الحكومة والمجلس النيابي هدفا واشنطن: رجال ونساء فيلتمان إلى البرلمان

حسين حمّود

وسط الانهماك اللبناني، على المستويات الرسمية والحزبية والشعبية، بالتحضير لإجراء الانتخابات النيابية المقرّرة في السادس من أيار المقبل. وفي موازاة التهديدات «الإسرائيلية» للبنان على خلفية ملكية البلوك النفطي التاسع. في ظلّ هذه الأجواء الساخنة، برز «اهتمام» متزايد للولايات المتحدة الأميركية بلبنان من خلال زحمة الموفدين إليه، عسكريين ومدنيّين، يتوّجها وزير الخارجية ريكس تيلرسون بزيارة بيروت يوم الخميس المقبل.

إلاّ أنّ ما يجمع بين هذه الزيارات، هو أنها تأتي كلها تحمل عنوان «ملاحقة لبنان وإرهاقه»، إنْ عبر الضغوط الاقتصادية والمالية عليه، تحت شعار «مكافحة حزب الله»، أو عبر الضغوط الأمنية من خلال دفع «إسرائيل» إلى شنّ حرب نفسية على اللبنانيين بإمكان شنّ حرب على بلدهم بذريعة مزعومة هي «تعدّي لبنان» على الثروة النفطية للكيان الغاصب.

ولزيادة التوتير واللعب بأعصاب اللبنانيين، دعا نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية دايفيد ساترفيلد، في جولته الواسعة على المسؤولين اللبنانيين إلى أخذ التهديدات الصهيونية بجدّية، غامزاً من قناة رئيس الحكومة سعد الحريري منتقداً موقفه من حزب الله الذي تحاربه الولايات المتحدة و»إسرائيل» والسعودية معاً، وبتوزيع للأدوار والمهام التي تستلزمها هذه الحرب.

أوساط متابعة، حذّرت بدورها، من خطورة الدور الأميركي الجديد في لبنان الذي ستتعاطى معه واشنطن كجزء من منظومة إقليمية معادية لها في حال استمرت المقاومة في التصاعد لبنانياً وإقليمياً بما يهدّد الأمن «الإسرائيلي» من جهة وأطماع، واشنطن بثروات المنطقة النفطية والتي أصبح لبنان من ضمنها. وهاتان الغايتان هما ركيزة ومنطلق السياسات الأميركية في الشرق.

لذا لن يتساهل الأميركيون في هذين المبدأين، وقد بدأوا يكشفون عن أنيابهم في لبنان، وقد بدأت تلامس الحكومة وإنْ بنعومة حتى الآن. لكنها قد تصعّد المواجهة في المرحلة المقبلة، وليس بالضرورة إسقاط الحكومة لأيّ سبب كان، بل على الأقلّ إرباكها وشلّ قدرتها على اتخاذ قرارات في مجالات مصيرية نظراً لهشاشة المجتمع السياسي اللبناني وانقسامه عمودياً وبشكل حادّ بين مؤيّد للسياسة والمشاريع الأميركية في لبنان والمحيط. كما أنّ بمقدور واشنطن إفشال المؤتمرات المخصّصة لدعم لبنان مالياً واقتصادياً، وذلك بالضغط على حلفائها الأوروبيّين المشاركين في تلك المؤتمرات.

كذلك، أضاءت الأوساط على نقطة لا يعيرها الكثيرون أهمية، لكنها تشكل خطّ اختراق أميركي ثانياً للمؤسسات اللبنانية المعنية بالقرارات المصيرية وغير المصيرية، وهو المجلس النيابي الذي ستتغيّر صورته في الانتخابات المقبلة عن طريق قانون النسبية المجتزأ، والذي تسعى واشنطن من خلال ثغرات القانون، إلى إدخال عدد كبير من المحسوبين عليها إلى المجلس الجديد لزيادة كتلتها الموجودة أصلاً في المؤسسة التشريعية.

ومن هنا، يُفهم، سبب ترشيح بعض السياسيين والإعلاميين وممن يعملون في بعض جمعيات ما يُسمّى «المجتمع المدني»، في محافظات ودوائر متعدّدة، بعضها يمسّ مقاعد محسوبة على تيّار «المستقبل»، علماً أنّ هؤلاء المرشحين الجدد لا يتمتعون بأيّ حيثية سياسية أو حزبية تحملهم إلى الندوة البرلمانية، خارج التيارات السياسية التي كانوا يوالونها والآن انقلبوا عليها بتعليمات أميركية – سعودية. لكن المرشحين المُشار إليهم هم ممّن أطلق عليهم اسم رجال فيلتمان في لبنان السفير الأميركي الأسبق في لبنان جيفري فيلتمان ، الذين بحسب وثائق «ويكيليكس»، كانوا يجتمعون دائماً مع الديبلوماسي الأميركي المذكور، في لبنان وخارجه، من أجل تنفيذ خطة لتشويه صورة حزب الله أمام المجتمع اللبناني وفي الإقليم، مقابل مخصّصات مالية لهؤلاء الأدوات. وهذا ما أقرّ به فيلتمان نفسه أمام الكونغرس الأميركي كاشفاً أنّ وزارة الخارجية الأميركية خصّصت مبلغ 500 مليون دولار أميركي لتشويه صورة حزب الله.

ويأتي في هذا السياق أيضاً، توزيع الولايات المتحدة عبر سفارتها في بيروت، مساعدات عينية لعدد كبير من البلديات تشمل حاجات حياتية ضرورية، وذلك ضمن برنامج كبير لهذه الغاية يُنفَّذ على مراحل.

وفي مقابل الهجمة الأميركية المتعدّدة الأوجه والجبهات، لم تبرز أية خطة لمواجهتها، علماً بأنّ الولايات المتحدة لا يعنيها إنْ شهد لبنان بلبلة وصراعات سياسية أو أزمات حكومية وسياسية أو حتى حروباً. فما تخشاه دول أوروبية، وهو هروب النازحين في لبنان إليها في حال حصول خضّات أمنية فيه، لا يعني واشنطن في شيء، وهمّها هو السيطرة على الثروات وضمان الأمن «الإسرائيلي» مهما كان الثمن. وهذا ما يفعله الموفدون الأميركيون في لبنان، تختم الأوساط.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى