كلّ الطرق معبّدة أمام انطلاق عجلة المفاوضات السورية في جنيف

كنان خليل اليوسف

في السابع والعشرين من نيسان الماضي توقفت عجلة المفاوضات بين الأطراف السورية في جنيف، ومنذ ذلك التاريخ كانت العقبات تزداد أمام نضوج أيّ فرصة للعودة إلى الطاولة، على الأقلّ هذا ما بدا واضحاً من خلال تغيّب المبعوث الدولي بجهوده وجولاته وتصريحاته، لعلّ أبرز هذ العقبات كانت استعار الميدان والتجاذبات الروسية الأميركية طوال الفترة الماضية حيث اللاإتفاق بين موسكو وواشنطن.

اليوم تبدو الصورة أكثر وضوحاً والظروف أكثر نضوجاً والفارق هو سلسلة من التطورات التي سجلتها المنطقة منذ 27 نيسان الماضي لغاية اليوم، بدءاً بظروف الميدان في مدينة حلب، فقبل التاريح الآنف الذكر لم تكن مزارع الملاح قد حرّرت، ولم يكن طريق الكاستيلو قد قطع نهائياً، والأهمّ لم تكن الأحياء الشرقية لمدينة حلب مطوّقة على من بداخلها من المجموعات المسلحة.

وقبل 27 نيسان لم تكن رسالة رجب طيب أردوغان قد وصلت إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والاعتذار على حادثة إسقاط المقاتلة الروسية من قبل أنقرة في السماء السورية، وما تبعها من توتر للعلاقات بين البلدين، لتفتح هذه الرسالة الباب مجدّداً أمام انفتاح تركي مع موسكو وصولاً إلى ما قاله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤخراً حول أنّ القيادة التركية تدرك الآن ضرورة التعاون حول سورية بشفافية أكبر .

والأهمّ من ظروف الميدان وتطبيع العلاقات الروسية ـ التركية، بل وعطفاً عليها، هو ما شهدته تركيا من محاولة انقلاب ودخول أنقرة في أزمة داخلية تجعلها منشغلة في ترتيب بيتها الداخلي أكثر من أيّ شيء آخر، وهو ما انعكس على الميدان السوري في حلب تحديداً، فبعد استعادة مزارع الملاح في ريف حلب الشمالي من قبل الجيش السوري والحلفاء كان اللافت هو إعلان المجموعات المسلحة المدعومة من تركيا لمعركة حاولت من خلالها استعادة هذه المزارع بقطاعاتها كافة، ولكن سرعان ما تراجعت عن قرارها مسجلة حالات من الفرار والانسحاب لفصائل كاملة بعينها، لتبدأ حملات التخوين في ما بينها. وكأنّ هذه المجموعات تلقت إشارة بتبدّل المعادلات في تلك المنطقة وهو ما انكشف لاحقاً بعد محاولة الانقلاب في تركيا.

وإذا ما بقينا في الطرق المعبدة نحو المفاوضات السورية يبدو الطريق الذي سلكه وزير الخارجية الأميركي جون كيري نحو الكرملين، وما حمله معه من أكثر الطرق تعبيداً أمام الأطراف السورية للسير قدماً نحو طاولة المفاوضات بعد أكثر من ثلاثة أشهر على هجرها، فبمجرد أن يتفق الروسي والأميركي على التنسيق العسكري وتبادل المعلومات، فهذا بحدّ ذاته مؤشر للتوافق أو على الأقلّ اختبار للنوايا بين الطرفين إلى حين الاجتماع الثلاثي المقرّر في جنيف بين موسكو وواشنطن والأمم المتحدة خلال الأيام المقبلة.

طريق آخر تعبّده المعارضة السورية ممثلة بوفدها المسمّى الهيئة العليا للمفاوضات المنبثق عن اجتماع الرياض الذي بدت تصريحاته أقلّ تطرفاً حيال المفاوضات، وبل تعمل جاهدة لإطلاقها واضعة في حسبانها جملة التغيّرات والتطورات التي شهدتها المنطقة خلال الأشهر الماضية.

فالسيد حسن عبد العظيم المنسق العام لهيئة التنسيق في الداخل السوري، يتحدّث عن اجتماع للهيئة العليا للمفاوضات في الرياض جرى بين 15 و 18 تموز من هذا الشهر، واصفاً إياه بالمنتج والهامّ وقد نتج عنه «اتفاق غالبية ا عضاء بمن فيهم المنسق العام رياض حجاب ومكتب إعلام الهيئة العليا والناطق الرسمي رياض نعسان آغا على إنهاء قرارها السابق بتأجيل المشاركة في المباحثات مع الوفد الرسمي في مؤتمر جنيف 3 ومتابعة العملية السياسية التفاوضية في الجولة المقبلة بدون شروط مسبقة وبدون توقف حتى إنجاز الحلّ السياسي خلال ا شهر المقبلة، والكلام هنا حرفياً للسيد عبد العظيم.

ومع كلّ هذه الطرق التي تمّ ويتمّ تعبيدها، تقول كافة المؤشرات إنّ جولة جديدة للمفاوضات السورية ستعقد في جنيف خلال شهر آب المقبل بحسب المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، وبغض النظر عن الأجندات التي سيحملها فالهدف هو أن تجلس الأطراف السورية على الطاولة من جديد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى