محور المقاومة بدعم روسي قرّر حسم الغوطة ولو أدّى لمواجهة مع «إسرائيل» وأميركا قلق وغموض حول زيارة الحريري للرياض يُربك بيروت بعد تأجيل لقائه بولي العهد

كتب المحرّر السياسي

يُطلّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإعلان نوعي لجهوزية الجيش الروسي للمواجهة النووية، إذا فرضت على روسيا أو إذا استهدفت واشنطن أيّاً من حلفاء روسيا بسلاح نووي تكتيكي أو بصواريخ بالستية، مضيفاً أنّ لدى موسكو صواريخ نوعية جديدة لا يمكن إسقاطها، وقادرة على حمل رؤوس نووية صغيرة، والعارفون في موسكو بخفايا رسالة بوتين يقولون إنها بناء على معلومات لدى المخابرات الروسية عن تحضيرات وحدات عسكرية نوعيّة في قاعدة التنف، تضمّ عناصر نخبة الجماعات المسلحة بما فيها الأكراد الذين درّبتهم القوات الأميركية خلال السنوات الماضية ولم يعودوا جزءاً من تشكيلات سورية، بل تحوّلوا إلى احتياط أميركي يعمل بإمرة ضباط أميركيين على مستوى تشكيلات السرايا والكتائب، وأنّ التقدّم عبر البادية نحو الغوطة لإنشاء شريط يربط العاصمة السورية بالحدود العراقية والقواعد الأميركية في العراق هو الهدف، وأنّ نقاشات جرت في البنتاغون، بين الأركان العسكريين الأميركيين بفرضية الغارات الجوية المكثفة واستخدام صواريخ بالستية ثقيلة، وكذلك إشراك الإسرائيليين في عمليات القصف والتشتيت للقوى بتحريك جبهة الجنوب السورية، وبعض عمليات الإنزال النوعية لضرب قواعد لحزب الله والحرس الثوري الإيراني، لتقديمها أمام الرأي العام الإسرائيلي كأهداف إسرائيلية خاصة، وأنّ بعض النقاشات ورد فيها كلام خطير عن الحاجة لردع نوعي يتمثل باستخدام قنابل نووية تكتيكية على بعض القواعد العسكرية السورية قرب حمص نحو البادية، لتدميرها وإبادة مَن فيها. ووفقاً للمصادر المتابعة فإنّ الرئيس بوتين بالتشاور مع أركان محور المقاومة، وصل إلى قرار المواجهة والحسم العسكري في الغوطة مهما كان الثمن. ولهذا جاءت طائرات السوخوي 57 إلى سورية وهي لم تُضمَّ بعد لتسليح الجيش الروسي، ولهذا جاء الكلام العالي السقف للرئيس الروسي، قطعاً للطريق على أيّ مغامرات تُبنَى على سوء التقدير والخطأ في حسابات توقّع الردّ الروسي. والقصد واضح، أيّ قصف بصواريخ بالستية لمواقع في سورية سيعتبر استهدافاً لروسيا بسلاح نووي، ويكون الردّ عليه على هذا الأساس، فتصبح المدمّرات الأميركية والقواعد الأميركية في الصحاري السورية شرقاً وشمالاً أهدافاً مباشرة للردّ الروسي.

قرار محور المقاومة بالحسم وقرار روسيا بالدعم واحد، وقد صار على الطاولة الأميركية، وبات الإسرائيليون يعرفونه جيداً. وهو القرار الذي يُترجم يومياً بتحقيق المزيد من الإنجازات في الميدان بتحقيق تقدّم نوعي للجيش السوري. وإذا كان الأميركيون يريدون نجاة ضباطهم وضباط حلفائهم المقيمين في الغوطة من القتل أو الأسر. فالطريق الوحيد هو سلوك الخيار الذي أعلنه الرئيس بوتين، خروج المسلحين أو خروج المدنيين، من الغوطة، فقد يتمكّن الضباط الأجانب من تأمين طريقة للخروج في هذه الحال.

أوّل التفاعلات الأميركية كانت التراجع عن اتهام الدولة السورية باستخدام أسلحة كيميائية، على لسان الناطقة بلسان البنتاغون التي قالت: إنّ ليس لدى واشنطن أيّ أدلة على ذلك، بعدما كانت الاتهامات الأميركية قد بلغت حدّ تحميل موسكو مسؤولية التهاون في ضمان التزام سورية بتفكيك سلاحها الكيميائي، استناداً إلى اتهامات قال الأميركيون إنها موثقة عن استعمال الجيش السوري للسلاح الكيميائي.

لبنانياً، انقلب التفاؤل الذي رافق اليوم الأوّل لزيارة رئيس الحكومة سعد الحريري للرياض، بعد استقباله من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، إلى قلق وغموض مع اليوم الثاني الذي كان يُفترَض أن يشهد عودته إلى بيروت بعد لقاء مع ولي العهد محمد بن سلمان، تأجّل من أوّل أمس إلى أمس، دون أن يُعقَد، بينما تردّدت معلومات عن مناقشات مع الحريري يُجريها فريق ولي العهد الذي يضمّ ضباط الاستخبارات وعلى رأسهم الفريق خالد الحميدان، ورئيس مركز الدراسات اللواء أنور عشقي، حول كلّ القضايا المفتوحة بينه وبين السعودية، ليتمّ اللقاء بعدم التوصّل لتفاهم حولها. وهذا يعني أنّ خلافات كبيرة لا تزال تحول دون اللقاء، وانّ الأمور المالية العالقة ربما تكون أكثر من الأمور السياسية سبباً في هذا التأخير، بينما قالت مصادر متابعة إنّ ولي العهد الذي وافق على دعوة الحريري لتطبيع العلاقة معه، يريد الإيحاء بأنّ التطبيع مع الحريري تمّ مع «فركة إذن» وليس مع ردّ اعتبار أو اعتذار.

إبن سلمان يبتزّ الحريري؟

بعيداً عن الأخطاء الدبلوماسية والسياسية المقصودة التي ارتكبها الوفد الملكي السعودي خلال زيارته الى لبنان والمموّهة بعبارات «اللياقة واللباقة» والمديح للدولة اللبنانية ورؤسائها، يتعرّض رئيس الحكومة اللبنانية مجدداً للابتزاز السعودي من قبل ولي العهد محمد بن سلمان، رأت في ذلك مصادر سياسية إهانة جديدة لرئيس حكومة لبنان تُضاف الى سلسلة الإهانات والإساءات التي واجهها خلال أزمة احتجازه القسري في إحدى فنادق المملكة في تشرين الثاني الماضي.

فبعد لقائه الملك سلمان بن عبد العزيز واستقباله بحفاوة في قصر اليمامة الثلاثاء الماضي، انتظر الحريري لقاء «ولي الأمر» السعودي، لكن أي موعد لم يُحدَّد له حتى منتصف ليل أمس، علماً أن جدول الزيارة حصر لقاءات الحريري بالملك وولي العهد.

فهل مماطلة إبن سلمان في عقد اللقاء جزء من سياسة الضغط والابتزاز التي تمارسها «مملكة الخير» على الحريري لفرض شروطها السياسية؟

وبناءً على تصريحات مستشار «الوالي السعودي» ضابط الاستخبارات السابق أنور عشقي، وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن القيادة السعودية عرضت على الحريري مقايضة مضمونها التحالف مع فريق 14 آذار لمواجهة حزب الله في الانتخابات النيابية مقابل حلّ مشاكل رئيس تيار المستقبل المالية في المملكة وتقديم الدعم المالي والسياسي للبنان عبر المؤتمرات الدولية المرتقبة. ولفتت مصادر «البناء» الى أن «المفاوضات مستمرة مع الحريري للاتفاق على استراتيجية سياسية وانتخابية جديدة يبدأ تنفيذها فور عودته الى لبنان. وما تأجيل بن سلمان اللقاء بالحريري إلا مؤشر لرفض الأخير المقايضة المعروضة».

الممارسة «غير اللائقة» التي يتعرض لها رئيس حكومة لبنان ليست الأولى بعد أزمة احتجازه، وفي هذا السياق تكشف مصادر مطلعة لـ«البناء» عن وساطة قام بها ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد لإعادة ترتيب العلاقة بين الحريري والقيادة السعودية، فوافق بن سلمان على لقاء الحريري في لندن، لكن الحريري فضل في باريس فأصرّ بن سلمان على لندن، غير أن بن زايد عاد وأقنع الحريري باللقاء في لندن ورتّب زيارة سريعة تزامنت مع احتفال عيد مار مارون في التاسع من شباط الماضي. وهذا كان سبب تغيّب الحريري عن الاحتفال الذي حضره رئيسا الجمهورية والمجلس النيابي.

ولفتت المصادر الى دور سفير الإمارات في لبنان حمد سعيد الشامسي في عقد هذا اللقاء، وتشير الى أن «الدعوة التي تلقاها الحريري من السعودية إقرار رسمي سعودي بالخطأ الذي ارتكبته في تشرين الثاني الماضي، لكن لا يعني ذلك أن المملكة راضية على أداء الحريري، بل تحاول إرضاء محمد بن زايد من جهة ومسايرة الدول الغربية كالولايات المتحدة وفرنسا من جهة ثانية». وترى المصادر بأن «بيت الوسط لم يعد المحطة السعودية الاولى ولا مقر القرار السياسي الوحيد للطائفة السنية في لبنان، بل بات للمملكة أقطاب عديدون كالرؤساء السابقين نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة والوزير السابق أشرف ريفي فضلاً عن رئيس القوات سمير جعجع».

وأكدت المصادر أن «السعودية ستحاول الضغط على الحريري لإعادة تجميع شتات 14 آذار لمواجهة حزب الله سياسياً وإعلامياً وانتخابياً للحؤول دون حصول الحزب وحلفائه على أكثرية موالية لإيران ما يقلص قدرة ونفوذ السعودية في لبنان، لكن الأخيرة تدرك عجز الحريري عن أداء هذا الدور وإنجاز المهمة وهو شريك في السلطة مع حزب الله وفي المعادلة السياسية الداخلية الجديدة التي أعادته الى السراي الكبير».

هل يعود «الشيخ» خالي الوفاض؟

وحذّرت المصادر من أن «الموفد السعودي الجديد جاء الى لبنان في إطار تنفيذ أجندة أميركية حملها مساعد وزير الخارجية الأميركية دافيد ساترفيلد لعرقلة استثمار لبنان ثروته النفطية في المياه الإقليمية وانتزاع ضمانات أمنية لـ»إسرائيل» ومواجهة حزب الله». ورجحت أن يعود «الشيخ سعد خالي الوفاض مالياً وسياسياً ولن يستطيع تنفيذ المهمة السعودية الموكلة اليه»، مشيرة الى أن «الانتخابات في الحسابات السعودية باتت أمراً مقضياً ولا يمكن تأجيلها إلا بعدوان إسرائيلي على لبنان أو عمل أمني كاغتيال شخصية لبنانية بارزة أو تطوّرات عسكرية في المنطقة».

وأدانت كتلة الوفاء للمقاومة خلال اجتماعها الأسبوعي «أي تدخل خارجي في الشأن الانتخابي الداخلي، وأكدت أن أي تحريض سياسي أو أي دفع رشى انتخابية لن تُثني الناخبين عن التخلي عن خيار المقاومة».

جنبلاط يتحدّى «المملكة»

وبعد استثنائه عن جولة الموفد السعودي نزار العلولا، أطلق رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط مواقف تعبر عن تحدٍّ للمملكة وتثبيت لموقعه الوسطي الجديد في المعادلة السياسية الداخلية وابتعاده عن سياسة المحور الإقليمي السعودي، ورأت مصادر مراقبة أن «المواقف الجنبلاطية تقطع الطريق على محاولات رأب الصدع بين جنبلاط والمملكة»، مشيرة الى أن «تهميش الوفد السعودي لجنبلاط شكل رسالة سياسية سلبية إلى المختارة».

وأصرّ جنبلاط على انتقاداته السابقة للسعودية، معبراً عن مخاوفه من تخصيص شركة النفط السعودية أرامكو، متخوّفاً من أن يسيطر عليها عمالقة النفط في العالم إذا تم إدخالها الى البورصات العالمية.

وانتقد جنبلاط في مقابلة مع مجلة «المغازين» الفرنسية تصدر اليوم الجمعة الحرب العبثية في اليمن، معتبراً أن «هذه الانتقادات ربما حملت السفير السعودي الجديد في لبنان الى الإحجام عن زيارته»، وقال جنبلاط: «تجرأت وانتقدت مشروع خصخصة أرامكو. وكلامي هذا أغضب السعوديين، الذين اعتبروه تدخلاً في شؤونهم الداخلية. هم ربما على حق، ولكن أرامكو هي ثروة وطنية سعودية، تم تأميمها خلال عهد الملك فيصل. واليوم، يريدون خصخصتها».

أميركا تنقل تهديداً إسرائيلياً للبنان

وتتوالى التهديدات الأميركية – الإسرائيلية للبنان، فبعد تهديد قائد القوات البرية في جيش الاحتلال، وجّه العدو الصهيوني تهديداً جديداً حمله السيناتور الأميركي ليندسي غراهام الذي كشف أن «المسؤولين الإسرائيليين حذروه خلال زيارته الى اسرائيل من أنه اذا واصل حزب الله تهديد اسرائيل بالاعتداء عليها بترسانته المتنامية من الصواريخ البعيدة المدى فإن على إسرائيل أن تذهب إلى الحرب».

وفى مؤتمر صحافي، أكد غراهام أن «الحرب المقبلة بين حزب الله واسرائيل ستكون في جنوب لبنان »، معتبراً أن «عدم وجود استراتيجية إقليمية لمواجهة إيران ، التي تُعتبر مؤيداً وممولاً قوياً لحزب الله، هو المسؤولة عن قدرة حزب الله على جمع كمية كبيرة من الذخيرة لدرجة أنّها تفتخر بمصنع صاروخ قادر على تهديد الجبهة الداخلية الاسرائيلية».

في المقابل، جدّد قائد الجيش العماد جوزاف عون تأكيد جهوزية الجيش على الحدود الجنوبية، لمواجهة أيّ عدوان عسكري إسرائيلي، أو أيّ محاولة إسرائيلية لقضم جزء من الحدود البرية والبحرية، مشدّداً خلال تفقده قيادة فوج التدخل الثالث، على أنّ الجيش لديه كامل الإرادة للدفاع عن الحقوق اللبنانية بكلّ وسائله وإمكاناته المتاحة، ومهما تصاعدت تهديدات العدو واستفزازاته. وأضاف بأنّ هذه الجهوزية تتلازم مع مواصلة قوى الجيش رصد الخلايا الإرهابية وتفكيكها، وترسيخ الاستقرار في الداخل، ومكافحة الجرائم المنظمة».

الموازنة

وفي حين غابت الحركة السياسية الداخلية وتراجع الزخم الانتخابي وعُلّقت الملفات بانتظار عودة الرئيس الحريري الى بيروت، ملأت اللجنة الوزارية الوقت الضائع في بحث مشروع موازنة 2018 في السراي الحكومي، برئاسة نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني.

وخُصّصت الجلسة لمناقشة أرقام موازنات وزارات التربية والشؤون الاجتماعية والصحة. وأشار وزير المال علي حسن خليل بعد الاجتماع الى أن النقاش في موازنة وزارة التربية انتهى موضحاً «أننا تعاملنا مع موازنتها بالتخفيض كسائر الوزارات». وكان وزير التربية مروان حمادة وبعد أن عرض رؤيته، مؤكداً رفض التخفيض بموازنة وزارته، غادر الاجتماع وترك مدير عام الوزارة يعرض الأرقام. أما قبل الاجتماع، فعبّر حماده عن استيائه من البحث في خفض موازنة وزارته «فيما يعد الرئيس عون بمئات المليارات للقطاع الخاص». وقال «لن أقبل بتخفيض موازنة وزارة التربية «ولا قرش». أما وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي فقال «هناك 594 جمعية ومؤسسة متعاقدة مع الوزارة تستوفي الشروط كافة وسبق وفسختُ عقوداً مع 20 جمعية غير منتجة، وسأحاول إقناع اللجنة بعدم خفض موازنة الوزارة التي خفّضتها أصلاً». وأكد بو عاصي انه تم التوافق «في اللجنة على المحافظة على موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية».

ودعت كتلة الوفاء للمقاومة في بيان تلاه النائب حسن فضل الله ، الحكومة لإقرار الموازنة واحالتها الى المجلس النيابي قبل الانتخابات مع التشديد على ترشيد الانفاق، كما دعت الى تأمين زيادة التغذية في الكهرباء وتلزيم إدارة المناقصات البت في العروض المطروحة، وهناك عروض جديرة بالثقة قدمتها دول عربية وإقليمية لتأمين الكهرباء للبنان وهي طي الإهمال.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى