صفقة السبهان: مقايضة سَحْب التلويح بالفراغ بقبول قانون ميقاتي قاسم لـ«البناء»: جاهزون للمواجهة مع «إسرائيل».. ولسنا ضمن المعادلة السورية

كتب المحرّر السياسي

يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهجته الخطابية العالية الوتيرة بكلّ اتجاه يومياً، ويوزع عنترياته يميناً ويساراً، بينما تتلمّس إدارته محاولة رسم مشروع ينسجم مع السقوف العالية التي رسمها بخطابه، وهي ترث أوضاعاً معقدة داخلية وخارجية لا تفيد فيها إلا السياسات الواقعية التي تنطلق من اعترافات ترامب الانتخابية، بلا جدوى سياسات الحروب التي دمّرت وخرّبت وجلبت القاعدة ولم تحقق الاستقرار لا في العراق ولا في ليبيا، ولا تعد إذا استمرت بتحقيقه في سورية وسواها، وما من بديل يناسب أميركا غير سياسات الانفتاح على خيارات التعاون والحوار مع القوى الصاعدة دولياً وإقليمياً.

بانتظار نهاية العاصفة الرملية الاستعراضية لترامب التي تعمي الكثير من الأبصار تمارس موسكو هدوءها، فتأمل خيراً مع ترامب ولا تعلّق على يومياته، بل تمضي في ترسيخ منجزات حققتها في المواجهات التي خاضتها خصوصاً في سورية، فتعطي المجال للتموضع الأردني بمثل ما أفسحت مثله من قبل للتموضع التركي لتوفير أرضية جاهزة للإقلاع بمشروع واقعي في مسار الحل السياسي بالتوازي مع مشروع جدّي للحرب على الإرهاب. وهو ما ينتظر انخراطاً مصرياً تأخّر في المساعي المزدوجة للحلّ السياسي والحرب على الإرهاب وإقراراً سعودياً مباشراً، وليس بالواسطة الأردنية، يبدو أنه لا يزال بحاجة للوقت.

لبنانياً، تبدو مساحات التفاؤل تتقدم لجهة مصير قانون الانتخابات النيابية، بعد أيام من الإحباط وصلت حد الحديث عن إنهاء عمل اللجنة الرباعية من دون بديل حواري يحل مكانها، ومصدر التفاؤل ما تسرّب عن صفقة رعاها الوزير السعودي ثامر السبهان، وأراد وزير الداخلية نهاد المشنوق ملاقاتها بنبرة عالية تتيح تحقيق نقاط سياسية بركوب موجة نتائجها. والصفقة التي تقول المعلومات أن السبهان عرضها على الفرقاء تقوم على تخلي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن التلويح بالفراغ، مقابل ضمان السير بقانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في حال الفشل في التوصل لقانون توافقي قبل تاريخ نهاية ولاية المجلس النيابي في العشرين من حزيران، باعتبار قانون ميقاتي صادر عن حكومة شاركت أغلبية القوى السياسية فيها، وكان تيار المستقبل الوحيد خارجها، ولكنه لم يعارض القانون وسقف ما يطرحه بعض التعديلات عليه، على أن يستمرّ الحوار نحو قانون جديد حتى العشرين من أيار قبل الحسم بالسير بقانون ميقاتي كبوليصة تأمين توفر السعودية التغطية اللازمة للسير فيها، عندما تصبح خياراً أخيراً لا بد منه لمنع وقوع الفراغ. وهو ما يعني بالنسبة لرئيس الجمهورية عملياً أنه لولا تلويحه بالفراغ لما تحقق ما كان هدفه الأصلي، وهو قانون جديد يعتمد النسبية.

في حوار خاص بـ«البناء» يُنشر غداً، أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أن النسبية الكاملة هي مشروع حزب الله المنفتح على الحوار حول أي مشروع آخر، لافتاً إلى دعوة لمناقشة مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قبل أسبوعين، مستبعداً الفراغ والتمديد وقانون الستين نهائياً لصالح ولادة قانون جديد ومجلس نيابي جديد على أساسه، فالتوازنات تغيّرت، والمعادلات الجديدة ستفرض نفسها، لأن الخارج بات حضوره أقل بكثير وبلا مشروع واضح وموحّد، والداخل سيشتغل بحساباته الخاصة التي قد لا تجمع كتلاً كبرى كما كان الحال مع فريق بحجم الرابع عشر من آذار يوم كان متماسكاً، والحراك والحوار حول قانون الانتخاب يبدو طبيعياً من منطلق حسابات الأطراف كلها لتأثير المتغيرات عليها، وكلام رئيس الجمهورية عن الاستفتاء والفراغ للضغط على الجميع لبلوغ التفاهم على قانون جديد تتم الانتخابات على أساسه. ولم يستبعد قاسم في هذا السياق أن ينتقل الحوار إلى بعبدا لاحقاً في آلية واسعة برعاية رئيس الجمهورية.

على المستوى الدولي والإقليمي، أشار قاسم إلى ثقة حزب الله بقراءته وتحالفاته وحساباته، قائلاً انتهى زمن الرهانات على خلاف وتباين بين أطراف الحلف روسيا وإيران وسورية وحزب الله. وخفف قاسم من أبعاد الحديث التركي حول انسحاب حزب الله من سورية، فهو كلام سياسي لإرضاء فصائل المعارضة انتهى مفعوله هنا، وحزب الله ليس جزءاً من معادلة الحل السياسي في سورية، أما عن الحسابات «الإسرائيلية» في جبهة جنوب لبنان ودور الحزب في جبهة الجولان، فالحزب ليس معنياً بطمأنة «إسرائيل» ومخاوفها. وكلمته لها واحدة ودائمة، نحن جاهزون لدفع كلفة المواجهة فهل أنتم جاهزون؟

عون لجنبلاط: لا تزايد بإلغاء الطائفية

بين إصرار رئيس الجمهورية على أولوية إقرار قانون انتخاب جديد وبين إعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس، أنه سيدعو الهيئات الناخبة قبل نهاية المهلة الدستورية، ومع وصول اللجنة الرباعية التي تستأنف اجتماعاتها خلال اليومين المقبلين، الى طريق مسدود حتى الساعة، بقيت المواقف على حالها، رغم بصيص الأمل وموجات التفاؤل التي تتسرّب بين الحين والآخر بقرب ولادة قانون جديد، لكن الهوة حيال الملف الانتخابي بين بعبدا وبيت الوسط، آخذة في التوسّع بعد رسائل المشنوق المشفرة باتجاه بعبدا بالتزامن مع وجود الموفد السعودي ثامر السبهان في بيروت، وإن حاول رئيس الحكومة سعد الحريري الإيحاء بأن العلاقة جيدة مع رئيس الجمهورية.

ونقل زوار الرئيس ميشال عون عنه لـ»البناء» تفاؤله بـ«قرب توصّل المكوّنات السياسية الى توافق بشأن قانون الانتخاب، وأنه يريد قانون انتخاب لا يقصي أحداً ولديه مرونة وقدرة على تمثيل أوسع للشرائح السياسية والشعبية ويحقق الاستقرار الوطني ويضمن حقوق الجميع»، وأوضحوا أن «رئيس الجمهورية بين الفراغ والتمديد للمجلس الحالي يختار الفراغ، لكن لا يعني أننا سندخل في الفراغ النيابي أو أن الرئيس يفضل الفراغ، بل هو يحثّ الأطراف على إنجاز قانون بعد ثماني سنوات على وجود المجلس الحالي وأن ذلك بات ضرورة ملحة وملزمة للأطراف كافة».

كما نقل الزوار عن عون استبعاده الوصول الى الفراغ النيابي و»أننا لن نبقى حتى حزيران المقبل من دون قانون جديد، وتأكيده بأننا سنصل الى قانون وإن طال أمد ذلك أشهراً عدة، لكن الاتجاه هو الى التوافق والوصول الى تسوية وأنه سيوقّع أي قانون يتوصّل إليه الأطراف، وإن كان أحد صيغ القانون المختلط مناصفة بين النسبية والأكثري»، ولفت الزوار الى أن «عون لن يوقّع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ولو أن وزير الداخلية ملزم بالقيام بواجباته، وأن عدم توقيع المرسوم يعني سقوط قانون الستين. وفي هذه الحالة أمام المجلس النيابي أشهر عدة حتى حزيران كي يقرّ قانوناً جديداً»، وشدّدوا على أن «المجلس لا يحق له التمديد تقنياً إلا في حال إنجاز قانون جديد».

ودعا العماد عون إلى العمل «من أجل إرساء أسس ثقافة تساهم في الخروج من الأطر الطائفية الضيقة إلى رحاب المواطنة التي تجمع على القيم»، مؤكداً أنه سيعمل من موقعه على «الدفع في اتجاه تخفيف وطأة الطائفية وتداعياتها، من دون التقليل من غنى لبنان الذي هو في تنوّعه وتعدديته ما جعله بلداً نموذجياً».

وردّ عون على النائب وليد جنبلاط من دون أن يسمّيه قائلاً بأن «لجوء البعض إلى المزايدة في الحديث عن ضرورة إلغاء الطائفية لا يؤدي عملياً إلى إلغائها»، وداعياً إلى «احترام الكفاءات داخل كل طائفة وألا يكون الولاء السياسي وحده هو المعيار الأبرز لدى اختيار ممثلي كل طائفة في المسؤولية العامة».

«المستقبل»: لا للنسبية

وفي حين حسم تيار المستقبل موقفه بعد «الانتفاضة» الجنبلاطية بالوقوف الى جانب المختارة في مواجهة قوانين النسبية، أكدت أوساط نيابية في المستقبل لـ«البناء» أن «الحريري لن يقبل بأي قانون لا يرتضيه جنبلاط، أو يقصد منه حصار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وتحجيم موقعه ومكانته السياسية والوطنية».

ورجّحت الأوساط التوصل الى قانون توافقي، متحدثة عن محاولات حثيثة على صعيد اللجنة الرباعية والاجتماعات الثنائية في هذا الاتجاه، لكنها أكدت أن ملامح قانون الانتخاب الجديد لم تتبلور بعد إلا أن إرادة أكثرية القوى السياسية موجودة لإقرار قانون جديد»، وأوضحت أن «تيار المستقبل ينطلق في مقاربته للقانون من ثلاث ركائز، الأولى أنه لن يقبل بقانون الستين ويؤيد إنجاز قانون جديد وانتخابات في موعدها، ثانياً إن أي قانون يستهدف به طرف أو أكثر، وتحديداً جنبلاط لن نقبل به، وثالثاً أن القانون يتم بالتوافق مع جميع الأطراف وأن لا تكون نتائجه معروفة سلفاً».

ولفتت الأوساط نفسها الى أن «المستقبل يرفض النسبية رفضاً قاطعاً في ظل السلاح، وبالتالي هذا موقف نهائي، وبالتالي قانون الرئيس نجيب ميقاتي مرفوض، ونحن مستعدون للانطلاق من قانون المختلط الثلاثي للبحث في تقسيمات الدوائر والتوزيع النيابي للوصول الى قانون توافقي، لكن لن نقبل بفرض القانون».

وعن انتقال المستقبل إلى ضفة المواجهة مع بعبدا في قانون الانتخاب، اعتبرت الأوساط أن رئيس الجمهورية لجميع اللبنانيين وليس مع فريق ضد آخر ولفريقه السياسي الحق في المطالبة بأي قانون، كما غيره من الأطراف، لكن لا يجوز أن ينحاز الرئيس الى جهة معينة. ونفت أن يكون كلام المشنوق قد «حمل رسائل سعودية الى العهد، بل الزيارة استكمال لزيارة عون الى المملكة في سياق تعزيز وتوثيق العلاقات اللبنانية الخليجية لإعادتها الى سابق عهدها».

وأكدت أننا «في نهاية المطاف سنصل الى قانون تسوية يرضي الجميع ولن يتحوّل الأمر الى عنصر مواجهة، ولن نقبل بالفراغ وإذا لم نتفق على قانون ووصلنا الى موعد الانتخابات فالمجلس النيابي يقرّر حينها».

وشددت كتلة المستقبل على «أهمية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها من دون أي تأخير استناداً الى قانون جديد يتيح التوافق بين مختلف الأطراف استناداً الى الدستور واتفاق الطائف».

حزب الله: نناقش بعقلية منفتحة

ووفق معنيين ومطلعين على ملف قانون الانتخاب، فإن حزب الله لا زال حتى الساعة، رغم كل اللقاءات متمسكاً بالنسبية الكاملة ويحاول إقناع القوى الأخرى خلال الاجتماعات الرباعية والثنائية التي تحصل للسير بالنسبية الكاملة التي تريح الجميع وتحفّظ حقوقهم»، ويشدّد المطلعون على الملف لـ»البناء» رداً على المشكّكين بقرار الحزب التزام النسبية بأنه منذ عامين ونصف العام ومنذ أن طرح ملف القانون على بساط البحث، لم يطرح الحزب أي قانون غير النسبية الكاملة، رغم أن كل القوى الأخرى تقدّمت بصيغ مختلفة، وبالتالي هذا يدلّ على احترام الحزب للإرادة الشعبية وصحة التمثيل، ويرفض المطلعون وضع مهل زمنية ودستورية للاتفاق على قانون جديد ورسم سناريوات خطيرة، ويؤكدون أن النقاش مستمر ومفتوح حتى الوصول الى الهدف المنشود، ويوضحون أن «اللقاء الرباعي لم يهمّش أو يختصر أحداً لانه ليس هيئة رسمية ولا تستطيع اتخاذ القرار بل لجنة تشاورية، وحزب الله دعي كغيره من القوى الموجودة ويناقش بعقلية منفتحة جميع الصيغ في محاولة للوصول الى إحداها لتكون مقبولة من الجميع، لكن أي صيغة توافق عليها اللجنة بحاجة الى نقاش في المجلس النيابي والى التصويت».

ولا يتخوف حزب الله من الفراغ النيابي، كما لن يستبق الامور، فهناك متسع من الوقت أمام القوى السياسية ولا بد من الاتفاق على صيغة انتخابية والأبواب ليست مغلقة، لكن ما يؤكده المعنيون بأن ملف القانون شأن داخلي بحت ولن يتدخل به الخارج على الإطلاق. ويكتفي الزائرون والموفودون الخارجيون بتأكيد توافق القوى وإجراء الانتخابات في موعدها. وبالتالي «المطبخ لبناني وحجم الضغوط والتأثيرات الخارجية منعدمة على الأقل لدى حزب الله».

الموازنة أمام مجلس الوزراء اليوم

ورغم أن ملف الموازنة سيطغى على نقاشات مجلس الوزراء في جلسته العادية اليوم في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية، غير أن «قانون الانتخاب سيفرض نفسه من خارج جدول الأعمال، لا سيما موضوع دعوة الهيئات الناخبة الذي سيطرحه وزير الداخلية مجدداً على المجلس في حين سيجدد عون رفضه التوقيع قبل إنجاز القانون الجديد».

وسيركز مجلس الوزراء على بحث مشروع الموازنة، وسيعرض وزير المال علي حسن خليل خطوطها العريضة على الوزراء الذين سيناقشون بالارقام، وسط ترجيحات وزارية بأن إقرار المشروع سيتطلب أكثر من جلسة.

وكان خليل قد أحال مشروع موازنة 2017 إلى مجلس الوزراء في الشهر الماضي.

.. وجلسة مساءلة

وبعد غياب طويل، عاد المجلس النيابي الى ممارسة دوره الرقابي وفي مساءلة السلطة التنفيذية. وسلك المجلس الخطوة الاولى في العهد الجديد باعتماده جلسات الأسئلة السريعة.

وترأس الجلسة التي عقدت أمس، نائب رئيس المجلس النائب فريد مكاري لغياب رئيس المجلس نبيه بري بسبب إجرائه عملية جراحية ناجحة قبل أن يعود الى نشاطه ومزاولة عمله.

وناقشت الجلسة 5 أسئلة واردة الى الهيئة العامة للمجلس بالتسلسل على جدول الاعمال، أبرزها: فضيحة الانترنت غير الشرعي التي أثارها النائب علي عمار، وسأل، كيف أن هذه الجريمة موصوفة ومسرحها معروف والمجرومون معروفون بالاسم، والأدلة موجودة والقضاء برموزه الثلاثة: المدعي العام المالي والتمييزي والمحكمة. في هذا الجو فضيحة بهذا الحجم ولا نرى أحداً من المتهمين في السجن ويتلهون بالدفوع الشكلية»، ولم يقتنع بالأجوبة وطالب بتحويل سؤاله الى «استجواب».

وطالب النائب حسن فضل الله وضع «آليات مكافحة الفساد وضبط الهدر في البيان الوزاري للحكومة». وطرح النائب روبير غانم سؤالاً يتعلّق بـ»تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في موضوع النفايات».

وأكد الحريري، أكثر من مرة في الجلسة، «تصميم الحكومة على محاسبة المرتكبين مهما علا شأنهم، وسيدفع هؤلاء الثمن ومَن شهّر بهم من دون وجه حق سنعتذر منهم». وأكد أن حكومته «ستلتزم الخطة التي وضعتها حكومة الرئيس تمام سلام لمعالجة مشكلة النفايات، وفي ما يخص الكوستابرافا والنورس، الحكومة قامت بإجراءات كثيرة، ونحن سنكمل معالجة موضوع النورس والأجهزة التي تصدر أصواتاً، ونحن بالنسبة الينا الخطة التي اقرتها حكومة سلام سنستكملها بتفاصيلها، ولن نسمح بعودة النفايات الى الشوارع».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى