موت من السماء

بلال شرارة

فيما تنطلق حروب أميركا بالوكالة في حلب والرقة السورية والفلوجة العراقية. وفيما ترفع الإدارة الأميركية الحظر عن بيع أسلحة لفيتنام عدوة أميركا السابقة والصديقة الجديدة بمواجهة الصين وتضمّها الى أصدقاء أميركا في شرق آسيا، فيما يجري ذلك، يقوم أول رئيس أميركي باراك أوباما بوضع إكليل من الزهر على المقبرة الرمزية لضحايا قنبلة هيروشيما مقبرة السلام عن سابق إصرار أميركي للإعلان من هناك المكان الأقرب الى كوريا النووية عن بدء حرب أخلاقية بمواجهة التسلح النووي، فلماذا تقتصر المواجهة الأميركية الأخلاقية على السلاح النووي وماذا عن الأسلحة التقليدية؟

بالرغم من الموت الذي سقط من السماء صبيحة يوم 6/7/1945 كما قال الرئيس أوباما وقتل نحو 100 ألف ياباني بينهم نحو 20 ألف عسكري، إلا أنّ قتلى الحروب التقليدية مذ ذاك بلغوا الملايين خلال حروب الولايات المتحدة وحدها في: كوريا، كمبوديا، فيتنام، أفغانستان العراق واليوم بالعودة الى العراق وسورية إذ بلغت أعوام الحروب الأميركية 103 أعوام من أصل 240 من عمر الجمهورية – الولايات المتحدة الأميركية – 18 حرباً ما زال بعضها مستمراً – ايّ انّ 40 من عمر الجمهورية انقضى في الحروب.

لذلك فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه هو: ألا يستدعي الإنفاق العسكري الكبير الراهن ميزانية الولايات المتحدة عام 2015 بلغت 600 مليار دولار، الصين 220 مليار، السعودية 89 مليار، وحسب ولي ولي العهد السعودي فإنّ بلاده هي الثالثة في الإنفاق العسكري عام 2015 والرابعة عام 2014 ثورة أكبر ومسؤولية أخلاقية أعلى. على رغم أننا نفهم سلفاً انّ الإدارة الأميركية التجارية لها مصلحتها في الإبقاء على الحروب تحت سقف الحروب التقليدية إذ ستكون أكثر ربحية حيث ستتيح للولايات المتحدة الأميركية نفسها بقاءها كأكبر منتج ومصدر للأسلحة.

السؤال الذي يطرح نفسه إذن على خلفية الأعداد الهائلة للقتلى والموارد المستهلكة استناداً الى أرقام رسمية كما هو مبيّن أدناه هو: هل المسؤولية الأخلاقية عن الموت تقتصر على ضحايا القنبلة الذرية؟ أم انّ انتشار الأسلحة التقليدية في كلّ الأيدي الرسمية والشعبية و… هي الأشدّ خطراً مع استيقاظ كلّ المشكلات النائمة على مساحة الشرق الاوسط؟ الا يستدعي الأمر العمل لتقليص انتشار السلاح التقليدي ووجود ضابطة دولية تفتش في بيوتنا وجيوبنا ومستودعاتنا عن كلّ سلاح؟

تقول الأرقام:

انّ حجم الإنفاق العسكري العربي عام 2011 استناداً الى بيانات مركز بحوث السلام في ستوكهولم لـ 11 دولة عربية انّ دول الخليج الست هي الأكبر من حيث الإنفاق العسكري، إذ بلغت نسبة مصارفاتها 75 من حجم الإنفاق العسكري العربي.

اما نسبة الإنفاق العسكري عام 2010 فقد بلغت 55 من الناتج المحلي فيما كانت نسبة الإنفاق على الصحة 2.6 وعلى التعليم 3.9 .

انّ النفقات العسكرية للعام 2012 في 14 دولة عربية حسب المصادر المتابعة وصلت الى 181172 مليار دولار، ايّ 20 مليون دولار كلّ ساعة.

وقد بلغت النفقات العسكرية العراقية عام 2012 ما يوازي 7 من الناتج المحلي و20.60 من مجموع النفقات العامة وبموجب الموازنة الاتحادية عام 2013 بلغ الإنفاق العسكري 19,7 مليار دولار ايّ ما يفوق الإنفاق على التربية والصحة والصناعة والزراعة.

في المغرب مثلاً بلغت النفقات على الأمن والدفاع 25,7 .

أما في سورية فتبلغ هذه النفقات 44,7 على الدفاع والأمن مقابل 16,7على التعليم.

انّ إجمالي بعض العينات عن أعداد القتلى بـ السلاح التقليدي فيبرز ما يلي:

اجمالي القتلى حتى آب اغسطس عام 2015 في سورية بلغ 250,000 حسب تقديرات الأمم المتحدة، وبلغ حسب المرصد السوري لحقوق الانسان 368,530 في شباط فبراير 2016 و 470000 قتيل حسب تقديرات المركز السوري للبحوث في شباط فبراير 2016 ويبلغ إجمالي الأسر المفقودة 34500.

وفي اليمن بلغ عدد القتلى حتى 29 أيلول سبتمبر 2015 حوالي 5248 قتيلاً و1,439,118 نازحاً داخلياً و250,000 نازح خارجي بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الجهود ومن بين القتلى 2000 مدني ضمنهم 200 طفل حتى تاريخ 29/7/2015.

أما في ليبيا فإنّ عدد القتلى حتى انتصار الثورة وسقوط نظام القذافي فقد بلغ 4806 حسب وزارة أسر الشهداء والمفقودين، أما عدد المفقودين حتى تحرير التراب الليبي فقد بلغ 255 وعدد القتلى في أحداث أمنية عامي 2012 و 2013 فإنه بلغ 608 وعدد القتلى في كانون الثاني/ يناير 2014 بحسب منظمات غير رسمية 2801 قتيل بينهم 148 في المنطقة الشرقية و1183 في المنطقة الغربية و134 في مدينة سبها أكبر مدن الجنوب وحجم الاغتيالات حسب منظمات محلية ودولية بلغت أكثر من 370 قتيلاً، وبلغت نسبة الأضرار في الممتلكات الرسمية والخاصة نحو 2,5 مليار دولار وعدد الأسر النازحة منذ الاشتباكات مع داعش في حزيران 2014 حسب الهلال الأحمر فقذ بلغ 726825، هذا ولم تقم المصادر بإحصاء القتلى في الحرب ضدّ داعش.

أاما بالنسبة الى العراق فقد بلغ عدد القتلى خلال الوجود الأميركي 116,3 ألف قتيل عراقي وبعد الخروج الأميركي أحصي حتى كانون الاول 2011 حوالي 382 قتيلاً، وخلال العام 2012 حوالي 4600 قتيل، وفي العام 2013 حوالي 700 قتيل، وخلال العام 2014 سجل مقتل 17000 عراقي مع بدء سيطرة داعش على أنحاء في العراق هذا ويتواصل العنف ويتسع حتى يومنا هذا.

وقد أدّى الصراع في المنطقة والإرهاب التهجيري والإرهاب بصورة عامة الى نزوح ملايين المواطنين من منازلهم ومدنهم وأريافهم.

وقد شهدت سورية نزوح ما يقرب من 7 ملايين من مواطنيها إضافة الى وجود 12,6 مليون مواطن بحاجة لمساعدات إنسانية كما شهد العراق نزوح نحو 7,6 مليون من ابنائه وعدد غير معروف من اللاجئين الليبين واليمنيين، كلّ ذلك دون ان نغفل وجود أكبر مجموعة لاجئين في العالم من ابناء الشعب الفلسطيني، علماً بأننا في السابق نشرنا وغيرُنا الكثير عن الشعب الفلسطيني.

انّ ما تقدّم هو إحصاء متسرّع لبعض ضحايا الحروب بالأسلحة التقليدية.

هل تكفي تلك المشاهد لتعميم المطالبة بالوقف الاخلاقي لكلّ أنواع الحروب وبكلّ أنواع الأسلحة؟

هل من سبيل الى تحقيق الأماني الوطنية للشعب الفلسطيني وإنهاء سباق التسلح الذي تشعله «إسرائيل»؟

أنا أزعم أنّ الشرق الأوسط ومشتقاته من ساحات الحروب تحوّل ليس إلى ساحة للرماية بالأسلحة التقليدية في مناورات بالذخيرة الحية على أجساد شعوبه فحسب، بل ساحة لاختبار كلّ أنواع الأسلحة الفتاكة بصورة خاصة.

أنا ازعم أنّ «إسرائيل» جرّبت حتى الذخائر المنضدة في سهل رامية في جنوب لبنان وأنواعاً أخرى من الذخائر.

وهكذا ما زلنا ننتظر كلّ ما يتساقط علينا جواً وبراً من ذخائر تقليدية والمخفي أعظم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى