عودة اللاجئين ونظرية الفراغ

واصف عواضة

لم نفهم حتى الآن لماذا يعارض بعض اللبنانيين عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، اللهم إلا النكد السياسي الذي يضمر التبعية لمواقف إقليمية ودولية لا تريد الاستقرار للبنان. والأنكى من كلّ ذلك أنّ بعض السلطة اللبنانية منخرط في هذه العملية تحت ذريعة العودة الآمنة للاجئين . وعليه لم تجد الحكومة اللبنانية الكونية مجالاً لمناقشة هذا الموضوع وإعداد خطة جامعة تيسّر هذه العودة.

وفي حين يرفض بعض هذه السلطة التنسيق مع الحكومة السورية في هذا المجال، ويحيل الأمر إلى الجهات الدولية، بات واضحاً تمام الوضوح أنه لا يمكن عودة اللاجئين إلى بلادهم من دون التنسيق مع الدولة السورية، مع أنّ هذا الأمر يجري مواربة عبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يبذل جهوداً فردية في هذا المجال، في حين دخل حزب الله على الخط وفتح مكاتب لتسجيل اللاجئين الراغبين بالعودة طوعياً، لكن الحزب لم ينجُ من الانتقاد والإدانة تحت حجة أنه يحلّ محلّ الدولة في هذا الإطار.

مرة أخرى يحدونا هذا الواقع الى التحسّر.. فلو كان عندنا دولة كاملة الأوصاف لما وصلت أحوالنا إلى ما نحن فيه، ليس في مسألة اللاجئين فقط، بل في كلّ القضايا الأخرى. وهنا تحضرنا نظرية الفراغ الذي يسدّه غير أهله. ولا نعرف في الحقيقة من أين نبدأ:

ـ لو كان عندنا دولة لما احتلت إسرائيل أرضنا مرة ومرتين واستباحت عرضنا وكراماتنا.

ـ ولو كان عندنا دولة لما قامت مقاومة شعبية دفعت الغالي والنفيس من أجل تحرير الأرض، وهي لا تلقى من بعض السلطة حمداً ولا شكوراً.

ـ لو كان عندنا دولة لكانت زوّدت الجيش بأسلحة متطوّرة تجعله قادراً وحده على حماية حدودنا، تارة من إسرائيل وطوراً من عصابات الإرهاب والتكفير.

ـ ولو كان عندنا دولة لأمّنت التيار الكهربائي للناس الذين يسدّون الفراغ بواسطة المولدات الخاصة والاشتراكات.

ـ لو كان عندنا دولة لعمّمت المستشفيات الحكومية وأهّلتها لاستقبال الفقراء وذوي الدخل المحدود بدل معاناتهم على أبواب المستشفيات الخاصة.

ـ لو كان عندنا دولة لوجدت حلاً جذرياً لأزمة النفايات بدل ترك الحبل على غاربه للبلديات وغيرها حتى صار كلّ لبنان مكباً للنفايات.

وماذا بعد؟

لو كان عندنا دولة… يطول الشرح والتحسّر، ويطول ويطول!

ولو كان عندنا دولة لما اضطر حزب الله للتصدّي لأزمة اللاجئين بعدما بحّ صوت الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله وهو ينادي السلطة للتصدّي لهذه المعضلة، ثم يأتيك مَن يستنكر وينتقد، فـ لا يرحم ولا يترك رحمة الله تنزل .

خمسة وسبعون عاماً مضت على استقلال لبنان، ونظرية الفراغ تحكم هذه الدولة، ولم يتعظ أولياء أمرنا، ولن يتعظوا في ظلّ نظام سياسي جائر، وسنظلّ نلعن الظلام الى ما شاء الله، بدلاً من أن نضيء شمعة في هذا الليل الحالك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى