واشنطن: لم نضع خطوطاً حمراء وخيار القوة قائم.. سيول: السلام على رأس أولوياتنا!

أعلن مساعد الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي ومكافحة الإرهاب، توم بوسيرت «أنّ ترامب لم يحدّد لكوريا الشمالية خطا أحمر تترتب على تجاوزه عواقب».

وقال بوسيرت في حوار مع صحيفة «واشنطن إكسامينر» تعليقاً على اللهجة الحادة التي استعملها الرئيس الأميركي ضد كوريا الشمالية أن ترامب «بعقلانية لم يحدّد خطوطاً حمراء، هو تجاهلها ببعد نظر».

وأوضح مساعد الرئيس الأميركي قائلاً: «أعتقد جلياً أن الرئيس يريد أن ترافق كلماته أفعاله، وأن تكون أكثر اتزاناً ما أمكن»، لافتاً إلى أنّ «ترامب ورث عملياً الأزمة حول كوريا الشمالية من الإدارة السابقة، ولذلك هذه المسألة تخرج عن إطار السياسات الحزبية».

يذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان صرّح مؤخراً بأنّ «على بيونغ يانغ أن لا توجه التهديدات لواشنطن»، متوعّدا بالردّ على أي هجمات بـ«نيران وغضب، لم يشهدهما العالم أبداً».

وأعلنت وكالة الأنباء المركزية في كوريا الشمالية لاحقاً أنّ «جيش البلاد أعدّ خطة لتوجيه ضربة صاروخية استباقية ضدّ الأهداف العسكرية الأميركية في جزيرة غوام بالمحيط الهادئ، بما في ذلك قاعدة أندرسون، حيث تتمركز القاذفات الاستراتيجية من طراز بي 52».

من جهته، أعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال روبرت دانفورد، أمس، «أن واشنطن تتهيّأ لاتخاذ إجراءات عسكرية ضد كوريا الشمالية في حال فشل العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية».

وأدلى دانفورد بهذه التصريحات من سيول، حيث استقبله رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن، وذلك في مستهلّ جولة إقليمية سيزور في إطارها الصين واليابان أيضاً.

وأفاد المتحدّث باسم الرئاسة الكورية الجنوبية، في موجز صحافي، بأن «الاجتماع بين دانفورد ومون استغرق نحو 50 دقيقة، وبحثا أثناءه تطوّرات الوضع في شبه الجزيرة الكورية، لا سيما آخر استفزازات بيونغ يانغ».

والتقى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، في سيول أيضاً، بعدد من المسؤولين العسكريين، بمن فيهم وزير الدفاع سونغ يونغ.

وسبق أن أعلن دانفورد، للصحافيين، في طريق توجهه إلى كوريا الجنوبية، «أن أولويته كعسكري تتركز على دعم المساعي الدبلوماسية والجهود الاقتصادية التي تبذلها إدارة البيت الأبيض من أجل جعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من الأسلحة النووية»، مؤكداً «ضرورة الاستعداد للجوء إلى الخيار العسكري في حال فشل هذه المساعي».

في حين، شدّد رئيس كوريا الجنوبية مون جيه إن، أمس على أنّ «بلاده لن تقبل أبداً اندلاع حرب أخرى في شبه الجزيرة الكورية»، لافتاً إلى أنّ «إحلال السلام لن يتأتى باستخدام القوة».

ونقلت وكالة أنباء «يونهاب» عن مون «أنّ حكومة بلاده تضع إحلال السلام على رأس أولوياتها، وستعمل على تحفيز السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية».

وقال الرئيس الكوري الجنوبي خلال اجتماع مع كبار مستشاريه إنّ «الوضع الأمني في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة المحيطة به أصبح خطيراً للغاية على خلفية استفزازات متكرّرة من قبل كوريا الشمالية».

وأكد مون «أن التحالف بين بلاده والولايات المتحدة يهدف إلى الحفاظ على السلام»، وعبّر عن «اعتقاده بأنّ واشنطن ستتعامل مع الأزمة الحالية بمسؤولية وبشكل عقلاني».

وتعهّد رئيس كوريا الجنوبية لشعبه «بأن الحكومة سوف تسيطر على الأزمة بشكل مستقرّ، وتكون على أتمّ الاستعداد للاستجابة في حالات الطوارئ».

وقال مون «إن بيونغ يانغ إذا اتخذت قراراً صائباً، ستتمكن الكوريتان عبر تعزيز التعاون والتبادل بينهما من تحقيق مستقبل مشرقّ، داعياً الجارة الشمالية إلى «وقف الاستفزازات والتهديدات فوراً».

إلى ذلك، صرّح المتحدث باسم وزارة شؤون الوحدة الوطنية تاي هيون بايك بأن «سلطات كوريا الجنوبية لا تؤكد وجود إشارات لاستعداد كوريا الشمالية إجراء تجربة إطلاق صاروخ باليستي من غواصة».

وقال المتحدث الكوري الجنوبي في هذا الشأن: «حسب علمنا، في كوريا الشمالية في الوقت الحالي لا توجد أية ديناميكية خاصة».

وكان الموقع الأميركي « شمال38» المتخصّص في شؤون كوريا الشمالية نشر معلومات تحدّثت عن رصد نشاط مكثّف من الفضاء في موقع بناء السفن في «سيمبو».

ورجّح خبراء أن يكون ذلك مؤشراً عن احتمال إجراء تجربة جديدة لإطلاق صاروخ باليستي من غواصة.

بدوره أكد المسؤول الكوري الجنوبي «أن استخبارات بلاده والولايات المتحدة تتابع عن كثب الاستفزازات الكورية الشمالية المحتملة».

على صعيد آخر، فرضت الحكومة الصينية، أمس، حظراً على استيراد مجموعة من السلع من كوريا الشمالية، في خطوة تهدف إلى «الضغط على بيونغ يانغ بسبب تجاربها على إطلاق صواريخ باليستية».

وقالت وزارة التجارة الصينية، في بيان: «إنّ الحكومة تفرض ابتداءً من الـ 15 من آب حظراً تاماً على استيراد الفحم، والمنتجات البحرية، والحديد وغيره من المعادن من كوريا الشمالية».

وجاء قرار بكين تماشياً مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2371. وتهدف العقوبات إلى «ردع بيونغ يانغ عن إجراء تجارب نووية وصاروخية».

وتُعدّ صادرات كوريا الشمالية إلى الصين، ولاسيما الفحم، العمود الفقري لاقتصاد كوريا الشمالية. وبلغت واردات الصين من كوريا الشمالية بحسب موقع « إيتس خريطة التجارة» في العام الماضي نحو 2.5 مليار دولار.

وزادت التوترات الجيوسياسية مؤخراً حول شبه الجزيرة الكورية، لاسيما بعد أن تبادلت الولايات المتحدة وكوريا الشمالية التهديدات، وتوعّدت بيونغ يانغ واشنطن باستهداف مصالحها في عدد من المناطق، ومنها جزيرة غوام، وهو ما قوبل بغضب من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي توعّد كوريا الشمالية بحرب طاحنة.

في سياق متصل، عقدت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أمس، «اجتماعاً طارئاً للجنة السياسة والأمن في الاتحاد لبحث آخر تطورات الوضع حول كوريا الشمالية».

وأكد المكتب الإعلامي لمجلس أوروبا أن «فعاليات الاجتماع انطلقت في العاصمة البلجيكية بروكسل، بهدف بحث الخطوات الأوروبية المقبلة بخصوص الوضع حول كوريا الشمالية».

تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي شدّد في الأسبوع الماضي العقوبات ضد بيونغ يانغ بإدراج 10 شخصيات و4 مؤسسات كورية شمالية على القائمة السوداء، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي، وذلك على خلفية استمرار بيونغ يانغ في إجراء تجارب صاروخية باليستية، مما أدى إلى تصعيد حدة التوتر بالمنطقة.

في سياق آخر، أعرب قس كندي أطلقت كوريا الشمالية سراحه بعد احتجازه لأكثر من عامين ونصف العام، عن اعتقاده بأنّ «العفو عنه الأسبوع الماضي سيساعد في تخفيف الضغط الأميركي على بيونغ يانغ».

وقال هيون سو ليم في تورونتو «أعتقد أنّ الزعيم الكوري الشمالي سمح لي بالذهاب كبادرة حسن نية في مواجهة كثير من الكلام والتهديدات»، وذلك في إشارة إلى التلاسن والتهديدات التي يطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد بيونغ يانغ منذ وصوله إلى البيت الأبيض.

وهذا أول ظهور علني للقس منذ إطلاق سراحه يوم الأربعاء، ورفضت السلطات الكندية الكشف عن تفاصيل المفاوضات التي أدّت إلى إطلاق سراح ليم.

وقالت وكالة الأنباء المركزية بكوريا الشمالية يوم الأربعاء الماضي، «إن السلطات أفرجت عن الرجل البالغ من العمر 62 عاماً لدواع إنسانية في مؤشر على تدهور صحته».

واختفى ليم الذي كان يعمل في واحدة من أكبر كنائس كندا، خلال رحلة إلى كوريا الشمالية مطلع العام 2015 لم يعلن عن أهدافها وسياقها، وحكمت عليه محكمة في كانون الأول من العام نفسه بالأشغال الشاقة مدى الحياة بتهمة محاولة إطاحة النظام في بيونغ يانغ.

على صعيد شمالي داخلي، قال مسؤولون «إن كوريا الشمالية استدعت سفراءها الرئيسيين في الخارج لعقد اجتماع مشترك»، وذلك في الوقت الذي يصعد فيه المجتمع الدولي إدانته لبرامج بيونغ يانغ النووية والصاروخية.

وأشاروا، أمس، إلى «احتمال استضافة كوريا الشمالية اجتماعاً لرؤساء بعثاتها الدبلوماسية في الخارج، بعد استدعاء سفرائها في الدول الرئيسية»، مؤكدين أن «عدد السفراء غير معلوم بعد».

وأفادت تقارير بأن «الاجتماع يضم السفراء: جي جيه ريونغ، وجا سونغ نام، وكيم هيونغ جون، لدى الصين والأمم المتحدة وروسيا على التوالي».

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الوحدة الكورية الجنوبية، بيك تيه هيون، «إن الاجتماع ربما يكون جزءاً من الاجتماعات الدورية للسفراء».

وأوضح أن «بيونغ يانغ عقدت 43 اجتماعاً للسفراء في تموز 2015، ويبدو أن الاجتماع الأخير يأتي في سياق هذه الاجتماعات». إلا أن اجتماع السفراء ربما يتعامل مع الظروف الدولية الصعبة التي تواجهها كوريا الشمالية حالياً، بعد إجرائها تجربتين لإطلاق صاروخين تقول إنهما بالستيين عابرين للقارات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى