استمرار مسار جنيف.. أو خيارات وبدائل أخرى

معن حمية

لم تنجح الدول المشاركة في الحرب على سورية بجعل «جنيف 4» منصّة لأدواتها يُعيدون من خلالها تكرار الشعارات ذاتها. ذلك أنّ وفد الحكومة السورية وضع «فيتو» بوجه هذه المحاولات، وبدا حاسماً لجهة عدم إتاحة الفرص أمام من يسمّون أنفسهم معارضة، لإعادة تقديم طروحات، تستهدف فقط تعطيل المسار السياسي.

وما لم تتمّ الإضاءة عليه في «جنيف 4» أنّ المعارضات المرتبطة بأجندات أميركية وتركية وعربية حاولت وضع عناوين وأولويات دأبت على طرحها. وبعض هذه المعارضات ذهب إلى حدّ اعتبار أنّ رئاسة بشار الجعفري للوفد الرسمي لا تؤشر الى جدية الحكومة السورية، لكن كلّ هذه المحاولات اصطدمت بصلابة الموقف السوري، الذي وصل حدّ تخيير المعارضات ورعاتها بين استمرار مسار جنيف وبين خيارات وبدائل أخرى. وهذا ما فرض على المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وضع عناوين لإبقاء مسار جنيف قائماً. ومن ضمنها، عنوان الإرهاب الذي تعتبره الدولة السورية شرطاً أساسياً للحوار السياسي.

إضافة الى ذلك، هناك عوامل عدة حالت دون تمكن المعارضات ورعاتها من إغراق «جنيف 4» في التفاصيل المسكونة بالشياطين. العامل الأول هو وجود منصة تفاوض انطلقت في أستانة. وهذه المنصة تستعدّ لجولة جديدة تحت عنوان تثبيت وقف إطلاق النار.

العامل الثاني هو التقدّم الميداني الذي يحرزه الجيش السوري وحلفاؤه في أكثر من منطقة سورية، خصوصاً في محيط مدينة الباب، وفي تدمر وحقل جزل النفطي، إضافة إلى انكفاء ما يسمّى «قوات سورية الديمقراطية» عن منبج وقرى محاذية واستعادتها من قبل الجيش السوري.

والعامل الثالث التضعضع الذي يصيب حلف الدول المشاركة في الحرب على سورية، واختلاف أولوياته. وهذا التضعضع لم ينتفِ بمحاولة التجميع والتحصين التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخراً من خلال زياراته إلى قطر والسعودية والبحرين توازياً مع مواقف تصعيدية ضدّ إيران. وهذه المحاولة قد تكون تعثّرت بالكامل بعد لقاء أردوغان بالرئيس الإيراني حسن روحاني وبروز مواقف تركية تؤكد على العلاقة مع طهران.

أما العامل الرابع فهو ازدواجية التعامل الأميركي، ففي حين تصرّ واشنطن على الإعتماد على «قوات سورية الديمقراطية» كأداة لها في سورية، فإنها لم تقطع مع تركيا. في حين أنّ بين تركيا والتظيمات الكردية، عداوة، توازي العداء التركي لسورية.

ما هو مؤكد أنّ «جنيف 4» رسم الطريق الى «جنيف 5» الذي سيعقد بالتوقيت الروسي ـ السوري، علماً أنّ روسيا تبذل جهداً كبيراً للوصول الى نتائج. وهي نجحت في إضافة منصات جديدة، وهذا ما يرى فيه متابعون إصراراً على تحقيق نتائج حتى بمن حضر، وأنّ مثل هذه النتائج حاصلة حكماً لأنها مرتبطة بالميدان الذي بات محسوماً لمصلحة الجيش السوري.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى