تمّوز الثبات والتضحية والفداء

اياد موصللي

ها هو تمّوز التضحية والفداء يطلّ علينا بنوره وناره، تمّوز وقفة العز التي اكتملت معها حقيقة القوة التي انطلقت من أجل تغيير التاريخ القوة التي قال عنها سعاده: انّ فيكم قوة لو فعلت لغيّرت مجرى التاريخ…

ابشر يا زعيمي ستفعل هذه القوة فعل الإيمان الذي زرعته في جيل الحياة من أجل عزّ أمة أعطيتها كلّ الحب وكنت من أجلها الفداء.

في تمّوز ترجمت القوة والبطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة وجودها فعل سخاء وشهادة وعطاء، في تمّوز عبّدت طريق الحياة الطويلة الشاقة طريق، الأحياء من أبناء الحياة، عبّدت هذه الطريق بدماء الزعيم ورفقائه الشهداء الذين مدّوا أجسادهم جسوراً يعبر عليها أبناء النهضة في سيرهم الظافر في حربهم على النفس بأهوائها وانحرافاتها وعلى التقهقر والخذلان.. ليحققوا النصر الذي رآه سعاده واعتزّ به قائلاً: «ما أشدّ اعتزازي بكم وما أروع النصر الذي أسير بكم إليه».

في تمّوز تحقق ما آمن به سعاده ببرهان الفعل لما قاله ونادى رفقاءه للإيمان به..

أقف اليوم في فترة زمنية بلغت مدّتها 68 عاماً… اقف متأمّلاً حامداً شاكراً أنني على قمة مجد صنعته هذه النهضة ،أقرأ في الأفق أسطر قصة كالأسطورة كتبها أبطالنا وشهداؤنا بدماء السخاء في العطاء لتستمرّ الأمة في البقاء تحارب بتاريخها وأمجادها الحيّة أو التي هي مخزونة في أمّهات الكتب والرسالات… كتابات اقرأها سطوراً فوق سماء بلادي، وأرى الدماء التي كتبت بها لا تزال طرية ندية ترافقها أصوات الشهداء من أبناء هذه النهضة. وأسمعهم ينادون ويقولون: يا رفقاءنا، صونوا قضيتنا، حافظوا على رسالة الحق والخير والجمال… لا نريد دموعكم تذرف عندما تذكر مواقفنا يتقدّمنا سعاده زعيمنا.

يا رفقاءنا… انّ الوقفة التي وقفناها خلف زعيمنا كانت من أجل ان نشقّ لكم طريق العبور نحو الحياة…

يا رفقاءنا…

تركنا بين أيديكم قضية تساوي الوجود كله وسوّرناها بأرواحنا وحصّناها بدمائنا لتكون لكم سيفاً وترساً تواجهون به من يريد لأمتنا ولعقيدتنا ولسلوكنا الأذى والعار…

نحن أمة أبت ان يكون قبر التاريخ مكانها في الحياة…

يا رفقاءنا…

تذكروا ما قاله زعيمنا وهو يخاطب الأمة ونحن معها وسكين القتلة تغرس في صدره:

«ان ّموتي شرط لانتصار قضيتي، أموت أما حزبي فباق، وماذا يعني وجودي ماذا تعني حياتي غيركم أنتم ايها القوميون الاجتماعيون غير هذه الأمة وكرامتها ومجدها». نناديكم أيها القوميون لتصونوا وحدة الحزب ووحدة مبادئه التي وضعها سعاده وقاعدتها الأساسية صونوا وحدتكم. ففي الوحدة القومية الاجتماعية تضمحلّ العصبيات المتنافرة، لا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل، فليس عارا ًان ننكب بل العار كلّ العار ان تحوّلنا النكبات من جماعة قوية إلى جماعة ضعيفة منهارة… انّ أزمنة مليئة بالصعاب تمّر على الأمم الحية فلا يكون لها خلاص منها إلا بالبطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة..

يا أبناء العقيدة اسمعوا النداء الآتي من بعيد… صونوا وحدتكم… صونوا عقيدتكم ولا تخافوا التضحية بل خافوا الفشل…

في تمّوز اليوم أقف خاشعاً أمام وقفة عز وقفها زعيمنا ومعه رفقاؤنا، مؤمناً مكرّراً إيمانياً:

«لم آتكم مؤمنا بالخوارق، بلأاتيتكم مؤمنا ًبالحقائق الراهنة التي هي أنتم، أتيتكم مؤمنا ًبأنكم أمة عظيمة المواهب، جديرة بالخلود والمجد، نحن لسنا أمة صغيرة، قليلة العدد نحن ننتشر بعددنا وفكرنا ومساحة أرضنا فإذا فعلنا فإننا سنغيّر التاريخ، سننتصر…»

لقد ناضلنا من أجل عزّ الأمة وكرامتها وحيدين وأنقذنا شرفها وحيدين مؤمنين بأننا أمة واحدة ذات أهداف واحدة وقيادة واحدة تسير هذه الأمة نحو المجد والخير، فإذا نكبنا في مسيرتنا فليس عارا ًان ننكب ولكنه عار إذا كانت النكبات تحوّلنا من أشخاص أقوياء إلى أشخاص جبناء… من أجل ذلك كان علينا ان نكافح النزعة الفردية مكافحة الاحتلال الأجنبي، بل أشدّ… فخطر الاحتلال الأجنبي من الخارج أما خطر النزعة الفردية فمن الداخل، ولذلك تعاهدنا على تحقيق أمر خطير يساوي وجودنا، ونحن نؤمن بأنّ أصحاب النفوس الضعيفة وحدهم لا ينهضون بعد سقوطهم، أما الحركة ذات المبادئ الصحيحة فسيرها دائماً إلى فوق نحو قمة مطالبها مهما اعترض سيرها من انحناءات هبوطية…

سنعاود الانتصار سنستعيد حقنا، لذلك فإنّ طريقنا شاقة وطويلة لأنها طريق الحياة وأبناء الحياة ولا يثبت عليها إلا الأحياء وطالبو الحياة أما الأموات وطالبو الموت فيسقطون على جوانب الطريق…

«ويل للمستسلمين انهم رفضوا الصراع فرفضوا الحرية وأسلموا للعبودية، نحن لا نستسلم لأننا نؤمن بأنّ من تقاعس عن الجهاد مهما كان شأنه فقد أخر سير الجهاد، ولأننا نؤمن أننا أصغر جيش في العالم حارب ويحارب ليغيّر مجرى التاريخ… ونعلم انّ مصير الأمة مربوط بخفقات قلوبنا ودوران دمائنا ومتانة أخلاقنا، وبذلك سنحقق سيرنا الظافر… ونعلم انّ وحدتنا هي سلاح انتصارنا ففي الوحدة القومية تضحملّ العصبيات المتنافرة وتنشأ الوحدة القومية التي تتكفل بإنهاض الأمة وانتصارها. سننتصر لأننا نحترم مخاوف الآخرين ونحترم أبعاد مطامحهم، ولكننا نمسك بالخائنين والمتواطئين. اننا نصارع في سبيل غايتنا وهي إنهاض هذه الأمة وكلما تراكمت علينا الصعاب تجدّدت قوانا وسحقت ما اعترضنا من صعاب، انّ الحقيقة التي ستفرض نفسها بالأخير أصبحت تلوح أمام أعيننا وهذه الحقيقة هي حقيقة الانتصار لهذه النهضة هذه الأمة العظيمة…»

اقف مؤمنا بذلك القائد الزعيم المعلم الذي قال «ماذا يعني وجودي وماذا تعني حياتي غيركم أنتم ايها القوميون الاجتماعيون غير عزّ هذه الأمة وكرامتها ومجدها».

بدأ تموز بنكبة وانتهى بانتصار.

ـ

غداً: الثورة القومية الاجتماعية الأولى

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى