويعتقد المصدر السياسي عينه أن محاولة رئيس «القوات» القوطبة على حلفائه المرشّحين غير موفّقة، فهو في ترشّحه هذا كطرف أو كمرشّح لـ«14 آذار» يعزّز رغبة الجميّل وحرب في إظهار كلّ منهما نفسه على أنه المرشّح الأقرب إلى التوافقي. كما أنه في ضغطه الباكر على حلفائه في الداخل والخارج يساهم في كشف الأوراق قبل الدخول الجدي في حسم الاستحقاق الرئاسي، علماً أن ثمة خطوات تتمّ لتهيئة الأجواء تمهيداً للحسم، مع العلم أن المثل القائل «في التأنّي السلامة وفي العجل الندامة» ينطبق على الاستحقاق الرئاسي اللبناني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى