لافروف في واشنطن لمباحثات حول سورية… والمعلم يحذّر الأردن من العبث كهرباء انتخابية وانتخابات مكهربة تسابقان مساعي التوافق على قانون ميقاتي

كتب المحرّر السياسي

مع حسم النتيجة الانتخابية للرئاسة الفرنسية تنفست أوروبا الصعداء، رغم كل مؤشرات فوز مانويل ماكرون فقد كان كابوس التفكك يجثم على صدور قادة القارة التي خسرت بعدها الأطلسي بخروج بريطانيا من مفاجأة تحمل مارين لوبان إلى الأليزيه وتضع مصير الوحدة الأوروبية وعملتها على بساط البحث. فهذه فرنسا قلب أوروبا، ولا أوروبا موحّدة بلا فرنسا، بينما واشنطن القلقة من خطاب لوبان القائم على التقرب من موسكو وزعيمها رغم تشبّهها بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، شعرت بوصول ماكرون أنّ السياسة الدولية وتوازناتها لا زالت على حالها ولا قلق من خلط أوراق كان سيسبّبها وصول رئيس فرنسي بخطاب استقلالي عن السياسات الأميركية.

فاز ماكرون بثلثي أصوات المقترعين رغم المقاطعة والأوراق البيضاء، فقد كان كافياً ضمان وصوله للدورة الثانية وضمان وصول مارين لوبان لمنافسته حتى تصير اللعبة تحت السيطرة، ويضمن ماكرون دخول الأليزيه. ورغم غموض مشهد البرلمان الفرنسي المقبل وغموض قدرة ماكرون على تشكيل حكومة متجانسة مع طروحاته أو قادرة على امتلاك سياسة متجانسة بين مكوّناتها، التي تبدو أقرب لمجموعة أقليات بصعوبة وجود أغلبية حاكمة، وغموض قدرة ماكرون والحكومة عندما تتشكّل بعد مخاض، على مواجهة المشاكل والتحديات، يبقى أن السياسة الخارجية الفرنسية التي يلعب الرئيس دوراً كبيراً في رسمها، لن تعرف تغييرات رئيسية عما كانت عليه مع الرئيس فرانسوا هولاند.

بالاطمئنان للحدث الفرنسي عادت السياسة لهمومها واهتماماتها، فأستانة في سورية هو العنوان ومعه بالتوازي مساعي ترتيب الملف الليبي على خلفية تفاهم ترعاه مصر والجزائر لمواجهة داعش وتقريب التيارات الليبية المتصارعة، خصوصاً الثنائي خليفة حفتر وفايز السراج بعد مصالحتهما برعاية مصرية إماراتية، بينما تتحرك المساعي على الساحة اليمنية.

أولوية الملف السوري ستجعله حاضراً أولاً في الزيارة المفاجئة لوزير خارجية روسيا سيرغي لافروف إلى واشنطن ولقائه بوزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون، بعدما تمثلت واشنطن في أستانة على مستوى معاون وزير خارجية، وبدأت تضغط ساعات توقيت معركة الرقة، التي تقدّم معارك الموصل منذ شهور نموذجاً عن حجم حاجتها لتعاون أكبر بكثير من حل معضلة العلاقات التركية الكردية التي يبذل الأميركيون جهودهم بعد أسبوع لمعالجتها أثناء زيارة الرئيس التركي رجب أردوغان لواشنطن، ليصير التفاهم الروسي الأميركي، ومن ورائه التنسيق مع الحلف الذي تقوده موسكو أحد الضمانات اللازمة للبدء بمعركة الرقة التي كثر الحديث عن ساعات صفر لها لم تُبصر النور بسبب قصور القدرات البشرية، فيما الرهان على منافذ لداعش من الرقة تضيق فرصه مع تقدّم الجيش السوري وحلفائه على محاور البادية السورية من جهة، وتعزيز مواقعهم في دير الزور من جهة أخرى.

أستانة ورقة قوة لموسكو بعنوان الفصل بين الفصائل والنصرة بشراكة تركية إيرانية، وإطلاق يد الجيش السوري حيث النصرة تقود الفصائل، أو تنفر بمواقع، وتظهر الضغوط الأميركية لإنشاء التوازن بالحديث عن تحريك الجبهة الجنوبية، وهو ما خصّص له وزير الخارجية السورية وليد المعلم جانباً من مؤتمره الصحافي بتحذير الأردن من العبث عبر الحدود وإعلانه معاملة أي قوات أردنية تدخل الحدود السورية كقوة معتدية.

في لبنان سباق بين تأزم متعدّد الأطراف ناتج عن مناقصات تلزيم استئجار البواخر لإنتاج الكهرباء، فمن جهة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر سجال علني حول شبهات تشير إليها القوات حول صفقات التلزيم، وتصدٍّ من وزير الطاقة سيزار أبي خليل ومؤتمر صحافي قواتي منتظر اليوم، ومن جهة موازية سجال حول صلاحيات التلزيم بين ما جرى في لجنة الطاقة ولجنة المال والموازنة وتمسّك وزارة المالية بإخضاع المناقصات لقواعد المحاسبة العمومية.

السجال الكهربائي انتخابي في شق منه، والسجال الانتخابي مكهرب في الشق المقابل، والسباق مع مساعي التوافق على قانون انتخابي على قدم وساق، حيث بدا أن مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي يسبق سواه من البدائل، وربما يحتاج إخراجه من التداول كما إخراج العودة لقانون الستين لغبار معارك لا تنتهي.

اتصالات ولقاءات قبل «اللجنة الوزارية»

بعد أن قرر مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة في بعبدا رفض التمديد للمجلس النيابي الحالي وإعادة إطلاق اللجنة الوزارية المكلفة وضع مشروع قانون انتخاب جديد، عادت الاتصالات الانتخابية الى زخمها بعيداً عن الأضواء في الأيام القليلة الفاصلة عن موعد الجلسة النيابية المقبلة وذلك لتهيئة المناخ للجنة التي ستجتمع اليوم في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري.

ويبدو أن محركات بيت الوسط لم تهدأ في اليومين الماضيين من خلال التواصل مع كافة الأطراف وعبر اللقاءات الثنائية، في محاولة حثيثة لخرق الجمود الحاصل وتقريب وجهات النظر بين عين التينة والرابية بعد ارتفاع حدة المواقف الاسبوع الماضي، تمهيداً لاعادة إحياء اللجنة الرباعية، وعقد أمس بحسب قناة «أن بي أن»، لقاء جمع وزير المالية علي حسن خليل مع مدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري في وزارة المالية.

وبرز أمس تصريح لافت لوزير الداخلية نهاد المشنوق الذي أعلن «أننا قاب قوسين أو أدنى من الاتفاق على قانون انتخاب لنجري الانتخابات في موعدها التقني».

وبعد اصطدام اقتراحات وصيغ القوانين التي طرحت في السوق الانتخابي بالحائط المسدود، تتحدث معلومات عن طرحٍ سيكشف عنه الرئيس الحريري اليوم خلال اجتماع اللجنة الوزارية، ما يطرح تساؤلات حول سبب دخول تيار المستقبل الى حلبة المشاريع بعد أن لاذ بالصمت طيلة الفترة الماضية؟

وفي وقت تحدثت المعلومات عن أن طرح الحريري يعتمد على النسبية الكاملة على دوائر متوسطة 15 أو 16 تأخذ في الاعتبار هواجس الجميع لا سيما لناحية الصوت التفضيلي، قال مصدر وزاري في تيار المستقبل لـ«البناء» أن «الحريري مخول الحديث عن طرحه الجديد، لكن المشاورات مستمرة بين القوى السياسية وعلى مستوى الرئاسات الثلاثة قبل اجتماع اللجنة الوزارية للتوافق على مشروع قانون جديد وتقديمه الى مجلس الوزراء لاقراره وإرساله الى المجلس النيابي بأسرع وقت، لكن المصدر استبعد أن تنجز اللجنة المشروع اليوم، «بل تحتاج الى جلسات عدة ومواكبة سياسية عبر اللقاءات الثنائية والثلاثية والرباعية التي تحصل»، مرجحاً أن تصل المساعي الى مشروع قانون جديد قبل نهاية شهر أيار».

وأوضح أن تيار المستقبل لن يكون حجر عثرة أمام أي مشروع قانون يحظى بتوافق الآخرين ويحقق عدالة التمثيل لكل المكونات والاحزاب، لكنه يفضل النسبية الكاملة ولا مانع لديه بقانون الوزير مروان شربل النسبية على 13 دائرة إذا وافق عليه التيار الوطني الحر والقوى الأخرى».

وفي ما خص التصويت في مجلس الوزراء على مشاريع القوانين، لفت المصدر الى أن «الكتلة لم تتخذ القرار بهذا الشأن وربما تصدر بياناً توضيحياً في هذا الاطار خلال اجتماعها اليوم، لكنها تفضل التوافق بين المكونات السياسية على أي قانون كما ترفض أي خطوة يمكن أن تهدد الاستقرار الحكومي».

توافق على تأجيل جلسة 15 أيار؟

وفي حين ذكرت قناة «أو تي في» أمس أن «جلسة 15 أيار باتت مرشحة الى التأجيل الى 22 أيار»، لم تعد القوى السياسية مقيدة بمهلة 15 أيار مع فتح المهلة الى 19 حزيران نهاية ولاية المجلس الحالي، وسط ترجيحات العودة الى الانتخابات على القانون النافذ كآخر الخيارات المتاحة تجنباً للفراغ في حال الفشل في إقرار قانون جديد.

وأشارت مصادر وزارية مواكبة لمسار مشاورات قانون الانتخاب، الى أن «شبه توافق ضمني حصل بين القوى المعنية بمسألة القانون على تأجيل جلسة 15 أيار الى 22 أيار، كإخراج مشرف واتاحة المجال لمزيدٍ من الجهود لانتاج قانون جديد، على أن يبادر رئيسي الجمهورية والحكومة في 31 أيار المقبل الى فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي في حال لم يتوصل الأطراف الى قانون قبل نهاية الشهر الحالي»، ولفتت الى أن «الرئيس ميشال عون وافق على فتح عقد استثنائي لاقرار قانون جديد وأنه في الوقت المناسب سيضغط باتجاه التوافق على قانون الوزير مروان شربل الذي أحالته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الى المجلس النيابي»، وأوضحت أنه كما أن هناك اتفاق على رفض التمديد للمجلس الحالي، فإن هناك شبه اجماع على رفض الفراغ التشريعي الذي يؤدي الى الهاوية وتعطيل المؤسسات كافة، الأمر الذي يرفضه رئيس الجمهورية»، كما لفتت الى أن الدستور يعطي حق التصويت في مجلس الوزراء لكن في ظل الانقسام السياسي الحاد بين القوى حول القانون يصبح من المستبعد أن يلجأ رئيس الجمهورية الى هذا الخيار»، مضيفة: «يمكن الاتفاق على مبدأ النسبية الكاملة على مرحلة واحدة كمبدأ عام ثم التوافق على شكل الدوائر، ولفتت الى أن «التيار الوطني الحر لا يزال متمسك بالمشروع التأهيلي حتى الآن ظناً أن هناك أمل بالسير به من القوى الآخرى تجنباً للفراغ».

وسأل المجلس السياسي للتيار الوطني الحر بعيد اجتماعه الشهري أمس برئاسة الوزير جبران باسيل «هل يجوز التصويت على التمديد وهو اغتصاب سلطة ومخالفة فاضحة للدستور ولا يجوز التصويت على قانون انتخاب؟ فالمادة 65 من الدستور تنص على اتخاذ القرارات وهذا ما نطلبه، أما إذا تعذر ذلك فبالتصويت لأنه لا خيار باعتماده بدل الفراغ».

ولفت المجلس الى أن «على من لا يريد الفراغ أن يساهم جدياً في إنتاج قانون انتخابي جديد»، مجدداً رفضه «المطلق لقانون الستين».

حزب الله: التصويت يعمّق الشرخ الوطني

بينما يتمسك حزب الله برفض خيار التصويت في مجلس الوزراء كما رفض الفراغ والمشاريع التأهيلية والمختلطة إلا في حالة التوافق عليها، ويشترط التوافق بين المكونات على أي قانون، اعتبر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض أن «التصويت على القانون الانتخابي هو خيار إشكالي، لأنه يعمّق الشرخ الوطني القائم، ولا يحل مشكلة، وإذا كان البعض يظن أنه قادر على أن يفرض على بعض المكونات قانوناً انتخابياً لا توافق عليه مكونات طائفية أساسية، فهذا ربما قد يهدد العملية الانتخابية برمتها في مرحلة لاحقة»، مشيراً إلى أننا « لن نمل من دعوتنا المتكررة لاعتماد صيغة النسبية في القانون الانتخابي».

وشدد فياض على أن «الفراغ هو خيار قاتل وخيار العبثية السياسية، لأنه يولّد واقعاً سياسياً متداعياً وغير قابل للسيطرة، ولا ندري إلى أين سيأخذ البلد، وبالتالي لا مصلحة في ذلك لأحد، والمتضررون منه هم الجميع دون استثناء، مضيفاً أنه ليس هناك من منطق يفرض أن تمارس القوى السياسية مع بعضها البعض لعبة «الضرب تحت الحزام»، لأن الحل في نهاية المطاف يكمن بالتوافق والتفاهم والتسوية التي تعني أن يكون هناك نوع من التنازلات المتبادلة».

جلسة وزارية غداً

ويعقد مجلس الوزراء جلسة قبل ظهر غدٍ الاربعاء في السراي الحكومي، على جدول أعمالها 114 بنداً معظمها تتطرق الى قضايا ادارية عادية وهبات وأذنات سفر وأبرزها عرض مكافأة قدرها 250 ألف دولار أميركي لمن يدلي بمعلومات عن المطرانين المخطوفين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم.

وقالت مصادر وزارية لـ«البناء» أن «عودة مجلس الوزراء للانعقاد مؤشر ايجابي وهناك اتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة على عدم تعطيل جلسات المجلس وبالتالي تعطيل مصالح المواطنين»، مشيرة الى أن «الخلاف على قانون الانتخاب، يجب أن لا يؤدي الى توقف عمل مجلس الوزراء».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى