أين ستصبّ أصوات حزب الله في الاستشارات الملزمة اليوم؟

روزانا رمّال

بعد لقائه الرئيس ميشال عون برفقة نائب رئيس مجلس النواب إيلي فرزلي وأعضاء هيئة مكتب المجلس وأخذ المباركة منه أعلن الرئيس نبيه بري أنه تقرّر قدر المستطاع الإسراع والبدء في الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة اليوم على أن تبدأ بعبدا باستقبال رؤساء الكتل والنواب غداً صباحاً بالتوالي حتى الساعة الخامسة من بعد الظهر.

تبدو «الهمة» كبيرة لبدء العمل فعلياً على الدخول بمرحلة جدّية من العمل السياسي المؤسسي أو تفعيله بالحد الأدنى بعد ولادة مجلس نيابي جديد جزءٌ من أعضائه يتلهثون حول العمل السياسي ولم يفقدوا هذه الروحية بعد لحداثة التجربة. فالدم الجديد غالباً ما يؤثر على الجماعة. وهنا الجماعة «البرلمانية» التي يُعدّ بعضها خصوصاً شاباً وأكثرهم حديث التجربة السياسية.

يبدأ اليوم أول استحقاق لترجمة هذا الكلام، والوعود ببصمة جديدة عبر الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس للحكومة او لمراقبة طريقة تعاطي أولئك مع المسؤولية الجديدة التي أنيطت بهم أصوات الكتل ورؤسائها بالمبدأ، وهي الكتل الكبرى واضحة. فالرئيس نبيه بري وما يمثله من رئيس لحركة أمل يصوّت للحريري كذلك التيار الوطني الحر وتيار المستقبل بطبيعة الحال والحزب التقدمي الاشتراكي إضافة الى القوات اللبنانية وفرنجية والرئيس نجيب ميقاتي لتبقى أسماء من خارج التكتلات المذكورة عند موقف يكشف عنه اليوم ليبقى السؤال الأساس عن أصوات حزب الله لاعتبارات عديدة تحكم العلاقة الجديدة بتيار المستقبل بعد أن تعرّض هذا الأخير لضغوط عديدة بهذا الاتجاه.

لا يمكن تجاهل أن الرئيس سعد الحريري تعرّض لأزمة مصيرية في المملكة العربية السعودية احتُجز على أساسها، حسب توصيف رئيس الجمهورية، في الرياض، من دون احترام هذا المقعد. والحجة الاساسية كانت وجود حزب الله في حكومة يرأسها الحريري، خصوصاً أن هذا يمثل خضوعاً لرغبة إيرانية بالحيثية والتعايش معها في بيروت. الأمر الذي ترفضه الرياض بالكامل. أزمة الاختطاف التي أحرجت الرياض فشلت في تنفيذ مقرراتها التي بقيت سرية في حينها إلا أنها اليوم تعود مجدداً في بعض الصور المغايرة لما كانت عليه عودة الحريري.

فترة ما بعد الانتخابات تكفّلت بتنفيذ جزء مما كان مؤجلاً، حسب مصدر سياسي رفيع لـ«البناء» فالرئيس سعد الحريري الذي أبعد نادر الحريري عن دائرته الخاصة وآخرين تكفّل بوضع نقاط على حروف العلاقة الجديدة مع المملكة وأسباب إبعاد نادر شخصية لا تقلّ أهمية عن تلك المطلوبة منه سعودياً، نظراً لملفات مالية تحيط باسم نادر الحريري، إضافة الى انزعاج الوزير نهاد المشنوق الذي عُرف بعلاقة جيدة مع حزب الله، في فترة من الفترات من إعلامه عبر الإعلام أن هناك رغبة بفصل النيابة عن الوزارة. الأمر الذي بدا رسالة له.

أصوات حزب الله إذاً تأخذ بعين الاعتبار كل ذلك، ولا يمكن بالتالي حسم مسألة تصويته للحريري من عدمها. وكان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أعلن قبل الانتخابات بأيام أن حزب الله لم يحسم مسألة تسمية الحريري. وهذا ربما يكون ضمن مخطط واضح المعالم بالنسبة للحزب.

يكشف بهذا الإطار المصدر نفسه لـ «البناء» أن حزب الله متّجه اليوم الى العمل وفق صيغتين: الأولى التصويت الجزئي للحريري، والثانية وهي إيداع أصواته لدى رئيس الجمهورية. وهو الأمر الذي يعني رسم شكل جديد للعلاقة بعد أن اطمئن الى ولادة مجلس نواب جديد يحفظ له أولوياته بأكثريته الموجودة. ويضيف المصدر «أحد اسباب عدم تمسك حزب الله بتسمية الحريري قد تكون لصالح الأخير، خصوصاً لجهة مراقبته خليجياً. فالعلاقة المبنية على التشارك المفروض بالتركيبة اللبنانية أفضل من إظهار كمية من الود أو الرغبة بتعزيز العلاقة ووضع اعتمادات متبادلة على هذا الأساس. إن عدم تصويت حزب الله للحريري لا يعني موقفاً حاداً منه أو تطرفاً لجهة التصعيد معه في المرحلة المقبلة، خصوصاً بعد أن اطمئن إلى أن الحريري سيكون الرئيس السني الأكثر تمثيلاً والذي يمثل ميثاقية الوجود المطلوب في الكرسي الثالثة». ويختم المصدر «من دون شك تنظر المملكة العربية السعودية اليوم لما سيصدر عن نتيجة الاستشارات وسوف تحلّل كل الأصوات لمعرفة قوة الحريري الذي قدّم لها إشارات عديدة للتأكيد عن عدم تخليه عنها وعن تموضعه الكامل بكنفها لجهة تصحيح العلاقة وترميمها».

تحيط بالتكليف والتأليف حتى الساعة مؤشرات إيجابية، لكن الأيام المقبلة ستشرح أكثر كمية الضغوط التي يتعرض لها الجميع، خصوصاً حزب الله الذي يواجه يومياً عقوبات متجددة تعتبر محاولة لعرقلة تشكيل الحكومة بالشروط التي يريدها من أول الطريق.

رداً على سؤال قال الرئيس بري، أمس، إن علاقته مع الرئيس عون، عبارة عن «حب دائم ان شاء الله». وهذا الكلام سينعكس إيجابياً حسب المعنيين على تشكيل الحكومة. وعن دور حزب الله في ترميم هذه العلاقة يُحكى الكثير مما يمكن ان يكون صمام أمان المرحلة المقبلة بعد فشل تجارب مرحلة ما بعد الانتخابات التي نجحت في أن تكون «مسودة الجميع».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى