مجلس الوزراء أرجأ إقرار مشروع تمويل السلسلة البديل إلى الخميس بحضور عون… وشلل الدولة مستمر

أرجأ مجلس الوزراء مجدّداً بتّ مصير الاقتراحات المطروحة لمعالجة نتائج موضوع إبطال المجلس الدستوري قانون الضرائب وانعكاس هذا الأمر على سلسلة الرتب والرواتب، في وقت تواصل الإضراب العام والشامل في يومه الثاني والإعلان عن استمراره اليوم وغداً.

وقرّر مجلس الوزراء الذي اجتمع أمس في السّراي الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري متابعة البحث غداً الخميس في جلسة تعقد في القصر الجمهوري في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، وأشار وزير الإعلام ملحم الرياشي بعد الجلسة إلى أنّ النقاش كان معمّقاً في قانون الإيرادات المنوي ضمّه إلى الموازنة لتأمين مصادر دخل لسلسلة الرتب والرواتب، آملاً بتّ مشروع القانون ويحوّل إلى المجلس النيابي الخميس.

«العمالي» و»التنسيق: لا تراجع

ولاحقاً، عقدت هيئة التنسيق النقابيّة اجتماعاً، توقّفت خلاله عند «استمرار التخبّط الحكومي بالامتناع عن تنفيذ قانون صادر عن المجلس النيابي وموقّع من رئيسَيْ الجمهوريّة والحكومة، ومنشور في الجريدة الرسميّة». وفي الوقت عينه، توقّفت عند «معاني النجاح المنقطع النظير للإضراب العام والشامل لليوم الثاني على التوالي، والمشاركة الكثيفة والجامعة والمتنوّعة في الاعتصام المركزي الذي تمّ تنفيذه بدعوة مشتركة من هيئة التنسيق النقابيّة والاتحاد العمالي العام».

وثمّن المجتمعون في بيان «الموقف النقابي العالي، الذي عبّر عنه المعلّمون في القطاعين الرسمي والخاص والموظّفون في الإدارات العامّة والمتقاعدون والمتعاقدون والأجراء والعاملون في المؤسّسات العامّة والمصالح المستقلّة والجامعة اللبنانيّة والبلديات والمستشفيات الحكوميّة، وذلك بالالتزام الكامل بالإضراب العام والشامل لليوم الثاني على التوالي، وبالمشاركة الكثيفة والجامعة والمتنوّعة في الاعتصام المركزي الذي أُقيم قبل ظهر اليوم أمس في ساحة رياض الصلح، تزامناً مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء».

وأعلنت الهيئة استمرارها في الإضراب، ودعت إلى تنفيذ الاعتصام يوم غد الخميس أمام مفرق القصر الجمهوري مواكبةً لجلسة مجلس الوزراء أثناء انعقاد الجلسة عند الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، وذلك حتى دفع الرواتب على الأساس الجديد، «انطلاقاً من مسلّمة أنّ القانون حين يصدر عن المجلس النيابي ويُنشر في الجريدة الرسميّة يصبح نافذاً، ولا يحقّ للحكومة عدم تنفيذه أو تأجيل مفاعيله أو تجميده تحت أيّ مبرّر». ودعت نقابة المعلمين في لبنان إلى جمعيات عمومية تُعقد في المحافظات اليوم الأربعاء الساعة الخامسة بعد الظهر.

وحمّل المجتمعون «الحكومة كامل المسؤولية عن الشلل التامّ الذي أصاب وسوف يصيب مؤسّسات الدولة ومرافقها العامّة، وتعطيل العام الدراسي، والمؤسّسات التربوية والتعليمية في القطاعين الرسمي والخاص، إضافةً إلى جميع نتائج الخطوات السلبيّة والتصعيديّة اللاحقة».

وأعلنت الهيئة «إبقاء اجتماعاتها مفتوحة لدرس وإقرار الخطوات التصعيديّة التي تعلن عنها تباعاً»، شاكرةً «جميع الوسائل الإعلاميّة وجميع الإعلاميّين الذين واكبوا ويواكبون حركة الإضراب والاعتصام بكلّ موضوعيّة، وينقلون مواقف القيادات النقابيّة وردود الأفعال الشعبيّة بكلّ أمانة».

بدوره، دعا الاتحاد العمالي العام في بيان، «جميع العمال والموظفين إلى الاستمرار في الإضراب العام والشامل في المؤسّسات العامّة والمصالح المستقلّة والمستشفيات الحكومية في كلّ الأقضية اللبنانية وكلّ البلديات، الأربعاء والخميس المقبلين، وبخاصة في المؤسّسات العامّة».

وشجب «مماطلة الحكومة وتلكّؤها عن اتخاذ القرار اللازم لتنفيذ قانون سلسلة الرتب والرواتب النافذ اعتباراً من 21 آب 2017، وتناهت إلى مسامع الاتحاد أنّ الحكومة تسعى إلى إبقاء الضرائب على كاهل ذوي الدخل المحدود».

وحدّد الاتحاد «المصالح المعنيّة بالإضراب، وهي: كلّ البلديات – الضمان الاجتماعي باستثناء موافقات الاستشفاء – مرفأ بيروت – مؤسسة كهرباء لبنان – إدارة حصر التبغ والتنباك – هيئة أوجيرو – مؤسسات ومصالح المياه في كلّ المحافظات – النقل المشترك – مصلحة الليطاني – إهراءات الحبوب في مرفأ بيروت – كهرباء قاديشا».

اعتصام

وبالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء،

احتشد المئات من الأساتذة والمعلّمين والموظّفين الإداريّين والمتعاقدين والمتقاعدين والنقابيّين، في ساحة رياض الصلح، ملبّين نداء هيئة التنسيق النقابيّة ومعها الاتحاد العمالي العام، لمطالبة الوزراء المجتمعين في السراي بسلسلة الرتب والرواتب، وتنفيذ مفاعيلها بحسب الجداول الموجودة في وزارة المالية اعتباراً من أول شهر تشرين الأول المقبل.

وأكّد المعتصمون الذين أتوا من البقاع والجنوب والشمال والجبل وملأوا الساحة التي سمّوها «ساحة الحق والكرامة»، أنّهم لن يعودوا إلى عملهم حتى الحصول على حقوقهم، وحملوا لافتات طالبت بـ»اعتماد سياسة ضريبيّة عادلة، معادلتها تفعيل الضرائب المباشرة من هيئات المال والمصارف وأصحاب الريوع العقارية.

وشارك في الاعتصام معلّمو المدارس الخاصة، الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين الذين طالبوا برفع الحدّ الأدنى للأجور إلى مليون و200 ألف ليرة، وإقرار السلّم المتحرّك للأجور ورفع التعويضات إلى 75 في المئة من الحدّ الأدنى».

وبعد النشيد الوطني، ودقيقة صمت عن ارواح شهداء الوطن، ثمّ تحية إلى الجيش اللبناني والقوى الأمنيّة المولجة بحماية المعتصمين، كانت لرابطة موظّفي الإدارة العامّة ألقتها هيام عاصي، وقالت فيها: «إنّنا موظّفو الإدارة العامّة لسنا هواة إضرابات ولا هواة اعتصامات، نحن حُماة الدولة ومؤسّساتها، وهواة الخدمة العامّة وهذا واجبنا وخيارنا، غير أنّ خيارنا هذا بات يصطدم بطبقة سياسيّة واقتصادية واجتماعية تمنعنا اليوم عن القيام بواجبنا».

واستغربت «هذا الإمعان غير المنطقي في الانقضاض على حقوقنا من خلال الربط غير الدستوريّ وغير القانونيّ لقانون الضرائب الذي جرى إبطاله من قِبل المجلس الدستوري، وبين قانون سلسلة الرتب والرواتب الذي في الأصل ليس من مسؤوليّتنا تأمين التمويل اللازم له». وأكّدت أنّنا «لن نقبل المساومة على حقوقنا، وأنّ استحقاقنا لرواتبنا على أساس القانون الجديد باتَ حقاً مقدّساً يصونه الدستور والقانون، وأنّ أيّ تأخير في تنفيذه ليس سوى مقدّمة لضرب الإدارة العامّة وإمعان في تفقير المجتمع وسحق الطبقة الوسطى».

وأكّدت أنّ «رواتبنا وفق القانون الجديد ليست هي السبب في فرض ضرائب تثقل كاهل المواطن، ونعلنها مجدّداً أنّنا نرفض رفضاً باتّاً فرض أيّ ضرائب على ذوي الدخل المحدود، بحجّة تمويل سلسلة الرتب والرواتب. نعم لفرض الضرائب على أرباح المصارف والريوع العقارية والمالية وإعادة الأملاك البحريّة والنهريّة من مغتصبيها، وتغريمهم ووقف الهدر والفساد والتهرّب الضريبي».

وأكّدت «استمرارنا في تحرّكاتنا التصعيديّة، ولن نستكين حتى قبض رواتبنا وفق السلسلة الجديدة، وباتت معادلتنا اليوم: لا سلسلة = لا عمل في الإدارة العامّة».

من جهته، أكّد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، أنّ «لا عودة للبحث عن ضرائب بعد 4 و5 سنوات من البحث عن ضرائب وموارد لتمويل السلسلة، ولا لسياسة ضريبيّة تضرب ذوي الدخل المحدود، ولا للضريبة على القيمة المضافة».

وأعلن أنّه «تمّ الاتصال بالاتحاد العمالي، وعرض عليه تأجيل دفع السلسلة لشهر واحد لكنّه رفض»، وقال: «ادفعوا المتوجّب عليكم وباشروا فوراً بعمليّة رفع الأجور للقطاع الخاص كي لا يتحمّل وزر الضرائب».

وإذ دعا إلى «مزيد من التصعيد إذا لم تقرّ الحكومة اليوم الدفع الفوري»، أكّد «التوجّه إلى تصعيد أكبر، وأقلّه إضراب مفتوح يقرّر يوماً بيوم بالتنسيق مع هيئة التنسيق النقابيّة».

بدوره، سأل رئيس رابطة التعليم الثانوي الرسمي في لبنان نزيه جباوي: «أيّ لعبة تلك، هل نحن، أم سلسلة الرتب والرواتب، أم الضرائب والواردات، كرة يتقاذفها المسؤولون وقد استرجعوها بعد أن هزّت الشباك؟ تلك حالنا، حال أكثر من نصف الشعب اللبناني، تلعب السلسلة على مشاعرهم وتمسك عليهم لقمة عيشهم وحقّهم بالحياة الكريمة».

وأضاف: «قانون السلسلة أصبح نافذاً من تاريخ 21 آب 2017، ولم يطله الطعن في المجلس الدستوري، والأموال مؤمّنة، بل قد قيل على لسان كلّ المسؤولين إنّ الـ1200 مليار دولار رُصدت لصالح السلسلة ومواردها موجودة. لقد دخل إلى المالية 150 مليون دولار ثمن الهندسة الماليّة التي أعطت المصارف 5,5 مليار دولار. ويقولون قد يكون هناك وفر في الموازنة أكثر من 100 مليار دولار، التشدّد في محاربة الهدر والفساد والتهرّب الضريبي يعطي آلاف المليارات، ضريبة أرباح فوائد المصارف وهذه القشّة التي قصمت ظهر البعير».

وخاطب رئيس رابطة التعليم المهني والتقني نضال ضومط المعتصمين، قائلاً: «أنتم كالواقف على قمّة جبل يرى الناس من تحته صغاراً ويرونه هم أيضاً صغيراً، قولوا بوقفتكم واتّحادكم لهؤلاء المتصرّفين الجدد كفاكم جشعاً وجبروتاً، وقولوا أيضاً لتلك الهيئات الإقطاعية كفاكم تهويلاً».

وقال رئيس رابطة التعليم الأساسي الدكتور منصور العنز: «المواجهة أصبحت قراراً وليست خياراً، وقد اتّخذنا القرار ولا رجعة عنه مهما صار، قرار المواجهة مواجهة من يصادر قراري ومالي ورزق عيالي، مواجهة من يحشد الطاقات بوجه الفقراء ويتغاضى عن الصفقات. لا يظنّن أحد أنّ اليوم كالأمس، لأنّ اليوم يوم التمرّد والعصيان بوجه الطغيان، صبرنا طويلاً حتى تعب الصبر منّا وضاقت بنا الآهات، فهيهات منّا الرجعة».

أمّا رئيس رابطة المتقاعدين في التعليم الثانوي الرسمي عصام عزام، فقال: «خمس سنوات مرّت ونحن نمارس حقّنا الديمقراطي بالإضرابات والمظاهرات والاعتصامات دفاعاً عن حقّنا المشروع، وكلّما كنّا نصل إلى نهاية المطاف إذ بنا نعود إلى المربّع الأول. بالله عليكم هل هذه الحكومة هي مسؤولة عن الشعب بكامل فئاته، أم هي مسؤولة عن الهيئات الاقتصادية التي تتغذّى من قوت الفئات الكادحة؟».

ودعا «مجلس النوّاب والحكومة إلى إيجاد الحلّ لهذا المأزق من خلال إعادة تصويب قانون الضرائب أولاً، وإقرار الموازنة ثانياً». كما دعا «كلّ القوى السياسية إلى تحمّل مسؤوليّاتها بفتح ملفّات الهدر والفساد ورفع الغطاء عن كلّ المتورّطين فيها، فهي بالتأكيد من شأنها أن تساعد في تخفيف العجز المتفاقم في ماليّة الدولة».

وقال نقيب المعلّمين في المدارس الخاصة رودولف عبود: «نعترف بدور المجلس الدستوري الهام، ونحترم قراره، ولكن لماذا الطعن بقانون الواردات فقط؟ لماذا تمّ التغاضي عن كلّ القوانين التي أُقرّت بطريقة التصويت نفسها؟ ولماذا تعليق القانون 45 ترافق مع التشكيك بإمكانيّة تطبيق القانون 46 والاثنان منفصلان؟ هل هو توزيع أدوار؟ نحن ننتظر من مجلس الوزراء استجابة فوريّة لمطلبنا، طبّقوا قانون السلسلة فوراً، خذوا مهلة الشهر من حسابكم وليس من حساب مستحقّي السلسلة».

وحيّا المدارس «التي احترمت ودعمت هيئتها التعليميّة، أمّا التي مارست ضغوطها على معلّميها فأقول: أنتم الاستثناء السيّىء للشراكة التربويّة الصحيحة التي تتحفوننا بها من دون أن تعملوا بها. كيف نبني الثقة بيننا وأنتم تنتهكون القوانين النافذة: إجازة الأمومة، ساعات التناقص، دوام العمل، سلّم الرتب والرواتب، والأمثلة كثيرة، أنظار النقابة عليكم، وسنحاسبكم بالقانون».

وعاهد الزملاء في التعليم الخاص، المحافظة على ما تحقّق من مطالب أصبحت حقوقاً مكتسبة بقوّة القانون.

وتوجّهت كاتيا كيوان بِاسم العاملين في الجامعة اللبنانية إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالقول: «اضرب بيد من حديد واكسر أيادي الفاسدين التي تمتدّ على لقمة عيش أولادنا وعلى الفقراء».

وشدّدت على «مواصلة الإضراب حتى تحقيق كلّ المطالب».

متعاقدو الثانوي

ولفتَ رئيس رابطة متعاقدي الثانوي حمزة منصور، إلى «الفساد الكبير في السلطة». وتحدّث عن «اقتراح القانون المرمي في أدراج المجلس النيابي، والذي يدعو إلى تثبيت كلّ المتعاقدين».

وشدّد رئيس رابطة الأساتذة المتقاعدين في التعليم الأساسي غطاس مدور، على أنّ «المتقاعدين ظُلموا في السلسلة»، داعياً إلى «كلمة موحّدة في القطاعات كافّة».

ثمّ عرض حسين سعد مطالب المتعاقدين في الأساسي.

إلى ذلك، دعا رئيس تيار «صرخة وطن» جهاد ذبيان الحكومة للإستجابة غلى طلب القطاعات العمالية من خلال العمل بشكل جدي من أجل إيجاد الحلول المناسبة وتأمين مصادر تمويل سلسلة الرتب والرواتب بعيداً عن جيوب المواطنين والفقراء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى