.

أقامت مديرية بتعبورة التابعة لمنفذية الكورة في الحزب السوري القومي الاجتماعي احتفالاً لمناسبة الثامن من تمّوز، ذكرى استشهاد الزعيم أنطون سعاده، تخلّلته إزاحة الستارة عن نُصب شهداء الحزب في البلدة.

حضر الاحتفال ناموس المجلس الأعلى جورج ديب، عضو المكتب السياسي النائب السابق سليم سعاده، منفذ عام الكورة الدكتور جورج البرجي وأعضاء هيئة المنفذية، منفذ عام البترون خالد عبد الله وأعضاء هيئة المنفذية، مدير مديرية بتعبورة وأعضاء هيئة المديرية، أبناء الشهداء وعائلاتهم، عدد من رؤساء بلديات الكورة وأندية وجمعيات أهلية ومخاتير، وفاعليات من المنطقة، كما حضر قوميون ومواطنون وطلبة وأشبال.

استُهلّ الاحتفال بالنشيدين اللبناني والسوري القومي الاجتماعي، ثم كانت كلمة تعريف ألقتها رنا جبور تحدّثت فيها عن معاني الثامن من تمّوز وتضحيات الشهداء الذين بذلوا أنفسهم من أجل أن نحيا بعزّة وكرامة، ومن أجل أن تبقى الأرض حرّة بفضل دماء الشهداء.

كلمة الطلبة

وألقت آلين صعب كلمة بِاسم الطلبة تناولت فيها ذكرى شهداء الحزب في بتعبورة، والتي تتزامن وذكرى استشهاد سعاده في تأكيد على نهج الفداء والتضحية. كما تطرّقت إلى دور الطلبة وسعيهم من أجل المضيّ قدماً ليكونوا جنوداً في هذه النهضة العظيمة، لا سيما أنّ سعاده أكد على دورهم كنقطة ارتكاز في العمل القومي، وهو نادى أجيالاً لم تكن قد ولدت بعد، وها هي اليوم تقدّم الدماء والشهداء دفاعاً عن الأمة وأبنائها.

كلمة المديرية

أما كلمة مديرية بتعبورة، فألقاها يعقوب معوض وجاء فيها: ها نحن نجتمع لتكريم الشهداء: ناهض سويد، الياس سويد وجوزف عساف، شهداء مديرية بتعبورة الأبرار. هنيئاً لكم يا أبناء النهضة، هنيئاً لكم يا أبناء الحياة، هنيئاً لكم يا شهداءنا بهذه الذكرى العظيمة، إيماناً بقدسية التكريم وعربوناً لتضحياتكم الجسام التي بها نفتخر، نلتقي اليوم لنقول إن شهداءنا الذين انطلقوا من مديرية بتعبورة كانوا رفقاء عاملين منتظمين في صفوف الحزب، مفعمين بروح التضحية وبصحة إيمانهم بمبادئهم وعقيدتهم النيّرة التي ناضلوا من أجل عزّتها ورفعتها.

وختم بالتوجه إلى الشهداء المكرّمين بالقول: يا أبناء نهضتنا، إن تكريمكم هذا نابع من مفهوم راسخ في حزبنا وفي نهضتنا، وممارساتنا بأن الشهداء هم دائماً مكرّمون، نعتزّ بشجاعتهم وبتضحياتهم المباركة، فأنتم الأحبة والأبطال والأهل والرفقاء، كان استشهادكم غدراً وظلماً وقد أصبحتم حكاية وفاء توقظ فينا ملاحم مضيئة للعطاء.

كلمة أُسَر الشهداء

وألقى طوني عساف كلمة بِاسم أُسَر الشهداء قال فيها: تطوف بي ذاكرتي من هذا المكان كفراشة من الضوء وتذهب بعيداً في حنين يعود إلى عشرات السنين، علّني أتلمّس صوتاً من هنا أو ملامح صورة من هناك أو بسمة من بسمات تلك الوجوه التي غابت من بيننا، من قريتنا من منطقتنا. تلك الوجوه البهية المشرقة التي لم تزل تساكن ذاكرتنا، وكم هي طويلة المسافة بين الأمس واليوم، ونتساءل أين وجه التشابه بين غربتنا وغربتكم أيها الشهداء: ناهض والياس وجوزف؟

ولا بدّ من ذكر الرفيق والحبيب نصر الياس نصر المغيّب، ولم يزل مصيره مجهولاً حتى يومنا هذا، وختم قائلاً: أنا هنا لأتكلم بِاسم أهالي الشهداء وذويهم، فأقول أيها الشهداء الأبرار، لا غربة لكم بعد اليوم وستخلّدون في تاريخ أمتكم وفي ضميرها.

كلمة المنفذية

وألقى ناظر الإذاعة في منفذية الكورة الدكتور هنيبعل كرم كلمة المنفذية فقال: نجتمع اليوم في تمّوز، شهر العزّ والعطاء وينابيع الضياء، تمّوز الذي غيّر فيه سعاده بوقفة عزّ وجهَ سورية الحديث ووجهتها وقال للتاريخ كلمة حقّ لا يلغيها ظلم أو ظلام أو ثرثرة. قال: أنا أموت أمّا حزبي فباقٍ. وهو ينتظر منّا أن نفعل لنغيّر وجه التاريخ إلى الأبد، لقد غيّر سعاده وجه سورية الحديث.

نجتمع في شهر وقفة العزّ التاريخيّة، هنا في بتعبورة، نشهد بقاء هذا الحزب العظيم في شهدائه، نجتمع لإزاحة الستارة عن النُّصب التذكاريّ لشهدائنا الأبرار: ناهض سويد، الياس سويد، وجوزف عسّاف. هؤلاء الشهداء الذين حملوا كغيرهم من رفقائهم في الحزب سلاح الحقّ والخير والجمال وساروا إلى النصر غير آبهين بأيّّ تفاصيل أخرى، لم تثنِهم أيادي الغدر ولا ضغوطات الحياة، ولا الصعابُ عن أداء واجباتهم القوميّة، فكانوا مناراتٍ نهتدي بنورها وكان دمُهم زرعاً مباركاً لحصاد الأجيال.

وأضاف: بهم نتبارك ومنهم نستمدّ كما من شهيدنا المعلّم القائد، الوعيَ والوحيَ والإيمانَ والعزيمةَ والصلابةَ والإصرار للمضيّ في معركة تلوَ أخرى. ونصبَ أعيننا قضيّة واحدة، نرى أنّنا متّجهون إليها، قضيّة مشرّفة، هي قضيّة عزّ وأصالة وبطولة، إنّها قضيّة الأمّة التي ستنتصر على أعدائها، قضيّة سورية، الأمّة والوطن، قضيّة النظام والواجب والقوة والحرّية.

«أنا أموت أمّا حزبي فباقٍ»، لم تكن مجرد نظريّة أطلقها سعاده، بل كانت الدرسَ الأهمّ والأخير في حياته القصيرة الشاقة، الدرس الذي هو فاتحة كل الدروس والكتب، عنوانه العطاء وأسسه الإيمان، وسقفه مصلحة الأمّة وسلامة الوطن، «اليوم أختم رسالتي بدمي»، لم تكن مقولة نظريّة سفسطائية عاطفية خطّها سعاده في لحظاته الأخيرة، بل كانت درساً عظيماً للأجيال التي لم تولد بعد، إنّه الدرس عينُه الذي استقى منه الأبطال ناهض والياس وجوزف كلَّ معاني العزّ والبطولة والإباء، في حروب الحزب الطويلة ضدّ الطائفية والانعزالية والتقسيم، والأمراض الأخرى الخطيرة التي تنخر عظام الأمّة بالأمس كما تنخرها اليوم.

وتابع: هذه الرسالة، القليلة بحروفها، هي عنوان الأمّة الحيّة التي ترفض القبر مكاناً لها تحت الشمس، لذلك يبقى سعاده الزعيمَ القائدَ القدوة، منه نستمدّ الزاد والتصميم على المضيّ قدماً مهما كانت الصعاب، منه يستمدّ اليوم آلاف آلاف المقاتلين في الشام، رفقاءكم في نسور الزوبعة، يستمدّون عزيمتهم وصلابتهم وإقدامهم، وجرأتهم وعناوين الملاحم التي يسطّرونها بعزّ. في الشام اليوم أيّها الرفقاء، أيّها الأصدقاء، كما في فلسطين والعراق ولبنان، شباب مقاومون أبطال يكتبون التاريخ المعاصر لسورية الأمّة والوطن. في الشام، في فلسطين، في لبنان نسور آمنوا بأنّ أزكى الشهادات هي شهادة الدم، فتركوا كلّ شيء وتوجّهوا للمشاركة بعزّ وبأقدام راسخة، بصناعة انتصار تاريخي توجهوا غير آبهين بمراكز ولا مناصب وكراسٍ ولا ثرثرة أو تنظير أو حروب إعلاميّة، لقد انتصر سعاده بنفوسهم فانتصروا.

أيّها القوميّون الإجتماعيّون في الكورة، إنّ حزبكم اليوم يشارك في صناعة تاريخ جديد لسورية، شاء من شاء وأبى من أبى. هذه هي الحقيقة، والحقيقة أنّه تحت طبقة الثرثرة والصياح التي صارت سميكة وكبيرة، يعمل القوميون تحت أصوات المدافع وبين أصوات الأنين وآلام الجرحى، يقسم القوميّون على أنَّ شيئاً في العالم لن يثنيهم عن الانتصار، أمّا التنظير والتهويل والتخريب والثرثرة في المقاهي وفي الشوارع ورمي العصيّ في الدواليب، فلن يكون إلّا كلاماً هباءً وأوكسيجيناً محروقاً يذهب أدراج الرياح. لماذا؟ لأنّ التاريخ كما قال سعاده يسجّل الوقائع والأفعال والأعمال… فقط الأفعال والأعمال.

وأضاف: نحن اليوم أمام استحقاقات كبيرة على الصعد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والأمني أيضاً، وهنا نوجّه التحيّة إلى المقاومة وأبطال الجيش اللبناني الذين يحاربون الإرهاب في عرسال ويتصدّون له بشجاعة وبطولة وبسالة، وسينتصر، رغم المشهد السياسي اللبناني المتعثّر ورغم الأصوات المقزّزة التي ترتفع أحياناً معبّرة عن مواقف ضبابية، وأخرى أقلّ ما يقال فيها إنها مشبوهة. نحن اليوم أمام تحوّلات كبيرة تشهدها المنطقة ويشهدها العالم، وعلينا أن نكون جدّيين في التعاطي مع هذه المسائل وأن نقوم بواجباتنا على أكمل وجه.

أمام هذه الأزمات والتحدّيات الخطيرة، لا يسعنا إلا أن نكون صابرين ثابتين مناضلين في كلّ ساحة وميدان. فالكورة كما الأمّة، تحتاج منّا المزيد المزيد من الجديّة والعطاء والوعي والتصرّف المسؤول لرفع الضّرر عنها، الضّرر اللّاحق بها من غياب نوّابها عن شؤونها وشؤون الناس العامة، والضّرر البيئي الخطير الذي يدمّر جبالنا وتلالنا وقرانا، بسبب ما تقوم به المقالع والكسّارات وشركات الإسمنت.

الكورة تستحق منّا بذل كلّ الجهود لأنّها كانت ولم تزل منبع الأبطال ومأوى الرجال وأرض البطولة ولغةَ المقاومة والمقاومين، الكورة التي تعتزّ بثقافة الحزب السوري القومي الاجتماعي المحييّة الرائدة الموحِّدة، لا بثقافة القطعان والكونتونات والزواريب، الكورة تستصرخنا اليوم وتنتظر منّا أن نشمّر عن سواعدنا وننزل إلى الميدان، بوعي وبمسؤوليّة، وليذهب كلام المقاهي والشوارع أدراج الرياح.

وتابع: لأجل هذه الثوابت، لأجل هذه الحياة الجديدة، لأجل هذه اللحظات التاريخية التي تمرّ بها الأمّة، لأجل المجتمع الواحد القويّ العزيز الكريم المقاوم، كانت دماء شهدائنا الأبطال الذين رسموا لنا دروب المجد والعزّ، وكانوا الضمانة الكبيرة لاستمرار الحزب السوري القومي الاجتماعي في هذه المنطقة كما في غيرها. لهم نقول، لهؤلاء الأبطال، لناهض والياس وجوزف، إنّنا نعتزّ ببطولاتكم ونفتخر بانتمائكم العظيم. إنّ دماءكم الطاهرة ستكون دائماً قدوة لنا ولأبنائنا من بعدنا، وستبقى وجوهُكم وذكراكم دروساً في المناقبيّة وملاحمَ في البطولة ننهل منها الكرامة وروح الصراع ولأجيالٍ لم تولد بعد.

وإلى الرفقاء في مديرية بتعبورة، بوركت جهودكم في حفظ هذه الأمانة، ألا وُفِّقنا كلّنا كي نرتقي بأقوالنا وأفعالنا وتضحياتنا إلى مستوى دماء الشهداء.

وفي نهاية الاحتفال، أزاح المنفذ العام ومدير المديرية وأبناء الشهداء وذووهم، الستارة عن النُّصب التذكاريّ الذي حمل أسماء شهداء البلدة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى