هجمات تركية على مواقع الأكراد وعشرات القتلى بين جيش الإسلام والنصرة فوضى سياسية تدير البلد في النصف الأول من أيار بانتظار الانفراج أو الانفجار

كتب المحرّر السياسي

بينما يُعدّ الأميركيون مشاريع تضمن إطلاق معركة الرقة بوجه داعش، ويراهنون على نجاح مساعيهم بضمّ الأتراك إلى الاستعدادات التي بذلوها تدريباً وتسليحاً على الجماعات الكردية بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني والجماعات العربية بقيادة أحمد الجربا، أدّى طلاق الجماعتين إلى قرار أميركي بنقل الجربا وجماعته إلى دير الزور، وتفجّرت الحرب بين الأكراد والأتراك وهرب الأميركيون من تل أبيض في حمّى النار الملتهبة بين الحليفين، وتركوا مواقعهم ومكاتبهم وبعض معدّاتهم.

معارك تل أبيض التي تتسع على طول خط الحدود السورية التركية شرق نهر الفرات، حيث تقصف الدبابات التركية والمدفعية الثقيلة مواقع الأكراد وسط إظهار الأميركيين عجزهم عن التدخّل والوفاء بتعهّداتهم للأكراد بحمايتهم من الأتراك لقاء تفرّغهم للاستعداد للحرب على داعش في الرقة، لتعلن قيادة لجان حماية الشعب الكردي اضطرارها للانسحاب من التحضيرات لمعركة الرقة ومواقعها فيها للتفرّغ لحماية البلدات الكردية من الهجوم التركي.

بالتوازي، كانت حرب أخرى تشتعل في جميع القرى والبلدات الواقعة في الغوطة الشرقية لدمشق تحت سيطرة الجماعات المسلحة التي يسعى الأميركيون لتوحيد صفوفها تحت عنوان الاستعداد لغزوة «وأعدّوا لهم» التي تستهدف فتح جبهة جنوب سورية، بالتزامن مع تصعيد المواجهات في ريف دمشق، فتفجّرت معارك دموية بين جيش الإسلام وجبهة النصرة ومعها فيلق الرحمن وأحرار الشام، على خلفية تقاسم الأموال الآتية من السعودية لتمويل حرب الغوطة، والتي حاول جيش الإسلام التحكّم بها من موقع علاقته الخاصة بالسعودية. وقد ضبطت جبهة النصرة على حواجزها بعض الأموال المهرّبة بين مواقع جيش الإسلام وقامت بمصادرتها، بعد تذرّع جيش الإسلام بالسعي لصرف الأموال من الدولار إلى الليرات السورية، وتعذّر ذلك بسبب الكمية الضخمة للمبلغ المطلوب بالليرات السورية واضطراره لقبول سعر أدنى من سعر السوق الرائج لصرف الدولار واتهام الآخرين لجيش الإسلام بالكذب والسرقة ووضع اليد على الأموال.

معارك الغوطة في ساعات حصدت قرابة المئة قتيل بين الفصائل المتحالفة في معارك الغوطة، والتي تمثل رأس حربة المشروع الذي تديره واشنطن، بينما كان الجيش السوري يسجل المزيد من التقدّم في جبهة القابون.

الحالة السياسية اللبنانية وحروب الأخوة كانت على البارد بلا دماء تشبه ما يجري بين حلفاء واشنطن في شمال سورية أو في غوطة دمشق، فعناوين مشاريع قوانين الانتخابات لا تزال حروب تصفية وإلغاء، والفوضى عارمة في الحياة السياسية حيث كلّ شيء معطل، لا مجلس نيابي يجتمع بعد قرار تعليق جلساته من قبل رئيس الجمهورية ولا حكومة تجتمع بسبب تمنّع رئيسها عن دعوتها للاجتماع خشية مواجهة استحقاق التزام الحكومة بأولوية البحث بضوع قانون جديد للانتخابات.

خمسة عشر يوماً من الفوضى سيعيشها لبنان واللبنانيون بانتظار منتصف أيار ليقف لبنان على المفترق بين الإنفراج بولادة قانون جديد أو الانفجار بالوقوف أمام الحائط المسدود، حيث علامات الاستفهام تحيط بمصير جلسة التمديد، وعلامات أكبر حول فتح دورة استثنائية لمجلس النواب. والأهمّ ما بعد العشرين من حزيران المقبل، ونهاية ولاية المجلس الحالي من دون قانون جديد ليطلّ العريس الذي ينتظره اللبنانيون على حصان أبيض ويتبادلوا التهاني بعودته من الموت إلى الحياة، فقانون الستين لا يموت وسيعود على حصان أبيض ملوّحاً بيده لكلّ من قال لا للستين، أو لقد دفنّاه وشبع موتاً. سبحان مَن يُحيي الموتى!

مبادرة بري الفرصة ذهبية

توسّعت حركة المشاورات بين القوى السياسية للتوصل لمخرج قبل نهاية المهلة الفاصلة عن موعد الجلسة النيابية في 15 أيار المقبل، مع وضع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مبادرته قيد التداول وبمتناول جميع الأطراف التي تنكبّ على دراستها، ومن المتوقع أن تقدّم إجاباتها وملاحظاتها مطلع الأسبوع المقبل.

وبحسب المعلومات، فإن مبادرة الرئيس بري التي أراد أن تبقى تفاصيلها بعيدة عن الأضواء الإعلامية، قائمة على مبدأ النسبية الكاملة مع تقسيم لبنان الى 10 دوائر بحيث تُقسم المحافظات الخمس التقليدية الى دائرتين مع مراعاة رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط عبر جعل الشوف وعاليه دائرة واحدة، بالتزامن مع وضع إطار لإنشاء مجلس الشيوخ الذي يتألّف من 64 عضواً ينتخبون على أساس القانون الأرثوذكسي، علماً أن النقاش في طرح مجلس الشيوخ وصل الى طريق مسدود في جلسات الحوار الوطني التي عقدت في عين التينة بمشاركة جميع الأقطاب قبل إنجاز التسوية الرئاسية.

فهل يتمكّن الفرقاء الذين عجزوا طوال العقود الماضية عن تطبيق الدستور من تأمين التوافق على نظام المجلسين في غضون أسبوعين؟ وما هي الآلية الدستورية والقانونية التي ستُشرّع إقرار مجلسَيْ النواب والشيوخ من دون إلغاء الطائفية السياسية، كما ينصّ اتفاق الطائف؟ وهل نحن أمام مفاجآت تحول جلسة 15 أيار من جلسة للتمديد لتصويت على قانون انتخاب جديد أم المواجهة في الشارع ستكون بديلة عن التوافق؟

مصادر «قواتية» أشارت الى أن «فريقاً قواتياً منكباً على مناقشة طرح بري من أجل الوصول لسلة متكاملة ويمكن التوصل الى نقاط مشتركة»، بينما رأت مصادر مستقبلية لـ«البناء» في المبادرة فرصة ذهبية للتوافق حولها، لا سيما وأنها تعبر عن مضمون ما طرحه الرئيس سعد الحريري عام 2013 بإنشاء نظام المجلسين النواب والشيوخ وتحديد صلاحياته بما يُرضي المكوّنات تطبيقاً للدستور، وبالتالي موافقة التيار على هذا الطرح شبه مؤكدة، لكن المصادر شككت في موافقة الثنائية المسيحية على هذا الطرح، كما استبعدت أن يتم التوافق على هذه القضايا المصيرية خلال أسبوعين إلا في حال توافرت الإرادة السياسية والنيات الحسنة لدى الجميع».

وفي حين تصرّ عين التينة على الاتفاق على أحد الخيارين: اتفاق على النسبية الكاملة أم التمديد قبل 15 الشهر المقبل لتجنب الفراغ، ينقل مطلعون على موقف بري لـ«البناء» «مخاوف لدى رئيس المجلس من أن تحول ظروف سياسية أو أمنية من فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي الذي ينهي عقده العادي في 31 أيار، من دون إحراز أي اتفاق إن كان على صعيد القانون أو التمديد، ما يدخل البلاد في فراغ قاتل وليس على صعيد السلطة التشريعة فقط، وبالتالي بري منفتح على كل المخارج التي تؤمن استمرارية المؤسسة التشريعية ويعوّل على التوافق حول مبادرته».

..و«التيار» يلوّح بالشارع

وعاد التيار الوطني الحر للتلويح بالشارع في مواجهة التمديد، وتوجّه الوزير جبران باسيل أمس الى مناصري «التيار» بالقول: «كونوا جاهزين معنا بقانون أو بلا قانون، بالتصويت في صندوق الاقتراع أو النزول الى الشارع، ليس هناك تمديد بل قانون انتخابي جديد». وتابع: «لقد تحمّلنا سنتين ونصف السنة من الفراغ حتى تعود الميثاقية الى موقع الرئاسة. وهذه الميثاقية لا تكتمل فقط في الحكومة بل ايضاً في المجلس النيابي، ولبنان من دون ميثاق ليس لبنان».

وقالت أوساط مطلعة في «التيار» لـ«البناء» إن «التيار تسلّم نسخة من مبادرة بري ويدرسها بشكلٍ جدي»، موضحة أن «النسبية ومجلس الشيوخ هو ما نادى به التيار في وقتٍ سابق، وهو غير متمسك بمشروع التأهيل، بل طرحه رئيس التيار جبران باسيل من باب الوصول الى تسوية. وهو في الأصل كان طرح الرئيس بري وأدخل باسيل عليه تعديلات على أساس التأهيل في داخل الطوائف على مستوى القضاء لكي نضمن أن يكون المرشحون ممثلين داخل طوائفهم».

ولفتت الأوساط الى أن «التيار يستعدّ للاحتمالات كافة، منها الوصول لطريق مسدود وبالتالي سيواجه بالشارع سلب إرادة الشعب بالتمديد للمجلس الحالي وهو يُعدّ قواعده الشعبية والحزبية في المناطق لساعة الصفر»، وأوضحت أن «مقاطعة الرئيس الحريري للجلسة، كفيلة بمنع التمديد وتجنيب لبنان خطر الشارع، وبالتالي نفتح مهلاً أخرى للتوافق على قانون جديد من دون فرض التمديد كأمر واقع ووضعه كسيف مسلّط على رقابنا، لا سيما أن ولاية المجلس لم تنته بعد، فلماذا الاستعجال على التمديد؟».

وأضافت الأوساط العونية أن «التيار يقبل بالنسبية الموسّعة بمعزل عن عدد الدوائر مقابل تقديم ضمانات من الأطراف الأخرى لجهة عدم طغيان العامل الديموغرافي»، وأشارت الى أن «لا مانع لدى رئيس الجمهورية من فتح دورة استثنائية للمجلس شرط أن يحدد هو جدول أعمالها ضمن تفاهم عام حول إقرار قانون وإحالته الى المجلس النيابي وتحديد موعد الانتخابات، لكن لن يعطي وعوداً بفتح المجلس بهدف التمديد وإن لم نقرّ قانوناً، لكنه سيعطي كل الفرص أمام التوصل الى قانون جديد».

كما جزمت الأوساط بأن «رئيس الجمهورية يرفض أية تسوية تؤدي الى التمديد ولو لشهر واحد، غير أن التمديد التقني مرتبط بإقرار قانون جديد، وبالتالي نرفض التمديد لثلاثة أشهر، وإن كانت للتوصل الى إقرار قانون، لكن في حال توصلنا الى مشروع قانون يمكن أن نجد مخرجاً لتجنب الفراغ ونضع جدولاً زمنياً لتطبيق ما اتفقنا عليه».

وفي حين بقي مصير جلسات مجلس الوزراء مجهولاً مع الحديث عن تهديد رئيس الجمهورية والتيار لرئيس الحكومة بتعطيل جلسات مجلس الوزراء في حال شارك بجلسة التمديد، لفت مستشار رئيس الجمهورية، جان عزيز، في تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أنّ «الكلام المنسوب إلى دوائر بعبدا عن لقاءات أمس، وعن جلسة حكومية وجدول أعمال منجز. كل هذا غير صحيح كليّاً»، كما أن «الأكيد المؤكّد واليقين أنّ الرئيس لم يجر اتصالاً هاتفيّاً وأنّ الخبر كاذب».

اجتماع خماسي في الخارجية بغياب خليل

وعقد اجتماع مساء أمس، في وزارة الخارجية بغياب وزير المال علي حسن خليل، ضمّ وزير الخارجية جبران باسيل والنائبين ابراهيم كنعان والنائب ألان عون والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حسين الخليل، والوزير السابق غازي العريضي والنائب جورج عدوان ومستشار رئيس الحكومة نادر الحريري.

وأشارت قناة «أو تي في» الى أن «الاجتماع خلص الى الاتفاق على توسيع مروحة الاتصالات تمهيداً لحسم القانون».

وأشار مصدر نيابي في المستقبل لـ«البناء» الى أن «الحريري منفتح على الاقتراحات كلها، وهو دائماً يقدم مبادرات وحلولاً على طاولة النقاش، والأمر لا يتوقف على المبادرة التي يُقال إنه سيقدّمها»، ولفت الى أن «المستقبل يناقش داخل الجدران المغلقة وطاولة النقاشات ويبدي كل ملاحظاته ورؤيته للاقتراحات. ومن المبكر وضع فرضيات أو سيناريوات لجلسة 15 أيار ويجب أن نضع فرضية واحدة فقط هي إيجاد قانون انتخاب، لكن المصدر أكد أن «موقف الحريري برفض التمديد وعدم المشاركة في الجلسة المقبلة، ليس من باب المناورة، بل موقف جدي»، مشيراً الى أن «الكتلة ستلتزم بجميع نوابها بموقف الحريري».

نصرالله يُطلّ الثلاثاء

وفي غضون ذلك، يطل السيد نصرالله الثلاثاء المقبل في كلمة له بمناسبة «يوم الجريح المقاوم» في مجمع المجتبى في الضاحية الجنوبية، يحدّد خلالها موقف الحزب من قانون الانتخاب وجلسة 15 أيار ونتائج المشاورات والمخارج المطروحة، كما يتطرّق الى المستجدات الإقليمية والتطورات الميدانية في سورية والوضع على الحدود الشرقية.

وأكد رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين أن «حزب الله يبذل كل طاقاته للتوصل إلى قانون انتخابي ينقذ البلد مما هو فيه»، مشيراً إلى خطورة إيصال الناس لمرحلة اليأس عند الحديث عن قانون انتخابي جديد، لأن هذا القانون الجديد سيكون الحل الأمثل والأفضل للجميع، لكنه مع أهميّته وضرورته، فهو لن يحلّ كل الهواجس ولن يحقق كل الأهداف».

لبناني خرق إجراءات العدو الأمنية جنوباً

أمنياً، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي شخصاً لبنانياً في محلة مستوطنة «كريات شمونة»، بعد أن خرق كل الإجراءات الأمنية التي يتخذها العدو على الحدود اللبنانية الفلسطينية من خلال تخطيه الشريط التقني الحدودي، وسط استنفار أمني ضمن سرية «المطلة» «الإسرائيلية» الحدودية، بسبب عدم تشخيصها حالة الخرق أثناء عبور الشخص الذي حصل من جهة بلدة كفركلا اللبنانية. كما شهدت الجهة اللبنانية استنفاراً للأجهزة الأمنية والجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.

ولاحقاً أفرج العدو عن الشاب علي مرعي من بلدة حبوش الجنوبية وسلّم الى قوات اليونيفيل عند معبر الناقورة، التي سلمته بدورها الى مخابرات الجيش اللبناني.

سلامة: ندرس قانون العقوبات الجديد

على صعيد آخر، وفي وقتٍ يستعد لبنان لمواجهة قانون العقوبات الجديد الذي سيطال بحسب المعلومات المتداولة شخصيات وشركات وأحزاباً لبنانية بشكلٍ تعسفي واستنسابي، لفت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في تصريح الى «أننا في مصرف لبنان ندرس موضوع قانون العقوبات الأميركية وننتظر أن يكون التحرك منسقاً على صعيد الدولة اللبنانية»، لافتاً الى «أننا نريد أن نعرف ما الدور الذي يجب أن نلعبه والحكومة تقرّر الخطة لمواجهة الوضع».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى