ظريف: نسعى لترميم العلاقة مع السعودية ولم نحاور الأميركيين مباشرة برلين تحذّر من الفوضى في طهران وبكين تدافع عن روابطها التجارية معها

بدأ سريان العقوبات الأميركية الجديدة على إيران، رغم مناشدات حلفاء واشنطن بوقفها.

وقرّر ترامب هذا العام الانسحاب من الاتفاق متجاهلاً مناشدات قوى عالمية أخرى شاركت في رعايته ومن بينها حلفاء واشنطن الأوروبيون بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بالإضافة إلى روسيا والصين.

ورفضت إيران في اللحظة الأخيرة عرضاً من إدارة ترامب بإجراء محادثات، قائلة «إنها لا يمكن أن تتفاوض بعد أن تراجعت واشنطن عن الاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015 وينصّ على تخفيف العقوبات مقابل فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني».

ظريف

في مقابلة مع صحيفة محلية حاول وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف اختصار المشهد الحالي والموقف الإيراني حيال التطوّرات الأخيرة.

وأكّد ظريف في مقابلة مع صحيفة «إيران» أنّ «بلاده وصلت إلى نتيجة أنّ الأوروبيين لا يسعون إلى الحفاظ على الاتفاق النووي داخل الاتحاد الأوروبي فقط، إنما يقومون بمساعٍ جادة في هذا الاتجاه خارج الاتحاد أيضاً من خلال محاولة إقناع الدول المستوردة للنفط الإيراني بعدم الرضوخ للضغوط الأميركية، وإقناع الدول التي لا تستورد النفط من إيران أصلا بشراء النفط الإيراني، لكنه أشار إلى أن الإجراءات الأوروبية لم ترتقِ إلى المستوى الذي تطمح إليه إيران بعد، لكنها تسير في الاتجاه الصحيح».

وتطرّق ظريف إلى تسلّم إيران خمس طائرات تجارية من شركة ATR الإيطالية، معتبراً ذلك «مؤشراً إيجابياً على المساعي التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي للحفاظ على الاتفاق النووي»، مؤكداً «أنّ العقوبات الاميركية التي شملت قطاع الطائرات تظهر طبيعة الإدارة الأميركية التي لا تحترم حقوق الإنسان وتعمل ضدّه».

وحول المفاوضات الإيرانية مع مجموعة 4+1 الرامية إلى البحث عن آليات عملية لاستمرار الاتفاق من خلال الحفاظ على المصالح الإيرانية، أعرب ظريف عن «اعتقاده أن إيران ستحصل على الضمانات اللازمة لبقائها في الاتفاق النووي».

وحول دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المسؤولين الإيرانيين إلى التفاوض المباشر من دون شروط مسبقة، اعتبر ظريف «أنّ السياسة الأميركية تعاني من تخبّط واضح ظهر بعد تصريح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عقب تصريح ترامب مباشرة، واضعاً شروطاً عدّة للتفاوض مع إيران، وهذا ما اعتبره ظريف مؤشراً على «حال التناقض وعدم الانسجام الذي تعيشه الإدارة الأميركية»، مُجدّداً القول بأنّ «الثقة بهذه الإدارة مفقودة بعد انسحابها من الاتفاق النووي ومن اتفاقات دولية أخرى».

أما في ما يتعلّق بالتهديدات الإيرانية الأخيرة بـ»إغلاق مضيق هرمز رداً على تهديد الرئيس الأميركي بتصفير صادرات النفط الإيرانية بحلول الرابع من تشرين الثاني المقبل»، أشار ظريف إلى أنّ «إيران تسعى بشكل مستمرّ إلى الحفاظ على أمن المنطقة ووحدتها وإلى حُسن الجوار. ومن هذا المنطلق تسعى إلى ترميم العلاقة بينها وبين السعودية والبحرين والإمارات. وهي ترحّب دائماً بالحوار، لكن على الأميركيين تحمّل عواقب أي عمل يقومون به باتجاه تصفير صادرات النفط الإيرانية، مع أن هذا الأمر غير ممكن عملياً».

وحول التسريبات التي تحدّثت عن وساطة عُمانية بين إيران وأميركا، أشار ظريف إلى «وجود رسائل بين البلدين تنقل عبر بعض الدول كسويسرا التي ترعى المصالح الأميركية في إيران وسلطنة عُمان»، مؤكّداً في الوقت ذاته «عدم وجود حوار مباشر إيراني أميركي».

وزير النفط الإيراني

على صعيد آخر، أرسل وزير النفط الإيراني بيجان زنغنه خطاباً لمنظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك لـ «الشكوى من لجنة المراقبة الوزارية المشتركة بين أوبك والمستقلين».

وقالت الوزارة في بيان أمس، «من الضروري أن تشرف لجنة المراقبة الوزارية المشتركة على اتفاق أوبك وغير أوبك، وأن تتجنب أي محاولة لإعادة توزيع النفط بين دول أوبك».

وقال الوزير الإيراني «إنّ طهران قد تطلب عقد اجتماع استثنائي لمنظمة أوبك».

وكانت أسعار النفط، تراجعت أمس، بعدما أعلنت الصين بيانات استيراد ضعيفة نسبياً، بالرغم من أنّ السوق لا تزال تحظى بدعم من تراجع مخزونات الخام الأميركية وفرض عقوبات على إيران».

وارتفعت واردات الصين من النفط الخام قليلاً في تموز، بعدما تراجعت في الشهرين السابقين، لكنها لا تزال من أدنى المستويات منذ بداية العام الحالي بفعل تراجع الطلب من المصافي المستقلة.

غير أنّ الأسواق لا تزال تحظى بدعم من فرض عقوبات أميركية جديدة على إيران، أول أمس، تستهدف مبدئياً مشتريات إيران من الدولار الأميركي، المستخدم في تجارة النفط، وتعاملاتها في المعادن والفحم والبرمجيات الصناعية وقطاع السيارات.

واعتباراً من تشرين الثاني، ستستهدف واشنطن أيضاً قطاع النفط الإيراني.

وزير الخارجية الألماني

وفي شأن أوروبي، أعرب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، عن رأيه بأنّ «العقوبات الأميركية ضد طهران قد تؤدي إلى تعزيز القوى الراديكالية في إيران، وبالتالي إلى إغراق البلاد في فوضى».

وقال الوزير الألماني، في مقابلة مع صحيفة «باساوير نويه برس»، أمس: «عزل إيران يمكن أن يعطي حافزاً للقوى الأصولية والراديكالية، وإلى فوضى في إيران كالتي عشناها بالفعل في العراق وليبيا، يمكن أن تزيد زعزعة الاستقرار في المنطقة المضطربة بالفعل».

وأضاف ماس: «مَن يرغب بتغيير النظام، يجب ألا ينسى أن هذا يمكن أن يجلب لنا المزيد من المشاكل».

الخارجية الصينية

على صعيد آسيوي، قالت وزارة الخارجية الصينية، أمس، «إنّ روابط الصين التجارية مع إيران منفتحة وشفافة ومشروعة»، وذلك بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّ «الشركات التي تجري معاملات مع إيران ستُمنع من التعامل التجاري مع الولايات المتحدة».

وأقامت الصين علاقات تجارية وثيقة مع طهران خاصة في قطاع الطاقة.

وقالت الخارجية الصينية في بيان، رداً على أسئلة بشأن العقوبات الأميركية الجديدة وتهديدات ترامب للشركات التي تجري أعمالاً مع إيران، «إنّ بكين تعارض دوماً العقوبات الأحادية الجانب وسياسة الذراع الطويلة».

وأضافت: «التعاون التجاري الصيني مع إيران منفتح وشفاف ونزيه ومشروع ولا ينتهك أياً من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة». وتابعت: «يتعيّن احترام حقوق الصين المشروعة».

وتشتري الصين، وهي أكبر مستورد للنفط الإيراني، نحو 650 ألف برميل يوماً من طهران أي نحو سبعة بالمئة من إجمالي واردات الصين. وبأسعار السوق الراهنة تبلغ قيمة هذه الواردات 15 مليار دولار سنوياً».

واستثمرت شركتا النفط الحكوميتان مؤسسة البترول الوطنية الصينية سي.إن.بي.سي وسينوبك مليارات الدولارات في حقول نفط إيرانية رئيسية مثل حقل يادافاران وحقل شمال أزاديجان وكانتا تنقلان النفط إلى الصين.

ووعدت الدول الأوروبية بمحاولة التخفيف من تأثير العقوبات الأميركية الجديدة من أجل إقناع إيران بمواصلة الالتزام ببنود الاتفاق.

لكن اتضحت صعوبة هذا الأمر مع انسحاب الشركات الأوروبية من إيران قائلة «إنه لا يمكنها المغامرة بخسارة معاملاتها مع الولايات المتحدة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى