طاقة إنتاج النفط الفائضة ستنخفض إلى مستويات تاريخية إذا زادت إمدادات «أوبك»

يواجه قطاع النفط أكبر ضغط على الطاقة الإنتاجية الفائضة فيما يزيد على ثلاثين عاماً إذا اتفقت أوبك وحلفاؤها الأسبوع المقبل على زيادة إنتاج الخام، ما سيجعل العالم أكثر عرضة لخطر ارتفاع الأسعار نتيجة أي تعطل للإمدادات.

والطاقة الفائضة هي الإنتاج الزائد الذي يمكن للدول النفطية أن تبدأ ضخه خلال وقت قصير والحفاظ عليه لفترة، ما يوفر حماية للأسواق العالمية تجنبها تبعات أي كارثة طبيعية أو صراع أو أي عوامل أخرى تتسبب في تعطل غير متوقع للإنتاج.

وقال بنك جيفريز الأميركي إنّ الطاقة الفائضة يمكن أن تنخفض من أكثر من ثلاثة في المئة من الطلب العالمي حالياً إلى نحو اثنين بالمئة، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 1984 على الأقل، إذا قرّرت أوبك وروسيا ومنتجون آخرون زيادة الإنتاج في الاجتماع الذي يعقد يومي 22 و23 حزيران.

وذكر جيسون جاميل المحلل في جيفريز: «بالضرورة ستتقلص الطاقة الفائضة البالغة 3.2 مليون برميل يومياً إلى حوالي مليوني برميل يومياً»، مضيفاً «أنّ الطلب العالمي يبلغ 100 مليون برميل يومياً».

ويقول بعض المحللين إنّ طاقة الإنتاج الفائضة قد تنخفض إلى أقل من اثنين في المئة بعد أن تسببت الأسعار المنخفضة على مدار سنوات في تقليص الاستثمارات في عمليات إنتاج الجديدة بالقطاع.

وقالت السعودية، أكبر دولة منتجة في أوبك والتي أشارت إلى دعمها زيادة الإنتاج في اجتماع الأسبوع المقبل في فيينا، إنها مدركة للضغط المحتمل على السوق.

وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، في تصريح، الشهر الماضي إنّ المملكة قلقة من نقص الطاقة الفائضة في الوقت الحالي، لكنه أضاف أنّ القطاع في حال أفضل مما كان عليه في 2016 حين نزل سعر النفط عن 30 دولاراً للبرميل.

وتخفض أوبك وحلفاؤها الإمدادات منذ كانون الثاني 2017 لدعم أسعار النفط وتقليص المخزونات العالمية الضخمة. وصعد السعر منذ ذلك الحين ليتجاوز 80 دولاراً للبرميل الشهر الماضي بينما تراجعت المخزونات.

غير أنّ هبوط المخزونات، التي نزلت حالياً إلى قرب متوسط خمس سنوات في الدول الصناعية، يزيد من صعوبة المعضلة التي تواجهها أوبك.

وقال كلاوديو ديسكالزي الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية في كانون الثاني الماضي: «اليوم لم يعد لدينا مخزون احتياطي أو طاقة إنتاج فائضة كبيرة… وفي هذا السياق يمكن أن تؤدي أي أحداث جيوسياسية إلى ارتفاع في الأسعار».

الاتفاق النووي وارتفاع الأسعار

وساهم القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وإعادة فرض عقوبات على طهران في صعود الأسعار إلى أعلى مستوياتها منذ 2014. وزادت المخاوف المرتبطة بالإمدادات جراء تراجع إنتاج فنزويلا.

ويقول جاميل من بنك جيفريز: «في ظل مستوى المخزونات المرتفع خلال السنوات القليلة الأخيرة، لم تكن هناك حاجة إلى رد فعل من السوق على تنامي المخاطر السياسية لأنّ المخزون كان فعلياً مماثلاً للطاقة الفائضة».

وقال مندوب إيران لدى أوبك حسين كاظم بور أردبيلي، في تصريح، الأسبوع الماضي إنّ أسعار النفط قد تقفز إلى 140 دولاراً إذا أضرت عقوبات الولايات المتحدة بصادرات نفط بلاده ثالث أكبر منتج في أوبك بعد السعودية والعراق.

ويجري تداول خام القياس العالمي مزيج برنت حالياً فوق 76 دولاراً للبرميل.

وذكر مارتين راتس محلل النفط العالمي في مورجان ستانلي أنّ أسعار النفط ستلقى دعماً «في حالة حدوث توازن بين العرض والطلب وتراجع المخزونات بشكل كبير وألا تكون الطاقة الفائضة كبيرة جداً».

ويعتمد تحديد مستوى الطاقة الفائضة في جزء منه على كيفية تعريفها.

وتقدر وكالة الطاقة الدولية، التي تتخذ من باريس مقراً لها وتحسب أرقامها على أساس إنتاج النفط الذي يمكن البدء في ضخه في غضون 90 يوماً والإبقاء عليه لفترة ممتدة، أن طاقة الإنتاج الفائضة لدى أوبك تبلغ 3.47 مليون برميل يومياً في نيسان من بينها نحو 60 في المئة للسعودية.

وتعرف إدارة معلومات الطاقة الأميركية الطاقة الفائضة بالإنتاج الذي يمكن بدء ضخه في غضون 30 يوماً والإبقاء عليه لمدة 90 يوماً على الأقل. وتقدر الإدارة الطاقة الفائضة لدى أوبك عند 1.91 مليون برميل يومياً في الربع الأول.

وقال روبرت مكنالي من مجموعة رابيدان انرجي للاستشارات إنّ إجمالي الطاقة الفائضة لدى السعودية وروسيا والكويت والإمارات العربية المتحدة تبلغ نحو 2.3 مليون برميل يومياً استناداً إلى تعريف إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وأضاف: «لذا، إذا رفعوا الإنتاج نحو مليون برميل يومياً فسوف يتبقى 1.3 مليون برميل يومياً، ما يقلص الحد الأدنى للنطاق إلى مستويات تاريخية غير مريحة في ضوء المخاطر العالية والمتنامية لحدوث اضطرابات جيوسياسية».

لكنّ أوبك وروسيا وآخرون قالوا إنّ أي زيادة في الإنتاج ستكون تدريجية.

وذكرت شركة الاستشارات إنرجي أسبكتس أنّ من المرجح أن يرفع الأعضاء الخليجيون في أوبك الإنتاج بما يقل عن مليون برميل يومياً على الفور، وستصل الزيادة إلى نحو 1.5 مليون برميل يومياً في غضون ثلاثة إلى ستة أشهر.

وقال سام ألدرسون المحلل في إنرجي أسبكتس إنه يتوقع أن تضيف أوبك وروسيا نحو 500 ألف برميل يومياً للإنتاج في النصف الثاني من 2018 بما سيقلص نسبة الطاقة الفائضة من الطلب إلى نحو 1.75 في المئة بحلول كانون الأول 2018.

وذكرت السعودية، التي تمتلك معظم الطاقة الفائضة في العالم، أنها تحتاج 90 يوماً نقل حفارات لحفر آبار جديدة وزيادة الإنتاج إلى 12 أو 12.5 مليون برميل يومياً. وبلغ إنتاج المملكة في أيار نحو عشرة ملايين برميل يومياً.

لكنّ السعودية يمكن أن تزيد الإنتاج لأكثر من الطاقة الإنتاجية المعلنة البالغة نحو 12.5 مليون برميل يوميا وربما تضيف مليون برميل يومياً أخرى فيما يعرف بالقدرة الاحتياطية لسد الاحتياجات الطارئة.

وفعلت المملكة ذلك إبان الحروب في الخليج والعراق، ولكن زيادة الإنتاج لم تستمر إلا لأشهر قليلة.

حذر رغم تصريف تخمة المعروض

وفي سياق متصل، قالت منظمة أوبك إنّ ضبابية شديدة تكتنف آفاق سوق النفط في النصف الثاني من العام الحالي على الرغم من أنّ أرقام المنظمة تظهر تصريف تخمة المعروض العالمي، بما يشير إلى أنّ المصدرين لن يتعجلوا تخفيف قيود الإنتاج في اجتماع الأسبوع المقبل.

وتعكف «أوبك» وروسيا وغيرها من المنتجين خارج المنظمة على خفض إنتاج النفط منذ كانون الثاني 2017 للتخلص من فائض المعروض. والهدف الرئيسي للاتفاق هو تقليص مخزونات النفط في الدول المتقدمة إلى متوسط خمس سنوات.

وأوضحت «أوبك» في تقرير يوم الثلاثاء الماضي أنّ مخزونات تلك الدول انخفضت في نيسان إلى ما يقل 26 مليون برميل عن متوسط الخمس سنوات. وكانت المخزونات قد بلغت 340 مليون برميل فوق المتوسط في كانون الثاني 2017.

غير أنّ أوبك كانت حذرة في التقرير بشأن الآفاق لبقية 2018، مشيرة إلى زيادة بوتيرة أسرع من المتوقعة في إنتاج النفط من خارجها وضعف فرص الطلب العالمي.

وقالت المنظمة: «في الآونة الأخيرة، فقدت العقود الآجلة للنفط الخام بعض الزخم وسط حالة من الضبابية، مع استعداد المتعاملين لاحتمال عودة مزيد من المعروض إلى السوق، وبينما يُظهر الطلب على النفط في الولايات المتحدة والصين والهند احتمالات للصعود، لا تزال المخاطر النزولية التي تحد من تلك الاحتمالات مستمرة».

وقال التقرير «إنّ أعضاء أوبك ما زالوا يخفضون الإنتاج بأكثر من المطلوب بموجب اتفاق الخفض، على الرغم من ارتفاع الإنتاج في أيار، وقيام السعودية أكبر مصدر للخام في العالم بزيادة إنتاجها».

وقالت المنظمة إنّ إنتاجها زاد 35 ألف برميل يومياً إلى 31.87 مليون برميل يومياً. وأبلغت السعودية أوبك بأنّ إنتاجها ارتفع مجدداً ليتجاوز عشرة ملايين برميل يومياً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى