الرفيق محمد سلطاني منفذ عام بيروت وأحد الوجوه البارزة في عاصمة لبنان

الرفقاء الذين انتظموا في منفذية بيروت في الخمسينات لا بدّ ان يكونوا سمعوا، او تعرّفوا على كلّ من الرفيقين محمد سلطاني، وزهير سلطاني.

والرفقاء الذين نشطوا حزبياً في البرازيل، في أواخر سبعينات أوائل ثمانينات القرن الماضي، لا بدّ ان يكونوا أيضاً تعرّفوا الى الرفيق محمد سلطاني الذي كانت ظروفه في بيروت قد اضطرته للمغادرة الى البرازيل 1 ومن هناك أمكنه ان يؤمّن لابنه الدراسة الجامعية في بيونس ايرس الى ان تخرّج طبيباً.

اذكر انّ الرفيق محمد سلطاني بعد ان كان شغل مسؤولية منفذ عام بيروت، اختار للمنفذية مكتباً لها في شارع السادات حيث، على مقربة منه، كان يقع مكتب الأمن المركزي 2 ، ويقع ايضاً منزل رئيس الحزب في حينه الأمين د. عبد الله سعاده. في تلك المنطقة سقط الرفيق المقدّم غسان جديد شهيداً.

كان للرفيق محمد سلطاني، وشقيقه او ابن عمه زهير سلطاني، حضوره الاجتماعي في بيروت، وسنسعى مع من بقي من رفقاء تلك المرحلة، ان نجمع ما أمكن من معلومات آملين من الرفقاء، ممن تعرّفوا الى احد الرفيقين محمد وزهير سلطاني ان يكتبوا الى لجنة تاريخ الحزب.

في الصفحة 219 من كتابه «حقائق ومواقف» يورد الأمين اديب قدوره انّ الرفقاء، الامين خليل ابو عجرم 3 ، الامين جورج صليبي 4 ، محمد وزهير سلطاني كانوا من بين الكثيرين الذين زاروه في منزله وحاولوا إقناعه بالرجوع عن استقالته، واعتزاله العمل الحزبي.

نشكر الرفيقة وداد شروف عزالدين التي قامت باتصالاتها مع رفقاء كانوا عرفوا الرفيق محمد سلطاني خلال فترة إقامته في البرازيل، فوردنا من الرفيق الشاعر يوسف المسمار الرسالة التالية المتضمّنة ما يعرفه عن الرفيق محمد سلطاني:

«كان لقائي بالرفيق محمد سلطاني صدفة حين كنت أتناول فنجان قهوة في مطعم «المنارة» في شارع «عبدو شاهين» في مدينة سان باولو كما كان هو أيضاً يتناول فنجان قهوة في نفس المطعم وكان معه رفيق يتحدث معه باللغة العربية مما أثار انتباهي فأكثرت من نظراتي اليهما فتقدّم مني وحياني وقال: «يظهر انك جديد في هذا البلد».

فقلت له: «نعم وانت وزميلك أوّل من أسمعهما يتكلمان العربية».

قال لي: أقدم لك رفيقي علي درويش وأنا اسمّي محمد سلطاني وكلانا من الحزب السوري القومي الاجتماعي».

فقلت على الفور: تحيا سورية وانا من الحزب نفسه، وقد استطعت الإفلات من ملاحقات الاجهزة اللبنانية وأتيت الى البرازيل وحظي كبير انني التقي بكما الآن.

فأجابني بقوله: تحيا سورية، أهلا بك يا رفيقي، فأنا الرفيق محمد سلطاني وكنت منفذاً عاماً لبيروت قبل محاولة الثورة الانقلابية التي قام بها الحزب ووجودنا هنا انا والرفيق علي درويش بسبب الانقلاب».

فقلت لهما: «انني كنت ناشطاً في تنظيم مكتب الطلبة في الحزب، الى ان اكتشفت السلطات التنظيم المذكور وبدأت الملاحقات ودخل عدد من الرفقاء الطلبة السجون 5 وقد تمكنتُ من الإفلات وغادرت لبنان».

فقال: «كنا نتابع نشاطكم باهتمام وبفخر، أهلا بك يا رفيقي». عند هذا الحدّ التفتّ الى الرفيق علي درويش وسألته: «هل سمعت بشخص اسمه رياض درويش يا رفيق علي؟»

فأجاب على الفور: «لا أحب ان أسمع اسمه، ونحن هنا بسبب خيانته، هذا الخائن الحقير هو أخي الذي لا تشرّفني اخوته».

في هذه اللحظة أطلّ علينا شخص آخر وقال: «تحيا سورية فرددنا جميعاً: تحيا سورية، ثم عرّفوني عليه قائلين: «انه الرفيق رجا نصرالله 6 » وقد اتفقنا اليوم ان نتناول طعام الغداء معاً في مطعم المنارة وأنت اليوم مدعو لتناول الغداء معنا».

جلسنا الى المائدة وأخذ الجميع يسألون عن الحزب ونشاط القوميين والطلبة في لبنان. وأثناء الحديث بيننا قلت للرفيق رجا نصرالله: انني اعرف رفيقة أديبة ولها كتابات رائعة، من عائلة نصرالله وهي الرفيقة هيام نصرالله الأمينة وهي زوجة الرئيس الأسبق عبدالله محسن وأنا كنت أجمع لها بعض مقالاتها المنشورة في أكثر من صحيفة من الصحف الموجودة في مكتبة الجامعة الاميركية». فقال لي الرفيق رجا: «إنها شقيقتي يا رفيق يوسف وسوف تأتي لزيارتنا في سان باولو». وبالفعل حضرت الأمينة هيام محسن بعد مدة الى سان باولو لزيارة شقيقها الرفيق رجا وقد التقيتها في منزله وكانت مفاجأة لها ان التقي بها في منزل شقيقها.

هذا كان أول لقاء بالرفيق الراحل محمد سلطاني الذي كان منفذاً عاماً لبيروت ومرشحا للنيابة في مواجهة الرئيس صائب سلام.

«كان الرفيق محمد من الرفقاء الواعين المؤمنين بعقيدة الحزب السوري القومي الاجتماعي إيماناً مطلقاً والمضحّين بكلّ شيء في سبيل انتصار الحزب مهما كان الثمن غالياً، نشيطاً الى أبعد الحدود. كان قومياً اجتماعياً خلوقاً بكلّ ما تعني الكلمة من معنى. له ولد وحيد اسمه عبودي ارسله الى الأرجنتين ليدخل كلية الطب وقد اهتمّت منفذية الارجنتين بأمره وتخرّج طبيباً ولا يزال، كما اعتقد، يعمل في الارجنتين. بعد صدور العفو العام عن الرفقاء القوميين الاجتماعيين وسقوط الحكم الذي صدر ضدّي ذهبت الى لبنان في العام 1976 على ما اذكر، فكلفني الرفيق محمد سلطاني ان أزور شقيقته وعلى ما اذكر اسمها عائشة التي كانت تسكن في منطقة «عين المريسة» فقمت بزيارتها فاستقبلتني كما لو كانت تستقبل شقيقها الرفيق محمد بالعناق والقبلات الحارة وقالت لي: قرّب يا عزيزي مني، اني أشمّ فيك رائحة الغالي محمد. هل يا ترى سيسمح الزمان وأراه قبل أن أموت؟» وحين ودّعتها، ودّعتني بالعناق والقبلات والدموع وقالت لي: «قبّل رفيقكم محمد نيابة عني، فكلّ رفقاء محمد هم اخوتي. الله يوفقكم على الظالمين وينصركم على أعدائكم». وعندما عدت الى البرازيل بلّغت الرفيق محمد سلطاني ما قالته شقيقته واستقبالها ووداعها لي، فقال لي: «ان شقيقتي قومية اجتماعية أكثر مني يا رفيق يوسف. انها تحب الرفقاء القوميين الاجتماعيين حبها لي.

وأثناء وجودي في سان باولو كنت ألتقي به دائماً أثناء الاجتماعات الرسمية وخارجها. وحين وافت المنية الرفيق محمد سلطاني لم أكن في البرازيل، اذ كنت أعمل في العراق في شركة «مندس جونيور الدولية» ويمكن الاتصال ببعض الرفقاء كالرفيق محسن نقولا 7 الذي يمكن ان يفيدكم أكثر مني عن الرفيق الراحل محمد سلطاني كما يمكن ان تتصلوا بمنفذية الارجنتين لزيادة المعلومات عن ولده الطبيب عبودي الذي تخصص في الارجنتين واعتقد انه يعمل هناك».

هوامش:

1 – من الرفقاء الراحلين الذين كانوا على علاقة جيدة بالرفيق محمد سلطاني حين إقامته في البرازيل: علم الدين شروف، يورغاكي فهد، سمعان صوابيني، حنا حجار، وأكرم بشور.

2 – عمل تحت غطاء «وكالة الصحافة اللبنانية» وقد كنت كتبت عنه، للاطلاع على النبذة مراجعة قسم «من تاريخنا» على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info .

3 – الأمين خليل ابو عجرم: من بعقلين. شقيق الأمين فؤاد أبو عجرم الذي كان رئيساً للمجلس الأعلى، نقيباً للصيادلة. وقد قضى بحادث سيارة عام 1957 وهو في أوّج عطائه. للاطلاع على النبذة المعمّمة عن كلّ منهما الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.

4 – الأمين جورج صليبي: من سوق الغرب. تولى مسؤولية عميد خارجية. كان طبيباً معروفاً للأشعة. خاض الانتخابات عن المقعد الأرثوذكسي في عاليه. شارك في الثورة الانقلابية وتمكّن من العبور الى الأردن حيث نشط مع الإدارة العامة المؤقتة، للاطلاع على النبذة المعمّمة عنه، الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.

5 – كتبت عن ذلك تحت عنوان «4 أشهر ونصف الشهر في سجن الرمل». مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

6 – رجا نصرالله: سنعمّم في وقت قريب نبذة تعريفية عن مسيرته الحزبية.

7 – محسن نقولا: من بلدة جبرايل عكار. عرفته في البرازيل والتقيت به كثيراً، ثم في الوطن. سنتابع الاهتمام الى ان نتسلّم من الرفيق محسن معلوماته عن الرفيق محمد سلطاني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى