ندوة معهد الدراسات الدولية بالتعاون مع المستشارية الثقافية عن معاني النصر والقوة من بيروت إلى سورية واليمن وفلسطين… المقاومة فعل وجود وإرادة إنسانية

عبير حمدان

أقام معهد الدراسات الدولية بالتعاون مع المستشارية الثقافية الإيرانية في بيروت واللقاء الإعلامي العربي وموقع DNN الإخباري ندوة تحت عنوان: «معاني النصر والقوة في القرآن» حاضر فيها عضو المجلس المركزي في حزب الله العلامة الدكتور علي جابر، أستاذ الشريعة في المعاهد الإسلامية بدمشق الشيخ عبد الرزاق السمان وأستاذ اللغة العربية في الجامعة اللبنانية الدكتور خليل بيضون. وذلك في فندق الساحة في بيروت بحضور حشد من المهتمّين من اليمن وسورية ولبنان وتقدّم الحضور المشرف العام على معهد الدراسات الدولية الحاج محمد أبو أسامة حمية.

المحاضرون ركزوا على أهمية العقيدة التي تقوّي الروح القتالية لدى المقاومين في الميادين كافة وتحثهم على المواجهة وتحقيق الانتصارات.

«البناء» التقت مجموعة من المشاركين في الندوة وسألتهم عن فعل المقاومة سواء ضمن الإطار الديني أو الإنساني المرتبط بحق كلّ من ينشد الحرية ضدّ أيّ عدوان غير مشروع.

سرور: الإرادة الصلبة هي الأساس

يؤكد الدكتور نبيل سرور انّ المقاومة إرادة إنسانية بالدرجة الأولى، فيقول: «هناك نماذج في العالم من يابانيين وغيرهم انتصروا دون أن يكونوا متدينيين، ولكن برأيي الدين عنصر إضافة إلى عناصر النصر، مع العلم أنّ عناصر النصر كثيرة وهي الإرادة والتصميم وتحديد الهدف بشكل واضح وتشخيص العدو بشكل واضح وتجيير جميع الطاقات الموجودة عند الإنسان من أجل محاربة هذا العدو. وباعتقادي أنّ الإرادة الصلبة هي الإساس مع تجميع كلّ نقاط القوة والإيمان بالقضية المحقة والعمل على نصرتها، مع تشخيص مظلومية الشعوب المقاومة. في مكان ما تمّ أخذ الدين إلى مكان لا يشبهه حيث تمّ استغلاله من قبل الجماعات الإرهابية لمآرب غير صحيحة».

أضاف سرور: «برأيي أيّ شعب عنده طموح وتشخيص لقضية عادلة ومحاربة لمضمونية معينة هو لا محال منتصر، وسوف يجمع أسباب النصر، هناك خطبة للإمام علي يقول فيها وصيته للحسن والحسين «كونا للمظلوم عوناً وللظالم خصماً»، ولم يقل لهما المظلوم المسلم، أيّ من دون تشخيص الهوية، على قاعدة أنّ الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الحق، وبالتالي إنّ هذا الانسان الذي كان يقاتل دفاعاً عن أرضه في الحرب العالمية أو في أيّ دولة في العالم لم ينتظر فتوى، بل قضيته كانت العدالة والحق والأخلاق».

ياسين: الدين لا يلغي باقي الحركات المقاومة

من جهته يرى الدكتور وسام ياسين مدير العلاقات العامة والإعلام في جامعة المعارف أنّ المقاومة ترتبط بالعزيمة والقضية، وليس من الخطأ أن يراها البعض من زاوية دينية، فيقول: «حين تكون لديك قضية ولا تملكين العزيمة لن تحققي النصر، ولكن حين تتوفر العزيمة والقيادة الصحيحة يصبح النصر واقعاً، في هذه الندوة اختار المحاضرون الجانب الديني ولكن هذا لا يلغي ما عداه من جوانب أخرى، بمعنى أنّ إثبات شيء بشيء لا يعني نفيه عن شيء آخر وهم أخذوا الزاوية الدينية ولكن هذا لا يلغي باقي حركات المقاومة، حين تتوفر قضية وقائد صادق وعزيمة يتحقق النصر، وما حصل في شهر تموز 2006 من المستحيل أن لا تربطيه بشيء غيبي، ممكن لأنّ المقاوم يستند على قناعته الدينية حقق النصر، ومن هنا نؤمن بعبارة النصر الإلهي، وبالتالي يحق لكلّ إنسان الإيمان بما يريده، وفي النهاية نحن في بلد يضمّ قناعات مختلفة، والسلاح هو الوجه الخشن من وجوه المقاومة، الحرب مع العدو الصهيوني على كلّ الجبهات فنحن نعتبره كياناً مزروعاً على أرض ليست له ومقاومته واجب على كافة الصعد سواء عسكرياً أو سياسياً أو فكرياً أو ثقافياً، وصولاً إلى التحرير الكامل».

قفله: اليمن سينتصر كما انتصر لبنان

يعتبر عدنان قفله اليمن أنّ المقاومة هي إرادة شاملة وإنسانية ولكن للدين دوراً فاعلاً ومؤثراً، ويقول: «المقاومة هي إرادة إنسانية ولكن الله سبحانه وتعالى أمر بها في كتابه الكريم، وبالتالي الموضوع شامل بشكل عام، ولكن عندما تكون المقاومة في إطار التوجيهات الإلهية يحظى الإنسان فيها بالرعاية والتأييد والنصر السريع».

وفي ما يتصل باليمن يقول قفله: «المشهد في اليمن عبارة عن حصار وعدوان شامل ولكن الشعب صامد ولن يسمح لأيّ محتلّ أن يُدنّس أراضيه، هناك أوجه شبه كبير بين النصر الذي ننشده في اليمن ونصر تموز، في عدوان تموز 2006 على لبنان كان العدو الظاهر هو «الإسرائيلي» والأيادي المتخفية عربية وغير عربية، والآن في اليمن العدو الظاهر اليوم العرب وفي الخلف هو الإسرائيلي».

وختم قفله بالقول: «إنّ المقاومة في لبنان هي خير شاهد على الإرادة وعلى أنّ الشعوب المؤمنة بحقها وقضيتها ستنتصر حتماً».

عبيدات: الإيمان أساس النصر

أما الشيخ لزام العبيدات شيخ عشيرة البقارة في سورية فيجزم أنّ من يتكل على الله سيحقق النصر في كلّ زمان ومكان، ويقول باختصار: «كلّ الانتصارات التي حققتها المقاومة سواء في لبنان أو في سورية كانت على خلفية الإيمان بكتاب الله، ولو أنّ المجموعات الإرهابية استخدمت الدين لغايات مغايرة لا تشبه الدين بشيء، ومن بيروت أقول لك إنّ سورية انتصرت بهمّة جيشنا وقيادتنا الحكيمة والمقاومة التي دعمتنا وحاربت الإرهاب معنا».

شقير: المقاومة الناجحة قوامها العقيدة الصحيحة

يؤكد الكاتب والباحث السياسي حسن شقير أنّ أيّ مقاومة ترتبط بعقيدة هي مقاومة ناجحة فيقول: «من الخطأ القول إن الندوة تدعو فقط إلى ربط المقاومة بالدين، هم يتكلمون عن القوة في القرآن الكريم، وبرأيي أنّ أيّ مقاومة ترتبط بعقيدة يعتقد أصحابها أنها عقيدة صحيحة هي مقاومة ناجحة، وبالتالي المسألة ليست مسألة قرآن أو إنجيل، إنما المسألة ترتبط بالأشخاص المؤمنين بالفكرة، فكرة المقاومة، التي تمثل الحرية والسيادة وبالتالي من هذا الانطلاق يتحقق النصر».

ويضيف شقير: «عقيدة التحرير تتقاطع مع الإسلام في الحرية وفي العدالة والقرار الحر، وهذا التقاطع أدّى دائماً ولدى الكثيرين إلى النجاح في طرد المحتلّ، وهناك شواهد عديدة في التاريخ مثل فييتنام وغيرها، الأديان طقوس وقيم، والقيم مشتركة بين البشرية جمعاء، الطقوس بين الفرد وربه ولكن القيم موجودة في كلّ الأزمنة والأمكنة ومن يعيش هذه القيم الإنسانية يستطيع أن يقاوم الظلم وينتصر».

أبو علي: سورية منتصرة

من ناحيته يرى الشيخ حسين الزم أبو علي سورية أنّ الإيمان سواء كان في المطلق أو غير المطلق يقود إلى النصر، ويقول: «لا يمكن فصل الإرادة الإنسانية عن القدرة الإلهية، من هنا هناك تكامل بين الجوانب الإجتماعية كافة مع القناعة بالقوة في ما هو مطلق، البعد الروحي والمعنوي هو الأساس لكلّ من يحمل البندقية ويحارب المعتدي، وأنا طبعاً أعني الدين بمفهومه الصحيح والإيجابي أيّ التسامح والمحبة والأخلاق والمحبة وليس ما يدّعيه من هم براء منه ويقتلون باسمه».

ويختم أبو علي بالتأكيد على أنّ النصر في سورية قريب ذلك لأنّ الشعب المؤمن بقضيته وحقه في حماية أرضه ووجوده لن يهزمه أيّ عدوان مهما استكبر.

وبعيداً عن أيّ نقاش حول مفهوم المقاومة ورؤية كلّ طرف لها تبقى الإرادة هي الوقود لشعب يرفض الانكسار على قاعدة أنّ أبناء الحياة لا يمكن أن ينحنوا بسهولة بل إنهم ثابتون على هذه الأرض ومتجذرون فيها، وفعل مقاومتهم كحضارتهم التي لفظت الغزاة منذ القِدم ولم تزل شاهدة على جغرافية بلادهم بمنأى عن مهزلة التقسيم والحدود المصطنعة، ويبقى فعل الوجود قوة إنسانية مهما كانت الخلفية الدينية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى