أردوغان… عودٌ على بدء!

يارا بليبل

بعد مرور عامين على محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا ليل الخامس عشر من تموز عام 2016، تدشّن البلاد في الذكرى الثانية للحدث النظام الرئاسي كنظام سياسي معتمَد في الجمهورية التركية بإقرار شعبي مصدّق عليه في السادس عشر من شهر نيسان عام 2017.

وإزاء تولي رجب طيب أردوغان صلاحياته الرئاسية الجديدة وما تشهده الساحة الداخلية من حالة ترقب للنهج السياسي المراد المضيّ به، استهل الحزب الحاكم نشاطه السياسي برفعه مشروع قانون إلى البرلمان سيبعث الروح من جديد إلى حالة الطوارئ التي عايشتها وتعايشت معها البلاد بفعل التمديد، إنما بهيئة مغايرة، حيث «لن تمدّد لثلاثة أشهر بل لثلاث سنوات»، على حدّ وصف مساعد رئيس كتلة حزب الشعب الجمهوري المعارض.

وفي الحديث عن بنود هذا المشروع الذي سيطرح برلمانياً للمناقشة الإثنين المقبل، فإنه ينصّ على جملة تشريعات في حال إقرارها ستسمح للسلطات بالاستمرار لثلاث سنوات في إقالة أي موظف رسمي على ارتباط بـ «منظمة إرهابية».

وستكون المظاهرات والتجمعات محظورة بعد غياب الشمس باستثناء تلك التي تحصل على إذن خاص، وسيكون بإمكان السلطات المحلية منع الدخول إلى بعض المناطق وتوقيف أشخاص قيد التحقيق لمدة تصل إلى 12 يوماً طبقاً لطبيعة الجرم.

أمام ما ذكر، يشي مشروع القانون المطروح تحت قبة البرلمان التركي بملامح التوجه الداخلي المبتغى:

أولاً، تعنّت أردوغان باعتماده مبدأ تضييق الخناق على المعارضة السياسية وكل من يمثل توجهاتها في أروقة المؤسسات الرسمية، بهدف خلق جوّ من الرُهاب في صفوف الموظفين ودفعهم للحفاظ على أرواحهم قبل مناصبهم بالابتعاد عن «زواريب» السياسة.

ثانياً، سعي الحزب الحاكم لتأطير أهم معالم الديمقراطية في البلاد المتمثل بـ «الحق في التعبير عن الرأي» المنصوص عنه دستورياً، وذلك عن طريق فرض شروط متعسفة بوجه أيّ مظاهر مطالبة واعتراض شعبي، بالإضافة إلى شرعنة مواجهتها وقمعها.

ثالثاً، إذكاء نمط العسكرة محلياً، المتمظهر بإيلاء صلاحيات إجرائية بمسوغ أمني يخفي قراراً استخبارياً مبيّتاً، يهدف لرصد التفاعل الاجتماعي والسياسي لدى المواطنين ومعرفة حقيقة توجّهاتهم.

من نافل القول إنّ أردوغان لا يسعى، بحسب الظاهر، إلى طيّ صفحة الماضي القريب كما تأمّل على الأقل ناخبوه، إنما يقدم على استثمار ثقتهم تمترساً سلطوياً لن يكون طويل الأمدّ إنّ رأى فيه الحليف الأميركي انتهاءً لصلاحيته. الأمر الذي لم يسلم منه صاحب مشروع حلف بغداد والمتمرد الأول على علمانية المؤسس أتاتورك والحليف التركي الأبرز للقيادة الأميركية بمواجهة الاتحاد السوفياتي، رئيس الوزراء السابق عدنان مندريس، فذكّر إنّ نفعت الذكرى…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى