للناخب حقّ اختيار التصويت لمرشحين عن 40 في المئة من عدد مقاعد المحافظة

قدّم النائب السابق ناصر قنديل تصوُّراً يعتقد أنه يشكل مخرجاً من أزمة قانون الانتخابات الذي باتت موازين القوى السياسية المحلية والإقليمية تسمح بالسير فيه، برأيه، للخروج من الانسداد الذي يتسبّب به توازن سلبي بقدرة التعطيل بين دعاة النسبية ودعاة النظام الأكثري.

ويقوم المقترح على اعتماد المحافظات الخمس كدوائر انتخابية على أساس النظام الأكثري لكن بالصوت النسبي الذي يحصر حقّ الناخب الواحد بالتصويت كحدّ أقصى لنسبة 40 في المئة من عدد المقاعد المخصص للدائرة التي يقترع فيها مع مراعاة التوزيع الطائفي للمقاعد وحقه في اختيار أي مرشحين من لائحة أو بدونها لطائفة أو أكثر طالما أنه يختار مرشحيه من بين المرشحين بما لا يزيد عن الـ40 في المئة من المقاعد المُعتمدة لدائرته.

واشترط قنديل اعتماد هذا القانون لمرة واحدة ضمن خطة دستورية تبدأ بربطه بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية وتسميتها بالهيئة الوطنية للإصلاح لإقرار خطة زمنية على أربع دورات انتخابية لاحقة تعتمد نظام المجلسين بمحلس نيابي ومجلس للشيوخ.

ورأى قنديل أنّ أهل النسبية أخطأوا بحقها عندما ارتضَوا دمجها بالطائفية وبالأكثري وبالدوائر المتعدِّدة، معتبراً أنّ النسبية نظام انتخابي لتنشيط الحياة الحزبية لا تستقيم إلا خارج القيد الطائفي ولبنان دائرة واحدة وفي مجلس منفصل عن المجلس الذي يراعى في انتخابه القيد الطائفي والداوئر المتعدِّدة والنظام الأكثري.

وقال قنديل: إنّ ما يحتاجه اللبنانيون ليس حلاً سحرياً مستحيلاً ولا تأبيداً في الموقَّت الذي يصير دائماً بل خارطة طريق ولو امتدت لعشرين سنة بوضوح تتابع مراحلها وتضعهم على سكة بناء الدولة العصرية التي لا تتجاهل الهواجس الطائفية لكنها لا تسمح بتحويلها أداة تقاسم للمناصب والمكاسب والابتزاز مرة بداعي الغبن وأخرى بداعي القلق الوجودي.

ووصف قنديل مقترحه بأنه يلبي أغلب تطلعات النظام النسبي من دون التسبب بالقلق لأهل النظام الأكثري فيقيم التوزان بين ضمان حقوق القوى الكبرى بتمثيل يعادل أوزانها لكنه يفتح ثغرة في الجدار المغلق لتمثيل سواها ولو بحجم الـ20 في المئة الذي سيكون مُتاحاً في كلّ دائرة على مستوى المحافظات الخمس للائحة ثالثة غير اللائحتين الكبيرتين اللتين تحتكران التمثيل منذ اتفاق الطائف وتتشكل منهما المحادل التي تُعطِّل الديمقراطية، فالمقترح الجديد يُحوِّل صوت الناخب من أداة لإلغاء صوت ناخب آخر إلى منافسته على حجم التمثيل، ويفتح باب خلط الأوراق الانتخابية وبقائها محسوبة بما لا يتسبَّب بالفوضى في آنٍ واحد، فخلط الأوراق هنا ما جعل القوى الكبرى متحرِّرة من التحالفات الإلزامية لجمع ما يفوق الـ51 في المئة اللازمة للفوز في النظام الأكثري بالتصويت المطلق المعتمد حالياً، ويدفع الأحزاب والكتل الصغيرة والشخصيات المستقلة للتشكل في لائحة أو أكثر للحصول على الـ20 في المئة من المقاعد التي لن تتمكن الكتل الكبرى من الفوز بها، لكنّ القانون لا يصل إلى مستوى ما تحققه النسبية بفتح الباب للائحة رابعة وخامسة لتكون هي الصيغة المثلى لاحقاً وفق لبنان دائرة واحدة ومن خارج القيد الطائفي ضمن مجلس مستقل في صيغة المجلسين.

واعتبر قنديل أنّ الأزمة التي نعيشها وتسقط معها فرص التوافق تستدعي العودة إلى الدستور الذي بقي جامعاً مشتركاً وحيداً لا تراجع عنه ولا تشكيك فيه، وهذا يعني التوجه لفخامة رئيس الجمهورية لاستخدام صلاحيته بحقّ طلب تعديل الدستور لنزع صفة الوعود الواردة في ثلاث مواد دستورية معطلة وتحويلها إلى صيغة دستورية حية إجرائية، فمن المعيب أن يبقى في دستورنا مواد من نوع «عندما يُنتخب أول مجلس نيابي على أساس المناصفة تنشأ هيئة لإلغاء الطائفية» ونحن ندخل المجلس السادس وليس الأول على أساس المناصفة ومن المعيب أن يبقى في دستورنا مادة تقول «مع انتخاب أول مجلس نيابي خارج القيد الطائفي ينشأ مجلس للشيوخ» ولا تقول متى وكيف. ومن المعيب أن يكون في دستورنا مادة تقول «تُعتمد الكفاءة في الوظائف العامة وتستثنى الفئة الأولى فقط بينما كلّ وظائف الدولة تخضع لنظام المُحاصصة الطائفية لتخضع بالتالي لتقاسم الزعامات والكتل وفقاً للمحسوبية ونتحدث بعدها عن ولاء مستحيل لموظف قيادي لدولته وليس لزعيمه ونشبع حديثاً عن محاربة الفساد الذي نعلم أننا نُشرِّع لقيامه وتوسُّعه وتجذره.

واقترح قنديل خريطة طريق من أربع دورات انتخابية: الأولى وفقاً لمقترحه بالنظام الأكثري والقيد الطائفي والمحافظات الخمسة مع التصويت النسبي المشروط بسقف حقّ الناخب باختيار 40 في المئة فقط من المقاعد المُخصصة لدائرته، ويكون هذا أول تعديل دستوري للمادة 24 بالتزامن مع تعديل المادة 95 لجهة الإعلان عن آلية إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية كهيئة وطنية للإصلاح وتحديد صلاحيتها ليتولى المجلس النيابي تشكيلها بقانون وتعديل المادة 22 من الدستور لتصير مادة إجرائية تُحدِّد كيفية إنشاء مجلسي النواب والشيوخ والتوزيع التدريجي على ثلاث دورات انتخابية لعدد المقاعد والصلاحيات بينهما.

نصّ المادة 22 مُعدَّلاً كما اقترحه قنديل

تتكون السلطة التشريعية من 160 عضواً يتوزعون على مجلسين واحد للشيوخ وثانٍ للنواب، حيث يتولى مجلس النواب تشريع القوانين وتصير نافذة بإقراره لها وفق الأصول المنصوص عليها بينما يحتاج إقراره للقوانين الخاصة بتعديل الدستور وتصديق المعاهدات الخارجية وإقرار الموازنة العامة والقوانين الخاصة بالأحوال الشخصية وما في حكمها بارتباطه بميثاق العيش المشترك ومقدمة الدستور إلى تصديق من مجلس الشيوخ.

يتكون مجلس النواب من 128 نائباً يُنتخبون وفقاً للنظام النسبي واللوائح المُقفلة للأحزاب والكتل السياسية خارج القيد الطائفي.

يتكون مجلس الشيوخ من 32 شيخاً يمثلون العائلات الروحية وفقاً لمبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين ويتم انتخابهم بما يراعي التوزان بين الطوائف والمناطق ويُعتمد في الانتخاب النظام الأكثري والصوت النسبي على مستوى المحافظات الخمس.

بصورة مرحلية وفي أول دورتين انتخابيتين يتبادل المجلسان الصلاحيات وقواعد الانتخاب ويكون أول مجلس للشيوخ من 32 شيخاً منتخبين خارج القيد الطائفي على مستوى لبنان دائرة واحدة وفقاً للنظام النسبي يتولى تصديق القوانين التي نصّت عليها الفقرة أ بعد إقرارها في مجلس النواب المُنتخب على أساس النظام الأكثري بالتصويت النسبي في المحافظات الخمس ومراعاة التمثيل الطائفي والمُكوَّن من 128 نائباً على أن يتكون مجلس الشيوخ في الدورة التي تلي من 64 شيخاً ويتكون مجلس النواب من 96 نائباً ويستعيد كلّ من المجلسين صلاحياته مع الدورة الانتخابية الثالثة ليستقرّ تكوين السلطة التشريعية في الدورة الرابعة على مجلس نيابي من 128 نائباً يُنتخبون وفقاً للتمثيل النسبي ولبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي مقابل مجلس للشيوخ من 32 مقعداً يمثلون العائلات الروحية ويتولى النظر في القضايا المصيرية.

يجتمع المجلسان برئاسة رئيس مجلس النواب في حالات مناقشة البيان الوزاري للحكومة ومنحها الثقة وجلسات المناقشة العامة والأسئلة والاستجوابات وجلسات انتخاب رئيس الجمهورية.

يمثل الوزراء المختصّون أمام اللجان المنبثقة من مجلس النواب والشيوخ مجتمعين ومنفصلين حسب طبيعة الدعوة وتطبق في الحالتين القواعد والأصول ذاتها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى