خان شيخون بتوقيع أردوغان

ناصر قنديل

– لا يبدو التحالف التركي السعودي «الإسرائيلي» عاجزاً عن تقسيم وظيفي للأدوار في مرحلة غاية في الصعوبة تواجهها أطرافه. فعندما يستدعي الأمر الضرب في روسيا للنيل من مهابة رئيسها يتقدم «الإسرائيلي» بواسطة ما توفّر من تنظيم القاعدة أو سواه، وتصل الرسالة، أن تقييد حركة الطيران «الإسرائيلي» في سورية لن يمر بسلام. وعندما يقتضي الأمر ضبط الجماعات المسلحة وراء النصرة في غزوات دمشق وحماة لا يتردد التركي في إرسال التعليمات، والسهر على التقيد بها. وعندما يحتاج الأمر مالاً وفتاوى يكون السعودي جاهزاً. فهذا ما يتقنه.

– تبدو العلاقة الروسية الأميركية تحت مجهر الثلاثي السعودي التركي «الإسرائيلي». فنجاح هذه العلاقة برسم شراكة في الحرب على الإرهاب سيعني ثلاثية واضحة أول أضلاعها تعويم الدور الكردي كشريك في هذه الحرب، كما حدث مع اجتماع رئيس الأركان الروسي والأميركي وتبلّغه رئيس الأركان التركي قبل شهرين، وثانيها تغيير وجهة العلاقة الأميركية بالدولة السورية التي رسمت مواقف الرئيس الأميركي طليعة أولى لتبلورها، وثالثها تغاضٍ أميركي عن حضور حزب الله في هذه الحرب، وفقاً لما قاله وزير الخارجية الروسية رداً على الكلام عن إخراج حزب الله من سورية كشرط لتعاون أميركي روسي في الحرب على الإرهاب، لجهة الإشادة بدور حزب الله في هذه الحرب، كقيمة مضافة.

– ثلاثية نتائج التعاون الأميركي الروسي تعني مقتلاً لكل من التركي والسعودي و«الإسرائيلي»، إذا وزعنا النتائج المثلثة على العداوات المثلثة، لتركيا مع الأكراد وللسعودية مع سورية ولـ»إسرائيل» مع حزب الله، ولا يكون عاقلاً من لا يتوقع إقدام الثلاثي التركي السعودي «الإسرائيلي» لفعل المستحيل بهدف قطع كل فرصة لهذا التعاون. ومثلما سعت «إسرائيل» بغاراتها الفاشلة على سورية عادت تفعل بضربة بطرسبورغ، ومثلما فعلت تركيا بتجييش الجماعات المسلحة لغزوة حلب الفاشلة عادت لتفعل بغزوة دمشق وحماة الأشد فشلاً، ومثلما فعلت السعودية دائماً قدّمت المال والفتاوى.

– في قلب هذه المسيرة للثلاثي التركي السعودي «الإسرائيلي» ظهرت تركيا كمشغّل لاستخدام تنظيمَيْ داعش والنصرة للسلاح الكيميائي منذ البدايات، وقدّمت عبر ذلك مع كل تقدّم للجيش السوري نحو نصر عسكري أو للدولة السورية نحو نصر دبلوماسي، فرصاً لحلفائها لتغيير وجهة الصراع وشلّ القدرة السورية على التقدّم ونقلها من الهجوم إلى الدفاع. حدث ذلك مراراً وهو يحدث اليوم. فتوقيت الاستخدام كان مدروساً دائماً على إيقاع نجاحات سورية وكان يستدعي السؤال: لماذا ستفعل سورية ذلك، وهي تنتصر ولم تفعل وهي تعاني مصاعب شديدة وتخسر مناطق عديدة؟ ولماذا تفعل وهي تشعر بتنامي قوتها السياسية وفك الحصار عنها وانفتاح دول كبرى عليها، فتخسر بلا سبب، بينما لم تفعل يوم كانت تدرك أن حالها يشبه حال الغريق الذي لا يخشى من البلل؟

– لم يمرّ على سورية ظرف سياسي عسكري أفضل من الذي تمرّ به الآن بعد انتصارها في حلب، ثم نجاحها بصدّ غزوة النصرة في دمشق وحماة وبدء هجومها المعاكس، وبعد تجرؤ إدارة الرئيس ترامب على الإعلان عن عدم استعدادها للسير بخطة تهدف لجعل إسقاط النظام والرئاسة في سورية من ضمن أهدافها، وكل مراقب لوظيفة استخدام السلاح الكيميائي وما تثيره مجزرة خان شيخون سيكتشف أنها ستربك كل انفتاح من إدارة ترامب على سورية، وربما تعيد الإدارة خطوة إلى الوراء في موقفها المعلن، وأنها ستربك أيضاً العملية العسكرية التي بدأها الجيش السوري وتضعه تحت ضغوط دولية تستهدف المشاركة الروسية لتفادي المزيد من الحملات الإعلامية والسياسية.

– فعلها أردوغان في خان شيخون، ولو كنّا لا نعرف كيف، فسيأتي يوم يُبلغنا معاونو ترامب آخر بذلك، كما أبلغنا معاونو هذا الـ«ترامب» كيف فعلها أردوغان في الغوطة بالتعاون مع هيلاري كلينتون، بغاز السارين الليبي الذي سلّم لجبهة النصرة في بنغازي وقتل السفير الأميركي وفجّرت السفارة لإخفاء الأدلة، كما يقول تحقيق الـ«أف بي آي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى