الأمين: من واجب المرأة تخطّي الحواجز التي تعيق اعتراضها على المحاصصة والمخاصصة والطائفية والمذهبية

رنا صادق

وسط زحمة اقتراحات قانون للانتخابات التشريعية المقبلة، وضمن تفاعل عمل المؤسّسات والاتحادات النسائية في تهيئة دور المرأة للمشاركة الحقيقية في القرار السياسي، افتتحت «ندوة الإبداع» الموسم الثقافي لعام 2017 / 2018، من خلال ندوة بعنوان «فاعلية المرأة اللبنانية في موقع القرار»، وذلك في مركز توفيق طبّارة.

شارك في الندوة التي افتتحتها رئيسة «ندوة الإبداع» الدكتورة سلوى الخليل الأمين، كلّ من: رئيس مركز توفيق طبّارة أحمد طبّارة، أمين عام اتحاد المحامين سابقاً المحامي عمر زين، والرئيس الأسبق لمجلس القضاء الأعلى القاضي الدكتور غالب غانم. وحضر الندوة رئيسة تجمع النهضة النسائي منى فارس ممثلة رئيس الحزب السوري القومي اللاجتماعي الوزير علي قانصو، الرئيس الأسبق للحزب مسعد حجل وعقيلته ناديا، الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني، الوزير السابق عصام نعمان، رئيس حزب الحوار الوطني المهندس فؤاد مخزومي، ممثل قائد الجيش العماد جوزف عون العقيد المهندس وليد مشموشي، ممثل اللواء طوني صليبا مدير عام أمن الدولة النقيب أحمد نصار، المديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عباس، نقيب المحرّري الياس عون، رئيسة الاتحاد النسائي إقبال دوغان، المحامية مايا الزغريني ممثلة رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة كلودين عون روكز، وحشد من الوجوه الدبلوماسية والثقافية والحقوقية والأدبية والاجتماعية والأمنية.

الأمين

الدكتورة سلوى الخليل الأمين قالت في كلمة الافتتاح: «فاعلية المرأة في موقع القرار»، هو عنوان لهذا الموسم الثقافي، الذي أردناه هذه السنة منطلقاً لتسليط الضوء على حقوق المرأة اللبنانية، التي كفلها الدستور بشكل موازٍ تماماً للرجل. فحين يكون دستور الدولة قد نصّ على أنّ الشعب هو مصدر السلطات، معنى ذلك أن الشعب هو الرجل والمرأة على حدّ سواء. لهذا من الإنصاف والعدل، ألّا يتسلّط الرجل على مقدرات الدولة ومواقعها الرسمية، خصوصاً في السلطتين التشريعية والتنفيذية، بحيث نتج عن هذا الفعل تحييد المرأة عن المشاركة في مواقع القرار عبر حجج موروثة وخاطئة أعاقت تقدّم الدولة.

وأضافت: لماذا التنكّر لدورها كقوّة إنتاجية هائلة؟ علماً أن المرأة اللبنانية أثبتت كفاءة متميّزة في المواقع المتقدّمة التي تبوّأتها في القطاعين العام والخاص؟ ألا تستحق المرأة الثقة بفاعليتها في موقع القرار من بنات جنسها ومن سائر أبناء الوطن، علماً أنها هي من يضخّ إلى هذا الوطن القادة والرؤساء وكل مسؤول في أي موقع كان؟

وتتعدّد الأسئلة ومنها: هل سيساهم المواطن اللبناني المغلوب على أمره من حالات الفساد والإفساد والهيمنة لمذهبية والسياسية، في إيصال المرأة اللبنانية الكفوءة إلى المجلس النيابي في العام 2018، خصوصاً ونحن على أبواب انتخابات تشريعية ينتظرها الشعب بكل طوائفه وفئاته، خصوصاً المستقلّة من النساء والرجال على حدّ سواء، الذين لم ينتمِ أفرادها للأحزاب والتكتلات السياسية الممذهبة والمتطيفة، التي أفرزتها الحرب الأهلية.

بصريح العبارة، وكوني امرأة لبنانية، ومواطنة بالدرجة الأولى، أحمل الهوية نفسها التي يحملها زميلي المواطن الرجل، من حقّي الثورة على الصورة النمطية التي وضعت المرأة في وطني ضمن إطارها السلبي، بحيث تم دفع المرأة إلى المطالبة بكوتا نسائية قبل إصدار القانون الجديد للانتخابات، وهذه لم يحصل، والنتيجة، وصول المرأة الملتفة بعباءة الرجل السياسي، الذي قد يكون زوجها أو أخاها أو أباها أو حزبها أو ما شابه، دون تلك المرأة اللبنانية، صاحبة الإنجازات الوطنية، المناضلة على مساحة الوطن اجتماعياً وثقافياً ومعرفياً وتربوياً وحتى سياسياً.

وختمت الأمين: إن المجتمع قادر على تكريس مكانة المرأة، عبر تشجيعها على إثبات وجودها كعنصر فاعل في خدمة الوطن، هو المجتمع المتمكّن من رسم الأطر المتطوّرة الصحيحة، القادرة على التغيير والارتقاء في ظلّ التقدّم التكنولوجي، والانفتاح العالمي العلمي، الذي أنتج ثقافة التواصل، القائمة حالياً عبر حوليات الثقافة الرقمية المتمثلة بالصفحات المفتوحة العابرة للقارات. لهذا، على المرأة تخطّي كل الحواجز التي تعيق اعتراضها على المحاصصة والمخاصصة والطائفية والمذهبية البغيضة، وفرض وجودها بجرأة على اللوائح الانتخابية المقبلة، حتى لو كان القانون الجديد مفصّلاً على مقاسات محدّدة، وهذا ما يلزمه رفع درجة التوعية المجتمعية.

طبّارة

وفي كلمته، أشار الأستاذ أحمد طبّارة إلى أنه قد يعارض ما سوف يدلي به كثيرون، ولكنه رأي واختلاف في الرأي لا يفسد للودّ قضية. وقال: رغم كلّ الشوائب التي نعيشها كلّ يوم، أزعم أن بلدنا الصغير هذا أفضل من محيطه في كثير من القضايا، لأن القانون الذي بني عليه يسمح بتغيير النهج الذي يسير عليه كل أربع سنوات، وكما يرفض التمديد لرأسه إلّا في حالات الضرورة القصوى. فلا رئيس للأبد ولا عبادة للأصنام. صحيح أن ديمقراطيتنا لا تزال تحبو ولكنها تتحرّك رغم مشاكل الطائفية والحزبية والمصلحية.

وأضاف طبّارة: المرأة والرجل إنسان، وفي مسيرة الحياة توزّعا الأدوار للتعاون على واجبات الحياة. وهذه الواجبات أو الأدوار هي التي ركبت وهم سيطرة الإنسان الرجل على الإنسان المرأة. وللتذكير فقط، علينا أن نعلم أن في بلاد متقدّمة في هذا المضمار لم يكن للإنسان المرأة دور بارز قبل الحربين العالميتين. إذ كان الرجل هو المعوّل عليه في الحروب والدفاع عن البيت. وهذا الدور هو الذي جعله متقدّماً على المرأة، لا للأبّهة، ولكن قضى الدور أو الواجب أن يكون الإنسان الرجل في الموقع الصعب. وبانحسار الحربين العالميتين، ظهر نقص فاجع في عدد الرجال، ما جعل المرأة تتقدّم لتقوم بالأعمال التي كان يقوم بها الرجل. القضية إذاً ليست مَن أحسن ممّن، ولكن القضية من هو قادر على القيام بهذا الدور أحسن من الآخر. وفي هذا التطوّر السريع أخذ الإنسان المرأة يقوم بالأعمال التي كانت متروكة للإنسان الرجل. ونحن في لبنان نرى كلّ يوم، تقدّم الإنسان المرأة في كثير من المجالات، فهي قاضية ومحامية وطبيبة ومعلّمة ومديرة أعمال، رأيها مسموع وأحكامها مقبولة من دون عُقد، وفي لبنان استلمت قيادة السيارة ومن زمن بعيد. ومع كلّ هذا تبقى أماكن مفتوحة أبوابها تهاب المرأة دخولها ومنها البرلمان. وفي بلدنا إذا وصلت المرأة إلى قبّة البرلمان فهي أرملة المرحوم أو زوجة رجل مرموق.

زين

وأشار الأمين العام السابق لاتّحاد المحامين العرب المحامي عمر زين في كلمته إلى أنه من المهم أن تعتمد المرأة اللبنانية على ذاتها وألا تنتظر من أحد أن يمنّ عليها بأيّ حقّ من الحقوق الذي هو أمر طبيعيّ لها نصّ عليه الدستور. غير أننا علينا جميعاً رجالاً ونساءً واجب تغيير العقلية الذكورية ونتائجها على على مستوى القرار، والعمل الجدّي في الضغط على المجلس النيابي للتصديق على المعاهدات، وعلى الحكومة اللبنانية تطبيق بنودها حيث لا سلاح إلّا النضال للفوز بما توصلت إليه البشرية من حقوق للمرأة.

ثم تطرّق إلى النقاط التالية: المرأة في السلطة القضائية، المرأة اللبنانية في الأحزاب، المرأة في موقع القرار البلدي والاختياري، المرأة اللبنانية في الاتحادات العمالية والنقابات المهنية، المرأة اللبنانية في مجال التربية والتعليم والمرأة اللبنانية في المسؤولية السياسية أي في موقع القرار العام.

وختم: المرأة كالرجل، قد تكون نتاج عمل وطنيّ مؤمن بالسيادة والاستقلال والديمقراطية والسلم الأهلي للنهوض بالأمة، وتكون أيضاً ضدّ التطرّف والتعصّب والتكفير والإرهاب، أو من نتاج مغاير لكلّ ذلك، وعلى هذا الأساس يتبلور إما لصالح الوطن والمواطن أو للمصالح الشخصية. إذاً نحن أمام إنسان يختلف عن الآخر لجهة الجنس فقط، ويتّفق معه ويختلف عنه بالسلوك والأخلاق والتوجّه الوطني والسياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي. والمهم على المرأة التي ترغب في أن تلعب دوراً ناجحاً في مواقع القرار، أن تقنع عقول الرجال والنساء معاً بما تحمله من مبادئ وأفكار وبما تقوم به من أعمال للنهوض بالوطن والمواطن، ومن دون الإقناع يتعذّر تغيير صاحب القرار وطبيعة القرار في موقع القرار.

وبعد كلمة القاضي غالب غانم، فُتح باب النقاش والمداخلات بين المحاضِرين والحضور.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى